أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - ثلاثة أيام من التضامن الأممي















المزيد.....


ثلاثة أيام من التضامن الأممي


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 09:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثلاثة أيام من التضامن الأممي
من الثالث حتى الخامس من شهر شباط عام 2012 إلتقى في مدينة هامبورغ الألمانية ممثلون عن الحركات الفكرية اليسارية في مختلف دول العالم ناقشوا فيها البدائل التي يمكن ان تتبناها الشعوب وحركاتها التحررية لمواجهة التحديات الراسمالية الحديثة . وقبل الحديث عما جرى في هذا المؤتمر الواسع الثري بالمحاضرات والنقاشات الموضوعية والذي إمتلأت بزائريه واحدة من أكبر قاعات جامعة هامبورغ ، إذ تجاوز الحضور في كثير من الأحيان الثلثمائة زائر ، لابد هنا من تسجيل بعض الملاحظات التي قد تعطي صورة واضحة عن طبيعة هذا المؤتمر .
لقد دعت إلى هذا المؤتمر العالمي المنظمة المسماة :
NETTWORK FOR AN ALTERNATIVE QUEST
والتي يمكن ترجمتها إلى : ورشة عمل للتطلعات البديلة .
شارك في المؤتمر ممثلون عن أحزاب سياسية يسارية وحركات تحرر ثورية في أسيا وأفريقيا وامريكا اللاتينية وامريكا الشمالية وأوربا وشخصيات تمثل الفكر التقدمي ومن المدافعين عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها كمفصل من مفاصل الدفاع عن حقوق الإنسان . لقد كان الحضور العربي معدوماً ، مع الأسف الشديد ، في لقاء كهذا اللقاء الهام ، خاصة في هذه المرحلة التي تمر فيها حركة التحرر العربي . لقد كان لي الشرف أن أسجل حضورالعراق ضمن الدول المشاركة ، بالرغم من ان الدعوة الموجهة لي كانت دعوة شخصية بحتة من منظمي المؤتمر .
الملاحظة الأولى تتعلق بآلية التنظيم التي لا يمكن وصفها إلا بالقمة في التخطيط والتنفيذ . ويشعر بذلك بشكل واضح جداً أولئك المدعوون لهذا المؤتمر من قبل اللجنة التحضيرية والمساهمون في إلقاء المحاضرات وإدارة الندوات .وينطلق هذا الشعور منذ ان تطأ قدما الزائر مطار او محطات القطار في هذه المدينة المليونية المترامية الأطراف ، وذلك من خلال تنظيم إستقبال المدعويين الوافدين من خارج او داخل ألمانيا .
والملاحظة الثانية تتعلق بالتنقلات التي رافقت أيام المؤتمر الثلاثة . فقد كان تحرك المدعويين يجري بين ثلاثة أماكن تشمل مكان السكن وقاعة المحاضرات في الجامعة والمطعم المخصص لتناول وجبات الطعام ، وهي أماكن بعيدة عن بعضها البعض نسبياً . لقد تم تنظيم هذه الحركة من خلال توفير عربات النقل بشكل كاف ودقيق وضمن خطة ضمنت وصول المدعويين إلى كل هذه الأماكن في الأوقات المخطط لها دون أي إرباك او تشويش في تنفيذ البرنامج الموضوع للمؤتمر .
وبما ان المساهمين في المؤتمر قد جاءوا من بلدان مختلفة ويتكلمون لغات مختلفة فقد جرى تنظيم هذا الأمر بكل دقة وتقنية ايضاً ، وهذه هي الملاحظة المهمة الثالثة ، وذلك من خلال توفير ترجمة فورية للمحاضرات والمناقشات يلتقطها المستمع عبر إجهزة إنصات يحملها المستمع معه أينما يريد الجلوس وباللغات الإنكليزية والألمانية والتركية والكوردية .لقد تم التركيز على هذه اللغات باعتبار ان المنظمين لهذا المؤتمر وضعوا ضمن برنامج العمل خلال هذه الأيام الثلاثة مناقشة حركة التحرر الكوردية والثورة التي يقودها حزب العمال الكوردستناني والآفاق المستقبلية لهذه الثورة التحررية التي تواجهها العنصرية التركية بأبشع وسائل القمع والإرهاب المسلح الذي طالما إمتد إلى الكثير من القرى الآمنة وسكانها العُزل ليس في كوردستان تركيا فقط ، بل وفي الجزء الجنوبي من كوردستان أيضاً . تماماً كما كانت تقوم به البعثفاشية في العراق ضد هذا الشعب المناضل من اجل حريته والحصول على حقوقه التي تضمنها المواثيق الدولية التي تنص على حق الأمم والشعوب بتقرير مصيرها بنفسها دون اية وصاية عليها . كما تبنى المؤتمر الشعار الذي يطالب بالحرية للمناضل الأممي عبد الله أوجالان الذي إختطفته المخابرات التركية بالتعاون مع أجهزة الموساد الإسرائيلي ، والذي يُحاصَر منذ اكثر من عشر سنين في سجن إنفرادي في تركيا .
