أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي هصيص - آدم وإيﭭلين: من الشيوعية إلى الخبز السماوي















المزيد.....



آدم وإيﭭلين: من الشيوعية إلى الخبز السماوي


علي هصيص

الحوار المتمدن-العدد: 3628 - 2012 / 2 / 4 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


آدم وإيـﭭلين
من الشيوعية إلى الخبز السماوي

بقلم: علي هصيص

الرواية: آدم وإيفلين
الكاتب: إنجو شولتسه
المترجم: د. خليل الشيخ
الناشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة
سنة النشر: 2011
سنة النشر بالألمانية: 2008
الصفحات: 396

هذه الرواية من روايات التحول التي عرفت بعد توحد الألمانيتين في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وقد حفلت هذه الرواية برموز دينية وسياسية وإيديولوجية كثيرة ومتداخلة، وقد حاولت في هذه الدراسة استنطاق عدد من أهم رموزها التي تبين سيناريوهات متعددة لذلك التحول الكبير في تاريخ الألمانيتين.

هاينريش:

ربما تكون سيارة الفارتبورغ مفتاحا مهما من مفاتيح فهم رواية: "آدم وايفلين"، للروائي الألماني إنجو شولتسه, فهي بلونيها الأحمر والأبيض قد ترمز إلى الشيوعية وما بعدها, فقد كانت الوسيلة التي أوصلت آدم وايفلين إلى نهايات الخطوط المكانية والزمانية للشيوعية, وهي بعمرها الطويل نسبيا (صنعت عام 1962م في ألمانيا الشرقية) تمثل القوة الشيوعية, وعندما تمت صفقة بيعها بالعملة الألمانية الغربية على نحو دراماتيكي، فإنها تمثل انهيار الشيوعية السريع في بداية التسعينيات.
هذا من ناحية بلد المنشأ وسيرتها فيها, أما من ناحية مالكها آدم, فقد أطلق عليها اسم "هاينريش", ولا أظن أن هذا الاسم قد جاء عرضا, بل أظن أنه يقصد بهذا شخصية القائد النازي "هاينريش هيملر" المسؤول عن مذابح التطهير العرقي في الهولوكوست, وقد عرف بعدائه للشيوعيين, وممارسته شتى أنواع القتل والتعذيب ضد أعداء ألمانيا الداخليين والخارجيين أثناء الحرب العالمية الثانية, وقد حاول بعد هزيمة ألمانيا في العالمية الثانية عبور الحدود هربا من الحلفاء, فاستصدر أوراقا تثبت غير شخصيته, ولكن أوراقه كانت مزورة بشكل دقيق؛ مما شكك الجيش البريطاني في إمكانية استصدار مثل هذه الأوراق في ظروف حرب طاحنة, فاعتقلوه حتى تعرفوا على شخصيته, ولكنه سبقهم إلى نفسه منتحرا بمادة سامة.
يشترك آدم مع هاينريش في معاداته للشيوعية , والسيارة "هاينريش" أيضا كانت قوية كقوة هاينريش في الجيش النازي, وتشترك معه أيضا في أنها لعبت مثله أيضا لعبة العبور, واجتياز الحدود, ولكن المختلف بينهما هو أنها نجحت في اجتياز الحدود بطرق غير مشروعة واستخدمت وسيلة ناجحة للتهريب في زمن انهيار الشيوعية, في حين فشل هاينريش القائد في عبور الحدود في زمن القوة الشيوعية وانتصارها.
قبل أن يفكر آدم بالرحيل كان يريد التخلص من سيارة الفارتبورغ وهو ينتظر دوره في ظل الحكم الشيوعي للحصول على سيارة لادا جديدة, ولكنه لم يحصل عليها. وقد كتب قبله الكاتب الألماني الشرقي "إيريش لويست" قصة عنوانها "اليوم تأتي زيارة من الغرب" يقول من ضمنها: "... لماذا وضعنا لسانا أحمر بارزا للبطاقات عندما رغب مقدمو الطلبات التحول من سيارة فارتبورغ إلى سيارة لادا؟" فيبدو أن التحول من الفارتيورغ إلى اللادا أمرا كان مألوفا في ألمانيا الشرقية، أو أن يكون شولتسه قد تأثر بقصة لويست. ولكن وحتى لحظة بيعها ظلت "هاينريش" تعني شيئا مهما لآدم، فقد اشتراها أبوه، ربما الآباء الشيوعيون، وهي رفيقة دربه سنوات طويلة، وهي اليوم وسيلة العبور إلى ما يسميه آدم "الوطن"، حيث يخاطبها بعد أن دق ثلاث مرات على لوحة القيادة ص 268 قائلا: "هاينريش نحن ذاهبون إلى الوطن"، فهو يرى أن وطنه ومستقره هو الغرب الذي ستوصله إليه "هاينريش" وليس الشرق.
ولكن لماذا قرر آدم الخروج والعبور إلى أماكن أخرى؟

المرأة وتفاحة آدم:

