أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لينة محمد - شهادة الطبيبة نصف شهادة الطبيب















المزيد.....



شهادة الطبيبة نصف شهادة الطبيب


لينة محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 15:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الآية الكريمة التي تتناول موضوع الدين :
‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏(282)البقرة
وسوف اذكر أكثر من تفسير للآية الكريمة كما يلي :
الجلالين :

282 - (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم) تعاملتم (بدين) كسلم وقرض (إلى أجل مسمى) معلوم (فاكتبوه) استيثاقا ودفعا للنزاع (وليكتب) كتاب الدين (بينكم كاتب بالعدل) بالحق في كتابته لا يزيد في المال والأجل ولا ينقص (ولا يأب) يمتنع (كاتب) من (أن يكتب) إذ دعي إليها (كما علمه الله) أي فضله بالكتابة فلا يبخل بها ، والكاف متعلقة بأب (فليكتب) تأكيد (وليُملل) يمل الكاتب (الذي عليه الحق) الدين لأنه المشهود عليه فيقر ليعلم ما عليه (وليتق الله ربه) في إملائه (ولا يبخس) ينقص (منه) أي الحق (شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها) مبذراً (أو ضعيفا) عن الإملاء لصغر أو كبر (أو لا يستطيع أن يمل هو) لخرس أو جهل باللغة أو نحو ذلك (فليملل وليه) متولي أمره من والد ووصي وقيم ومترجم (بالعدل واستشهدوا) أشهدوا على الدين (شهيدين) شاهدين (من رجالكم) أي بالغي المسلمين الأحرار (فإن لم يكونا) أي الشهيدان (رجلين فرجل وامرأتان) يشهدون (ممن ترضون من الشهداء) لدينه وعدالته وتعدد النساء لأجل (أن تضل) تنسى (إحداهما) الشهادة لنقص عقلهن وضبطهن (فتذكِّر) بالتخفيف والتشديد (إحداهما) الذاكرة (الأخرى) الناسية ، وجملة الإذكار محل العلة أي لتذكر إن ضلت ودخلت على الضلال لأنه سببه وفي قراءة بكسر {إن} شرطية ورفع تذكر استئناف جوابه (ولا يأب الشهداء إذا ما) زائدة (دعوا) إلى تحمل الشهادة وأدائها (ولا تسأموا) تملوا من (أن تكتبوه) أي ما شهدتم عليه من الحق لكثرة وقوع ذلك (صغيرا) كان (أو كبيرا) قليلا أو كثيرا (إلى أجله) وقت حلوله حال من الهاء في تكتبوه (ذلكم) أي الكتب (أقسط) أعدل (عند الله وأقوم للشهادة) أي أعون على إقامتها لأنه يذكرها (وأدنى) أقرب إلى (أ) ن (لا ترتابوا) تشكوا في قدر الحق والأجل (إلا أن تكون) تقع (تجارةٌ حاضرةٌ) وفي قراءة بالنصب فتكون ناقصة واسمها ضمير التجارة (تديرونها بينكم) أي تقبضونها ولا أجل فيها (فليس عليكم جناح) في (أ) ن (لا تكتبوها) والمراد بها المتجر فيه (وأشهدوا إذا تبايعتم) عليه فإنه أدفع للاختلاف وهذا وما قبله أمر ندب (ولا يضار كاتب ولا شهيد) صاحب الحق ومن عليه بتحريف أو امتناع من الشهادة أو الكتابة ولا يضرهما صاحب الحق بتكليفهما ما لا يليق في الكتابة والشهادة (وإن تفعلوا) ما نهيتم عنه (فإنه فسوق) خروج عن الطاعة لا حق (بكم واتقوا الله) في أمره ونهيه (ويعلمكم الله) مصالح أموركم حال مقدرة أو مستأنف (والله بكل شيء عليم)
________________________________________

ابن كثير:

فقوله "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد فيها وقد نبه على هذا في آخر الآية حيث قال "ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى أن لا ترتابوا" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" قال أنزلت في السلم إلى أجل معلوم وقال قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه ثم قرأ "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى".

رواه البخاري وثبت في الصحيحين من رواية سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس.

قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم" وقوله "فاكتبوه" أمر منه تعالى بالكتابة للتوثقة والحفظ فإن قيل فقد ثبت في الصحيحين عن عبدا لله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" فما الجمع بينه وبين الأمر بالكتابة فالجواب أن الدين من حيث هو غير مفتقر إلى كتابة أصلا لأن كتاب الله قد سهل الله ويسر حفظه على الناس والسنن أيضا محفوظة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي أمر الله بكتابته إنما هو أشياء جزئية تقع بين الناس فأمروا أمر إرشاد لا أمر إيجاب كما ذهب إليه بعضهم قال ابن جريج من ادان فليكتب ومن ابتاع فليشهد وقال قتادة ذكر لنا أن أبا سليمان المرعشي كان رجلا صحب كعبا فقال ذات يوم لأصحابه هل تعلمون مظلوما دعا ربه فلم يستجب له؟ فقالوا وكيف يكون ذلك؟ قال رجل باع بيعا إلى أجل فلم يشهد ولم يكتب فلما حل ماله جحده صاحبه فدعا ربه فلم يستجب له لأنه قد عصى ربه.

وقال أبو سعيد والشعبي والربيع بن أنس والحسن وابن جريج وابن زيد وغيرهم كان ذلك واجبا ثم نسخ بقوله"فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته" والدليل على ذلك أيضا الحديث الذي حكي عن شرع من قبلنا مقررا في شرعنا ولم ينكر عدم الكتابة والإشهاد قال الإمام أحمد حدثنا يونس بن محمد حدثنا ليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بشهداء أشهدهم قال كفى بالله شهيدا قال ائتني بكفيل قال كفى بالله كفيلا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها ثم زجج موضعها ثم أتى بها البحر ثم قال اللهم إنك قد علمت أني استسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا فرضي بذلك وسألني شهيدا فقلت كفى بالله شهيدا فرضي بذلك وإنى قد جهدت أن أجد مركبا أبعث بها إليه بالذي أعطاني فلم أجد مركبا وإني استودعتها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يطلب مركبا إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا تجيئه بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما كسرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار وقال: والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه.

قال هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال ألم أخبرك أني لم أجد مركبا قبل هذا الذي جئت فيه؟ قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة فانصرف بألفك راشدا.

وهذا إسناد صحيح وقد رواه البخاري في سبعة مواضع من طرق صحيحة معلقا بصيغة الجزم فقال: وقال الليث بن سعيد فذكره ويقال إنه رواه في بعضها عن عبدا لله بن صالح كاتب الليث عنه.
________________________________________
التفسير الميسر:

