أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نايف حسين الحلبي - الشمعة والليل















المزيد.....

الشمعة والليل


نايف حسين الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3608 - 2012 / 1 / 15 - 23:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشمعة والليل

استيقظت من نومي الساعة الواحدة ليلا وقمت بمراجعة ما قد كتبته بالسابق ولم تمضي دقائق قليلة حتى انقطع التيار الكهربائي وأصبحت الدنيا كلها حالكة السواد من حولي وبت أتلمس مكان توضع قدمي.
فتحت باب الغرفة علني أرى بصيصا من النور بالخارج ولكن ما رأيته لم يكن سوى ضباب كثيف وظلمة حالكة وجو ماطر ذكرني بأيام الشتاء القاسية في طفولتي.

أمسكت الورقة والقلم بعد أن أشعلت الشمعة التي لم امتلك غيرها ألان، علها تنقلني لشيء من الهدوء والسكينة والتعايش مع الحالة الراهنة، وبعض الأفكار التي تتقاذفني بأكثر من اتجاه.
انقطاع الكهرباء لم يكن غريبا علي لأنني عشت طفولتي حتى المرحلة الثانوية والكهرباء لم تصل لقريتي بعد، كنا نعتمد في البيت مع كل أفراد الأسرة على مصباح صغير "يسمى الكاز" أما "اللوكس" فهو للاستخدامات النادرة والخاصة بالضيوف..
وكنت اشعر حينها بأن الحياة لها نكهة جميلة، ولم يكن ذلك سيئا وتعايشت مع الوضع، وعندما نخرج خارج المنزل كنا نستعمل " البيل" ذات البطاريات وهكذا سارت بنا الأيام بتسارع الى كل ما توصل إليه العالم من تقدم وتكنولوجيا في ثورة الكهرباء والمعلومات.

كل ما أتمناه ألان أن تظل الشمعة مشتعلة لبعض الوقت لأتلمس مواضع كتاباتي وقلمي، ورحت انظر للشمعة بين الفينة والأخرى بتعجب محدثا نفسي ترى ما سر هذا النور وهذا الاكتشاف العظيم للإنسان؟
وأتأمل الشعلة التي تخرج منها بتعجب ممعنا النظر إليها حتى خيل إلي أن اللهب يتناغم مع نظراتي ويتراقص معها.

أشعل سيجارة بين الفينة والأخرى وأنا أتأمل الدخان المنبعث منها أمام لهب شمعتي تلك والتي كنت أراقبها بمحبة وأقدم احترامي لهذه الشعلة التي تضيء المكان وتنير عتمتي...

إنني تعودت على الهدوء والصمت والجلسات التي أتناغم بها مع الطبيعة وسكناتها وصمتها وحتى غضبها.
الفراشات تعشق النور للدرجة التي تجعلها تقترب منها بطريقة قد نراها غبية تؤدي لإحراقها وقلت بنفسي الم تدرك تلك الفراشات بأن النار محرقة؟
وكيف لم تتعلم ولم تكتمل معرفتها ولم تستدل بغريزتها وتطور نفسها للدرجة التي تتعرف بها على مكامن الخطر؟
أم إن عشقها للنور جعلها تموت من اجله؟

وتساءلت ما سر هذا الضوء المنبعث من الشمعة؟
وكيف له أن يطرد الظلام من المكان الذي يحيط به؟
وقلت لو أن الإنسان لم يكتشف هذا الانجاز العظيم كيف ستكون حياتنا ألان وكيف نعيش ونتحرك بعد أن تغرب الشمس؟

وما هذه التطورات المذهلة في الحقل التكنولوجي خلال السنوات الخمسين الماضية الذي لم يصل إليها الإنسان من قبل عبر آلاف السنين بل عبر ملايين السنين وكم نحن محظوظين ألان من خلال استثمارنا واستغلالنا لتلك المنجزات في تطور العديد من العلوم وتفتح العقل البشر ي على أسرار الكون وتسخير الطبيعة لخدمة الإنسان!!!

فقد تفتحت أعيننا وتكحلت بكل هذه التطورات التي نشهدها الأن من ثورة الاتصالات وثورة المعلومات وعالم الانترنت ومراكز البحث مثل غوغل و" اليوتيوب"وغيرها التي تنقلك وتوصلك للعالم الذي تريده خلال ثوان وتجد كل ما تبحث عنه وعبر جهاز الكمبيوتر المتنقل لتجد أن العالم كله بين يديك ويقبع خلف هذه الخطوط التي توصلك بما تريد بمجرد الضغط على مراكز البحث ليوصلك بالصوت والصورة وتستمع وتشاهد محاضرات لأناس قد غادروا هذه الحياة وكأنك تعيش معهم الآن وتستفيد من خبراتهم وثقافتهم.

وتساءلت لماذا كان الإنسان القديم يقدس الشمس ويقدس النار..ألا يقبع وراء ذلك سر عظيم؟
ومع أن اكتشاف النار شيئا ابهر الإنسان في حينه إلا انه مع ذلك لم يستطع حل هذا اللغز في حينها فراح يعبد النار والشمس ويقدم لها القرابين ورأى بها سرا من أسرار الدنيا كلها ولم يستطع فهمه وإدراكه واستيعابه فذهب إلى تقديسها وتبجيلها.