كان آدم خياط ألبسة نسائية ماهرا, وكانت له عشيقة اسمها " إيفلين" أو "إيفا" وتعني: "حواء"، وقد وجدته ذات يوم في وضع مريب مع "ليلي" إحدى زبوناته اللعوبات, فقررت إيفلين هجره, مستثمرة فرصة سفر صديقتها " سيمونة" مع ابن عمتها " ميخائيل" القادم من هامبورغ لتقضي إجازتها في هنغاريا, مع أن سيمونة كانت تخطط للذهاب معه إلى ألمانيا الغربية للزواج منه.
لم يستطع آدم أن يفارق إيفلين التي أحبها, وهو بطبيعته ضعيف أمام النساء, وربما لم يكن في وعي الكاتب أن حضور الأنثى لم يفارق آدم طوال الرواية, فعندما هاجرت إيفلين لحق بها آدم بسيارة الفارتبورغ, وبعد اجتيازه الحدود "ألمانيا- تشيكوسلوفاكيا" صعدت معه امرأتان لا تكبرانه في السن كثيرا, وكان صعودهما مدة قصيرة, وبعدها التقى بإيفلين في براغ, وعندما تركته وهي بصحبة ميخائيل وسيمونة التقى آدم بعد مدة قصيرة بامرأة جديدة اسمها "كاتيا"، ويعني اسمها: "حب الأرض"، كانت قد أضاعت أوراقها الثبوتية وهي تقطع الحدود سباحة في نهر الدانوب. وقد قام بتهريبها إلى هنغاريا من خلال وضعها في صندوق السيارة وإخفائها وهو في الوقت نفسه ظل يطارد إيفلين التي مارست الجنس مع ميخائيل مع أنه لم يمارس الجنس مع كاتيا، وإن كانت له علاقة مع بيبي واقتراب من أمها السيدة أنجيال المفتونة به وبمواهبه.
لقد ظل آدم حريصا على مرافقة الأنثى أي أنثى كانت, ففي الوقت الذي ترددت فيه كاتيا في البقاء معه (ص128) حين توقعت أنه سيذهب إلى زوجته (صديقته إيفلين) رفض وأصر على أن تبيت كاتيا معه. وعندما غادرته كاتيا للمبيت في إحدى الخيام, وبعدها مباشرة استطاع أن يرى إيفلين, حيث سار وفق خريطة كانت قد رسمتها له سيمونة، ربما لتبعد إيفلين عن ميخائيل، فوجد آدم إيفلين وميخائيل وأقام معهما في نفس البناء، ومن هذه النقطة ظلت العلاقة بينهما بين مد وجزر حتى استقرت في نهاية الرواية.
لم تكن علاقته مع الأنثى علاقة مادية فحسب, بل ثمة إشارات اتخذت سمة فلسفية في علاقة آدم بالمرأة, وربما كان رمز التفاحة أفضل ما يدلنا على ذلك، فلم تذكر كلمة "تفاحة" في الرواية إلا بحضور المرأة, ومعظم ذكرها يكون من قبل المرأة نفسها, ففي ص17 تقول إيفلين لآدم: "أتريد كمثرى أم تفاحا؟"/ وفي ص86 تقول كاتيا لآدم: "أليس لديك فواكه، حبة تفاح مثلا؟"/ وفي ص217 تقول إيفلين لكاتيا: "كان آدم يخجل من اسمه, فكان اسمه يذكر بمناسبة وبغير مناسبة, وبخاصة عند الحديث عن الحلق الجاف وتفاحة آدم"./ وفي ص266 يقول الكاتب عن مشهد بين إيفلين وآدم: "ومع ذلك فقد جعلت وجهها يتوسد ذراعه الأيمن, وربتت على الجزء السفلي من ذراعه, وبقيت تمشي حتى وصلت إلى كم البلوزة, محركة يدها حول كتفيه, حتى وصلت إلى عنقه, فلمست تفاحة آدم البارزة كالحيوان, لكنها سرعان ما عادت في اللحظة التالية إلى ذاتها"./ وفي ص267 تقول إيفلين لآدم : ثمة تفاح وخوخ وخيار ونبيذ وماء وقالب من الحلوى..."/ وفي ص278 تقول إيفلين لآدم:" هل تعرف هذه الطرفة: وقال الإله لحواء: هل تريدين تفاحة؟ لكنك حرمتها علي. قالت حواء. خذيها إن طعمها لذيذ, ولن تندمي. صحيح؟ سألت حواء. أكيد.. قال الإله. لكن هذا الأمر ينبغي أن يبقى لدينا, نحن, معشر النساء, سرا. لقد روتها لي كاتيا. أليست جميلة؟"./ وفي ص281 تقول إيفلين لآدم:" إن هذا غير معقول. أليس كذلك؟ إن من غير المسموح لنا العودة إلى الجنة, لأننا صرنا ندرك ما هو الخير وما هو الشر, لأننا نحتاج من أجل الكمال حياة خالدة. ومن الغريب أن أحدا لم يتحدث عن هذا، كما أنه لم تجر الإشارة إلى التفاحة"./ وفي ص 355 يقول الكاتب: "رأت حنجرته وتفاحة آدم. كانت تبدو قد انتفخت وبرزت نحو الأمام، على نحو تبدو فيه غير قابلة للنزول إلى أسفل..."/ وفي ص372 يقول ماريك لآدم: "تستطيع أن تشتري كل صباح أنواعا شتى من الخبز للإفطار, وبوسعك أن تشتري فطيرة التفاح وعليها مخلوط الفانيلا".
وفي ص381 يقول الكاتب:" كانت غابرييلا تقف في المطبخ وتقوم بتقشير التفاح, وكان قد علق شيء من العجين بأظافرها"/ وفي ص382 يقول الكاتب: "... بدأت إيفلين ببرش التفاح, في حين بدأت غابرييلا تخلط العجين على ورقة القصدير بالتفاح المبروش".
