أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ميثم الجنابي - هادي العلوي - شخصية إشكالية















المزيد.....

هادي العلوي - شخصية إشكالية


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 13:06
المحور: سيرة ذاتية
    


ان الموقف الذي ينأى بنفسه عن شروط الرؤية العلمية الدقيقة والأكاديمية الخالصة، يحتوي بحد ذاته أيضا على تقييم للشخصية ومصيرها وأثرها الواقعي والمحتمل. غير أن ذلك لا ينافي الحقيقة حالما يجري الحديث عن الشخصية المبدعة بمعايير الروح المعرفي ومعارف الروح، أي كل ما يشكل العصب المتوتر لوجدان الحق والحقيقة. من هنا سخافة بل ابتذال اغلب ما قيل عن هادي العلوي، بما في ذلك تلك الأوصاف التي حاولت أن تجعل منه "قديسا" خالصا. والقضية ليست فقط في أن هادي العلوي نفسه كان على الدوام ينأى بنفسه عن فكرة التقديس، بل ولأنه كان على الدوام شديد المقت للقداسة المزيفة،. إضافة إلى أن حقيقة الشخصية الكبيرة تقوم في جمعها كل مكونات الوجود وصهرها بما يتوافق ويستجيب للقوة الأكثر كمونا وظهورا فيه. تماما كما كان بعض المتصوفة يقول، بأنه عرف الله بجمعه بين الضدين. فالمطلق جامع لكل شيء.
والمثقف الكبير جامع لا سجاد فيه ولا ساجدين ولا سجود لغير الحقيقة والعمل بمعاييرها. وضمن هذا السياق يمكن النظر إلى التقييم الوارد في العبارة التي عادة ما يجري بها تصدير الموقف منها والتي تنسب إلى احد الفرنسيين (جاك بيرك) القائل بان "العلوي واحد من عشرة أهم مفكرين في العالم". فهو وصف يذكرنا بالعشرة المبشرين بالجنة. وليس مصادفة أن يصاب الوعي العادي والمؤدلج بالإغراء الساحر بهذا الرقم. لكن التقييم السليم للشخصية الكبيرة ينبغي أن يجري من خلال اختبارها التاريخي.
فثقافة الأرقام المعاصرة تختلف عن سابقاتها. ففيما مضى كان لها عمقها الفلسفي ومعناها الوجودي والكوني والعلمي والأخلاقي والسياسي. أما الآن فأنها في الأغلب جزء من تقاليد المزاد العلني والبيع والشراء، أي كل ما كان العلوي يرفضه رفضا قاطعا. كما أنها ثقافة غربية (أمريكية) بحتة، بوصفها جزء من تصنيع دعائي لا علاقة له بالحقيقة، بل بالمبيعات والدعم المالي، أي أنها في الأغلب جزء من تقاليد الربا اليهودية. كما أنها جزء من الثقافة الجماهيرية الحالية التي تستسهل الأمور وتقتنع باليسر مما يطفو على سطح العبارة. من هنا تساوي أفضل عشرة أو مائة من المغنيين والمثيرين جنسيا وأصحاب الملايين والسياسيين!
إن هذا التقييم المبتسر يفترض من المرء أن يكون ملما وعارفا بصورة عميقة ومحققة بكل كتابات المفكرين (المشهورين وغير المشهورين) في العالم. وهذا غير واقعي وغير ممكن. وبالتالي فأنها عبارة اقرب ما تكون الى كلمة يجري إطلاقها في وادي الشعراء. فالشخصيات الفكرية الكبرى لا تقاس بمقياس واحد. أما المقياس الكمي فانه لا قيمة له بالنسبة لإدراك حقيقة الشخصية الفكرية وإبداعها النظري والعلمي. وذلك لما في هذا التقييم من كوامن لا علاقة لها بالحقيقة والأثر الفعلي للشخصية وآثارها المستقبلية. وبالتالي، ليس الإعجاب بهذا التقييم المبتسر سوى الوجه الآخر للاستلاب الثقافي. بعبارة أخرى انه نتاج الاستلاب الثقافي وقيم الأحكام الأجنبية. بينما حقيقة وقيمة العلوي من نوع آخر. إضافة إلى ما فيه من تحنيط للعلوي، بوصفها شخصية إشكالية من وجهة نظر المعرفة والمنهج والقيم. وقد يكون السؤال حول ماهية العلوي وفكره وتفكيره من بين أكثرها إثارة للالتباس، أي فيما إذا كان العلوي مفكرا وصاحب منظمة فكرية، وضمن أي سياق ينبغي تحديد إبداعه النظري والعملي.
ففيما يخص الجانب المتعلق بماهيته وفيما إذ كان صاحب منظومة فكرية يمكن القول، بأنه ليس هناك من كلمة إشكالية أكثر من هذه الكلمة كما نعثر عليها في تقييم الشخصيات المنتشر في الصحافة والدعاية العربية المعاصرة. وإشكالاتها تقوم في أنها تخلط بين ترجمة سيئة من اللغات الأوربية وجذر عربي لا يناسبها. من هنا إثارتها للالتباس. لهذا من الضروري إرجاع الكلمة الى جذرها من اجل حدها وإدراك حقيقتها. عندها فقط يمكن الإجابة على هذا السؤال. فالمفكر من يفكر. والجميع تفكر. لهذا فان الجميع مفكرون. لهذا كان يقال، بان الإنسان حيوان عاقل مفكر. وفي الثقافة العربية الإسلامية الكبرى لم يطلقوا كلمة مفكر على أي مستوى أو شكل أو مجال للإشارة إلى مهنة أو فن أو احتراف. لهذا أطلقوا كلمات المتكلم والفقيه والأصولي والفيلسوف والشاعر والأديب على الاختصاصات. وكلمات الإمام والشيخ أو ألقاب مثيرة مثل يتيم دهره ودرة عصره وفحل الفحول والشيخ الأكبر وما شابه ذلك. ولا تطلق هذه الكلمات والألقاب إلا على من يبلغ إبداعه ذروة هائلة. أما الصيغة الشائعة من استعمال كلمة "المفكر" التي ترتقي الى مصاف الشيخ والإمام، فإنها تشير في الأغلب الى جهل بمضمون الكلمات بل وانعدام الإدراك بحدها وحقيقتها. وهذا إفراط لا أسخف منه في الصحافة العربية الحديثة والمعاصرة.
