أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (46): الحفيد وحديث الثورة














المزيد.....

على هامش الثورة المصرية (46): الحفيد وحديث الثورة


عبير ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 3660 - 2012 / 3 / 7 - 20:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى سؤال سهل ككل أسئلة الأطفال سأل الطفل الصغير جده:
حكت لى الجدة عن ثورة، عن أيام وشهداء، عن دماء ودموع، عن سهر وجوع، عن أحلام وأمانى.
حكت لى الجدة عن أيام المخلوع، وكيف كانت الفرحة تطوف بالشوارع والبيوت، كيف رقص الناس فى كل مكان فى انتظار المستقبل السعيد.
حكت لى الجدة عن ثورة أخرى كانت من سنوات بعيدة بعيدة.... عن أيام أخرى حلم فيها الشعب بحياة أفضل.
فى كل الحكايات يا جدى هناك ثورة كانت يوما، وهناك أحلام كانت يوما، وهناك دموع وشهداء.
وفى كل مرة تصبح الثورة قصة جميلة فى قصص الأطفال.
ولكن يا جدى تبقى فى الواقع كل الأحزان.
ترحل ثورة وتبقى عيون تنظر للغد لعل الأحلام تتحقق يوما.
فى القصة يا جدى كانت ثورة وفى القصة يا جدى لازالت معاناة.
قل لى يا جدى: أين الثورة؟ وأين مصر التى كانت فى دفتر الثوار؟ وأين مصر التى رسمت من دماء الشهداء؟

نظر الجد شاردا وحاول أن يخرج من حلم الثورة، نظر حوله حيث الأخبار على التلفاز تعلن عدد الموتى فى طوابير أنابيب الغاز وعدد الموتى فى طوابير رغيف الخبز وعدد الموتى فى قوارب الموت وعدد........ فالعداد اليومى أصبح للموت.

نظر الجد لوجه حفيده وتساءل كيف كانت الحياة ستكون أفضل له أن لم نسقط ثورتنا؟! كيف كانت ستكون أفضل لملايين غيره أن لم نضحى بها من أجل اللحظة؟ كيف كانت مصر ستكون أفضل من كل القصص المكتوبة فى الحكايات أن كنا دافعنا أكثر عن ثورتنا ودماء الشهداء.

نظر الجد للتلفاز حيث الأخبار عن تعديل وزارى جديد للسيد الزعيم الجديد، نظر كيف تأتى نفس الأسماء مرات أخرى، وكيف تتغير أحيانا الأسماء لتأتى بوجوه وأقنعة أخرى.

نظر الجد بحسرة وقال ماذا كان سيحدث أن كنا حافظنا حقا على حق الثورة ولم نترك فرصة لكل من تلون ليعود ويسرقها منا؟
ماذا كان سيحدث أن كنا دافعنا أكثر عن وجه الثورة ورفضنا وجوه انتفعت من حق الشعب وباعت عرض الشعب من أجل مكاسب شخصية؟
ماذا كان سيحدث أن كنا قاتلنا معاركنا الكبرى ولم نترك لهم تحريك معارك صغرى تخصم منا وتقتلنا فى كل صباح ومساء؟

نظر الجد لوجه حفيده ولاحظ للمرة الأولى كيف تغير وجه الطفل وتحول لوجه عجوز حزين، كيف تحول كل كلامه عن ثورة كانت حلم سنين..... كيف سرقنا حلم الأطفال قبل الميلاد حين سمحنا أن تسرق منا ثورتنا تلك الكلمات همس بها الجد بصوت هامس وحزين.

عاد الجد ونظر فى سقف الحجرة عله ينسى وجه حفيده الحزين.....
نظر فى الأعلى وكأنه يتذكر تلك الأيام عن الثورة وكأنها كانت من زمن بعيد عن ذاكرته المسكونة بهتافات الميدان.
نظر عميقا فى سقف الحجرة فشاهد فى انعكاس الضوء على الأركان وجوه كثيرة وأيادى ممدودة تهتف يسقط يسقط حكم نظام... تحيا تحيا الأوطان. خاف الجد أن يتذكر أكثر فيفشل فى الرد على الحفيد بشكل بارد، سارع للنظر بعيدا فأصطدم فى نزوله بعلم مرسوم على الجدران... تلك الصورة القديمة التى رسمها الابن يوما فى الميدان.. تلك الصورة التى لازالت تحمل دماء الابن على جانب من جوانبها محفوظة بعناية تتجاوز من يرعى حق الأوطان. نزل الجد سريعا ببصره ناحية أرضية الغرفة حيث السجادة السوداء التى أصرت الجدة على وضعها باستمرار....... وتذكر كيف كان وداع الابن حزينا وكيف كان الحلم كفيلا بالاستمرار.