ثم تقول إيفلين لغابرييلا: "أتريدين؟ وهي تعرض عليها قطعتين من التفاح زادتا عن حاجة قالب الحلوى".
وفي الصفحة نفسها يقول الكاتب: "أعدت إيفلين الطاولة وأحضرت علبة السكر, والصحون التي توضع تحت الفناجين, ووضعت قطعتي التفاح في الوسط...".
نلاحظ أن حضور التفاحة وهم في بلد الشيوعية كان حضورا عابرا مجردا من إيحاآته الدينية أو الفلسفية, وكان يأتي ذكره في سياق البحث, مثل: "أتريد كمثرى أم تفاحة؟" و "أليس لديك فواكه, حبة تفاح مثلا؟"، الأنثى تسأل وتبحث عن التفاح ولو مجردا من أي شيء أو أي معنى آخر, ثم مع المضي في التحولات صار ثمة حديث حول تفاحة آدم وربطها باسم آدم, واسمه الحقيقي" لوتس فرنتسل" و"آدم" لقبه الذي حمله وهو فتى, فكان وهو فتى يكره هذا الاسم لارتباطه بتفاحة آدم التي ربما تثير السخرية منه, وثمة حوارات جرت كما رأينا حول ارتباط آدم وحواء بالتفاحة وشجرة الجنة وما جاء في سفر التكوين وغيره, ولكنهم عندما يضعون أقدامهم في ألمانيا الغربية منتقلين من العالم الشيوعي إلى الرأسمالي يأخذ الحديث عن التفاحة مسارا آخر, فماريك يقول لآدم: "وبوسعك أن تشتري فطيرة التفاح..." فالتفاح الذي كان مجردا في بلاد الشيوعية صار اليوم يؤكل بصفته فطيرا وقوالب حلوى, وكأنه حدث نوع من التحول أو التزاوج بينه وبين أصناف الطعام الأخرى.
آخر مرة ورد فيها ذكر التفاح في الرواية كان يلخص برمزيته التحول على الصعيدين الاجتماعي والسياسي, يقول الكاتب: "لم يكن آدم في الغرفة عندما عادت, أعدت إيفلين الطاولة وأحضرت علبة السكر والصحون التي توضع تحت الفناجين ووضعت قطعتي التفاح في الوسط..."
إن إيفلين هي التي صنعت هذا وليست غابرييلا, إيفلين تعد الطاولة, وتحضر السكر والصحون وتضع قطعتي التفاح - وليس قطعتي تفاح، وليس تفاحتين في الوسط، بل قطعتين، ألا يوحي هذا برغبتها بالتزاوج؟
ولكن, أين كان آدم إذا لم يكن في الغرفة؟ أين كان وإيفلين تعد طقوس التزاوج بصورة إيحائية؟ دعونا نرَ ما يقول الكاتب: "... وضعت قطعتي التفاح في الوسط, ولم تـتنبّه إلى أن إحدى النوافذ كانت مفتوحة على نحو جزئي إلا عندما سمعت صوت آدم وضحكته قادمين من الحديقة. كانت ثمة رائحة للنار". ففي الوقت الذي وضعت فيه إيفلين قطعتي التفاح المتزاوجتين على الطاولة, كان آدم يقوم بإحراق صور النساء ذات اللونين الأبيض والأسود التي كان يلتقطها لزبوناته وهو في ألمانيا الشرقية, وكأنه يتواءم مع حركة إيفلين في تزويج قطعتي التفاح, فينهي ما تبقى من ذكريات مادية تربطه بالنساء ليرتبط بإيفلين وحدها.
وهذا لا ينفي حضور رغبة الراوي العليم في إحراق الشيوعية والبدء في تزاوج جديد بين الألمانيتين اللتين عرفتا محاولات كثيرة للتوحد عبر التاريخ.
وردت كلمة "التفاحة" ص183 في حوار دار بين ميخائيل وإيفلين جاء فيه: "حسنا. قال ميخائيل سنقوم في بادىء الأمر بعدد من الرحلات وفي عيد الميلاد سنطير إلى نيويورك, أو إلى التفاحة الكبيرة كما يسمونها..."
كان ميخائيل منافسا غير قوي لآدم على إيفلين, ولكن نظرته للتفاحة تختلف عن نظرة آدم وإيفلين اللذين راحا يبحثان عنها في سفر التكوين والأساطير, ميخائيل يبحث عن التفاحة الكبيرة "نيويورك" التي سميت بهذا الاسم بسبب كثرة الجنسيات التي تؤمها، فتـقضم كل جنسية ما تستطيعه من هذه التفاحة. ميخائيل ألماني غربي، "وقد قدم نفسه بوصفه باحثا في جينات الخلية فهو من المنشغلين بهذا الأمر, لأنه يقود إلى الخلود البشري فوق الأرض, ويؤدي إلى إبعاد شبح الموت عن حياة البشر لتكتمل بذلك معالم الفردوس الغربي الموعود على الأرض, وكان ذلك يوحي بنهاية التاريخ". (من تعقيب المترجم ص389). فهو رجل يبحث عن الخلود المادي الذي يبقي على أبناء جنسه وسيطرتهم على العالم, بخلاف آدم وإيفلين اللذين يبحثان عن تفاحتهما من أجل الحب، فإيفلين باعترافها هي الأمل بالنسبة لآدم، فقد قالت له وهي تشير إلى الكتاب المقدس ص 326: "إن الإيمان والحب والأمل موجودة في هذا الكتاب في هذا الكتاب في مكان ما، ونحن نمتلك الحب، والإيمان بك، ما ينقصك هو الأمل، الأمل وحده، وأنا معك، فأنا أمثل الأمل، وسأقوم ببيع الحلي".