يا من آمنتم بالله واتبعتم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم إذا تعاملتم بدَيْن إلى وقت معلوم فاكتبوه; حفظًا للمال ودفعًا للنزاع. ولْيقُم بالكتابة رجل أمين ضابط, ولا يمتنع مَن علَّمه الله الكتابة عن ذلك, ولْيقم المدين بإملاء ما عليه من الدَّيْن, وليراقب ربه, ولا ينقص من دينه شيئا. فإن كان المدين محجورًا عليه لتبذيره وإسرافه, أو كان صغيرًا أو مجنونًا, أو لا يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملة على الكلام, فليتولَّ الإملاء عن المدين القائم بأمره, واطلبوا شهادة رجلين مسلمَيْن بالِغَيْن عاقلَيْن من أهل العدالة. فإن لم يوجد رجلان, فاطلبوا شهادة رجل وامرأتين ترضون شهادتهم, حتى إذا نَسِيَتْ إحداهما ذكَّرتها الأخرى, وعلى الشهداء أن يجيبوا مَن دعاهم إلى الشهادة, وعليهم أداؤها إذا ما دعوا إليها, ولا تَمَلُّوا من كتابة الدَّين قليلا أو كثيرًا إلى وقته المعلوم. ذلكم أعدل في شرع الله وهديه, وأعظم عونًا على إقامة الشهادة وأدائها, وأقرب إلى نفي الشك في جنس الدَّين وقدره وأجله. لكن إن كانت المسألة مسألة بيع وشراء، بأخذ سلعة ودفع ثمنها في الحال، فلا حاجة إلى الكتابة, ويستحب الإشهاد على ذلك منعًا للنزاع والشقاق، ومن الواجب على الشاهد والكاتب أداء الشهادة على وجهها والكتابة كما أمر الله. ولا يجوز لصاحب الحق ومَن عليه الحق الإضرار بالكُتَّاب والشهود، وكذلك لا يجوز للكُتَّاب والشهود أن يضارُّوا بمن احتاج إلى كتابتهم أو شهادتهم، وإن تفعلوا ما نهيتم عنه فإنه خروج عن طاعة الله، وعاقبة ذلك حالَّة بكم. وخافوا الله في جميع ما أمركم به، ونهاكم عنه، ويعلمكم الله جميع ما يصلح دنياكم وأخراكم. والله بكل شيء عليم، فلا يخفى عليه شيء من أموركم، وسيجازيكم على ذلك.
________________________________________


في ظلال القرآن :

الوحدة العشرون:الآيات:282 - 284 الموضوع:أحكام الدين والتجارة والرهن

مقدمة الوحدة - دقة الصياغة الثانوية في القرآن
هذه الأحكام الخاصة بالدين والتجارة والرهن تكملة للأحكام السابقة في درسي الصدقة والربا . فقد استبعد التعامل الربوي في الدرس السابق والديون الربوية والبيوع الربوية . . أما هنا فالحديث عن القرض الحسن بلا ربا ولا فائدة , وعن المعاملات التجارية الحاضرة المبرأة من الربا . .
وإن الإنسان ليقف في عجب وفي إعجاب أمام التعبير التشريعي في القرآن - حيث تتجلى الدقة العجيبة في الصياغة القانونية حتى ما يبدل لفظ بلفظ , ولا تقدم فقرة عن موضعها أو تؤخر . وحيث لا تطغى هذه الدقة المطلقة في الصياغة القانونية على جمال التعبير وطلاوته . وحيث يربط التشريع بالوجدان الديني ربطا لطيف المدخل عميق الإيحاء قوي التأثير , دون الإخلال بترابط النص من ناحية الدلالة القانونية . وحيث يلحظ كل المؤثرات المحتملة في موقف طرفي التعاقد وموقف الشهود والكتاب , فينفي هذه المؤثرات كلها ويحتاط لكل احتمال من احتمالاتها . وحيث لا ينتقل من نقطة إلى نقطة إلا وقد استوفى النقطة التشريعية بحيث لا يعود إليها إلا حيث يقع ارتباط بينها وبين نقطة جديدة يقتضي الإشارة إلى الرابطة بينهما . . .
إن الإعجاز في صياغة آيات التشريع هنا لهو الإعجاز في صياغة آيات الإيحاء والتوجيه . بل هو أوضح وأقوى . لأن الغرض هنا دقيق يحرفه لفظ واحد , ولا ينوب فيه لفظ عن لفظ . ولولا الإعجاز ما حقق الدقة التشريعية المطلقة والجمال الفني المطلق على هذا النحو الفريد .
ذلك كله فوق سبق التشريع الإسلامي بهذه المبادئ للتشريع المدني والتجاري بحوالي عشرة قرون , كما يعترف الفقهاء المحدثون !
الدرس الأول:282 أحكام الدين
(يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه). .
هذا هو المبدأ العام الذي يريد تقريره . فالكتابة أمر مفروض بالنص , غير متروك للاختيار في حالة الدين إلى أجل . لحكمة سيأتي بيانها في نهاية النص .
(وليكتب بينكم كاتب بالعدل). .
وهذا تعيين للشخص الذي يقوم بكتابة الدين فهو كاتب . وليس أحد المتعاقدين . وحكمة استدعاء ثالث - ليس أحد الطرفين في التعاقد - هي الاحتياط والحيدة المطلقة . وهذا الكاتب مأمور أن يكتب بالعدل , فلا يميل مع أحد الطرفين , ولا ينقص أو يزيد في النصوص . .
(ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله). .
فالتكليف هنا من الله - بالقياس إلى الكاتب - كي لا يتأخر ولا يأبى ولا يثقل العمل على نفسه . فتلك فريضة من الله بنص التشريع , حسابه فيها على الله . وهي وفاء لفضل الله عليه إذ علمه كيف يكتب . .(فليكتب)كما علمه الله .
وهنا يكون الشارع قد انتهى من تقرير مبدأ الكتابة في الدين إلى أجل . ومن تعيين من يتولى الكتابة . ومن تكليفه بأن يكتب . ومع التكليف ذلك التذكير اللطيف بنعمة الله عليه , وذلك الإيحاء بأن يلتزم العدل . .
وهنا ينتقل إلى فقرة تالية يبين فيها كيف يكتب . .
(وليملل الذي عليه الحق . وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا . فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل). .
إن المدين - الذي عليه الحق - هو الذي يملي على الكاتب اعترافه بالدين , ومقدار الدين , وشرطه وأجله . . ذلك خيفة أن يقع الغبن على المدين لو أملى الدائن , فزاد في الدين , أو قرب الأجل , أو ذكر شروطا معينة في مصلحته . والمدين في موقف ضعيف قد لا يملك معه إعلان المعارضة رغبة في إتمام الصفقة لحاجته إليها , فيقع عليه الغبن . فإذا كان المدين هو الذي يملي لم يمل إلا ما يريد الارتباط به عن طيب خاطر . ثم ليكون إقراره بالدين أقوى وأثبت , وهو الذي يملي . . وفي الوقت ذاته يناشد ضمير المدين - وهو يملي - أن يتقي الله ربه ولا يبخس شيئا من الدين الذي يقر به ولا من سائر أركان الإقرار الأخرى . . فإن كان المدين سفيها لا يحسن تدبير أموره . أو ضعيفا - أي صغيرا أو ضعيف العقل - أو لا يستطيع أن يمل هو إما لعي أو جهل أو آفة في لسانه أو لأي سبب من الأسباب المختلفة الحسية أو العقلية . . فليملل ولي أمره القيم عليه . .(بالعدل). . والعدل يذكر هنا لزيادة الدقة . فربما تهاون الولي - ولو قليلا - لأن الدين لا يخصه شخصيا . كي تتوافر الضمانات كلها لسلامة التعاقد .
وبهذا ينتهي الكلام عن الكتابة من جميع نواحيها , فينتقل الشارع إلى نقطة أخرى في العقد , نقطة الشهادة:
(واستشهدوا شهيدين من رجالكم . فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان - ممن ترضون من الشهداء - أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى). .
إنه لا بد من شاهدين على العقد - (ممن ترضون من الشهداء)- والرضى يشمل معنيين:الأول أن يكون الشاهدان عدلين مرضيين في الجماعة . والثاني أن يرضى بشهادتهما طرفا التعاقد . . ولكن ظروفا معينة قد لا تجعل وجود شاهدين أمرا ميسورا . فهنا ييسر التشريع فيستدعي النساء للشهادة , وهو إنما دعا الرجال لأنهم هم الذين يزاولون الأعمال عادة في المجتمع المسلم السوي , الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمل لتعيش , فتجور بذلك على أمومتها وأنوثتها وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانية وهي الطفولة الناشئة الممثلة لجيل المستقبل , في مقابل لقيمات أو دريهمات تنالها من العمل , كما تضطر إلى ذلك المرأة في المجتمع النكد المنحرف الذي نعيش فيه اليوم ! فأما حين لا يوجد رجلان فليكن رجل واحد وامرأتان . . ولكن لماذا امرأتان ? إن النص لا يدعنا نحدس ! ففي مجال التشريع يكون كل نص محددا واضحا معللا: (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى). . والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة . فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد , مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء , فتذكرها الأخرى بالتعاون معا على تذكر ملابسات الموضوع كله . وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية . فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسيا في المرأة حتما . تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء . . وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة . . وهذه الطبيعة لا تتجزأ , فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها - حين تكون امرأة سوية - بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال , ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء . ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى - إذا انحرفت مع أي انفعال - فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة .
وكما وجه الخطاب في أول النص إلى الكتاب ألا يأبوا الكتابة , يوجهه هنا إلى الشهداء ألا يأبوا الشهادة:
(ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا).
فتلبية الدعوة للشهادة إذن فريضة وليست تطوعا . فهي وسيلة لإقامة العدل وإحقاق الحق . والله هو الذي يفرضها كي يلبيها الشهداء عن طواعيه تلبية وجدانية , بدون تضرر أو تلكؤ . وبدون تفضل كذلك على المتعاقدين أو على أحدهما , إذا كانت الدعوة من كليهما أو من أحدهما .
وهنا ينتهي الكلام عن الشهادة , فينتقل الشارع إلى غرض آخر . غرض عام للتشريع . يؤكد ضرورة الكتابة - كبر الدين أم صغر - ويعالج ما قد يخطر للنفس من استثقال الكتابة وتكاليفها بحجة أن الدين صغير لا يستحق , أو أنه لا ضرورة للكتابة بين صاحبيه لملابسة من الملابسات كالتجمل والحياء أو الكسل وقلة المبالاة ! ثم يعلل تشديده في وجوب الكتابة تعليلا وجدانيا وتعليلا عمليا:
(ولا تسأموا أن تكتبوه - صغيرا أو كبيرا - إلى أجله . ذلكم أقسط عند الله , وأقوم للشهادة , وأدنى ألا ترتابوا).
لا تسأموا . . فهو إدراك لانفعالات النفس الإنسانية حين تحس أن تكاليف العمل أضخم من قيمته . . (ذلكم أقسط عند الله). . أعدل وأفضل . وهو إيحاء وجداني بأن الله يحب هذا ويؤثره . (وأقوم للشهادة). فالشهادة على شيء مكتوب أقوم من الشهادة الشفوية التي تعتمد على الذاكرة وحدها . وشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أقوم كذلك للشهادة وأصح من شهادة الواحد , أو الواحد والواحدة . (وأدنى ألا ترتابوا):
أقرب لعدم الريبة . الريبة في صحة البيانات التي تضمنها العقد , أو الريبة في أنفسكم وفي سواكم إذا ترك الأمر بلا قيد .
وهكذا تتكشف حكمة هذه الإجراءات كلها ; ويقتنع المتعاملون بضرورة هذا التشريع , ودقة أهدافه , وصحة إجراءاته . إنها الصحة والدقة والثقة والطمأنينة .
ذلك شأن الدين المسمى إلى أجل . أما التجارة الحاضرة فإن بيوعها مستثناة من قيد الكتابة . وتكفي فيها شهادة الشهود تيسيرا للعمليات التجارية التي يعرقلها التعقيد , والتي تتم في سرعة , وتتكرر في أوقات قصيرة . ذلك أن الإسلام وهو يشرع للحياة كلها قد راعى كل ملابساتها ; وكان شريعة عملية واقعية لا تعقيد فيها , ولا تعويق لجريان الحياة في مجراها:
تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم , فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم).
وظاهر النص أن الإعفاء من الكتابة رخصة لا جناح فيها . أما الإشهاد فموجب . وقد وردت بعض الروايات بأن الإشهاد كذلك للندب لا للوجوب . ولكن الأرجح هو ذاك .
والأن - وقد انتهى تشريع الدين المسمى , والتجارة الحاضرة , والتقى كلاهما عند شرطي الكتابة والشهادة - على الوجوب وعلى الرخصة - فإنه يقرر حقوق الكتاب والشهداء كما قرر واجباتهم من قبل . . لقد أوجب عليهم ألا يأبوا الكتابة أو الشهادة . فالآن يوجب لهم الحماية والرعاية ليتوازن الحق والواجب في أداء التكاليف العامة .
كاتب ولا شهيد . وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم . واتقوا الله ويعلمكم الله . والله بكل شيء عليم).
لا يقع ضرر على كاتب أو شهيد , بسبب أدائه لواجبه الذي فرضه الله عليه . وإذا وقع فإنه يكون خروجا منكم عن شريعة الله ومخالفة عن طريقه . وهو احتياط لا بد منه . لأن الكتاب والشهداء معرضون لسخط أحد الفريقين المتعاقدين في أحيان كثيرة . فلا بد من تمتعهم بالضمانات التي تطمئنهم على أنفسهم , وتشجعهم على أداء واجبهم بالذمة والأمانة والنشاط في أداء الواجبات , والحيدة في جميع الأحوال . ثم - وعلى عادة القرآن في إيقاظ الضمير , واستجاشة الشعور كلما هم بالتكليف , ليستمد التكليف دفعته من داخل النفس , لا من مجرد ضغط النص - يدعو المؤمنين إلى تقوى الله في النهاية ; ويذكرهم بأن الله هو المتفضل عليهم , وهو الذي يعلمهم ويرشدهم , وأن تقواه تفتح قلوبهم للمعرفة وتهيىء أرواحهم للتعليم , ليقوموا بحق هذا الإنعام بالطاعة والرضى والإذعان:
الله . ويعلمكم الله . والله بكل شيء عليم).
________________________________________
السعدي :