ولكن هل كان ذلك لتصور ما في عقله ومستوى وعيه وإدراكه لم يكتمل بعد؟

أم أن هناك حقيقة ما وراء ذلك وسر عجزنا عن سبر أغواره وترفعنا عن الحديث عنه لاصطدامه بمعتقداتنا التي تم تشفير دماغنا بها وأصبحنا نتخذها معيار لروائز الفكر.

وما سر هذا الوعي المتطور عند الإنسان اليوم في القرن الواحد والعشرين؟
في ركونه لقواعد العلم والمنطق في شتى المجالات التي أضفت على تفكيره أسسا وقواعد متينة للانطلاق بها.

البرد راح ينخر عظامي وقدامي تسمرتا من البرد. انقطاع التيار الكهربائي حرمني من المدفئة الكهربائية والشمعة بدأت تتلاشى وفي لحظاتها الأخيرة وساد المكان صمت مطبق.
ورحت مكابرا: لا أريد أن اخلد للنوم ومحدثا نفسي: لو ذهبت هذه الحضارة كلها وهذه التكنولوجيا التي بين أيدينا ألان كيف سيكون مصير الجنس البشري؟
أم أن هذا تحصيل حاصل سوف نراه فيما بعد!!
وهل لهذه الحضارة عمر مثل عمر الإنسان يبدأ بمرحلة الطفولة ثم الشباب ثم الشيخوخة ومن ثم الموت؟
وهل ينطبق هذا على الأرض وعلى السماء؟
وهل يمر ذلك وفق سنن كونية فيتحول الشيء من عنصر إلى أخر بخلق جديد لم ندركه ألان، ولم نستطع تلمسه والتأكد منه فرحنا نطلق أفكارا ما ورائية عن الحياة والموت والعوالم الأخرى وربما يكون هذا بعيداً عن المنطق العقلي الذي نعرفه والذي توصلنا إليه حتى تاريخه.

وهل سنشهد يوما تقنية ما تعيد الزمن بنا للوراء لنرى ونشاهد بأم أعيننا ما حدث بالماضي أو ما سيحدث بالمستقبل؟

وعود على بدء فلو تفكرنا قليلا بالمعتقدات والعبادات التي كانت سائدة في القدم والطقوس التي نمارسها اليوم سنعرف إن كل شيء متغير ومتبدل ولكن مع هذا نقنع أنفسنا بأننا نمتلك الحقيقة كل الحقيقة فيما نحمله من معتقدات معتقدين انها صالحة لكل زمان ومكان، بينما هذا ما هو إلا وهما نتوهم.

وسنشهد فيما بعد تحولات لا محالة في طريقة فهمنا للأشياء وللطبيعة وللطقوس والعبادات وللإله الواحد.
كل يعيب على الأخر معتقده واصفا إياه بالغباء والجهل والأوصاف النابية والكفر
دون أن نوجه إلى أنفسنا سؤال يقول:
هل نحن بأحسن حال منهم ألان؟

إن تطور الإنسان والعالم من حوله مرتبط بتطور أفكاره، وبتطور أفكاره يتطور معتقده، فمن خلال العلم وانتشار المدارس الروحية في العالم والمناخ الروحي السائد وفسحة الديمقراطيات والحريات بالعالم، بدأ يتغير ويتطور مفهوم الإله عندنا حيث أصبحنا نسمع أصوات قوية تؤكد أن الإله يقبع بداخل كل واحد منا في فكره وعقله... كلٌ يراه بالطريقة التي يفكر هو بها....

فمنهم من يراه في السماء، ومنهم من يرى تجلياته على الأرض، ومنهم من يراه بالشمس، ومنهم من يراه في النار المتقدة، ومنهم من أخرجه من خارطته

الشخصية، والأصل أن لا احد يعيب على الأخر فهمه ومعتقده وأفكاره. وان كنا نجد اليوم شيئا من التناحر بين أصحاب الأفكار والمعتقدات، فإن هذا التناحر ليس جديدا عل العالم، بل ربما كان صورة مصغرة عن تعدد الآلهة في العصور الغابرة التي كانت تحارب بعضها البعض، وينتصر بعضها على الأخر كما في الأساطير اليونانية القديمة، وهكذا الصورة تتكرر ألان بكل أوجهها والمشهد يتكرر ولكن بطريقة أكثر حداثة وأكثر عقلانية .

قدمت امتناني للشمعة على ما قدمته لي من إسداء خدمة كبيرة.
كما قمت بالشكر والامتنان الكبير للذين ساهموا في اكتشاف الكهرباء والذي عم خيرها ليطال كل البشرية دون أن أنسى ان اشكر تلك ألشمعه التي لولاها لما فاضت قريحتي، وفتحت مغاليق الأفكار لدي وجعلتني مستمتعا بالرغم من الظلمة وأدركت هنا كيف يمكن للإنسان أن يحول الظلمة إلى نور
وتوقفت عند هذا الحد من الكتابة متيقنا بأن ما أقوم بكتابته ألان سيكون له تجلياته في المستقبل وستتعرف البشرية على علوم متطورة لم تخطر لنا على بال، وسيكون لها اثر بالغ على كل المستويات والعقائد الفكرية والدينية والعقلية وسنرى عالما مختلفا كثيرا عما نعرفه وعما نعتقده...



#نايف_حسين_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم كنانة
- الكتابة - وجهتي الاولى بيروت
- اخاف ان تخضعني لتجربتك
- لحظة ملل
- جلسة على شاطئ بنيدر


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نايف حسين الحلبي - الشمعة والليل