أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - معمّر القذافي، نهاية لا تليق بملك..!!














المزيد.....

معمّر القذافي، نهاية لا تليق بملك..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3526 - 2011 / 10 / 25 - 15:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التعاطف ليست بالكلمة المناسبة لوصف الانفعالات الأولى إزاء مشهد معمر القذافي أسيراً وقتيلاً. وربما لا تختزل كلمة واحدة مشهداً كهذا. ثمة مشاعر متضاربة ليس التشفي من بينها بالتأكيد. الشفقة، على الأرجح، كلمة مناسبة، لكنها لا تنجو من إحساس واضح بالاشمئزاز منه ومن قاتليه.
في المشهد ما يعيد التذكير بمشاهد بصرية عن الصيد في الغابات، حيث الفريسة جريحة ومحاصرة، والصيّاد مسكون بنشوة بدائية. ولم يكن ذلك كله ضرورياً، لو لم يكن معمّر القذافي مريضاً بنفسه، ولو كانت بصيرة القتلة أكثر حدة من غرائزهم.
ومع ذلك، مَنْ نحن لنتكلم عن حرب لا نعيشها بل نراها على شاشة التلفزيون، وكيف نملي على أشخاص في أتون الحرب الطريقة المثلى في التعامل مع أسير وقع في أيديهم، خاصة إذا كان اسمه معمّر القذافي. ففي عنق هذا المريض المجنون ما لا يحصى من الضحايا، ولو لم يكن مريضاً ومجنوناً لكان الآن على قيد الحياة في منفى ما، وكان أولاده معه، وكان عشرات الآلاف من الليبيين ما يزالون على قيد الحياة.
بيد أن مراقبة حرب عن بعد تحرر المشاهد من تحيّزات لا ينجو منها المشاركون فيها. لذا، يجوز القول إن الحفاظ على معمّر القذافي حياً ومحاكمته في طرابلس كان أفضل لمستقبل الحياة السياسية في ليبيا. فأنظمة الطغاة هي ما يستحق المحاكمة أكثر من الطغاة أنفسهم، وفرصة القبض على طاغية وتقديمه إلى العدالة، ومحاكمة نظامه من خلاله أهم ألف مرّة من تصفية الطاغية نفسه. وقد أضاع العراقيون هذه الفرصة عندما حاكموا صدام حسين بتهمة قتل أهالي الدجيل.
المشكلة أكبر من أهالي الدجيل، ومن سجناء بوسليم الذين قتلهم القذافي، وخطوطها العريضة تتمثل في محاكمة الآليات التي تمكّن أشخاصاً من نوع صدام حسين والقذافي من الاستيلاء على الحكم، والبقاء فيه، وتوريثه، وهدر طاقات البلاد، وإذلال العباد. ففي محاكمات من هذا النوع ما يمكّن هذا المجتمع أو ذاك من بلورة آليات تحول دون وقوعه مرّة أخرى في قبضة الطغاة.
بكلمة أخرى: الديمقراطية لا تهبط من السماء، ولا تعتمد على حسن النوايا، بل على خلق آليات وضوابط اجتماعية وسياسية واقتصادية لا تمكن شخصاً بعينه، أو أيديولوجيا بعينها من الاستيلاء على الحكم والبقاء فيه وتصفية الخصوم والمعارضين. خلق الآليات والضوابط لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يحتاج إلى وقت، وإلى تدريبات ثقافية وسياسية وقانونية من بينها، بالتأكيد، المحاكمات التاريخية الكبرى، التي يضع فيها هذا المجتمع أو ذاك الطاغية وراء القضبان، ويحاكم نظامه من خلاله.
بعد مصرع القذافي بتلك الطريقة المرعبة أعلن الثوّار تحرير ليبيا. وثمة ضرورة للتوقف أمام كلمة التحرير. الكلمة المناسبة لوصف التخلّص من الحاكم وأتباعه في بعض الدول العربية هي التحرير. فالنظام يتصرف كقوّة احتلال أجنبية. ولا يمكن إلا في سياق محاكمات تاريخية لتلك الأنظمة ورموزها تفسير معنى تصرف هذا النظام أو ذاك كقوّة احتلال، ووصف القضاء عليه بالتحرير. وهذا مبرر إضافي من مبررات الحفاظ على الطغاة أحياءً وتقديمهم إلى القضاء. المهم ليس إهانة الطاغية بل إهانة نظامه وتجريده من كل مبررات ومقوّمات البقاء.