أجواء الكتاب المقدس:

لا ينفصل هذا الموضوع عن موضوع المرأة, فأحاديث العهد القديم التي وردت في الرواية هي الأحاديث الأولى حول الرجل والمرأة في العهد القديم, وهناك مشاهد قد تكون إعادة مَـنْتجة لمشاهد من العهد القديم, ففي لحظة الخطيئة والأكل من الشجرة يتنبه آدم وحواء إلى أنهما عريانان، فيخيطان لأنفسهما مآزر من أوراق التين, وفي لحظة اكتشاف خطيئة آدم وليلي, تشاهد إيفلين ليلي عارية في الحمام, ثم تشاهد آدم عاريا خلف الخزانة, فتستر ليلي نفسها كما جاء ص26: "كانت ليلي قد تمكنت في تلك الأثناء من رفع سروالها الذي كان يحيط بخصرها كالحبل إلى الأعلى,. وكانت تضع منشفة تحت إبطيها لتغطي صدرها", أما آدم في ص27 فقد كان حافيا يضع منشفة على خصره وهو يفتش عن أشيائه في موقف شبيه بموقف آدم وحواء وهما يحاولان التستر من ورق الجنة، فها هي إيفلين تقول ص220: "كان يقف وراء الخزانة عاريا تماما هو الآخر"، فتجيبها سيمونة:" إذن كان آدم كأنه في بداية الخلق".
ومهنة خياطة الألبسة النسائية التي امتهنها آدم في الرواية, هي أول عمل يدوي قام به آدم وحواء قبل الخروج من الجنة.
وتستغرب إيفلين ص281 حين يقرأ لها آدم من العهد القديم: "وسمى آدم امرأته حواء لأنها أم كل حي, وصنع الرب الإله لآدم وامرأته قميصا من جلد وألبسهما"، فتقول إيفلين: "ما هذا؟ كيف يكون الإله خياطا؟".
ويمكننا هنا أن نربط جملة: " وسمى آدم امرأته حواء..." بما ورد في الرواية ص 219: "... لقد كان يعطي أسماء لتلك المخلوقات... لكن تلك الأسماء كانت في واقع الأمر ألقابا لفتيات خفيفات".
مع اقتراب آدم من مرحلة الاستقرار في ألمانيا راح يقرأ في الكتاب المقدس, وكان يقرأ لإيفلين قصة التكوين وبداية الخلق, وقصة آدم وحواء, ويبدو أن هذا إشارة إلى بداية التحلل العام من كثير من الأفكار الإلحادية الشيوعية, وبداية الانطواء تحت جناح أنظمة أقل ما يمكن أن توصف بأنها علمانية.
لقد أدركت إيفلين مدى انجذاب آدم نحو الكتاب المقدس, ولاحظت أن أفكاره صارت تنحو منحى فلسفيا في بعض الأحيان, تقول إيفلين ص375: "لعله يقرأ كثيرا في الكتاب المقدس, لقد بلغ السيل الزبى, بالنسبة لعلاقتي معه, فلم أعد قادرة على احتمال خطبه...".
ولكن آدم ظل مصرا على تمسكه بالكتاب المقدس، حيث نجد إشارة واضحة يقوم بها, ويريد من خلالها تحديد علاقته بإيفلين وتوثيقها, فقد جاء في ص289 الحوار الآتي بينهما:
- أردت أن أسالك, قال آدم وهو يرفع قامته ويضع الكتاب المقدس على صدره: هل توافقين على الزواج بي؟ ثم تقدم خطوة نحوها وقال:
- إنني جاد فيما أقول.
- ثم تناول يدها اليمنى ومسح بإبهامه على إصبعها وعلى خاتم الياقوت.
- أنت في غاية الجمال. قال آدم وهو يبتسم.
- كيف توصلت إلى هذا القرار الآن؟
- هل للسادة أية رغبات؟ سألت النادلة وهي تنتظر وتتأمل الكتاب المقدس في يد آدم.
- هز كل من إيفلين وآدم رأسيهما...
فآدم يطلب الزواج والكتاب المقدس على صدره, فهو يريد زواجا دينيا قائما على تشريعات وأعراف دينية, لا تشترك زوجة أخرى مع إيفلين حسب الديانة المسيحية, وبعيدا عن المشاعية، ويؤكد آدم هذا بإحراقه صور النساء في نهاية الرواية. فارتباط آدم بإيفلين من خلال عقد شرعي في اللحظة التي تنهار فيها الشيوعية كان بمثابة الرجوع إلى الفطرة السليمة وعدم الانقياد المطلق للمادة والجنس.
لقد كان للعهد القديم الحضور الأكثر في مسار الرواية, بل إن الاتكاء على قصة التكوين والخروج كان أساسا تتوازى خطوطه مع مسارات الخطيئة والحب والعبور والبحث عن الخلود في الرواية.
أما العهد الجديد, فلم يكن ثمة اتكاء على مضامينه, غير أننا نجد إشارات عابرة أذكر منها قول آدم للسيدة أنجيال حين سألته: هل نمت جيدا؟
فأجابها: رائع, وكأنني في حضن إبراهيم ص161.
والمقصود بـ "حضن إبراهيم" ما جاء في إنجيل يوحنا من الأصحاح السادس عشر (22-26): "ومات المسكين, وحملته الملائكة إلى حضن إبراهيم"، دلالة على الراحة والطمأنينة.
وجاء في ص372 قول آدم معبرا عن فرحته بالوصول إلى ألمانيا الغربية: "كل يوم خبز سماوي جديد", وهذا ما جاء في إنجيل يوحنا الأصحاح السادس, 32-33: "فأجابهم يسوع: الحق الحق أقول لكم: إن موسى لم يعطكم خبزا من السماء, وإنما أبي هو الذي يعطيكم الآن خبز السماء الحقيقي"، وكذلك جاء في نفس الأصحاح: "41 فأخذ اليهود يتذمرون على يسوع لأنه قال: "أنا الخبز الذي نزل من السماء".

