رضا السمين
الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 12:51
المحور:
الادب والفن
" سيّدي، لقد انتصرنا "
قبل أن يغمّنا الدخان سألتني سميرة عن مصر، قلتُ هي أرض الكنانة يحيا فيها الحُبّ وتقام الصلاة، ثم أخرجت منظارا أهداه لي قاصّ الأثر م.ر.ر، وكانت حكمته المعلّقة أنّك إذا نظرت فيه فإنك ترى...
النيران مشتعلة... وسُحب الدّخان الأسود تتعالى من كل جهة، بيوت وعمائر تحترق، جثث تفحّمت، لعثمة رأس مقطوعة هنا، مدنيّ ممزّق الأطراف هناك، مدارس مدمّرة تحوّلت إلى ركام وخراب، صِغار شوّهت أجسامهم، امرأة تسحل وقد مزّق عباءتها "جفيس" طحنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أشلاء عمّال مقطّعة وحرفيّين وفلاحين وموظفين ومدرّسين ومثقفين وفنّانين ومعطلين عن العمل ومهشمين، بشاعة قتل تصهر الإنسان وتبخره في الهواء أو تصيبه بحروق عالية، غبار يترسّب بصدر الإنسان فتنهشه الأمراض السرطانية والأورام ثمّ تبقى في خلاياه يرثها مَن يأتي بعده... مباني متهدمة تقتل ضحكات الطفولة، وصداقات الطفولة، وأحلام الطفولة... مدينة لا حول لها تختنق بدخان المتفجرات وروائح لشوى البشر، بِرك دماء وذباب، بقايا صناديق الاقتراع وسط الدخان، سيارات إسعاف مفحّمة، قطط وكلاب مبقورة البطون في كل مكان... وسط هذا الدمار والأنقاض، هناك شيء يتحرّك، إنّه الشاب حواشي، مصاب بجرح بالغ، يزحف باحثا عن شيء، تصطدم رأسه بساق مبتورة، ثم تعترضه جثة غريبة المنظر، وأخرى متعفّنة، وفجأة يسمع أنينا، يعضّ على فمه ويدفع جسمه بكلّ ما بقي من قوّة، يجد ضابطا يحتضر، ما زالت رموز رتبته ظاهرة على زيّه العسكريّ المغطى بالتراب، ينحني الشاب فوقه، يؤدّي التحية العسكرية ويقول : " سيدي، لقد انتصرنا ".
زفرت مصر : " انتصارا آخر كهذا وتكون الكارثة ! "
صرخت في وجه الإخوان : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا... ولا تركنوا إلى الذين ظلموا... ولا تركنوا إلى الذين ظلموا... آلوووووووووو
#رضا_السمين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