أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن طبرة - لمحات تربوية من قصص القرآن الكريم















المزيد.....

لمحات تربوية من قصص القرآن الكريم


حسن طبرة

الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 11:21
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


يمثل القرآن الكريم ذلك الكتاب المنزل على قلب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعظم كتاب تربوي إستخدم في آياته مختلف الأساليب التربوية في سبيل غرس القيم الأخلاقية السامية في نفوس الناس، منها على سبيل المثال أسلوب الثواب والعقاب الذي نادت به العديد من النظريات التربوية وخاصة أصحاب المدرسة السلوكية، إذ إعتمد العلم الأمريكي بروس ف. سكنر B.F.Skineer (1904-1990) على أسلوبي التعزيز Reinforcement والعقاب Punishment كأهم وسيلتين في تعلم السلوك، وهذا ما نجده في القرآن الكريم بشكل كبير (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) (العاديات:7-8). وكذلك أسلوب القدوة من خلال إعطاء النموذج الصالح الذي يجب أن يحتذى (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (الحشر:7) وقد نادى بهذه الوسيلة التربوية عالم النفس البرت باندورا Albert Bandura (1925) في نظريته المعروفة بنظرية التعلم بالملاحظة والتقليد Learning by Observing and Imitating أو التعلم بالنمذجة Learning by Modeling التي أشار من خلالها أن الفرد يتعلم السلوكيات وغيرها من الأمور من خلال اتخاذه نماذج من المجتمع، يعجب بها ويحاكي تصرفاتها سواء كانت تلك النماذج صالحة أم طالحة؛ لذا نرى القرآن الكريم حدد لنا النماذج التي لابد من إتباعها والتعلم منها عدم الإنسياق وراء النماذج الفاسدة، ومن الوسائل التربوية الأخرى هي وسيلة القصص والأمثال التي تعتبر من وسائل التعلم غير المباشرة أي أن يتعلم الفرد السلوك المعين من خلال تعرضه وسماعه لقصص حدثت بالفعل لأشخاص قاموا بالسلوك الفاسد على سبيل المثال ولاقوا جزاء أعمالهم، وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية القصص في أخذ الدروس والعبر منها (إن في قصصهم عبرة لأولي الألباب) (يوسف:111)، وقد ذُكِرت في القرآن الكريم الكثير من القصص والحكايات، تروي قصص الأمم السالفة التي كانت ظالمة لنفسها بالتعبير القرآني، أي فاسدة بالتعبير الحديث، وقد تكررت بعض تلك القصص كثيراً في مواضع متفرقة من القرآن، ومنها قصص الطغاة والمفسدين كفرعون وهامان والنمرود وغيرهم من الأمم الذين أرسل الله تعالى لهم الأنبياء والرسل لدعوتهم إلى الإستقامة والهداية إلى الصراط القويم، ولكنهم في أغلب الأحيان كانوا يكذبون تلك الدعوات فتصب بعد ذلك اللعنات عليهم من الله تعالى بأن ينزّل عليهم العذاب بأشكاله المختلفة ويصف القرآن ذلك العذاب بأنه عاقبة المفسدين، أي النتيجة الطبيعة لظاهرة وسلوك الإفساد في الأرض (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) (الأعراف:103) . فإن سرد قصص الأولين ليست لمجرد الاستمتاع أو زيادة المعرفة بالأمم السالفة، وإنما كانت موعظة لنا لنعرف ما هي عاقبة المفسدين (لقد كان لكم في قصصهم عبرة لأولي الألباب) (يوسف:111) لذا لابد لنا أن نتفكر في الأعمال والسلوكات التي قامت بها تلك الأمم وبعض الأفراد كفرعون الذي علا وطغى في الأرض بعد أن إستحكم بيده السلطة وتفرد بها، وجعل يمارس كل الأمور التي تسول له نفسه فيهم (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً) (القصص:4) وفي ذيل الآية الكريمة يقول تبارك وتعالى (إنه كان من المفسدين) (القصص:4)، ومن الأقوام قوم شعيب الذين كانوا لا يوفون بالكيل، الذين قال لهم نبيهم شعيب عليه السلام (فأوفوا الكيل والميزان ولا بتخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) (الأعراف:85)، فكان نتيجة تكذيبهم لشعيب عليه السلام وعدم إطاعته والإلتزام بقيم النزاهة والأمانة والوفاء بالكيل أن أخذتهم الرجفة (فأصبحوا في دارهم جاثمين ) (الأعراف:91) .