السلحفاة:

لقد كانت السلحفاة "الفريدي" رفيقة درب آدم في رحلة العبور والتحول من أولها حتى استقر في ميونخ, في هذه الرحلة كان آدم يبحث عن المرأة, ومن خلالها وحين صار يقرأ الكتاب المقدس, راح يفكر بمعاني الخلود دون أن نغفل أثر ميخائيل في آدم حين كان يتحدث عن الخلية ومشاريع الخلود المتوقعة, لنقرأ الحوار الآتي بين آدم وميخائيل في ص214:
- إن الأمر ليس بالسهولة التي تتوقعها. لكن الخلايا السرطانية, مثلا, لا تموت, كما أنها لا تتوقف عن التناسخ من دون أن تفقد شيئا. ونحن نسعى لننقل ما تفعله الخلايا السرطانية إلى عالم الخلايا السليمة لتفعل ذلك, ولدينا الأنموذج كما يقال.
- أنموذج الخلود, قال آدم وهو يدلك صدره, إذن فإن الذين يقومون لحفظ جثامينهم أو تجميدها, هم على حق.
- هذا ممكن, ومحتمل إلى حد بعيد.
- لكنني يكفيني أن أصل إلى العمر الذي تبلغه السلحفاة.
- السلحفاة. إن عمرها لا يزيد على خمسين سنة, وهو أمر مرهق جدا لنا.
- أليست أطول عمرا؟
- إن السلاحف التي لا تعيش في المنازل قد تصل إلى أكثر من مائة عام, لكن هذا لا ينطبق على هذه السلحفاة بالتأكيد. ألم تكن تعرف هذا؟
- كلا
فإذا كانت سيارة الفارتبورغ وبيعها يرمزان إلى نهاية الشيوعية, فإن رفيقة الدرب والعبور السلحفاة الفريدي، ترمز إلى البحث عن الخلود, فكما هو معروف علميا، فإن السلحفاة من أطول الأحياء أعمارا, واصطحابها في رحلة العبور والتحول دلالة البحث عن حياة طولى, وحياة فضلى أيضا, فاسمها "الفريدي" وهذا الاسم يعني بالإنجليزية: "Peace ruler" أي قائد السلام، وكأنه ينظر إلى هذه السلحفاة الوديعة قائدا إلى مستقبل آمن وعمر أطول.

الشيوعية:

لم يكن آدم شيوعيا, ولكنه وجد نفسه مضطرا إلى أن يكون شيوعيا مدة سنتين أثناء الخدمة العسكرية فحسب, وقد جاء التعبير عن رفض الشيوعية في سياقات كثيرة من الرواية, تقول إيفلين أثناء استجوابها من قبل أحد الرجال ص303: "كان آدم الشخص الوحيد من بين من أعرفهم الذي لم يشارك في الانتخابات, وكانوا يرسلون إليه أصدقاء والده الذين كانوا أعضاء في الحزب الليبرالي الديمقراطي الألماني, وكان عليهم أن يسألوه عن أسباب عزوفه عن المشاركة في الانتخابات, كان آدم يسخر من جمهورية ألمانيا الديمقراطية ولم يكن يقيم لها وزنا".
لقد كان الخلاص من الشيوعية هدفا واضحا أمام آدم, ومع أنه لم يتحدث كثيرا في السياسة وما حولها إلا أن رغبته ورغبة إيفلين وكاتيا في التخلص من الشيوعية تمثل رغبة شريحة واسعة من أبناء المجتمع الشرق أوروبي, بل نجد أن التحلل من الشيوعية معيار من معايير التقييم الأخلاقي للفرد في نظر كاتيا, ولنستمع إلى الحوار الآتي ص371:
- و ما أسباب الإيجار الرخيص للعقد؟ سأل آدم.
- إنه ليس رخيصا إلى هذا الحد. أن علينا أن نشكر والدي الفتاتين,لأنهما يريدان أن يسكن مع بناتهما أناس محترمون.
- وهل نحن أناس محترمون؟
- طبعا, لا مخدرات ولا إباحية, هاربون من الشيوعية, دراسة, عمل, جمال, صفات ينبغي أن تحظى بالمساعدة...
ولم يقتصر ذكر الشيوعية على الأسلوب المباشر, فنحن نجد إشارات ورموزا تدل على الشيوعية في سياقات مختلفة, ومنها عندما أرادت كاتيا ص131 أن تصل إلى السيارة فوطئت قدماها أرضا موحلة, فقال لها آدم: "إنها قاذورات, قاذورات هنغارية تماما. وعليك أن تمري عبرها إذا أردت الذهاب إلى الغرب, هناك على الشاطئ الآخر".
ومن هذا القبيل قول الكاتب ص293: "ألقت إيفلين برأسها جانبا, وأخذت تحس بباطن ياقة الجاكيت الأزرق على خدها. كانت رائحة الجاكيت مشبعة بمسحوق الغسيل وروائح أخرى غريـبة". ألا يحيلنا هذا إلى تقسيم ماركس المجتمع إلى أصحاب ياقات زرقاء, وهم العمال الكادحون, وأصحاب ياقات بيضاء, وهم أصحاب الأعمال المكتبية التي يستأثر بها المسؤولون؟ فإيفلين نادلة كادحة, وهذه الفقرة السابقة جاءت في سياق حوار التحولات من الشرق إلى الغرب, ولم يسبقها أو يلحقها أي كلام حول الملابس أو الحمام أو السباحة أو أي شيء من هذا القبيل, وكأن الكاتب يريد أن يغسل إيفلين الكادحة من بقايا الشيوعية, وإذا كانت رائحة الجاكيت مشبعة بمسحوق الغسيل, فكيف تصدر روائح أخرى غريبة؟ الياقة تكون لها رائحة واحدة بغض النظر عن طبيعتها، ولكنها هنا ذات روائح أخرى غريبة، أليست هي رياح التغيير القادمة من الغرب؟
وردت الألوان كثيرا في الرواية, ورد اللون الأحمر أكثر من غيره, وكذلك اللون الأزرق ومن هذا:
- ص 16: - هذه صورة جميلة, هل هي حمراء؟
- بل زرقاء حريرية.
- ص 40 "كانت سيارة آدم موديل فارتبورغ311, الحمراء - البيضاء اللون"
وفي الفقرة نفسها يعطي آدم عامل المضخة ورقتين نقديتين... " سرعان ما أخفاهما في الجيب العلوي الخاص بأفرهوله الأزرق اللون".
- ص43 يقول الكاتب: "شاهد آدم كيف قام عامل المضخة بوضع سلسلة حمراء - بيضاء اللون أمام المدخل..."
وفي الصفحة نفسها:" كانت ثمة سيارة باسات كومبي حمراء اللون وعليها رقم غربي وعليها الحرفان هـ.هـ".
- ص45:" يقول الكاتب: "كان قد كتب بالخط الأحمر على تلك الكرتونة قبيل سنوات جملة: "أنا موجود في الحديقة" حتى لا تظن الزبونات..."
- ص120 حوار بين آدم وكاتيا:
- إن منديلك ما زال معي.
- احتفظي به ذكرى.
فقالت وهي تمسح يديها به:
- إنه الآن غير قابل للاستعمال بطبيعة الحال, لكنك ستأخذه مغسولا ومكويا أزرق اللون, هذا وعد.
وقد وفت كاتيا بوعدها ص 363 حيث جاء في الحوار:
- كان أريك في أمستردام، وشتراه لك، أما هديتي فأنا أعيد لك منديلك كما سبق لي أن وعدتك، مغسولا ومكويا.
- وما يزال أزرق اللون كما كان من قبل. قال آدم.

- ص 162 يقول الكاتب:" ثم عادت السيدة أنجيال وهي تمسك قطعة قماش حمراء اللون في يدها وهي مملوءة بالسعادة والفخر".
- ص 171 إذن فهي جديرة بهذا الاسم، ما رأيكم أن أسمي سيارتي غابرييلا، إنه اسم مناسب، غابرييلا الحمراء، فقد عرفنا إيزبييلا. سيارتي الأولى كانت رمادية اللون تناسب السماء الرمادية، ولعلكم تسمونها ذات اللون العاجي.
فتأتي امرأة: - يوم سعيد! وقفت إلى جانب طاولتهم امرأة كانت تضع قبعة صغيرة فوق رأسها، وهي ذات شفتين حمراوين ولامعتين، وكان فستانها ضيقا جدا.
ص 195 "... حيث كانت الفرقة الموسيقية التي ترتدي القمصان المملوءة بالتكسرات وتضع البابيونات الحمر..."
- ص 285: "... كما أريد من قطعة السمك الحمراء الموجودة هناك".
لقد تردد هذان اللونان أكثر من غيرهما في الرواية, في سياقات قد تبدو رمزية حينا، ولا رمزية حينا آخر، ولكن لنا أن نلاحظ أن تكرار اللون الأحمر في النصف الأول من الرواية كان أكثر منه في النصف الثاني، خاصة فيما يتعلق بألوان السيارات، وقد ذكرنا سابقا أن الكاتب "إيريش لويست" في قصته "اليوم تأتي زيارة من الغرب" يقول: "... لماذا وضعنا لسانا أحمر بارزا للبطاقات عندما رغب مقدمو الطلبات التحول من سيارة فارتبورغ إلى سيارة لادا؟".
ولكن سؤالا طرحته إيفلين على آدم في بداية الرواية ظل عالقا, ولم يجبها عنه, ذلك حين سألته ص16: "لماذا لا تقوم بالتقاط صور ملونة؟" ولكنه لم يجب, وظل يلتقط صور النساء بالأبيض والأسود حتى أحرقها جميعها في نهاية الرواية.
وما دمنا نتحدث عن اللون فجدير أن نلتفت إلى فقرة مهمة تتحدث فيها كاتيا إلى إيفلين عنما أخبرتها الأخيرة بأنها حامل، ولم تعرف ممن كان حملها: أمن آدم أم من ميخائيل ص 351: "الجو هنا خرافي أسمعت يوما عن اللون الأخضر؟إنه الضوء الأكثر ندرة، وهو لا يتكون إلا عندما يكون الهواء في غاية الصفاء، وكما تغيب الشمس في البحر، يمكن أن ينبثق فجأة شعاع فيروزي، وهو ضوء سماوي يتألق لمدة قصيرة. ثبتي نفسك، فلعل شيئا يحدث قريبا".
فحدوث اللون الأخضر (رمز الهدوء والطمأنينة والنقاء) أمر نادر، وظهور الشعاع الفيروزي السماوي (وهو درجة من درجات الأزرق) يأتي بشكل مفاجئ، فالأخضر هي الحياة التي تتمناها لإيفلين، وهي تحذرها من الأزرق، رمز الحسد، فقد تحسد على حبيبيها وعلى حملها، فتقول: ثبتي نفسك، فلعل شيئا يحدث قريبا. وهذا الكلام في فصل جاء تحت عنوان: "بحيرة زيورخ واللون الأخضر" فهو فصل كما تقول كاتيا في بداية الفقرة (خرافي) تؤمن فيه كاتيا بعلاقة الألوان بالحسد، لتكون كاتيا حلقة بين آدم وإيفلين تحاول وضع أقدامهما على الطريق الصحيح.