هذه آية الدين، وهي أطول آيات القرآن، وقد اشتملت على أحكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار، أحدها: أنه تجوز جميع أنواع المداينات من سلم وغيره، لأن الله أخبر عن المداينة التي عليها المؤمنون إخبار مقرر لها ذاكرا أحكامها، وذلك يدل على الجواز، الثاني والثالث أنه لا بد للسلم من أجل وأنه لا بد أن يكون معينا معلوما فلا يصح حالا ولا إلى أجل مجهول، الرابع: الأمر بكتابة جميع عقود المداينات إما وجوبا وإما استحبابا لشدة الحاجة إلى كتابتها، لأنها بدون الكتابة يدخلها من الغلط والنسيان والمنازعة والمشاجرة شر عظيم، الخامس: أمر الكاتب أن يكتب، السادس: أن يكون عدلا في نفسه لأجل اعتبار كتابته، لأن الفاسق لا يعتبر قوله ولا كتابته، السابع أنه يجب عليه العدل بينهما، فلا يميل لأحدهما لقرابة أو صداقة أو غير ذلك، الثامن: أن يكون الكاتب عارفا بكتابة الوثائق وما يلزم فيها كل واحد منهما، وما يحصل به التوثق، لأنه لا سبيل إلى العدل إلا بذلك، وهذا مأخوذ من قوله: { وليكتب بينكم كاتب بالعدل } التاسع: أنه إذا وجدت وثيقة بخط المعروف بالعدالة المذكورة يعمل بها، ولو كان هو والشهود قد ماتوا، العاشر: قوله: { ولا يأب كاتب أن يكتب } أي: لا يمتنع من منَّ الله عليه بتعليمه الكتابة أن يكتب بين المتداينين، فكما أحسن الله إليه بتعليمه، فليحسن إلى عباد الله المحتاجين إلى كتابته، ولا يمتنع من الكتابة لهم، الحادي عشر: أمر الكاتب أن لا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق، الثاني عشر: أن الذي يملي من المتعاقدين من عليه الدين، الثالث عشر: أمره أن يبين جميع الحق الذي عليه ولا يبخس منه شيئا، الرابع عشر: أن إقرار الإنسان على نفسه مقبول، لأن الله أمر من عليه الحق أن يمل على الكاتب، فإذا كتب إقراره بذلك ثبت موجبه ومضمونه، وهو ما أقر به على نفسه، ولو ادعى بعد ذلك غلطا أو سهوا، الخامس عشر: أن من عليه حقا من الحقوق التي البينة على مقدارها وصفتها من كثرة وقلة وتعجيل وتأجيل، أن قوله هو المقبول دون قول من له الحق، لأنه تعالى لم ينهه عن بخس الحق الذي عليه، إلا أن قوله مقبول على ما يقوله من مقدار الحق وصفته، السادس عشر: أنه يحرم على من عليه حق من الحقوق أن يبخس وينقص شيئا من مقداره، أو طيبه وحسنه، أو أجله أو غير ذلك من توابعه ولواحقه، السابع عشر: أن من لا يقدر على إملاء الحق لصغره أو سفهه أو خرسه، أو نحو ذلك، فإنه ينوب وليه منابة في الإملاء والإقرار، الثامن عشر: أنه يلزم الولي من العدل ما يلزم من عليه الحق من العدل، وعدم البخس لقوله { بالعدل } التاسع عشر: أنه يشترط عدالة الولي، لأن الإملاء بالعدل المذكور لا يكون من فاسق، العشرون: ثبوت الولاية في الأموال، الحادي والعشرون: أن الحق يكون على الصغير والسفيه والمجنون والضعيف، لا على وليهم، الثاني والعشرون: أن إقرار الصغير والسفيه والمجنون والمعتوه ونحوهم وتصرفهم غير صحيح، لأن الله جعل الإملاء لوليهم، ولم يجعل لهم منه شيئا لطفا بهم ورحمة، خوفا من تلاف أموالهم، الثالث والعشرون: صحة تصرف الولي في مال من ذكر، الرابع والعشرون: فيه مشروعية كون الإنسان يتعلم الأمور التي يتوثق بها المتداينون كل واحد من صاحبه، لأن المقصود من ذلك التوثق والعدل، وما لا يتم المشروع إلا به فهو مشروع، الخامس والعشرون: أن تعلم الكتابة مشروع، بل هو فرض كفاية، لأن الله أمر بكتابة الديون وغيرها، ولا يحصل ذلك إلا بالتعلم، السادس والعشرون: أنه مأمور بالأشهاد على العقود، وذلك على وجه الندب، لأن المقصود من ذلك الإرشاد إلى ما يحفظ الحقوق، فهو عائد لمصلحة المكلفين، نعم إن كان المتصرف ولي يتيم أو وقف ونحو ذلك مما يجب حفظه تعين أن يكون الأشهاد الذي به يحفظ الحق واجبا، السابع والعشرون: أن نصاب الشهادة في الأموال ونحوها رجلان أو رجل وامرأتان، ودلت السنة أيضا أنه يقبل الشاهد مع يمين المدعي، الثامن والعشرون: أن شهادة الصبيان غير مقبولة لمفهوم لفظ الرجل، التاسع والعشرون: أن شهادة النساء منفردات في الأموال ونحوها لا تقبل، لأن الله لم يقبلهن إلا مع الرجل، وقد يقال إن الله أقام المرأتين مقام رجل للحكمة التي ذكرها وهي موجودة سواء كن مع رجل أو منفردات والله أعلم. الثلاثون: أن شهادة العبد البالغ مقبولة كشهادة الحر لعموم قوله: { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } والعبد البالغ من رجالنا، الحادي والثلاثون: أن شهادة الكفار ذكورا كانوا أو نساء غير مقبولة، لأنهم ليسوا منا، ولأن مبنى الشهادة على العدالة وهو غير عدل، الثاني والثلاثون: فيه فضيلة الرجل على المرأة، وأن الواحد في مقابلة المرأتين لقوة حفظه ونقص حفظها، الثالث والثلاثون: أن من نسي شهادته ثم ذكرها فذكر فشهادته مقبولة لقوله: { فتذكر إحداهما الأخرى } الرابع والثلاثون: يؤخذ من المعنى أن الشاهد إذا خاف نسيان شهادته في الحقوق الواجبة وجب عليه كتابتها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والخامس والثلاثون: أنه يجب على الشاهد إذا دعي للشهادة وهو غير معذور، لا يجوز له أن يأبى لقوله: { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } السادس والثلاثون: أن من لم يتصف بصفة الشهداء المقبولة شهادتهم، لم يجب عليه الإجابة لعدم الفائدة بها ولأنه ليس من الشهداء، السابع والثلاثون: النهي عن السآمة والضجر من كتابة الديون كلها من صغير وكبير وصفة الأجل وجميع ما احتوى عليه العقد من الشروط والقيود، الثامن والثلاثون: بيان الحكمة في مشروعية الكتابة والأشهاد في العقود، وأنه { أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا } فإنها متضمنة للعدل الذي به قوام العباد والبلاد، والشهادة المقترنة بالكتابة تكون أقوم وأكمل وأبعد من الشك والريب والتنازع والتشاجر، التاسع والثلاثون: يؤخذ من ذلك أن من اشتبه وشك في شهادته لم يجز له الإقدام عليها بل لا بد من اليقين، الأربعون: قوله: { إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها } فيه الرخصة في ترك الكتابة إذا كانت التجارة حاضرا بحاضر، لعدم شدة الحاجة إلى الكتابة، الحادي والأربعون: أنه وإن رخص في ترك الكتابة في التجارة الحاضرة، فإنه يشرع الأشهاد لقوله: { وأشهدوا إذا تبايعتم } الثاني والأربعون: النهي عن مضارة الكاتب بأن يدعى وقت اشتغال وحصول مشقة عليه، الثالث والأربعون: النهي عن مضارة الشهيد أيضا بأن يدعى إلى تحمل الشهادة أو أدائها في مرض أو شغل يشق عليه، أو غير ذلك هذا على جعل قوله: { ولا يضار كاتب ولا شهيد } مبنيا للمجهول، وأما على جعلها مبنيا للفاعل ففيه نهي الشاهد والكاتب أن يضارا صاحب الحق بالامتناع أو طلب أجرة شاقة ونحو ذلك، وهذان هما الرابع والأربعون والخامس والأربعون والسادس والأربعون أن ارتكاب هذه المحرمات من خصال الفسق لقوله: { وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم } السابع والأربعون أن الأوصاف كالفسق والإيمان والنفاق والعداوة والولاية ونحو ذلك تتجزأ في الإنسان، فتكون فيه مادة فسق وغيرها، وكذلك مادة إيمان وكفر لقوله: { فإنه فسوق بكم } ولم يقل فأنتم فاسقون أو فُسّاق. الثامن والأربعون: - وحقه أن يتقدم على ما هنا لتقدم موضعه- اشتراط العدالة في الشاهد لقوله: { ممن ترضون من الشهداء } التاسع والأربعون: أن العدالة يشترط فيها العرف في كل مكان وزمان، فكل من كان مرضيا معتبرا عند الناس قبلت شهادته، الخمسون: يؤخذ منها عدم قبول شهادة المجهول حتى يزكى، فهذه الأحكام مما يستنبط من هذه الآية الكريمة على حسب الحال الحاضرة والفهم القاصر، ولله في كلامه حكم وأسرار يخص بها من يشاء من عباده.
________________________________________
البحر المحيط:

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى ٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَى ٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى ٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَة وَأَدْنَى ٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَة حَاضِرَة تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ } * { وَإِن كُنتُمْ عَلَى ٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَة فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَادَة وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } تداين: تفاعل من الدين، يقال: داينت الرجل عاملته بدين معطياً أو آخذاً، كما تقول: بايعته إذا بعته أو باعك قال رؤبة :داينت أروى والديون تقضى فمطلت بعضاً وأدّت بعضاً ويقال: دنت الرجل إذا بعته بدين، وادّنت أنا أي: أخذت بدين. أمل وأملى لغتان: الأولى لأهل الحجاز وبني أسد، والثانية لتميم، يقال: أمليت وأمللت على الرجل أي: ألقيت عليه ما يكتبه، وأصله في اللغة الإعادة مرة بعد أخرى قال الشاعر:ألا يا ديار الحيّ بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان وقيل: الأصل أمللت، أبدلمن اللام ياء لأنها أخف. البخس: النقص، يقال منه: بخس يبخس، ويقال بالصاد، والبخس: إصابة العين، ومنه: استعير بخسحقه، كقولهم: عوّر حقه، وتباخسوا في البيع تغابنوا، كان كل واحد يبخس صاحبه عن ما يريده منه باحتياله. السأم والسآمة : الملل من الشيء والضجر منه، يقال منه: سئم يسأم. الصغير: اسم فاعل من صغر يصغر، ومعناه قلة الجرم،ويستعمل في المعاني أيضاً. القسط: بكسر القاف: العدل، يقال منه: أقسط الرجل أي عدل، وبفتح القاف: الجور، ويقال منه:قسط الرجل أي جار، والقسط بالكسر أيضاً: النصيب. الرهن: ما دفع إلى الدائن على استيثاق دينه، ويقال: رهن يرهن رهنا، ثم أطلق المصدر على المرهون، ويقال: رهن الشيء دام قال الشاعر:اللحم والخبز لهم راهن وقهوة راووقها ساكب وأرهن لهم الشراب: دام، قال ابن سيده: ورهنه، أي: أدامه، ويقال: أرهن في السلعة إذا غالى بها حتى أخذها بكثير الثمن قال الشاعر:يطوى ابن سلمى بها من راكب بعرا عيدية أرهنت فيها الدنانير العيد:بطن من مهر، وإبل مهرة موصوفة بالنجابة ، ويقال، من الرهن الذي هو من التوثقة : أرهن إرهاناً قال همام بن مرة :فلما خشيت أظافيرهم نجوت وأرهنتهم مالكاً وقال ابن الأعرابي، والزجاج: يقال في الرهن رهنت وأرهنت وقال الأعشى :حتى يقيدك من بنيه رهينة نعش ويرهنك السماك الفرقدا وتقول: رهنت لساني بكذا، ولا يقال فيه: أرهنت، ولما أطلق الرهن على المرهون صار إسماً، فكسر تكسير الأسماء وانتصب بفعله نصب المفاعيل، فرهنت رهناً كرهن تثوبا. الإصر: الأمر الغليظ الصعب، والآصرة في اللغة : الأمر الرابط من ذمام، أو قرابة ، أو عهد، ونحوه. والإصار: الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها، يقال: أصر يأصر أصراً، والإصر، بكسر الهمزة الاسم من ذلك، وروي أُلاصر بضمها وقد قرى ء به قال الشاعر:يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرقوا {يُظْلَمُونَ يأَيُّهَاٱلَّذِينَ ء امَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ } قال ابن عباس: نزلت في السلم خاصة ، يعنى : أن سلم أهل المدينة كان السبب، ثم هي تتناول جميع الديون بالإجماع. ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما أمر بالنفقة في سبيل الله، وبترك الربا، وكلاهما يحصل به تنقيص المال، نبه على طريق حلال في تنمية المال وزيادته، وأكد فيكيفية حفظه، وبسط في هذه الآية وأمر فيها بعدة أوامر على ما سيأتي بيانه. وذكر قوله؛ بدين، ليعود الضمير عليه في قوله: فاكتبوه، وإن كان مفهوماً من: تداينتم، أو لإزالة اشتراك: تداين، فإنه يقال؛ تداينوا، أي جازى بعضهم بعضاً،فلما قال: بدين، دل على غير هذا المعنى . أو للتأكيد، أو ليدل على أي دين كان صغيراً أو كبيراً، وعلى أي وجه كان من سلم أو بيع. {إِلَى ٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } ليس هذا الوصف احترازاً من أن الدين لايكون إلى أجل مسمى ، بل لا يقع الدين إلاَّ إلى أجل مسمى ، فأما الآجال المجهولة فلا يجوز، والمراد بالمسمى الموقت المعلوم، نحو التوقيت بالنسبة والأشهر والأيام، ولو قال: إلى الحصاد، أو إلى الدياس، أو رجوع الحاج، لم يجز لعدم التسمية ،و: إلى أجل، متعلق: بتداينتم، أو في موضع الصفة لقوله: بدين، فيتعلق بمحذوف. {فَٱكْتُبُوهُ } أمر تعالى بكتابته لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان، وأبعد من الجحود. وظاهر الأمر الوجوب، وقد قال بعض أهل العلم، منهم الطبري، وأهلا لظاهر. وقال الجمهور: هو أمر ندب يحفظه له المال، وتزال به الريبة ، وفي ذلك حث على الاعتراف به وحفظه، فإن الكتاب خليفة اللسان، واللسان خليفة القلب. وروي عن أبي سعيد الخدري، وابن زيد، والشعبي، وابن جريج أنهم كانوا يرون أن قوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا } ناسخ لقوله: {فَٱكْتُبُوهُ } وقال الربيع وجب بقوله: فاكتبوه، ثم خفف بقوله: فإن أمن. {وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ } وهذا الأمر قيل: على الوجوب على الكفاية كالجهاد، قال عطاء ، وغيره: يجب على الكاتب أن يكتب على كل حال، وقال الشعبي، أيضاً: إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب، وقال السدّي:هو واجب مع الفراغ. واختار الراغب أن الصحيح كون الكتابة فرضاً على الكفاية ، وقال: الكتابة فيما بين المتبايعين، وإن لمتكن واجبة ، فقد تجب على الكتابة إذا أتوه، كما أن الصلاة النافلة ، وإن لم تكن واجبة على فاعلها، فقد يجب على العالم تبيينها إذا أتاه مستفت. ومعنى : بينكم، أي: بين صاحب الدين والمستدين، والبائع والمشترى ، والمقرض والمستقرض، والتثنية تقتضيأن لا ينفرد أحد المتعاملين لأن يتهم في الكتابة ، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعاً على ما سطره الكاتب. ومعنى : بالعدل، أي: بالحق والإنصاف بحيث لا يكون في قلبه ولا في قلمه ميل لأحدهما على الآخر.