ومجمل القول يمكن تقييم المسألة التنظيمية لهذا اللقاء الأممي باعتبارها قد تمت بامتياز ونجاح باهر يستحق القائمون بها كل التقدير والشكر والإحترام .
في كل صباح من ايام المؤتمر كانت القاعة المخصصة لهذا اللقاء في جامعة هامبورغ تكتض بالمستمعين الذين يتابعون المحاضرات بشكل يجعل المناقشات التي يساهم بها هؤلاء المستمعون تتسم بالموضوعية والإستيعاب الكامل لما يطرح من مواضيع بالرغم من الطابع الأكاديمي الذي كانت بعض المحاضرات تتسم به . إلا ان النقاشات التي أُتيحت للراغبين بعد إكتمال كل حلقة من المحاضرات أوضحت الكثير مما قد يكون قد غاب عن هذا المستمع او ذاك .
لقد كانت حلقات المحاضرات التي إشتملت على أربع او خمس محاضرات في كل حلقة غنية بمحتواها الذي شمل المحاور التالية :
أولاً : البحث عن علم إجتماع جديد
ثانياً : الرأسمالية كأزمة للحضارة
ثالثاً : الشرق الأوسط ونهاية الدولة القومية
رابعاً : نموذج جديد للحداثة الديمقراطية
وقبل الحديث عن هذه المحاور لابد من الإشارة هنا إلى كلمة الإفتتاح القيمة والغنية بالمعلومات والتي قدمها البوفسور نورمان بييه استاذ القانون والنائب السابق في البرلمان الألماني تحت عنوان :" أزمة الرأسمالية " ملخص ما جاء فيها هو : ان الراسمالية تعاني من أزمات عدة تتجلى مظاهرها في ألأزمة السياسية التي تفصح عن نفسها بشدة مواجهات الأجهزة الأمنية والعسكرية لمنتقدي النظام الرأسمالي . وتتجلى مظاهر هذه الأزمة إقتصادياً من خلال إزدياد وتيرة الفقر وما يرتبط بها من إلزيادة المطردة لظاهرة الجياع في العالم والتي تضم اكثر من مليار ونصف جائع يعيشون تحت خط الفقر بإيراد يومي لا يتجاوز واحد ونصف دولار وحتى أقل احياناً . وقد أكد المحاضر على ان الأزمة الإقتصادية هي في نفس الوقت ازمة الديمقراطية في النظام الرأسمالي العالمي . وهذا ما جعل الدولة الرأسمالية تتراجع امام مسؤلياتها الإجتماعية . ثم واصل حديثه بالدعوة إلى تفعيل المبدأ الأممي بحق الشعوب في تقرير مصيرها والنضال المستمر دفاعاً عن الحريات .
وبعد الإنتهاء من كلمة الإفتتاح القيمة هذه واصل المؤتمر جلساته في نقاش مواضيع الحلقة الأولى حول البحث عن علم إجتماع جديد . لقد شارك في هذا المحور محاضران . أما تقديم المحاضرين وإدارة الحوار فقد قامت به البروفسورة كاريانا فسترهايم من النروج .
المحاضر الأول في هذا االمحور كان السيد أحمد علي من تركيا الذي عالج موضوع : "الكورد والنظريات القومية" وباللغة الإنكليزية ، تناول فيها تاريخ الشعب الكوردي وتاريخ نضاله القومي وما إستجد في هذا التاريخ من تقييم وبلورة الطريق المفضي إلى التحرير . ثم تطرق إلى نظرية الدولة القومية ومدى التفاعل بين المفهومين : القومية والشعب وطبيعة الفهم تاريخياً وحداثياً لمثل هذه المفاهيم ومدى إنسجامها مع التطور الحديث في تحقيق حريات الشعوب .