آدم وإيفلين والقارىء العربي:

باستثناء الكلام الذي تقوله إيفلين ص190: "بضعة أيام في الهيلتون, وبعدها أرحل على مخيم يقيم فيه ثلاثون فردا في الخيمة كالفلسطينيين"، لا نكاد نجد شيئا يشير إلى العرب أو ثقافتهم أو أي شيء يتعلق بهم, ومع ذلك فإن الرواية في زمانها السردي ومكانها أيضا, تتزامن مع وجهة نظر ما لا يقل عن مليون مهاجر عربي في ألمانيا الغربية تختلف وجهة نظر غالبيتهم عن التوجهات الفكرية للرواية.
إن سقوط جدار برلين فتح الأبواب بشكل أوسع أمام نشاط النازيين الجدد, الذين يطالبون بصفاء اللون الأبيض في أوروبا, وأكثرهم تشددا النازيون الجدد الألمان موطن النازية الأولى. فالعرب من الأجناس المنبوذة لدى النازيين, وقد طالب النازيون بعد توحيد الألمانيتين بتطهير عرقي لألمانيا ولأوروبا بشكل عام, وراحت دائرة أعدادهم تتسع مع تأسيس الاتحاد الأوروبي عام 1992.
إن في دعوة "آدم وإيفلين" إلى توحيد الألمانيتين خطرا بالغا على مصالح الجاليات العربية في ألمانيا الغربية, فقد كانت ألمانيا الديمقراطية تعيش في فقر مدقع, وانخراطها مع الاتحادية عمل على إضعاف اقتصادها بشكل كبير, فكان من نتائج هذا إضافة إلى خطر النازيين الجدد, أن صارت الحكومة الألمانية تشدد على الآتين من دول العالم الثالث مهاجرين بحجة اللجوء السياسي أو الإنساني.
لم يدع شولتسه في روايته إلى مبادئ النازيين الجدد, بل إنه لم يأت على ذكرهم قط إلا إذا صح الظن بأن هاينريش ترمز إلى القائد النازي هاينريش هيملر , ولكن مجرد تخصيصه رواية من أربعمئة صفحة يمجد فيها هذا التحول التاريخي الذي سيعود عليه بالخبز السماوي، يعني أنه يصطدم في توجهه مع أكثر من مليون عربي كان يفكر كثير منهم بكيفية استحضار المزيد من أقاربه أو أصدقائه من الدول العربية إلى ألمانيا. ومن هنا فإن اختيار مثل هذا العمل ونقله إلى العربية, يعطي فكرة للإنسان العربي في البلاد العربية عن وجهة نظر سعى شولتسه إلى توطيدها بقوة في روايته ليعمل العربي فكرة في وجهة نظر مضادة لم يأت الكاتب على ذكرها.
من جانب آخر, فإن نقل هذه الرواية إلى العربية يكتسب أهمية تاريخية, فقد كان التحول الألماني في مدة متقاربة أو متزامنة مع التحول الأوروبي, وكذلك مع التحول العربي؛ فقد رفع الاتحاد السوفييتي يده عن مساندة العراق في حرب الخليج الثانية, وتفككت منظومة الاتحاد نفسه بعد أشهر من الحرب، مما أتاح للنظام الرأسمالي فرصة التفرد المطلق للتغول في منطقة الشرق الأوسط وفي البلدان العربية بشكل خاص, فكان لهذه السيطرة أثر في تعجيل سياسات التقارب والوحدة بين الدول الأوروبية من أجل مواجهة التحركات الأمريكية في المنطقة، فإذا كان الزمن الروائي 1989 وما بعده بقليل، هو زمن التحول الألماني، فإن الزمن الواقعي هو زمن التحولات الأوروبية والعالمية الموافقة للزمن الروائي.