ومن جانب آخر هناك بعض الصور المشرقة من قصص الأولين، كقصة النبي يوسف عليه السلام الذي كان يتحلى بأعلى قيم النزاهة والإخلاص والكفاءة في العمل، الذي وفقه الله لأن تكون بيده خزائن مصر تلك الدولة التي كانت تعد من الدول المتقدمة والغنية آنذاك، إذ قال يوسف عليه السلام لفرعون زمانه (إجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) (يوسف:55) فالحفيظ هنا تشير إلى النزاهة والأمانة والإخلاص، والعليم تشير إلى الخبرة والعلم والكفاءة في العمل، تلك الميزتان أهَّلتاه لتسنُّم أعلى المناصب وأخطرها في دولة الفراعنة آنذاك. والتي تمثل عوامل النجاح لدى كل من يروم القيادة وتسنم المناصب الحكومية في الدولة.
لذا لا بد لنا أن نستنبط من تلك القصص الدروس والعبر التي تساعدنا على تخطي المشاكل التي وقع بها السابقون لنا، فتلك القصص هي موجهة لنا بدون أدنى شك لأن نأخذ منها العبر والدروس التي تشير في محصلتها أن الفاسدين والمفسدين عاقبتهم الزوال والعقاب في الدنيا والآخرة، و(أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) (الإنبياء: 105) وليس المفسدون الذين لا بد أن يتم افتضاح أمرهم ومعاقبتهم في الدنيا قبل الآخرة (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (النمل:227). وأن تكون عاقبتهم سيئة كخسران المكانة الإجتماعية والوظيفة المحترمة ونيلهم الإحتقار والرفض المجتمعي (وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) (الأعراف:86).
وقد يتصور البعض أن العقوبات الدنيوية التي كان الله ينزلها على المفسدين من الأمم السابقة لن تتكرر .. وأن عصر المعجزات قد انتهى، والجواب على ذلك أن العقوبات الإلهية للمفسدين هي سنة الله (ولن تجد لسنة الله تبديلا) (الأجزاب:62) لذا فإن ما جرى على الأمم السالفة قد يجري علينا، ولكن بصور وأشكال أخرى، ومن الأمثلة على العقوبات الإلهية في العصر الحديث هي تولي الطغاة على مقاليد الحكم، والمفسدين الذين ينهبون ثروات البلد، وكذلك الإنهيارات والأزمات الإقتصادية التي تعاني منها الدول الغربية في عالمنا الحالي تلك الدول ذات الإقتصادات والثروات الضخمة، وكذلك ازدياد الأمراض والمجاعات، والحروب الأهلية والدولية، والكوارث الطبيعية بمختلف أشكالها، ما هي إلا عقوبات إلهية الغاية منها تحذير الأمم والناس إلى ما هم عليه من فساد، وعدم قيامهم بالإصلاح (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات) (البقرة:155)، إذ إن الله لا يهلك قوماً (بظلم وأهلها مصلحون) (هود:117)، فإذا لم يكونوا مصلحين، فإن العذاب يشمل الجميع عدا من كان ينهى الفساد (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (الأعراف:165) والعكس صحيح إذا آمن الناس واتقوا وتمثلوا بقيم النزاهة، فإن الله وعد الأمة النزيهة بزيادة الخير والبركة (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف:96) أي أن البركات تنزل من السماء وتخرج من الأرض كالأمطار ومختلف المزروعات، ونحن نرى الآن في العراق في شتاء عام 2011-2012 شحة الأمطار بشكل مثير للإنتباه وما ترافق معه من تدهور الزراعة واعتماد البلد على الاستيراد في أبسط المنتوجات الغذائية، وكل ذلك حسب ما تبين من البحث سببه الفساد الذي إستشرى في جميع مفاصل الدولة.



#حسن_طبرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتاج الإبداعي في المؤسسات الحكومية
- الشعائر الحسينية .. قراءة نقدية
- الدم .. قراطية
- الإصلاح ومحاربة الفساد في الثورة الحسينية
- أشهد أن الرشوة حق
- طوبوغرافيا المجتمع وملامح السلوك الإنحرافي
- الفقر .. مفهومه وأنواعه
- وثيقة العهد الدولي .. وأزمة الديون العربية
- الأخلاق في نظر الأديان المختلفة
- حريق البنك المركزي .. من التالي؟
- الفساد .. سرطان يهدد مؤسساتنا التعليمية
- الفقر في العراق .. بين الأمس واليوم
- لتكن اهدافنا وطنية فعلاُ
- بلاد مابين النارين
- مجلس النواب العراق .. وأزمة الفساد


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسن طبرة - لمحات تربوية من قصص القرآن الكريم