أما الألمانية ( أن ـ كريستين كوفارش ) فقد كانت المحاضِرة الثانية في هذا المحور ، حيث ألقت محاضرتها باللغة الألمانية تحت عنوان " البدائل للعلوم الإجتماعية السائدة " . تناولت فيها النتائج السلبية التي تركتها العلوم الإجتماعية السائدة على المجتمع بصورة عامة وعلى إزدياد الهوة بين الجنسين فيه . ثم تساءلت عن مدى الحاجة إلى ممارسة النقد لمثل هذه العلوم وما هي البدائل المنظورة .
وبعد النقاش المستفيض الذي دار حول هذين الموضوعين واستمر حتى الساعة التاسعة مساءً ، إنتهىت الجولة الأولى لهذا اللقاء والتي اعقبتها الجولة الثانية في اليوم التالي . وخلال هذه الفترة الخالية من المحاضرات ، وغالباً ما تكون الفترات الليلية او فترة الظهيرة نتشأ اللقاءات الفردية بين هذا وذاك او بين هذه المجموعة وتلك والتي تغني معارف الفرد من خلال العلاقات الجديدة والتعرف على بعض الشخصيات بشكل شخصي وقريب .
يوم الرابع من شباط هو اليوم الثاني للمؤتمر والذي كان صباحه مخصصاً لمحور " الرأسمالية كأزمة للحضارة " الذي أدار الحوار فيه المحامي الإسباني (جون أندوني لكويه).
لقد كانت المحاضرة الأولى في هذا المحور من حصة البروفسور وعالم الإجتماع الفياسوف " انتونيو نجري " الذي لم يستطع الحضور شخصياً ، إلا انه ارسل نص المحاضرة التي أُلقيت بالنيابة عنه باللغة الإنكليزية والتي تطرق فيها إلى التعرض لمفهوم السياسة وعلاقة النضال السياسي بالحد من سلطة رأس المال وعلاقة ذلك بفهم وتفسير عملية الإنتاج القائمة اليوم وعلاقة ذلك بنوعية العمل وبالعلاقات الإجتماعية السائدة .
وموضوع المحاضرة الثانية في هذا المحور قدمته المناضلة الكوردية فاضلة يلدِرِم ، التي قضت عشر سنوات من عمرها في سجون العنصرية التركية ، وقد كان بعنوان " المبالغة في تعميق الإختلافات الفسيولوجية بين الجنسين لتبرير إضطهاد المرأة إجتماعياً " . تناولت المحاضِرة هذه الظاهرة الإجتماعية باعتبارها أقدم تاريخياً من ظاهرة الصراع الطبقي او الظواهر الإجتماعية الأخرى المؤسسة للقمع والإضطهاد . ومع ذلك فإن مثل هذه الظاهرة لا تجد الإهتمام الإجتماعي المناسب . وطالبت في محاضرتها باللغة التركية أن تتجه المنظمات النسائية والرجالية على حد سواء لإعطاء هذه الظاهرة ما تستحقه إجتماعياً من الإهتمام .
ثم جاء دور البروفسور في العلاقات الدولية والهندي الجنسية آخين فانك الذي ألقى محاضرته باللغة الإنكليزية بعنوان " التصنيع والدولة القومية " تطرق فيها إلى تركيز الرأسمال في خمسة مواقع في العالم تتضمن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والإتحاد الأوربي والهند ، بحيث تتبلور قيادة هذا التمركز الرأسمالي من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية . والسؤال الذي طرحه المحاضر يتعلق بمدى إمكانية هذا التمركز الرأسمالي على حل المشاكل العالمية المستشرية في مجالات الفقر والبيئة ووقف التسلح . ثم إستطرد بشرح البديل الذي يراه بعيداً عن الرأسمالية ومنسجماً مع التطلع الديمقراطي للشعوب .
وفي هذا المحور شارك ايضاً البريطاني فيلكس بادَل المختص بالتاريخ القديم والثقافات القديمة وعلمي الشعوب والإجتماع . لقد جاءت محاضرته باللغة الإنكليزية لتشرح تاريخ الشعب الكوردي ونضاله العميق الجذور في التاريخ في سبيل تحقيق وجوده وثقافته ضمن شعوب وثقافات العالم الأخرى ، مؤكداً على ان الإعلام الكلاسيكي لم يحجب نضال الشعب الكوردي فقط ، بل نضال كثير من الشعوب التي لا نعرف عنها شيئاً .
