|
جحا وساميلا : قصة قصيرة
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 08:55
المحور:
الادب والفن
سألت زوجة جحا ( اسمها ساميلا )الضيف: وماذا تشتغل يا..... قاطعها جحا وهو يقهقه ساخرا : ياغبية .. لن تفهمي .. حتى لوأخبرتك ماذا يشتغل ! انزعجت ساميلا منه كالعادة ، وشعرت بالخجل والإحراج أمام الضيف الجديد ، وأرادت أن تعيد الاعتبار لشخصها ، فردت : يعني أنت الذي يفهم يا أبو فهمي !؟ غريب .. هذه أول مرة تعترف فيها بأن ثمة من يفهم ( وهي تشير للضيف ) قطع الضيف حديثهما مجيبا على سؤالها وفضولها بالقول: يامدام ساميلا ... ردت ساميلا على الضيف بلهجة فوقية معاتبة وموضحة : آنسة من فضلك .. اندهش الضيف ، وانعكس الاندهاش والاستغراب في عينيه وهو ينظر إلى مضيفه جحا ، الذي سارع إلى تأنيب زوجته مستنكرا غباءها : أنت آنسة ياآنسة ساميلا ؟! ، وتعجب الضيف منهما ، وهو يسمع حوارهما . لاحظ جحا أن الضيف مرتبك ، وأراد أن يصلح الموقف بينما كانت ساميلا تعلق: آنسة غصبن عنك وعن اللي ... وقاطعها جحا : يا ... وقاطعته مؤكدة : يكفي .. لاأريد أن إفهم ، لاأسمح لأحد أن يسخر مني ورد جحا : أنت مدام .. يعني سيدة .. يعني ست .. يعني متزوجة ، والمتزوجة ينادونها : مدام . وعلقت : طيب ، لماذا لا أكون مدام وآنسة بنفس الوقت ؟ ماذا في ذلك ؟ جحا : سودت وجهي ياساميلا الهبلة .. قال : ( هبلة .. ومسكوها طبلة ) ساميلا : أنا ؟ أنا ... جحا : الان سيظن ضيفي الأستاذ زهير أنك حمارة .. ياسواد وجهك ياجحا المسطول زهير: العفو .. لا .. لن أظن ولم أظن .. بالعكس أنتما كلاكما عبقريان .. ورائعان ساميلا : زهير !؟ هل أنت زهير ابن أبو زهير؟ زهير : وكيف عرفت؟ جحا : ( في سره ) :" كنت أظن أنه أذكى مني " ، ولم يتمالك نفسه ، فقهقه ملء بطنه . واستغربت ساميلا والاستاذ زهير .. ورمقته ساميلا مستنكرة . فتوقف جحا عن الضحك بسرعة ملفتة ، وسأل مضيفه : هل أنت زهير ابن أم زهير ؟ وعاد ليغرق في الضحك حتى كاد ينقلب على ظهره . وصرخت به ساميلا : كفى ، عيب ، وعلق الضيف : ولكن كيف عرفتما بالله عليكما أنني ابن أبو وأم زهير ؟ ، وسألته ساميلا : - ولكن من هو أبو زهير ؟ ومن هي أم زهير ؟ ولم يتمالك جحا نفسه واستسلم للضحك وهو يتمتم : كنت أظن أنني غبي ، لكن زهير أغبى مني ، لو تبارينا بالغباء لخسرت المباراة . وبدت الدهشة واضحة على وجه الأستاذ زهير . وصاح جحا معلقا وموجها الكلام لساميلا : ياغبية ، أعرفك على ضيفي الأستاذ زهير ، وهل يعقل أن يكون الاستاذ زهير ابن أبو زهير أو أبن أم زهير ؟ إنه أستاذ .. أستاذ ، والأستاذ يعمل كاتب . انزعجت ساميلا من جحا ، وعلق الأستاذ : " بل أنا ابن أم زهير وأبو زهير " ، اندهش جحا ، وشمتت به ساميلا بنظرة ساخرة ، وأحس جحا بالإحراج ، وشتم نفسه بالقول:" ماأغباني " وتساءلت ساميلا مستغربة مستفسرة : كاتب ؟ ! أم أستاذ ؟ أجاب الرجل : أنا ... ، وقاطعته ساميلا : تعلم الأولاد؟ ، ونفى بهزة من رأسه ورفع حاجبيه ، واستطردت وفي عينيها توجس :" الآن عرفت ، أنت مخبر ، كاتب تقارير تريد أن تتجسس علينا ، وأن تسمع ماتحت لساننا ، كان غيرك أشطر ، رح إلعب غيرها " ، وتدخل جحا : " ياساميلا ، الأستاذ زهير كاتب صحفي محترم ، في جريدة الليل ، " ، وسألت ساميلا : " جريدة الليل ؟ هل تصدر في الليل ؟ غريب ! " وأجابها الأستاذ :" إنه اسم الجريدة ، وأنا أعمل فيها " ، وسألته ساميلا : " ماهي قهوتك ؟ " ، ونهض الرجل معتذرا : آسف ، قهوتكم مشروبة ، لقد تأخرت ، تشرفت بمعرفتكما . وتدخل جحا ، بعد أن نهض ليمنعه من المغادرة ، وقال وهو يمسك بتلابيبه : " لا والله ماحزرت ، لن أدعك تخرج قبل أن نتعرف على بعضنا ، وتخبرني ماذا كنت تريد مني " ، وأجلس جحا الأستاذ عنوة ، دفشه دفشا ، وطلب من ساميلا أن تحضر القهوة المرة للضيف ، واندهشت ساميلا مما رأت وسمعت ، ومضت إلى المطبخ لإعداد القهوة ، وبقي الضيف وجحا معا وحدهما ، فسأله الأستاذ زهير : خيرا ، ماذا تريد مني ؟ ، وأجاب جحا : أنا ؟ من قال إنني أريد منك شيئا ؟ ، بل أنت ماذا تريد مني ؟ ، وأجابه الأستاذ : أنا ؟ معاذ الله أن أريد منك شيئا ، وكيف أريد شيئا ممن تعرفت عليه للتو ؟ ، وعلق جحا : " طيب .. مارأيك أن تتوسط لي لأعمل عندكم بجريدة الليل ؟ ورد الأستاذ : لم لا .. يسرني ويشرفني أن تعمل معي في الصحافة ، ولكن أي نوع من العمل الصحفي تحبذ؟ وسارع جحا قائلا : رئيس التحرير .. مارأيك ؟ ارتبك الأستاذ وامتعض ، وبلع ريقه ، وتردد ، ثم جزم قائلا : مستحيل ، مستحيل .. ورد عليه جحا : إذن لماذا تشرب القهوة عندي ؟ هل تريد رشوة كبيرة ؟ ، وصاح الأستاذ وهو ينهض خائفا : مستحيل .. مستحيل ، وصاح به جحا : أتهزأ مني ؟ ألست قد المقام ؟ والرجل الضيف يتلفت خائفا ، ويتلمس طريقه للخروج ، ويقول في نفسه :" ماهذه البلوة التي ابتليت بها ؟ علي بالهروب ، يجب أن أنفد بجلدي من هؤلاء المجانين " وتابع بصوت مرتفع : مستحيل .. مجنون .. مجنون .. وفتح الباب ، ولحق به جحا ممسكا بياقته ، ويكيل له الصفعات على رقبته ، ويكيل له الشتائم : من المجنون ؟ أنا؟ معك حق .. أنا مجنون لأنني تكلمت معك ، وأدخلتك بيتي ، أيها المجنون المعتوه الذي لاأعرف ما اسمه .. ولا ابن من ؟ وسارعت الزوجة بالقهوة ، وسقطت الصينية من بين يديها وهي حائرة بما حصل ويحصل أما عينيها ، وهرعت إلى الباب ، حيث الرجل وجحا يتعاركان ويتشاجران ويتلاسنان ، فيما كان جمع متزايد من الجيران قد حضروا ليفهمو ا المشكلة ، وليخلصوا الرجل الزائر من بين يدي جحا ، الذي كان يصيح ، ويطلق من فمه كلمات وعبارات من الصعب تمييزها ، فيما كانت ساميلا تشده وتجذبه من ياقته من الخلف ، لتبعده عن الرجل ، وتدخله البيت ، وهو ثائر غاضب مزبد لاهث ، وأغلقت الباب في وجه الصخب والجلبة وعاصفة التساؤلات المزعجة التي لاتنتهي . وجلس جحا ، وجلست ساميلا إلى جواره تهدئه وهي تقول له : كم مرة قلت لك : لاتحط عقلك بعقل الأغبياء !
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سأعود إليك : شعر نثري
-
أوكازيون: روسيا تبيع سوريا
-
الإخوان المسلمين وفوبيا الإسلام السياسي في سوريا
-
قصئد غزلية قصيرة : شعر نثري
-
الصورة والاشتعال:شعر نثري
-
قصائد غزلية قصيرة (3)
-
الشعر والناس
-
سوريا وروسيا : تحالف غير مقدس
-
قصائد غزلية قصيرة :(2)
-
قصائد غزلية قصيرة
-
من قصائد الثورة (9)
-
العبور من ثقب الإبرة : قصة قصيرة
-
بوادر حرب عالمية
-
من عينيك : شعر نثري
-
حول البرنامج السياسي للمجلس الوطني السوري
-
من قصائد الثورة (8)
-
الدنس : شعر نثري
-
آية الحب : شعر نثري
-
الشغف: شعر نثري
-
سقوط الخط العروبي الشوفيني الشمولي
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|