أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (6)















المزيد.....

الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (6)


العربي عقون

الحوار المتمدن-العدد: 3654 - 2012 / 3 / 1 - 07:34
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


...//...

كلّ هذه الظروف هي التي ميزت المرحلة التي قطعتها البلاد حيث لم تكن الصعوبة في بناء تفكير على قواعد يفترض أنها مكتسبة وحسب بل إنّ إعادة البناء والتجديد في الأفكار في ذلك السياق ليس سهلا، فقد كان كل تيار فكري يسعى لجعل التاريخ سندا لمذهبه وهذا سيقود إلى التعصب والإقصاء الذي يصبح سيّد الموقف. عندما لا يتخذ(التاريخ) كمرجعية عليا في حقيقته وشموليته وعندما يبقى القانون الأساسي للدولة متحيّزا في تعريفه للأمّة ذاتها ولا يقوم على مبدأ المساواة السياسية والثقافية على قدم المساواة في الدخول إلى شغل الوظائف الاقتصادية والإدارية.
وفي هذا الشأن يبدو أنّ الجدل الذي أثاره التطوّر في الأفكار منذ عدة سنوات - وخاصة منذ نهاية العام 1988- جدل واعد، واعتبر خطاب الرئيس بن جديد حينئذ (أكتوبر 1988)، خطابا تاريخيا.
ينبغي الذهاب بعيدا في شرح حالة يمكن اعتبارها خصوصية في الجزائر، ولكن في العموم وفي بعدها العالمي هي نتاج تحليل معطيات تاريخية لا نقاش فيها، ففي مجتمعات البلدان النامية كان العبور من الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي إلى مستوى الحضارة الحديثة فجأة، وهو ما تمليه الظروف التاريخية والتطور الكوني أحيانا، وكثيرا ما يقارن الوضع بالأمم الأوربية فنأخذ عنها مفاهيم توحيد المجتمع ومركزية سلطة الدولة لكن لا ينبغي نسيان شيئين : الأول هو أنّ الأمم الأوربية (الغربية وحتى بعض الشرقية في بعض الجوانب) تشكلت على مدى سنة إلى عشرة قرون. والثاني هو أنّ تنمية الحضارة المادية والأدبية في تلك الدول كانت ظاهرة تقدّمية (يمكن الرجوع خاصّة إلى غيزو في كتابه : تاريخ الحضارة في فرنسا وفي أوربا) على عكس الأمم الأفريقية والأسيوية حيث كان خط التطوّر ملتويا تخللته فترات ركود طويلة نتج عنها في بلداننا أوضاعا خاصّة بنا، فمن جهة هناك وضع متقدم لأيديولوجيا سياسية أصبحت كونية تقوم في أساسها على مبادئ المساواة والحرية ومن جهة أخرى هناك تخلف اجتماعي ممكن (لا أحد يقول ضروريا) يسهل إقامة منظومات حكم يتم فيها التضييق على الحرية إلى أبعد حد، وفي مثل هذه الظروف تكون إدارة دفة الحكم حتى بالنسبة لمن يحكمون في غاية الصعوبة. فكيف تبرر أمام الرأي العام (الداخلي) وكيف يكون الرد على الاحتجاجات، فمن جهة حققنا كل شيء حسب القوانين المكتوبة ومن جهة أخرى لم نحقق إلا النزر اليسير.
النظام الإقطاعي – سواء النمط الأوربي الذي يقوم على ملكية السيّد (Seigneurie) أو نمط شمال أفريقيا والمشرق الذي يقوم على ملكية الدولة – وهذا يقال لتصميم جدول هذا النظام وتبسيطه ، هذا النظام كان قد حلّ مشكلة اقتسام السلطة والحقوق بين القوي والضعيف، وذلك بالجمع بين الملكية كقاعدة ومصدر سلطة من جهة والعقد كمصدر للحقوق للضعفاء، وفي هذه الحالة يحوز القوي كل شيء بالاتفاق أما الضعيف فيكتسب جزءا من حقوقه كإنسان وكمنتج، وعبر تاريخ الإنسانية الطويل وفي كل جهات العالم كانت المسيرة التطورية للفلاحين والحرفيين ومربي الحيوانات قد نجحت في انتزاع شيء من الحقوق ولكن ببطء( ) وعرفت تأخرا في بعض المجالات، ولكن في جميع الحالات كانت الظاهرة هي ذاتها في جوهرها.
إلى هذا، كانت ميزة المنظومة الإقطاعية على المنظومات الحالية هي حقوق الضعيف وحتى إن كانت مقيّدة فإنها على الأقل وفي جميع الحالات أكيدة ومعروفة وموثّقة كتابا أو عرفيا، فالمجتمع الإقطاعي يعيش ويطبّق الفصل (في السكن ونمط المعيشة واللباس...) بين الفئات الاجتماعية المكونة له بصورة تجعله يبدو خاليا من المشكلات الثقافية وحتى المشاكل الدينية، في حين أنّ مجتمعاتنا لا يمكنها أن تفلت من التناقض رغم الإعلان بأنها موحّدة ومتساوية مع أنّ التفاوت في الحقوق والواجبات وجد طريقه، والسيطرة قائمة على الدوام، والنزاعات والاحتجاجات تقوم هنا وهناك لتصبح دائمة دون أيّ اتفاق يأتي بالعلاج، لأنّ الاتفاق غير ممكن فهو في مبدأه ذاته لا أثر له في دستور دولة الفكر الواحد.