وتحت عنوان " الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين " تحدث باللغة الإنكليزية ايضاً عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في جنوب افريقيا سولي مابيالا موضحاً نضال الشعب في جنوب افريقيا ونضال الحزب الشيوعي من اجل التحرير والخلاص من الحكم العنصري . ثم تطرق إلى طبيعة العمل الوطني في جنوب افريقيا في الوقت الحاضر ومساعي الحزب الشيوعي بالتعاون مع القوى الأخرى على إزالة الفقر والتخلف الذي لم يزل يشمل قطاعات واسعة من الشعب في هذا البلد .
أما الطبيب الكوردي رايمر حيدر الذي كان عنوان محاضرته باللغة الألمانية " الرأسمالية وحركة التحرر الكوردي " التي تطرق فيها إلى توجه حركة التحرر الكوردي إلى تبني نظرية كونفدرالية الوحدات الإدارية والإبتعاد عن تأثيرات الرأسمالية وعن فكرة الدولة القومية . وأكد على مدى مساهمة حركة التحرر الكوردي في النضال الذي تخوضه الشعوب ضد الرأسمالية لتجاوز هذا النظام .
أما بعد ظهر الرابع من شباط فقد عالج موضوع الشرق الأوسط ونهاية الدولة القومية والذي أدار النقاش وقدم المحاضرين فيه الصحفي التركي مرات جاكر.
كانت المحاضرة الأولى في هذا المحور للمناضل الكوردي مظفر أياتا الذي سبق وان حكمت عليه المحاكم التركية بالإعدام . وبعد أن قضى عشرين سنة في السجون التركية تم الإفراج عنه . لجأ إلى ألمانيا وينشط في العمل السياسي للتجمعات والأحزاب الكوردية في ألمانيا . لقد كانت محاضرته باللغة التركية تحت عنوان " الكورد والأفكار الجديدة للتغيير في اللشرق الأوسط " تحدث فيها عن التغييرات الكثيرة التي جرت في الشرق الأوسط والتي اثرت بدورها على الحركة التحررية الديمقراطية للشعب الكوردي . ثم تطرق للإجابة على السؤال الذي طرحه عن موقف الكورد اليوم وما يستطيعون تقديمه إلى المنطقة ، رابطاً النضال من اجل التحرير بالديمقراطية .
وكانت المحاضرة الثانية باللغة الألمانية من حصتي وكانت بعنوان " التعريف بالإسلام السياسي " والتي تضمنت مناقشة النماذج التي يعرضها الإسلام السياسي كبدائل عن الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط ، شارحاً اهم الشعارات التي يستند إليها الإسلام السياسي في نماذجه هذه ومدى إنطباقها على واقع الشعوب وإمكانياتها في تحقيق آمالها . وبعد طرح المؤشرات التي ترافق خلل مثل هذه النماذج وتفنيد كل ما تستند عليه من أوهام خادعة لبسطاء الناس ، دعوت إلى نصرة الفكر المتحرر في المجتمعات الإسلامية والذي يحاول تقديم البديل الديمقراطي لهذه المجتمعات ، وأشرت إلى اهمية التضامن مع الناشطين لتأسيس المجتمع الديمقراطي المتحرر في المجتمعات الإسلامية.
والمحاضرة الثالثة في هذا المحور كانت للحقوقي التركي فردا شتين التي القاها باللغة التركية تحت عنوان " ألإسلام المعتدل ... هل هو قناع ؟ " تطرق فيها إلى ما يدعيه حزب التنمية والعدالة التركي الذي يتخذ من التوجه الإسلامي طريقاً له ومؤكداً فيه على إعتدال هذا الطريق الذي فنده المحاضر من خلال الإجراءات القمعية التي يقوم بها هذا الحزب الحاكم ضد الشعب الكوردي المسلم أيضاً .
وبعد إنتهاء النقاش حول المحاضرات إنتقل المشاركون وبعض الزائرين إلى المطعم التركي الذي أعد وجبات شرقية شهية جرى تناولها بين تبادل الأحاديث وتوثيق التعارف وتبادل العناوين في جو تحسبه مع أصدقاء قدامى تلتقيهم يومياً .