ولكي لا يجهلن أحد على أحد، فلنقل إن تحرير العراق من صدام حسين وأولاده، وتحرير ليبيا من معمّر القذافي وأولاده، لم يكن ليتأتى دون مساعدة أجنبية تمثلت في التدخل العسكري المباشر. فلو لم يصل الأميركيون إلى بغداد لكان صدّام حسين ما يزال في سدة الحكم، وكان ابنه المجنون عدي يطارد البنات العراقيات في شوارع بغداد، ولو لم يتدخل حلف الناتو بالطائرات لكانت جثث الثوار الليبيين وجبة للكواسر في كل زنقة ودار، وثرثرة العقيد في ثكنة العزيزية ما تزال وجبة يومية في الأخبار.
هل يستطيع شعب يعيش في ظل أنظمة مثل نظام القذافي وصدام (والأسد الابن في سوريا) أن يحرر نفسه بنفسه؟
هذه معضلة أخلاقية وسياسية بالتأكيد. وفي جانب منها ما يمثل إدانة مباشرة لأنظمة مجرمة لم يعد التخلّص منها ممكناً دون الاستعانة بالأجنبي. والمفارقة أن حكّام تلك الأنظمة لا يتورعون عن اختزال الصراع على السلطة في مقولة: إما أنا أو الأجنبي، دون أن يخطر على بالهم أن خياراً ثالثاً يمكن صياغته على النحو التالي: لا أنت ولا الأجنبي.
وهم غالبا ما يطرحون مقولة إما أو لاستنفار وابتزاز مشاعر استقلالية وطنية قتلوها في شعوبهم. وفي سياق هذه المعادلة، فقط، يتجلى المعنى الحقيقي لشعار الله ومعمّر وليبيا وبس، الذي رفعه أنصار العقيد، والذي أعاد أنصار الأسد الابن إعادة ترتيبه: الله وسوريا وبشار وبس. ولكن من قال إن بقاء ليبيا مشروط ببقاء العقيد، وأن بقاء سوريا مشروط ببقاء بشّار الأسد.
شخصياً، لا أجد حلاً لهذه المعضلة، بل أرى في مجرد حصر خيارات الشعوب في خيارين اثنين: إما الطاغية أو الأجنبي ما بلغته أنظمة الطغاة من الانحطاط السياسي والأخلاقي، فمبرر وجودها يتمثل في تأبيد بقاء الحاكم وأولاده في سدة الحكم، لكنها لا تتوّرع عن المتاجرة بقضايا الاستقلال والكرامة الوطنية، وهي المسؤولة عن تبديد الاستقلال وهدر الكرامة الوطنية.
ثمة الكثير مما ينبغي أن يُقال، ومع ذلك نختم بالكلام عن ملك ملوك أفريقيا، وعميد الزعماء العرب، وأمين القومية العربية، ومفجّر عصر الجماهير، والقائد الأممي الثائر، ومؤسس أوّل جماهيرية في التاريخ، صاحب كل تلك الألقاب الوهمية والحمقاء انتهى بطريقة مرعبة لا تليق بملك، وما أدراك إذا رأى في نفسه ملكاً للملوك!!



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في وداع فرانسوا أبو سالم..!!
- لماذا كلما اقتحموا مدينة عادوا إليها، وما وجه الشبه بين ليبي ...
- مبروك يا طرابلس والعقبى لأختك دمشق..!!
- عن العدوان الثلاثي، ومسلسل في حضرة الغياب..!!
- الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!
- والشعب في إسرائيل يريد إسقاط النظام..!!
- مديح العبث..!!
- عن ساحة المرجة، والثورة، وأدونيس..!!
- أسئلة ساذجة ومباشرة تكفي..!!
- الرهان الحقيقي على دمشق..!!
- الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟
- مشهدان، وملاحظتان، وتعليق..!!
- سيناريو يوم القيامة في الجولان ولبنان..!!
- الصراع على هوية مصر..!!
- صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!
- جول مير خميس: وقائع موت مُعلن..!!
- المخطوفان فلسطين والإسلام رهائن الثورة المضادة..!!
- دعوة للانخراط في المؤامرة ومبايعة للمتآمرين..!!
- كم من الكيلومترات يمشي نداء الحرية في اليوم..!!
- ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - معمّر القذافي، نهاية لا تليق بملك..!!