أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كافي علي - كوميديا عروس السيد














المزيد.....

كوميديا عروس السيد


كافي علي

الحوار المتمدن-العدد: 3663 - 2012 / 3 / 10 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


تعالت زغاريد النسوة وامتلأ هواء الحي القابع في احدى زوايا الفقر ألازلي برائحة البارود فرحاً وابتهاجاً بإعلان وصول موكب سيارات عرس السيد. ركض صغار الحي حفاة الأقدام مندفعين بحبهم لطعم الحلوى المنثورة على العروس صوب الموكب وهم يصيحون والمرح يقهر فقرهم وحرمانهم... أجت العروس...أجت العروس ... حتى أن احدهم جر اخته الصغيرة بقسوة بعد ان استوقفتها شظية من الزجاج اخترقت احدى قدميها. سألها وهو يشد على يدها أن تقفز على ساق واحدة كي تتلافى ألم انغراس الشظية في لحمها، لكن دون جدوى سقطت الصغيرة ارضاً واجهش أخوها بالبكاء وهو يتابع بمرارة اتساع المسافة بينه وبين جموع الصغار. توسلت اليه ان يتركها مكانها ويلحق بالاخرين على ان يخبئ لها شيئاً من الحلوى لان جدتها تقول أن حلوى بيت السيد مذاقها لذيذ وفيه شفاء وبركة وهي لم تذق في حياتها حلوى بطعم البركة.
تجمع النسوة، اللاتي لم يحضين بالوجاهة الكافية لدخول بيت السيد، قرب اسوار البيوت كي يتسنى لهن القاء نظرة ولو عابرة على العروس. أخبرت احداهن جارتها الأرمل بأن لا تحمل هم اطعام ايتامها في هذا اليوم لأنها سمعت أم السيد وهي تأمر الخدم بتوزيع الطعام على سكان الحي جميعاً تبركا بعروس ابنها الجديدة. أما السيد الكبير فقد نذر لئن ولد له حفيد فإنه سوف يكفل ايتام الحي جميعا. بكت الأرمل لسماعها الخبر وبسطت قامتها المنحنية بحماس، ورفعت ذراعيها نحو السماء كنخلة من الفاو جارت عليها الحرب ثم صاحت مستغيثة بربها أن يمنحه بدل الحفيد عشراً. كان هذا قبل أن تتلفت هنا وهناك وتسأله في سرها أن يرحمها برجل يؤنس وحشة ليلها بعد أن تطمئن على صغارها.
أصطف الرجال معممين ومعقلين وافندية يتوسطهم السيد الكبير عند باب الدار وهم يهللون ويكبرون ثم تقدم احدهم مذعناً كدابة لغريزة حب الظهور وأنشد ابياتاً مجد فيها سلالة السيد وتأريخ بطولاته، فهتف ورقص بعده باقي الرجال مأخوذين بسطوة الموروث. اما الشباب فقد نحاهم تمردهم على العادات والتقاليد جانباً وراحوا يختلسون النظر بين الحين والأخر الى الصبايا اللاتي يدخلن ويخرجن من وإلى الدار وهن متوشحات بالخجل المغمور بلذة الفضول.
في باحةِ دار السيد المعطر بماء الورد والبخور جلست أم السيد متكئة على عصاها تراقب بصمت نار القدور المحيطة بها وكذلك النسوة المنهمكات في العمل. لقد بدى الأنزعاج وعدم الرضى واضحاً على وجوه النسوة اللاتي أمرتهن العجوز بعدم الخروج لأستقبال العروس مراعاة للحشمة والحياء. توقف غمزهن ولمزهن الخفي عندما نزلت امرأة في مقتبل العمر من على السلم وهي تصيح وتقسم بأعلى صوتها بأنها ليست السبب في عدم الانجاب- بل السيد ذاته. نهضت الأم التي تمرد غرورها على حكمتها وضربت المرأة بالعصا، ثم اشارت وهي تطبق على شفتيها الشاحبتين إلى النسوة بسحلها الى السطوح وأغلاق فمها خشية من الفضيحة. أدركت المرأة المغلوبة على أمرها بأنها قد وضعت في خانة العتيق كسابقاتها من زوجات السيد، فسبت واقسمت ان تضع السم في الطعام لتقتل الجميع انتقاماً لكرامتها.
عند باب الدار توقف موكب السيارات بهدوءٍ مثير للتساؤلات. نزل السيد الصغير من سيارته كممثل هوليودي ثم اصلح هندامه وفتح الباب لعروسه، وما ان نزلت العروس حتى خيم على المكان سكون مطبق وكأن الارض اهتزت تحت اقدام الجميع. ساد الصمت والناس ينظرون في وجوه بعضهم البعض بحثاً عن جواب لتساؤلاتهم. إلا الأرمل التي لم تتمالك نفسها من البكاء فقد صرخت وضربت على وجهها وسط قهقهات صغار الحي الذين رقصت اسمالهم على ايقاع تشنجات بطونهم الخاوية. لقد كانت عروس السيد رجلاً بثوب امرأة.



#كافي_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قتلي بأسم الله
- بنت الشوارع
- موتٌ مؤجل


المزيد.....




- اختيار أفضل كلمة في اللغة السويدية
- منها كتب غسان كنفاني ورضوى عاشور.. ترحيب متزايد بالكتب العرب ...
- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كافي علي - كوميديا عروس السيد