وفي اليوم الأخير من هذا المهرجان الفكري الرائع كان الحوار يتركز حول موضوع " نموذج جديد للحداثة الديمقراطية " الذي قدمه وأدار الحوار فيه الإعلامي البريطاني مارك كامبَل .
فقد عالجت المحاضرة الأولى في هذا المحور موضوع " الديمقراطية الحديثة : الإدارة الذاتية " التي القاها الكاتب وداعية السلم الدانماركي آريك آيكلاد باللغة الإنكليزية، والذي تطرق فيها إلى مناقشة المفهوم الجديد للحداثة الديمقراطية عبر ديمقراطية الإدارة الذاتية وتاريخها وطبيعة إستراتيجية هذه الحركة ، وأين يمكن العثور على معوقاتها وكيف يمكن إيجاد الموازنة بين النظرية والتطبيق في هذه الحركة .
وفي محاضرتها باللغة الكوردية ضمن هذا المحور تطرقت المناضلة الكوردية جيونيل كايا إلى الخبرة التي إكتسبتها المرأة الكوردية خلال نضالها الديمقراطي ضمن حركة التحرر النسائية الكوردية . ثم تطرقت إلى مدى تفاعل هذه الحركة مع المجتمع الكوردي وما هي البدائل التي تقدمها الحركة إلى هذا المجتمع .
الكاتبة والمؤلفة الأمريكية جانيت بييل تطرقت في محاضرتها باللغة الإنكليزية إلى المقارنة بين الكاتبيْن والمفكريْن موراي بوكخين وعبد الله اوجالان من خلال معالجة موضوع بعنوان " من الماركسية إلى ألإدارة الذاتية والكونفدرالية " اشارت فيه إلى خط التطور الذي رافق الماركسية نحو الإدارة الذاتية وما هي خطوط اللقاء والتشابه بين الإدارة الذاتية لبوكخين والكونفدرالية لأوجالان . وكيف يحقق الكورد في تركيا عملياً نظرية المجالس الديمقراطية .
أما المختص بشؤون الحركة العمالية ، ألأمريكي جون كرونان فقد تطرق في محاضرته باللغة الإنكليزية إلى موضوع " إمكانية وجود الديمقراطية الجديدة " طارحاً بعض النماذج الإقتصادية البديلة . حيث عبر عن ذلك من خلال إتباع الخطوات الفكرية والسياسية اللازمة لتحقيق مثل هذه الديمقراطية وما هو الموقف الذي يجب ان تتبناه القوى الديمقراطية لتحقيق ذلك .
المهندسة الزراعية ونائبة عمدة ديار بكر المناضلة الكوردية كويلباهاراويرماك تحدثت في محاضرتها التي كانت بعنوان " الإتحادات النسائية كنموذج بديل " أشارت فيه إلى خوض الصراع السياسي من خلال العمل السياسي في الوحدات الإدارية . ثم شرحت الوسائل التي تتبعها الوحدات الإدارية وما هي الخدمات التي يمكن تقديمها للمواطنين من خلال ذلك .
أما المدرسة الإسبانية آنا مَزو فقد ألقت محاضرتها باللغة الإسبانية وكانت بعنوان " الديمقراطية في مقاطعة الباسك الإسبانية والتحديات " والتي تحدثت فيها عن معوقات العمل الديمقراطي المرتبطة أساساً بالعنف السائد في المنطقة . كما بينت أن مثل هذا الظرف يحتم على كل المؤمنين بالديمقراطية ان يواجهوا التحديات المعرقلة لبناء الديمقراطية .
اما الفيلسوف والمؤلف النمساوي توم فايبل فقد تطرق في محاضرته باللغة الألمانية إلى حركات التحرر في امريكا اللاتينية . في المثل الذي اورده عن الحركة الثورية في جنوب المكسيك ، تطرق المحاضر إلى الظاهرة التي تكاد تختص بها الحركة التحررية في امريكا اللاتينية والناشئة عما يسمى بمصطلح " دين التحرر " . هذه الظاهرة التي جعلت رجال الدين يلقون بكل ثقلهم إلى جانب حركة التحرر وتوثيق العلاقات بين الثوار والمجتمع .
