|
قصة قصيرة :القمر وشامات ليلى
حسين سليم
(Hussain Saleem)
الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 11:23
المحور:
الادب والفن
ينعكس ضوء القمر على وجه حبيبتي ، فتبدو الشامة التي على خدها، أكثر توهجا، تثيرني ، فانجذب إليها واهيم في سحرها. كنت أقبلها عشر مرّات، وليلى تضحك قائلة: كُفّ عنّي ! ألا تكفيك واحدة ! ....... حدّ الثمالة ، أتيهُ في سحر شامات حبيبتي ، قول شاعر. لكن ( ميشيل) تقول: انت مجنون ! وانا أعدُّ الشامات على جسدها،... أريد أن أقبّل كل شامة عشر مرّات وأضاعف القبل مع الكبيرات منهنّ . بحثتُ عن مكنونات الشامات ودلالات مواقعها ومعانيها على الجسم . قال المغني : أنا اشتري بالروح شامة خدها . تثيرني الشامة ، في الوجه ، أو تحت الشفة ، أو خلف الرقبة ،فاحنُّ الى ليلى. سمعت في العاشرة من عمري ، من كبار السن " إن القمر صديق العشاق " لم أعر الموضوع أهمية ، ربّما لأني صغير ، ولم يحنْ بعد " جنون الحب " كما يسميه البعض في محلتنا القديمة ، (بغداد) . ومع الزمن وتقادم السنين عرفت ، كيف يكون القمر صديق العاشقين ، في لياليهم الطويلة ، خازنا لأسرارهم ، لهفاتهم ، مناجاتهم .وعرفت أكثر في الغربة أن الحَمام والنجوم تشاطر القمر أسرارهم ،... بيّنَ العلم : الوانها مختلفة بين الاحمر الفاتح والاسود الغامق ، ولبعضها ذؤبات قد تكون سرطانية وللبعض منها تظهر شعيرات في وسطها .
..القمر اقرب الأصدقاء إليّ، يطلّ عليّ ، أينما أقمت في المنفى ، وحده يسال عني ، في السراء والضراء، يجتاز البلدان والقارات، لا تمنعه حدود. أحدّثه ويحدّثني ، في ليال الغربة ، ينقل إليّ أخبار الأهل ، فأرى صورهم على محياه . قال لي: " وحدك في هذا الليل يا غريب !" كنت اجلس في شرفة الشقة الصغيرة هنا في مدينة (فينكس) ولاية ( أريزونا )، حين أطلّ بدرا ، أدخن ، وعيناي تبحثان عن حركة الحياة في البنايات المقابلة لشقتي، والحدائق المتناثرة أمامها . أجبت :" لم يطرق النوم بابي ، ولا أنا ذهبت إليه ." " ما السبب ؟" " لا صوت يكسر وحدتي، احدث نفسي كمجنون " "والناس؟" "الناس نوعان يا قمر :ناس اعرفهم ويعرفونني، لا وقت لديهم ، وناس يخشون الغريب " تلألأت البؤر السوداء فيه ، كدمعات أسى ، تخيلتها شامات ليلى. " بعض الشامات اورام سرطانية ،" قال بَعْض أهل الطب واضاف " تتغير احجامها ، الوانها ، والبعض منها تحدث حكة ، وقد تنزف دما ، ومن علامات الاورام قد تظهر شامات بعد سن العشرين "
وحدّثته كما حدّثني ، حديث العاشق إلى العاشق . " فعلت كل شيء يا قمر. طيفها يطاردني في الصحوة والنوم ." "جرب ان تنسى ." قلت:" حاولت مرّات يا قمر، لكن دون جدوى." عشرون سنة ، وأنا أحاول أن أحافظ على ما تبقى من تقاسيم وجهها وجسمها في ذاكرتي. انتظرت وصبرت سنين طوال ، لكن ليس هناك أمل ، سوى الألم . قلبي يتحّرق شوقا لرؤيتها ، وعيناي لا ترى غيرها ، فاحنُّ إليها .أتخيلها فأرى صورتها على وجه القمر . هل تزوجت ؟ كم طفلا لديها ؟ ما اعمارهم ؟ هل هي حيّة وقد نجت من كل المصائب والكوارث التي حلت بأهلنا هناك ؟ .. تبادلنا القُبل على الشامات ، ونحن نشرح معانيها . قبَّلتُ الشامة التي تقع خلف رقبتها وقلت : إنَّها الحنان. وقبّلتْ هي شامتي على الشّفة وقالت : هي التسامح .مَضيتُ استكشف مفاتن الجسم بالبحث عن الشامات مع التّقبيل ، واحدة في الجانب الأيمن للشفة السفلى :مرحى ، وواحدة خلف رقبتها من الجانب الأيسر اكبر من الأولى هي للاثارة ، وثلاث صغيرات عند فكها الأيمن: انيقة ، وما بين النهدين واحدة كبيرة وأسفل منها اثنتان كبيرتان : قلت : حبيبي متقلب وكسول ومشاكس، ضحكت هي واردفت: شامتك على العين، تعني الصدق وصاحبها يحتاج حب الاخرين كي ينسى معاناته ، وسارعتُ اقبل واحدة على الثدي ، وانا اقول إنها الوفاء.وهناك عشرون شامة موزعة على الظهر: مرزوق صاحبها ، وعلى فردتي مؤخرتها ثلاث وفي القدم اثنتان : للهدوء والحاجة الى حياة متوازنة ، وأجمل ما في شاماتها شامتان على طرفي حديقتها حيث يسجد العاشق ، هي الشهوة. سألتُ عن ليلى، حين عدتُ الى (بغداد) قالت أمي : إنها ماتت بالسرطان قبل سنة ! لم اصدَّقْ ! بكيتُ .. تُرى هل شاماتها كانت من النوع السرطاني أم إن سرطانها نجَم عن القنابل المحرمة في الحرب ؟
#حسين_سليم (هاشتاغ)
Hussain_Saleem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قليل الكلام :التربية الوطنية والأجتماعية بدون حقوق !
-
قليل الكلام :عن السيادة الوطنية !
-
قليل الكلام :إعرفْ الديمقراطية تعرّف أهلها !
-
قليل الكلام :صحة الناس العامة !
-
قليل الكلام:الدولة المدنية الديمقراطية سمة التغيير
-
قليل الكلام : انعقاد قمة أم رفع زبالة !
-
قصة قصيرة / كِلاب ولكنْ !
-
قليل الكلام :للتيار الديمقراطي جريدته أيضا !
-
قليل الكلام:أسبوع للصحة العامة !
-
قليل الكلام:لا تنسوا الشمعة والوردة !
-
قليل الكلام:الأخلاق والصحة العامة
-
قليل الكلام: متى تعود البامية العراقية الى عراقيتها؟
-
صدق الناس يا عزت* !
-
صدق الناس يا عزت* !
-
قصة قصيرة / السّبحة
-
الشيوعي العراقي والانتخابات
-
حكاية عشق عراقية ▪
-
من وحي ثورة العشرين
-
تقاليد الحزب في الدولة !
-
امنيات في العام الجديد ( 1 )
المزيد.....
-
إعلامية لبنانية تتوعد المطربة أصالة بالسجن
-
موعد عرض “ولاد رزق 3” سينيما عيد الأضحى.. قائمة أفلام عيد ال
...
-
وكالة أنباء أميركية تفضح زيف الرواية الإسرائيلية لتبرير حرب
...
-
المؤسس عثمان ح161 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 161 مترجمة HD
...
-
ملحمة تاريخية… مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25 باللغة الع
...
-
الثقافة واليونسكو يؤكدان أهمية دعم القطاع الثقافي في فلسطين
...
-
الشعلة الأولمبية على السجادة الحمراء لمهرجان كان السينمائي
-
فستان الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت يثير جدلا في مهرجان كان
...
-
-عائدة-.. فيلم وثائقي يحقق حلم العودة إلى فلسطين
-
افتتاح متحف لأعمال الفنان بانكسى فى نيويورك
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|