هذا الحوار في الفلسفة السياسية (لو شئتم) يختصر مختلف حالات المنظومة الاجتماعية في مخططاتها النظرية الأساسية، ولكنه يبيّن بوضوح طبيعة المشكلة المطروحة علينا في المجتمعات الحديثة وعلى الخصوص في المجتمعات المقبلة على أخذ مصيرها بيدها، وهو مصير نراه سهلا ولكنه في الواقع شديد التعقّد.
من الخطأ بالنسبة لمختلف العناصر التي تكوّن المجتمع وللتيارات الفكرية التي تعبّر عنه اختصار توافق في شكل ما يمكن تسميته حاليا إجماع تاريخي أو حلّ وسط، لكن مثل هذا الإجماع يفترض وجود أطراف أو منظمات متعاونة تعبر عن كلّ فئة أو تيار إيديولوجي على الأقل، ولا يبدو في الظروف الراهنة أنّ مثل هذا متاح لسبب بسيط وأساسي وتاريخي وهو أنّه منذ 1962 وحتى منذ 1954 عاش الشعب الجزائري في الفردانية (Individualisme) التي جعلته لا يعرف كيف ينظم نفسه ولا حتى كيف يتعامل مع الديمقراطية .
هناك ظروف تاريخية خاصّة امتدّت على ماضٍ طويل من الهيمنة (مع أنّ الشعب عرف في ذلك الماضي أشكالا من التنظيم) أوصلت الشعب إلى ردّ فعل وطني عنيف - وهي نتيجة منطقية – انبثقت منه مجموعات قيادية (حتى لا أقول طبقات اجتماعية بالمفهوم الماركسي للكلمة الذي يفترض وجودها على أساس علاقة تبعية في العمل) ونجم عن كل تلك الظروف تبعات منها أنّ الأيديولوجيات ومنظوماتها تتحول في الأذهان إلى نزعة تسلطية إقصائية قصيرة النظر ترفض الإقرار بأنّ المجتمع في الأساس هو كائن معقّد شامل ومتعدّد.
الجزائر في مفترق الطرق فإما أن تنخرط في اللاتسامح والإكراهات التي يزدهر في جوها تيار أوحد يهيمن على باقي التيارات التي تظهر في البلد، أو الاقتناع بأنّه حان الوقت لأن تكون هي ذاتها وكما تشكّلت عبر ما يقارب الثلاثة ألاف سنة من التاريخ، جزائر جزائرية، هذه هي المرحلة التي ينبغي الانخراط فيها، إنها مرحلة التصالح مع الذات.
عرفت الجزائر في مراحل من تاريخها أزمات شبيهة كانت فيها الانقسامات على أساس ديني أو ثقافي بفعل التنافس لانتزاع السلطة أو السيطرة على المجال الفلاحي والتجاري وترتبت عنها أحداث أليمة. وهو ما يمكن تلافيه بفضل الاتحاد والوحدة: الاتحاد بحركية دينامية والوحدة باعتبارها هدفا يتحقق تدريجيا.
انبثقت الجزائر من عالم متوسطي حيث اكتسبت طابعها الخاص وأخذت حضارتها المتميزة شكلها وروحها منذ ألف سنة ق. م. فهي عريقة تفاعلت مع الفينيقيين والإغريق والرومان وهي الشعوب التي أخذت عنها الكثير وإليها قدّمت ثمار جهدها وعبقريتها، لقد أقبل إليها وافدون من شعوب الشرق من سوريين وعرب وفرس الذين حملوا إليها عناصر ثقافية ودين فأعطتهما طابعها الشخصي وحتى تحت نير الاستعمار أدمجت العناصر الأكثر أهمية في الحداثة.



#العربي_عقون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (5)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (4)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (3)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (2)
- الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (1)
- الجامعة ... هذا وصف للداء فهل من دواء ؟
- الملك ماسينيسا والحضارة النوميدية
- تصحيح بشأن الاسم الإثني (Ethnonyme) للشعوب الأمازيغية
- منطقة القبائل الشرقية (الجزائر) في عصور ما قبل التاريخ
- جوانب من تاريخ العرب قبل الإسلام : نظرة موجزة على ممالك الحي ...
- النحت الروماني : نظرة موجزة
- نظرة موجزة في خصائص فن النحت في بلاد الرافدين
- البحرية القرطاجية : بين التفوُّق التجاري والتقني من جهة والض ...
- الأمازيغ عبر التاريخ : نظرة موجزة في الأصول والهوية
- الملاحة والتجارة بين الشرق والغرب في القديم : أهمّية البحر ا ...


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (6)