أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!














المزيد.....

الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 13:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كالعادة، انشغل أغلب المعلّقين العرب بالزبد، وتجاهلوا، أو فشلوا في الكلام عمّا ينفع الناس. أعني بذلك الحادثة الإرهابية في النرويج. فقد ابتهجوا لأن الإرهابي لم يكن من العرب والمسلمين. وهذا الابتهاج مبرر ومفهوم. وبالقدر نفسه استعذبوا فكرة كراهيته للعرب وللمسلمين، لكنهم لم يذهبوا في تفسير تلك الكراهية أبعد من الكلام المُعاد والمكرر عن عنصرية الغرب.
وإذا شئنا الكلام عمّا ينفع الناس، فمن المنطقي أولاً البدء بفكرة من نوع أن الحادثة الإرهابية في النرويج فردية ومعزولة، بينما حوادث الإرهاب المشابهة في العالمين العربي والإسلامي، وامتداداتها المعولمة، تمثيلات جمعية لأيديولوجيات وجماعات لا تعد على أصابع اليد الواحدة، بل على ما هو أكثر من ذلك.
وبالقدر نفسه، فإن المجتمع في النرويج، أو في غيرها من الديمقراطيات الغربية، يوّلد مقاومات مستمرة ومتنوّعة لظاهرة التطرّف والعنف، سواء على مستوى النظام التعليمي، وأجهزة الإعلام الرسمية، أو المدعومة من جانب الدولة، أو على صعيد المجتمع المدني.
بينما في العالم العربي يحض العنف المُمارس من جانب الدولة على عنف مضاد، وتُسهم أجهزة الدولة من خلال النظام التعليمي والإعلام في تعزيز كراهية الغريب والمختلف، وفي حالات يصعب القول بأنها نادرة تدعم أجهزة الدولة جماعات متطرّفة، ناهيك عن حقيقة أن أيديولوجيا الإرهاب تحظى بمكانة رفيعة إلى حد يبرر التعامل مع ممثليها كأبطال في أوساط اجتماعية ليست بالهامشية ولا المعزولة.
ألم تخرج مظاهرات تأييداً لبن لادن في أكثر من مكان من العالم العربي، ألم يظهر معلقون على فضائيات عربية لا يذكرون اسم بن لادن إلا مسبوقاً بكلمة الشيخ، تعبيراً عن التقدير والاحترام.
لن يظهر أحد في وسيلة إعلام محترمة في الغرب للكلام عن الإرهابي النرويجي بطريقة تدل على الاحترام. هذه اختلافات جوهرية، وهي أكثر أهمية من الشعر الأشقر للإرهابي النرويجي وكراهيته للعرب والمسلمين.
وها قد وصلنا إلى جانب آخر يستحق قدراً من الاهتمام. الإرهابي النرويجي يكره العرب والمسلمين. والسؤال ليس لماذا، بل ألا تحض أفعال بعض العرب والمسلمين على مثل هذه الكراهية؟
لا توجد قضية في الكون تستحق الدفاع عنها بالعبوات الناسفة في قطارات الغرب، وفي ميادينه العامة، وفي طائرات المسافرين. أن يظهر إرهابيون وأن يمارسوا أعمالاً كتلك التي مورست منذ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وحتى الآن، أمر مفزع، لكن الأكثر إثارة للفزع ألا يجنّد العالم العربي كل طاقاته للقضاء على هذه الظاهرة، بالمعنى الثقافي والسياسي والاجتماعي.
الصحيح أن الإرهابيين كانوا مفيدين لأنظمة الطغاة العرب. وهذه مفارقة مأساوية بقدر ما هي محزنة. والصحيح، أيضاً، أن أنظمة الطغاة تصدت للظاهرة في حدودها الأمنية، لتأمين وجودها، وضمان سلامتها، وأهملت الحدود الأخرى، وهي أكثر أهمية.