بعبارة أخرى، إذا كان المراد بالمفكر هو الإمام أو صاحب مدرسة، فانه لا يمكن إطلاقه على هادي العلوي. بل لا يمكن إطلاقه إلا على أشخاص لا يتعدون عدد الأصابع في مجرى القرنين الأخيرين من تاريخ العرب. ومن يطلق عليهم كلمة "مفكر" في العرف الصحفي الحالي تشبه حالتهم حال الشخص الذي أراد الدخول على قيصر وهو يصرخ قائلا بأنه فيلسوف ويريد لقاء القيصر. وعندما سألوه: وكيف تثبت ذلك؟ فأجابهم:" ألا ترون لحيتي"! عندها قالوا له: نعم! نرى لحية ولكننا لا نرى فيلسوفا! وعندنا أيضا "مفكرون" بلا فكر ولا منظومة! أما بالنسبة لهادي العلوي، فان كلمة المفكر لا تضيف له شيئا، كما أن انعدامها لا يقلل مما فيه. وينطبق هذا الموقف على ما إذا كان صاحب منظومة فكرية أو مشروع فكري أم لا. وذلك لان كلمة المشروع من الناحية اللغوية تشير الى ما جرى ويجري التخطيط لتنفيذه. وضمن هذا السياق لا يمكن الحديث عن مشروع متكامل عند أي كان. وحالما يجري تجسيد أو تنفيذ المشروع في بنية متكاملة (نظرية أو عملية) عندها يمكن الحديث عن تجسيد أو تحقيق مشروع ما معين. وبما انه لا توجد عند هادي العلوي منظومة فكرية مستقلة ومتكاملة لهذا لا يمكننا الحديث عن مشروع متكامل. مع أن ذلك لا ينفي إمكانية وجوده على مستوى الخيال الشخصي.
أن المشروع الفكري المتكامل يفترض وجود منظومة فلسفية متكاملة وجديدة من حيث المنهج والأسلوب والتأسيس والبراهين والأدلة والشواهد. إذ تظهر المشاريع الفكرية وتنمو بالارتباط مع نمو الشخصية وتجاربها ومعاناتها النظرية والعملية. وبالنسبة لهادي العلوي فقد نشأ وتربى تربية دينية تقليدية، ثم أصبح شيوعيا وماويا ومشاعيا وصوفيا. واحتوت المرحلة "الصوفية" في أعماقها على يأس وقنوط من تجارب الشيوعية. لكنه ظل معجبا بالماوية (وقد يكون ذلك بسبب طابعها الفلاحي البسيط ومن ثم استجابتها من الناحية الأخلاقية للنفس التقليدية التي ظلت كامنة وقوية في شخصية وأخلاق العلوي). فحتى الماركسية، رغم طابعها النقدي الذي استثار محبة العلوي، كانت من حيث الجوهر والمنهج والأسلوب أيديولوجية تقليدية. وقد يفسر ذلك سبب إعجابه بالماركسية. بمعنى أنها كانت تستجيب لشخصيته النقدية والتقليدية بقدر واحد. وهو أمر جلي في مواقفه وقيمه وحياته الشخصية ورؤيته العملية. من هنا تناقضاتها الحادة التي ينبغي مع ذلك النظر إليها باعتبارها كلا واحدا. وقد يكون ذلك احد أسباب ضعف أو انعدام المشروع الفكري المستقل عند العلوي. بعبارة أخرى، لا توجد عند هادي العلوي منظومة فكرة ثابتة وواضحة المعالم والحدود والمنهج. وكل ما كتبه وتركه لنا هو مجموعة أبحاث ومواقف متنوعة ومختلفة. والجامع لها هو روح التمرد والعصيان والنزعة النقدية.
***






#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هادي العلوي –بقايا أبدية!
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (6-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (5-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (4-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (3-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (2-6)
- الظاهرة الإسلامية في روسيا (1-6)
- الهاشمي أم الهامشي ومعضلة النخبة السياسية في العراق المعاصر
- (وصية) بليخانوف الأخيرة، أم آخر اختراعات -التكنولوجيا القذرة ...
- الفكرة الإصلاحية في (رسالة التوحيد) للشيخ محمد عبده
- شخصية ومصير - الهجويري
- التوتاليتارية وإشكالية الحرية والنظام في العراق
- التوتاليتارية والراديكالية (البعثية- الصدامية) - أيديولوجية ...
- التوتاليتارية – أيديولوجية الطريق المسدود
- نبوة المختار – قدر التاريخ وقدرة الروح!
- السياسة والروح في شخصية المختار الثقفي
- العقيدة السياسية لفكرة الثأر الشامل في العراق (الماضي والحاض ...
- فردانية المعرفة الصوفية ووحدانية العارف
- كلمة الروح وروح الكلمة في الابداع الصوفي
- النادرة الصوفية


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ميثم الجنابي - هادي العلوي - شخصية إشكالية