أما مسك الختام لهذا الإستعراض الفكري الرائع فقد كان مسكاً حقاً إنتشر عبيقه بين الحاضرين الذين غصت بهم القاعة ليسقبلوا المناضلة التركية جيولتان كيسانك وقوفاً تقديراً لما قدمته هذه المرأة المناضلة الصحفية القانونية من مساهمات سياسية وفكرية وإعلامية لثورة الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية . لقد كانت محاضرتها القيمة التي إنطلقت من تجاربها الذاتية في العمل السياسي بعنوان " السياسة الديمقراطية البديلة في تركيا " القتها باللغة التركية وشرحت فيها ابعاد العمل السياسي لممثلي الشعب الكوردي خاصة في البرلمان التركي الذي تمارس نشاطها السياسي فيه .
لقد حرص منظمو المؤتمر على إغناء مواد المحاضرات بالنقاش الذي يدور من قبل جمهور المستمعين في قاعة المحاضرات مع المحاضرين وذلك بعد الإنتهاء من كل محور من محاور البرنامج الموضوع . وبالفعل فقد تم هذا النقاش بشكل واعي وجدي وباطروحات تنم عن الإستيعاب الكامل لمواد المحاضرات وتفهم لمحتواها واهتمام بمواضاعيها .
كما انه يمكن القول ان الحركة التحررية التقدمية الكوردية التي يقودها حزب العمال الكوردستاني قد إكتسبت من خلال طرحها كمادة رئيسية في هذا المؤتمر ابعاداً اممية إرتفعت بها وبالأفكار التي تطرحها كحل للمشكلة الكوردية القائمة الآن في تركيا على الأخص إلى مستوى الحركات التحررية العالمية التي راهنت على التضامن الأممي كعامل هام من عوامل النصر الأكيد . كما اصبح واضحاً من خلال هذه النقاشات المستفيضة اهمية المسألة الإعلامية الهادفة في نجاح حركات التحرر ونشر مبادءها والتعريف باهدافها .
هذه بعض الملاحظات العاجلة وباختصار شديد لما دار في هذا اللقاء الذي إتسم بالإضافة إلى ما ذكرته اعلاه من روعة التنظيم والتنفيذ ، بالحضور النوعي والكمي للعنصر النسائي الذي أثبتت فيه المشاركات كمحاضِرات أو مناقِشات قدرة المرأة على ان تساهم في العمل النضالي والفكري وكل ما يتعلق بحركة التحرر الديمقراطي مساهمة لا تقل عن تلك التي يقدمها الرجل في كافة الميادين . إن هذه الظاهرة في الحركة التحررية للشعب الكوردي ومن خلال الفكر الذي يتبناه حزب العمال الكوردستاني جديرة بتعميمها ، خاصة في منظقة الشرق الأوسط التي أُبتليت بالفكر الرجعي المتخلف الرافض للمرأة والساعي إلى تكريس تهميشها في المجتمع والحط من قدراتها في المساهمة في عملية البناء والتطور والتحرر.
وباختصار يمكن القول ان هذا اللقاء الأممي كان ناجحاً بكل المستويات وإن هذا النجاح يجدد الأمل لدى مناصري الديمقراطية والحركات التحررية في العالم بأن الفكر الثوري التقدمي لم يزل قادراً على عكس مطالب الجماهير وتبنيها والسير على تحقيقها.
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من مبرر بعد لتشتت الديمقراطيين العراقيين ...؟
- لماذا التيار الديمقراطي العراقي ...؟
- صرح للديمقراطية
- تحقيق الذات في إزالة العورات ... أو ؟
- يا سامعين الصوت ... صلوا عالنبي
- حذاري ... حذاري من الدولة الدينية ، فإنها دكتاتورية بامتياز
- هل فشل المشروع الأمريكي في العراق ؟
- خُذ الشور من هذا البروفيسور
- الصراع على ملئ فراغ إنسحاب الأمريكان من العراق
- الحوار المتمدن ... عقد من النضال ألثقافي والإعلامي الهادف
- أردوغان ذو المنطق المفلوج
- ما أوضحه الخاقاني لما إختلفوا فيه من المعاني
- لو فرضنا ...
- فَتِّش عن الإسلام السياسي
- الملف السوري بين الواقع والطموح
- الحقد على الشيوعيين يعمي القلوب قبل الأبصار
- هشام لا تغضب ...
- متسولو القذافي بالأمس ... اين هم منه اليوم ؟
- لا بديل عن التفاوض مع المناضل الأممي عبد الله أوجالان
- دولة بلاد الرافدين الجديدة إسمها - خان إجخان -


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - ثلاثة أيام من التضامن الأممي