والأسوأ من هذا وذاك أن الثقافة العربية لم تتعامل مع ظاهرة الإرهاب، باعتبارها سؤالاً يستحق التفكير والتدبير. وأعني بذلك الدراسات، والندوات، والسجالات، والمؤتمرات، والمنشورات، والمتابعة المستمرة لبلورة آليات اجتماعية وثقافية للمقاومة، مقاومة الإرهاب بالمعنى الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي. يمكن أن أحصي الآن عشرين مرجعاً جيداً عن الظاهرة الإرهابية في العالم العربي لكتّاب غربيين، ولكن لا أستطيع أن أحصى ما يزيد على عملين أو ثلاثة أعمال لكتّاب عرب.
مسلسل المذابح في العراق، مثلاً، حيث يفجر انتحاريون أنفسهم في أسواق، وجوامع، وشوارع، وميادين عامة، لم ينل في السجال الثقافي العربي ما يستحق من الاهتمام. وقد وصلنا إلى الحضيض عندما تحوّلت جماعة الطالبان إلى رمز للمقاومة.
المسألة الأخيرة أن اليمين المتطرّف في الغرب يشبه المتطرفين في العالمين العربي والإسلامي. أوجه الشبه تتمثل في فكرة النقاء، النقاء العرقي والثقافي والديني واللغوي، وفي كراهية الاختلاف.
وفكرة النقاء هذه تنتمي إلى الأزمنة الحديثة، على الرغم من حقيقة أن لدى القائلين بها مصادر ومرجعيات تنتمي إلى أزمنة مضت. وفي هذا الصدد يمكن الكلام عن مفارقة مدهشة. الاختلاف، أو التعددية إذا شئت، جزء من بنية وهوية ومكوّنات الأزمنة الحديثة، في طورها المعولم الأخير، حيث تشبه المدن الكبرى في الوقت الحاضر عواصم الإمبراطوريات القديمة، التي اختلطت فيها الأجناس واللغات والروائح والأزياء. إمبراطورية آل عثمان، وآل هابسبورغ، كانتا خليطاً عجيباً ومدهشاً من بني البشر. كلتاهما كانت مثلا ناجحاً للتعددية.
أطاحت القوميات الجديدة والمفترسة الباحثة عن النقاء العرقي، اللغوي، القومي (اختر ما شئت) بالإمبراطوريتين معاً، وكان نظام الحكم فيهما عاجزاً عن التأقلم مع التحوّلات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الجديدة.
المتطرفون والإرهابيون في الغرب وفي عالم العرب والمسلمين يأخذهم الحنين إلى الزمن الإمبراطوري القديم، ولكن بلا اختلاف، ولا تعددية، يريدون إمبراطورية مشروطة بالنقاء، بينما حَكَمَ النقاء على الإمبراطورية بالفناء.
المفارقة تعيد التذكير بما يقال عن تكرار الحادثة التاريخية مرّة في صورة مأساة، ومرّة أخرى كملهاة. والفرق أن الملهاة الحديثة سوداوية ومأساوية تماماً. ولعل في هذا فائدة أكثر بقليل من الكلام عن شعر الإرهابي النرويجي الأشقر، وعيونه الزرقاء، وكراهيته للعرب والمسلمين.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والشعب في إسرائيل يريد إسقاط النظام..!!
- مديح العبث..!!
- عن ساحة المرجة، والثورة، وأدونيس..!!
- أسئلة ساذجة ومباشرة تكفي..!!
- الرهان الحقيقي على دمشق..!!
- الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟
- مشهدان، وملاحظتان، وتعليق..!!
- سيناريو يوم القيامة في الجولان ولبنان..!!
- الصراع على هوية مصر..!!
- صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!
- جول مير خميس: وقائع موت مُعلن..!!
- المخطوفان فلسطين والإسلام رهائن الثورة المضادة..!!
- دعوة للانخراط في المؤامرة ومبايعة للمتآمرين..!!
- كم من الكيلومترات يمشي نداء الحرية في اليوم..!!
- ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!
- ما الذي سيبقى من العقيد..!!
- الله، ومعمّر، وليبيا وبس..!!
- مصر قامت والقيامة الآن..!!
- عَمَارْ يا مصر..!!
- الشعب يريد إسقاط الرئيس..!!


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!