الكاتب:

إنجو شولتسه مولود في دريزدن بألمانيا الشرقية عام 1962, ودرس فقه اللغة في يينا, وعمل في ألتنبورغ كاتبا مسرحيا ومحررا صحافيا. حصل على جائزة برلين للأدب عام 1998, عن كتابه "قصص بسيطة" وفي عام 2005 صدرت روايته" الحياة الجديدة" وحصلت مجموعته القصصية "هاتف نقال" على جائزة معرض الكتاب في لا يبتسج عام 2007, وهو عضو أكاديمية برلين للفن والأكاديمية الألمانية للغة والشعر, وترجمت أعماله إلى ثلاثين لغة.
المترجم
الدكتور خليل الشيخ حاصل على شهادة الدكتوراه عام 1986 من جامعة فريدريش فيلهيلم الألمانية بابتعاث من جامعة اليرموك في الأردن، وهو أستاذ الدراسات المقارنة في جامعة اليرموك, وقد عمل أستاذا زائرا في غير جامعة أردنية وعربية ومن مؤلفاته:
- الانتحار في الأدب العربي 1997.
- باريس في الأدب العربي 1998.
- دوائر المقارنة 2000.
- السيرة والمتخيل 2005.
ومن أعماله المترجمة:
- ما بعد اليوتوبيات، لهلمون بوتيجر، 2007، ترجمة عن الألمانية.
- يوميات كافكا 2009، ترجمة عن الألمانية.


السرد ونظرة المترجم:

اتبع شولتسه في روايته طريقة عنونة الفصول حتى كان لدينا خمسة وخمسون عنوانا وفهرسا في بداية الرواية, وقد أحس المترجم صنعا حين جعل من التقديم تعقيبا, في إشارة منه إلى القارئ بألا يتخذ من كلامه مفتاحا وحيدا لفهم رموز الرواية الكثيرة, وبالتالي جاء كلامه تعقيبا يضيفه القارئ بعد قراءة الرواية إلى ما ذهب إليه من فهم وتحليل.
أرى أن الترجمة الناجحة التي لا يشعر فيها القارىء أنه يقرأ عملا مترجما, وهذا ما نراه واضحا في هذه الترجمة, خلا بعض الجمل التي لا تكاد تذكر، ومنها ص44: "لقد فكر في كل شيء باستثناء النساء"، فالالتزام بحرفية الترجمة في هذه الجملة ربما أفقدها رشاقتها, وكان الأفضل لو قال: "لقد فكر في كل شيء إلا النساء", ولكن مثل هذا كما أسلفت, أمر لا يذكر في هذا الجهد المتميز.
اعتمد الكاتب كثيرا على أسلوب الأستفهام في الرواية, ويبدو أن هذا نابع من القلق الذي ينتاب شخصيات الرواية وخاصة الرئيسية منها, فالحدود ما بين توقعات الانفلاق والانفتاح, والحصول على المرأة أمر غدا ما بين مد وجزر, ومسألة الخلود بشقيها المادي الذي يطرحه ميخائيل من خلال الجينات, والمعنوي الذي يطرحه آدم من خلال السلحفاة، أمر يضع ملفاته على طاولة البحث. ونرى الاقتصاد العالمي يشهد تحولات كبيرة شرقا وغربا, فالصين القادمة من الشرق هي الأمل والسعادة ص321, وميخائيل عيناه على التفاحة الكبيرة والمستقبل ضباب أمام الجميع, ومن هنا يقول الدكتور خليل الشيخ أن لغة الحوار وتعدد مستوياته هو لون من المجابهة لأحادية الصوت والأيديولوجيا الشمولية ص391، ويقول قبل ذلك في الصفحة ذاتها أيضا: "وقد أتاحت هذه الحوارية للرواية إمكانية أن تحفل الروايةبالعديد من الشخصيات المختلفة الأعمار، والخلفيات والرؤى واللهجات حتى غدت "آدم وإيفلين" بمثابة فسيفساء من النصوص يلتقي فيها النص الديني بحمولته ولغته مع النص الشعري بإيحاءاته وكثافته مع لغة العلم بما تنطوي عليه من تقريرية مع لغة المحقق البوليسي بما تنطوي عليه من صرامة ومباشرة".
تبقى عوالم هذه الرواية ورموزها مفتوحة على احتمالات كثيرة، فهي تؤطر حالة تحول كبير جرى في أوروبا بداية التسعينيات، لما تزل الأسئلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حوله مطروحة حتى هذا اليوم، خاصة وأن هناك من يخالفون التوجهات الفكرية في هذه الرواية، ويتوقون إلى ساعة الرجوع والبداية ومن أبناء الألمانيتين، ولاسيما الجانب الغربي منهما.



#علي_هصيص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من رواية (ديزل)
- مآخذ على كتاب -الصائح المحكي- لخالد الكركي
- لماذا فشلنا في تدريس التعبير؟
- كاميليا الرواية الأردنية
- يا حروفا في ضمائرنا
- ليل قديم
- المناهج: بين الواقع المفروض وآمال النهوض
- حسبي محبا
- لولا قافلة عطشى
- ابن خلدون علقمي دمشق
- قبل مطلع فجرنا
- شعر
- أوان الندى
- الترجمة العربية الأولى ليوميات كافكا
- البحث عن البيت السابع
- التهافت الغريب


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي هصيص - آدم وإيﭭلين: من الشيوعية إلى الخبز السماوي