عاد الجد إلى وجه حفيده صامتا فكل الصور تؤكد على أن الثورة كانت حلم مات وقتل خلفه أجيال........

وفى تلك اللحظات رن الجرس واستيقظ من نومه فالآن وقت الميدان........ وعاد لنفسه مليا بالإصرار على المضى فى ثورة لا يمكن أن تترك لتموت ولا يمكن أن يترك الكابوس ليصبح حقيقة فى يوم من الأيام.

جهز نفسه للميدان... حمل علمه ونظر لوجه حفيده وقال: لن أقبل أن تخذل يوما فينا ولا أن تسرق منا الأوطان...... لن نقبل أن تقتل فينا الثورة فتكسر فيكم حب الأوطان... لن نقبل أن نقتل قهرا من أجل بقاء السلطان. وفى عينيه فقط شاهد وجه حفيده النائم مبتسما.



#عبير_ياسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الثورة المصرية(45): مصر ما بين العبث والسخرية
- على هامش الثورة المصرية (44): مصر الثورة والمرأة
- على هامش الثورة المصرية (43): اليابان ومصر ما بين فوكوشيما و ...
- على هامش الثورة المصرية (42): وقفات على هامش أحداث بورسعيد
- على هامش الثورة المصرية (41): مقولات على الهامش
- على هامش الثورة المصرية (40): مصر والحب فى اتجاه واحد
- على هامش الثورة المصرية (39): تساؤلات على هامش ذكرى الثورة
- على هامش الثورة المصرية (38): المحلف الهارب والمواطن المهان
- على هامش الثورة المصرية (37): الثورة والأيام الضائعة
- بشار وخطاب فى اللغة العربية
- على هامش الثورة المصرية (36): محاولات على هامش الوطن والثورة
- على هامش الثورة المصرية (35): التهمة امرأة
- على هامش الثورة المصرية (34): حكومة الجنزورى ومواجهة الثورة
- على هامش الثورة المصرية (33): رسائل الانتخابات بين المواطن و ...
- على هامش الثورة المصرية (32): خط أحمر
- على هامش الثورة (31): مصر الحائرة بين الوردة والعرى
- على هامش الثورة (30): فيلم يقولو واختراع الخوف
- على هامش الثورة المصرية (29): وثيقة السلمى والمادة التاسعة م ...
- القذافى قتيلا: الجلاد والضحية
- على هامش الثورة المصرية (28): أحداث ماسبيرو: كيف نواجه الأزم ...


المزيد.....




- بين تحليل صور جوية وتصريحات مشرعين.. ماذا نعلم عن منشآت إيرا ...
- بعد 3 سنوات من إزالته من قائمة المخدرات.. حكومة تايلاند تفرض ...
- غزة: صراع من أجل البقاء ولو إلى حين.. هكذا يُصنع الوقود من ا ...
- قتلى بينهم طيار في أعنف هجوم جوي روسي على أوكرانيا منذ بدء ا ...
- مخيم الهول.. ملجأ يضم عائلات مقاتلي تنظيم الدولة
- 3 دولارات ثمن الحياة.. مغردون: من المسؤول عن فاجعة -شهيدات ل ...
- عرض أميركي يقابله شروط لبنانية.. هل تؤتي زيارة باراك ثمارها؟ ...
- حماس تشترط وترامب يضغط.. هل تقترب صفقة غزة؟
- بولتون يكشف -السبب الحقيقي- الذي ضرب ترامب إيران لأجله
- روسيا تشن -أضخم هجوم جوي- على أوكرانيا


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبير ياسين - على هامش الثورة المصرية (46): الحفيد وحديث الثورة