واختلف فيما يتعلق به: بالعدل، فقال الزمخشري: بالعدل، متعلق بكاتب صفة له، أي: بكاتب مأمون على ما يكتب، يكتب بالسوية والاحتياط، لا يزيد على ما يجب أن يكتب، ولا ينقص. وفيه أن يكون الكاتب فقيهاً عالماً بالشروط، حتى يجيء مكتوبه معدّلاً بالشرع، وهو أمر للمتداينين بتخير الكاتب، وأن لا يستكتبوا إلاَّ فقيهاً ديناً. وقال ابن عطية : والباء متعلقة بقوله تعالى : وليكتب، وليست متعلقة بكاتب، لأنه كان يلزم أن لا يكتب وثيقة إلاَّ العدل في نفسه، وقد يكتبها الصبي والعبد والمتحوط إذا أقاموا فقهها، أما أن المنتخبين لكتبها لا يجوز للولاة أن يتركوهم إلاَّ عدولاً مرضيين، وقيل: الباء زائدة ،أي فليكتب بينكم كاتب العدل. وقال القفال في معنى {بِٱلْعَدْلِ }: أن يكون ما يكتبه متفقاً عليه بين أهل العلم، لا يرفع إلى قاض فيجد سبيلاً إلى إبطاله بألفاظ لا يتسع فيها التأويل، فيحتاج الحاكم إلى التوقف. وقرأ الحسن: وليكتب، بكسر لام الأمر، والكسر الأصل. {يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ } نهى الكاتب عن الامتناع من الكتابة . و: كاتب، نكرة في سياق النهي، فتعم. وأن يكتب مفعول، ولا يأب، ومعنى : كما علمه الله، أي: مثلما علمه الله من كتابة الوثائق، لا يبدّل ولا يغير، وفي ذلك حث على بذل جهده في مراعاة شروطه مما قد لا يعرفه المستكتب، وفيه تنبيه على المنة بتعليم الله إياه. وقيل: المعنى كما أمره الله به من الحق،فيكون: علم، بمعنى : أعلم، وقيل: المعنى كما فضله الله بالكتاب، فتكون الكاف للتعليل، أي: لأجل ما فضله الله، فيكون كقوله{ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ }أي: لأجل إحسان الله إليك. والظاهر تعلق الكاف بقوله: أن يكتب، وقيل: تم الكلام عند قوله: أن يكتب، وتتعلق الكاف بقوله: فليكتب، وهو قلق لأجل الفاء ، ولأجل أنه لو كان متعلقاً بقوله: فليكتب، لكان النظم: فليكتب كما علمه الله، ولا يحتاج إلى تقديم ما هو متأخر في المعنى . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون: كما، متعلقاً بما في قوله: ولا يأب، أي: كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة فلا يأب هو، وليفضل كما أفضل عليه. انتهى . وهو خلاف الظاهر. وتكون الكاف في هذا القول للتعليل، وإذا كان متعلقاً بقوله: أن يكتب، كان قوله:ولا يأب، نهياً عن الامتناع من الكتابة المقيدة ، ثم أمر بتلك الكتابة ، لا يعدل عنها، أمر توكيد. وإذا كان متعلقا بقوله: فليكتب، كان ذلك نهياً عن الامتناع من الكتابة على الإطلاق، ثم أمر بالكتابة المقيدة . وقال الربيع، والضحاك: ولا يأب، منسوخ بقوله: {وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ }. {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ } أي: فليكتب الكاتب، وليمللمن وجب عليه الحق، لأنه هو المشهود عليه بأن الدين في ذمّته، والمستوثق منه بالكتابة . {وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ }،فيما يمليه ويقربه، وجمع بين اسم الذات وهو: الله، وبين هذا الوصف الذي هو: الرب، وإن كان اسم الذات منطوقا على جميع الأوصاف. ليذكره تعالى كونه مربياً له، مصلحاً لأمره، باسطاً عليه نعمه. وقدم لفظ: الله، لأن مراقبته من جهة العبودية والألوهية أسبق من جهة النعم. {وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً } أي: لا ينقص بالمخادعة أو المدافعة ، والمأمور بالإملال هو المالك لنفسه. وفك المضاعفين في قوله: وليملل، لغة الحجاز، وذلك في ماسكن آخره بجزم، نحو، هذا، أو وقف نحو:أملل، ولا يفك في رفع ولا نصب وقرى ء : شيئاً، بالتشديد. {فَإن كَانَ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهًا } قال مجاهد،وابن جبير: هو الجاهل بالأمور والإملاء . وقال الحسن: الصبي والمرأة ، وقال الضحاك، والسدّي: الصغير. وضعف هذا لأنه قد يصدق السفيه على الكبير، وذكر القاضي أبو يعلى : أنه المبذر. وقال الشافعي: المبذر لماله المفسد لدينه وروي عن السدي: أنه الأحمق، وقيل:الذي يجهل قدر المال فلا يمتنع من تبذيره ولا يرغب في تثميره. وقال ابن عباس: الجاهل بالاسلام. {أَوْ ضَعِيفًا} قال ابن عباس: وابن جبير: إنه العاجز، والأخرس، ومن به حمق. وقال مجاهد، والسدي: الأحمق. وذكر القاضي أبو يعلى ،وغيره: أنه الصغير. وقيل: المدخول العقل، الناقص الفطرة . وقال الشيخ: الكبير، وقال الطبري: العاجز عن الإملاء لعيّ أو لخرس.{أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ } قال أبن عباس: لعي أو خرس أو غيبة ، وقيل: بجنون، وقيل: بجهل بماله أو عليه. وقيل: لصغر. والذي يظهر تباين هؤلاء الثلاثة ، فمن زعم زيادة : أو، في قوله: أو ضعيفاً، أو زيادتها في هذا، وفي قوله: أو لا يستطيع، فقوله ساقط، إذ: أو لا، تزاد، وأن السفه هو تبذير المال والجهل بالتصرف،وأن الضعف هو في البدن لصغر أو إفراط شيخ ينقص معه التصرف، وأن عدم استطاعته الإملاء لعي أو خرس، لأنا لاستطاعة هي القدرة على الإملاء . وهذا الشرح أكثره عن الزمخشري. وقال ابن عطية : ذكر تعالى ثلاثة أنواع تقع نوازلهم في كل زمان، ويترتب الحق لهم في كل جهات سوى المعاملات: كالمواريث إذا قسمت. وغير ذلك. والسفيه المهلهل الرأي في المال الذي لا يحسن الأخذ والاعطاء ، وهذه الصفة لا تخلو من حجر ولي أو وصي، وذلك وليه. والضعيف المدخول العقل الناقص الفطرة ، ووليه وصي أو أب، والذي لا يستطيع أن يمل هو الغائب عن موضع الإشهاد إما لمرض أو لغير ذلك، ووليه وكيله، والأخرس من الضعفاء ، والأولى أنه ممن لا يستطيع، وربما اجتمع اثنان أو الثلاثة في شخص. انتهى . وفيه بعض تلخيص، وهو توكيد الضمير المستكن في: أن يملّ، وفيه من الفصاحة ما لا يخفى ، لأن في التأكيد به رفع المجاز الذي كان يحتمله إسناد الفعل إلى الضمير، والتنصيص على أنه غير مستطيع بنفسه. وقرى ء شاذاً بإسكان هاء : هو،وإن كان قد سبقها ما ينفصل، إجراء للمنفصل مجرى المتصل بالواو والفاء واللام، نحو: وهو، فهو، لهو. وهذا أشذ منقراء ة من قرأ: ثم هو يوم القيامة ، لأن ثم شاركت في كونه للعطف، وأنها لا يوقف عليها فيتم المعنى .{فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ }. الضمير في وليه عائد على أحد هؤلاء الثلاثة ، وهو الذي عليه الحق، وتقدّم تفسير ابن عطية للولي. وقال الزمخشري: الذي يلي أمره من وصي إن كان سفيهاً أو صبياً، أو وكيل إن كان غير مستطيع، أوترجمان يملّ عنه. وهو يصدّقه. وذهب الطبري إلى أن الضمير في وليه يعود على الحق، فيكون الولي هو الذي لها لحق. وروي ذلك عن ابن عباس والربيع. قال ابن عطية : ولا يصح عن ابن عباس، وكيف تشهد البينة على شيء ويدخل مالا في ذمّة السفيه، بإملاء الذي له الدين، هذا شيء ليس في الشريعة . قال الراغب: لا يجوز أن يكون ولي الحق كما قال بعضهم، لأن قوله لا يؤثر إذ هو مدّع. و: بالعدل، متعلق بقوله: فليملل،ويحتمل أن تكون الباء للحال، وفي قوله: بالعدل، حث على تحريه لصاحب الحق، والمولى عليه، وقد استدل بهذه الآية على جواز الحجر على الصغير، واستدل بها على جواز تصرف السفيه، وعلى قيام ولاية التصرفات له في نفسه وأمواله. {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ } أي: اطلبوا للإشهاد شهيدين، فيكون استفعل للطلب، ويحتمل أن يكون موافقة أفعل أي: وأشهدوا، نحو: استيقن موافق أيقن، واستعجله بمعنى أعجله. ولفظ: شهيد، للمبالغة ، وكأنهم أمروا بأن يستشهدوا من كثرت منه الشهادة ، فهو عالم بمواقع الشهادة وما يشهد فيه لتكرر ذلك منه، فأمروا بطلب الأكمل، وكان في ذلك إشارة إلى العدالة ، لأنه لا يتكرر ذلك من الشخص عند الحكام إلاَّ وهو مقبول عندهم. من رجالكم، الخطاب للمؤمنين، وهم المصدّر بهم الآية ، ففي قوله: من رجالكم، دلالة على أنه لا يستشهد الكافر، ولم تتعرض الآية لشهادة الكفار بعضهم على بعض، وأجاز ذلك أبو حنيفة . وإن اختلف تمللهم، وفي ذلك دلالة على اشتراط البلوغ، واشتراط الذكورة في الشاهدين. وظاهر الآية أنه: يجوز شهادة العبد، وهو مذهب شريح، وابن سيرين، وابن شبرمة ، وعثمان البتي، وقيل عنه: يجوز شهادته لغير سيده. وروي عن علي أنه كان يقول: شهادة العبد على العبد جارية جائزة . وروي المغيرة عن إبراهيم أنه كان يجيز شهادة المملوك في الشيء التافه. وروي عن أنسأنه قال: ما أعلم أن أحداً ردّ شهادة العبد. وقال الجمهور: أبو حنيفة ، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وابن شبرمة في إحدى الروايتين، ومالك، وابن صالح، وابن أبي ليلى ، والشافعي: لا تقبل شهادة العبد في شيء . وروي ذلك عن علي، وابن عباس، والحسن. وظاهر الآية يدل على أن شهادة الصبيان لا تعتبر، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه الثلاثة ، وابن شبرمة ، والشافعي. وروي ذلك عن: عثمان، وابن عباس، وابن الزبير. وقال ابن أبي ليلى : تجوز شهادة بعضهم على بعض، وروي ذلك عن علي، قال مالك: تجوز شهادتهم في الجراح وحدها بشروط ذكرت عنه في كتب الفقه. وظاهر الآية اشتراطا لرجولية فقط في الشاهدين. فلو كان الشاهد أعمى ، ففي جواز شهادته خلاف. ذهب أبو حنيفة ، ومحمد إلى أنه لايجوز بحال. وروي ذلك عن علي، والحسن، وابن جبير، وإياس ابن معاوية . وقال ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف، والشافعي: إذاعلم قبل العمى جازت، أو بعده فلا. وقال زفر: لا يجوز إلا في النسب يشهد أن فلان، وقال شريح والشعبي شهادته جائزة ، وقال مالك يجوز وإن علمه حال العمى إذا عرف الصوت في الطلاق والإقرار ونحوه، وإن شهد بزنا أوحدّ قذف لم تقبل شهادته. ولو كان الشاهد أخرس، فقيل: تقبل شهادته بإشارة ، وسواء كان طارئاً أم أصلياً، وقيل:لا تقبل. وإن كان أصمّ، فلا تقبل في الأقوال، وتقبل فيما عدا ذلك من الحواس. ولو شهد بدوي على قروي، فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تجوز إلاَّ في الجراح. وروى ابن القاسم عنه: لا تجوز في الحضر إلاَّ في وصية القروي في السفر في البيع. {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ } الضمير عائد على الشهيدين أي:فإن لم يكن الشهيدان رجلين، والمعنى أنه: إن أغفل ذلك صاحب الحق، أو قصد أن لا يشهد رجلين لغرض له،وكان على هذا التقدير ناقصة . وقال قوم: بل المعنى : فإن لم يوجد رجلان، ولا يجوز استشهاد المرأتين إلاَّ مع عدم الرجال، وهذا لا يتم إلاَّ على اعتقاد أن الضمير في: يكونا، عائد على : شهيدين، بوصف الرجولية ، وتكون: كان، تامّة ، ويكون:رجلين، منصوباً على الحال المؤكد، كقوله:{ فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ }على أحسن الوجهين. {فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } ارتفاع رجل على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: فالشاهد، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: فرجل وامرأتان يشهدون، أو: فاعل، أي فليشهد رجل، أو:مفعول لم يسم فاعله، أي فليستشهد، وقيل: المحذوف فليكن، وجوّز أن تكون تامّة ، فيكون رجل فاعلاً، وأن تكون ناقصة ، ويكون خبرها محذوفاً وقد ذكرنا أن أصحابنا لا يجيزون حذف خبر كان لا اقتصاراً ولا اختصاراً. وقرى ء شاذاً: وامرأتان، بهمزة ساكنة ،وهو على غير قياس، ويمكن أن سكنها تخفيفاً لكثرة توالي الحركات وجاء نظير تخفيف هذه الهمزة في قول الشاعر:يقولون جهلاً ليس للشيخ عيّل لعمري لقد أعيَلتُ وأن رقوبُ يريد: وأنا رقوب، قيل: خفف الهمزة بإبدالها ألفا ثم همزة بعد ذلك، قالوا: الخأتم، والعام. وظاهر الآية يقتضي جواز شهادة المرأتين مع الرجل في سائر عقود المداينات، وهي كل عقد وقع على دين سواء كان بدلاً أم بضعاً، أم منافع أم دم عمد، فمن ادّعى خروج شيء من العقود من الظاهر لم يسلم له ذلك إلاَّ بدليل. وقال الشافعي: لا تجوز شهادة النساء مع الرجال في غير الأموال، ولا يجوز في الوصية إلاَّ الرجل، ويجوز في الوصية بالمال. وقال الليث: تجوز شهادة النساء في الوصية والعتق، ولا تجوز في النكاح ولا الطلاق ولا قتل العمد الذي يقاد منه. وقال الأوزاعي: لا تجوز شهادة رجل وامرأتين في نكاح. وقال الحسن بن حي: لا تجوز شهادتهنّ في الحدود. وقال الثوري: تجوز في كل شيء إلاَّالحدود. وقال مالك لا تجوز في الحدود ولا القصاص، ولا الطلاق ولا النكاح، ولا الأنساب ولا الولاء ولا الإحصان،وتجوز في الوكالة والوصية إذا لم يكن فيها عتق. وقال الحسن، والضحاك: لا تجوز شهادتهنّ إلاَّ في الدين. وقال عمر،وعطاء ، والشعبي: تجوز في الطلاق. وقال شريح: تجوز في العتق، وقال عمر، وابنه عبد الله: تجوز شهادة الرجل والمرأتين في النكاح. وقال علي تجوز في العقد. وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وعثمان البتي: لا تقبل شهادة النساء مع الرجال في الحدود والقصاص، وتقبل فيما سوى ذلك من سائر الحقوق. وأدلة هذه الأقوال مذكورة في كتب الفقة . وأما قبول شهادتهنّ مفردات فلا خلاف في قبولها في: الولادة ، والبكارة ، والاستهلال، وفي عيوب النساء الإماء وما يجري مجرى ذلك مماهو مخصوص بالنساء . وأجاز أبو حنيفة شهادة الواحدة العدلة في رؤية الهلال إذ هو عنده من باب الإخبار، وكذلك شهادة القابلة مفردة . {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاء } قيل: هذا في موضع الصف لقوله: {فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } وقيل: هو بدل من قوله: رجالكم، على تكرير العامل، وهما ضعيفان، لأن الوصف يشعر باختصاصه بالموصوف، فيكون قد انتفى هذا الوصف عن شهيدين، ولأن البدل يؤذن بالاختصاص بالشهيدين الرجلين، فعري عنه: رجل وامرأتان، والذي يظهر أنه متعلق بقوله: واستشهدوا، أي: واستشهدوا ممن ترضون من الشهداء ، ليكون قيداً في الجميع، ولذلك جاء متأخراً بعد ذكر الجميع، والخطاب في ترضون ظاهره أنه للمؤمنين، وفي ذلك دلالة على أن في الشهود من لا يرضى ، فيدل على هذا على أنهم ليسوا محمولين على العدالة حيث تثبتلهم. وقال ابن بكير وغيره: الخطاب للحكام، والأول أوْلى لأنه الظاهر، وإن كان المتلبس بهذه القضايا هم الحكام، ولكن يجيء الخطاب عاماً ويتلبس به بعض الناس، وقيل: بالخطاب لأصحاب الدين. واختلفوا في تفسير قوله: {مِمَّن تَرْضَوْنَ } فقال ابن عباس: من أهل الفضل والدين والكفاءة . وقال الشعبي: ممن لم يطعن في فرج ولا بطن، وفسر قوله بأنه لم يقذف امرأة ولا رجلاً، ولم يطعن في نسب. وروي: من لم يطعن عليه في فرج ولا بطن، ومعناه: لا ينسب إلى ريبة ، ولا يقال إنه ابن زنا. وقال الحسن: من لم تعرف له خربة . وقال النخعي: من لا ريبة فيه. وقال لا خصاف: من غلبت حسناته سيآته مع اجتناب الكبائر. وقيل: المرضي من الشهود من اجتمعت فيه عشر خصال: أن يكون حراً، بالغاً، مسلماً، عدلاً، عالماً بما يشهد به، لا يجر بشهادته منفعة لنفسه، ولا يدفع بها عن نفسه مضرة ، ولا يكون معروفاً بكثرة الغلط، ولا بترك المروء ة ، ولا يكون بينه وبين من يشهد عليه عداوة . وذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف: أن من سلم من الفواحش التي يجب فيها الحدود، وما يجب فيها من العظائم، وأدّى الفرائض وأخلاق البر فيه أكثر من المعاصي الصغار، قبلت شهادته، لأنه لا يسلم عبد من ذنب، ولا تقبل شهادة من ذنوبه أكثر من أخلاق البر، ولا من يلعب بالشطرنج يقامر عليها، ولا من يلعب بالحمام ويطيرها، ولا تارك الصلوات الخمس في جماعة استخفافاً أو مجانة أو فسقاً، لا أن تركها على تأويل، وكان عدلاً، ومن يكثر الحلف بالكذب، ولا مداوم على ترك ركعتي الفجر، ولا معروف بالكذب الفاحش، ولا مظهر شتيمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شتام الناغس والجيران،ولا من اتهمه الناس بالفسق والفجور، ولا متهم بسب الصحابة حتى يقولوا: سمعناه يشتم. وقال ابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف: تقبل شهادة أهل الأهواء العدول، إلاَّ صنفاً من الرافضة وهم الخطابية . وقال محمد: لا أقبل شهادة الخوارج،وأقبل شهادة الحرورية ، لأنهم لا يستحلون أموالنا، فإذا خرجوا استحلوا. وروي عن أبي حنيفة أنه: لا يجوز شهادة البخيل. وعن إياس بن معاوية لا يجيز شهادة الأشراف بالعراق ولا البخلاء ، ولا التجار الذين يركبون البحر، وعن بلال بن أبيبردة ، وكان على البصرة ، أنه لا يجيز شهادة من يأكل الطين وينتف لحيته. وردّ عمر بن عبد العزير شهادة من ينتف عنفته ويخفي لحيته. ورد شريح شهادة رجل اسمه ربيعة ويلقب بالكويفر، فدعي: يا ربيعة ، فلم يجب، فدعي: يا ربيعة الكويفر، فأجاب، فقال له شريح: دعيت باسمك فلم تجب، فلما دعيت بالكفر أجبت فقال: أصلحك الله إنما هو لقب. فالله: قم، وقال لصاحبه: هات غيره. وعن أبي هريرة : لا يجوز شهادة أصحاب الحمر، يعني: النخاسين. وعن شريح: لا يجيز شهادة صاحب حمام، ولا حمال، ولا ضيق كم القباء ، ولا من قال: أشهد بشهادة الله عز وجل، وعن محمد: لا تقبل شهادة من ظهرت منه مجانة ، ولا شهادة مخنث، ولا لاعب بالحمام يطيرهنّ، ورد ابن أبي ليلى شهادة الفقير، وقال:لا يؤمن أن يحمله فقره على الرغبة في المال. وقال مالك: لا تجوز شهادة السؤال في الشيء الكثير، وتجوز في الشيء التافه. وعن الشافعي: إذا كان الأغلب من حاله المعصية وعدم المروء ة ردت شهادته، وعنه: إذا كان أكثر أمره الطاعة ، ولم يقدم على كبيرة ، فهو عدل، وينبغي أن تفسر المروء ة بالتصاون، والسمت الحسن، وحفظ الحرمة ، وتجنب السخف، والمجون، لا تفسر بنظافة الثوب، وفراهة المركوب، وجودة الآلة ، والشارة الحسنة . لأن هذه ليست من شرائط الشهادة عند أحد من المسلمين.واختلفوا في حكم من لم تظهر منه ريبة ، هل يسأل عنه الحاكم إذا شهد؟ ففي كتاب عمر لأبي موسى : والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلاَّ مجلوداً في حدّ، أو مجرباً عليه شهادة زور، أو ظنيناً أو قرابة . وكان الحسن، لما ولي القضاء ، يجيز شهادة المسلمين إلاَّ أن يكون الخصم يجرح الشاهد. وقال ابن شبرمة : إن طعن المشهود عليه فيهم سألعنهم في السرّ والعلانية . وقال محمد، وأبو يوسف: يسأل عنهم، وإن لم يطعن فيهم في السرّ والعلانية ، وقال مالك: لا يقضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السرّ. وقال الليث: إنما كان الوالي يقول للخصم: إن كان عندك من يخرج شهادتهم فأت به، وإلاَّ أجزنا شهادتهم عليك. وقال الشافعي: يسأل عنه في السرّ، فإذا عدل سأل عن تعديله في العلانية .وأما ما ذكر من اعتبار نفي التهمة عن الشاهد إذا كان عدلاً، فاتفق فقهاء الأمصار على بطلان شهادة الشاهد لولده ووالده إلاَّ ما حكي عن البتي، قال: تجوز شهادة الولد لوالديه، والأب لابنه وامرأته، وعن إياس بن معاوية أنه أجاز شهادة رجل لابنه. وذهب أبو حنيفة ، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، ومالك، والأوزاعي، والليث إلى أنه: لا يجوز شهادة أحد الزوجين للآخر. وعن أبي حنيفة : لا تجوز شهادة الأجير الخاص لمستأجره، وتجوز شهادة الأجير المشترك له. وقال مالك: لا تجوز شهادة أجير لمن استأجره إلاَّ أن يكون مبرزاً في العدالة . وقال الأوزاعي: لا تجوز مطلقاً. وقال الثوري: تجوز إذا كان لا يجر إلى نفسه منفعة . ومن وردت شهادته لمعنى ، ثم زال ذلك المعنى ، فهل تقبل تلك المشهادة فيه؟قال أبو حنيفة ، وأصحابه: لا تقبل إذا ردّت لفسق أو زوجية ، وتقبل إذا ردّت لرق أو كفر أو صبي. وقال مالك: لا تقبل إن ردت لرق أو صبي. وروي عن عثمان بن عفان مثل هذا. وظاهر الآية : أن الشهود في الديون رجلان، أو رجل وامرأتان، ممن ترضون، فلا يقضي بشاهد واحد ويمين، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وابن شبرمة ،والثوري والحكم، والأوزاعي. وبه قال عطاء ، وقال: أول من قضى به عبد الملك ابن مروان، وقال الحكم: أوّل من حكمه معاوية . واختلف عن الزهري، فقيل، قال: هذا شيء أحدثه الناس لا بدّ من شهيدين، وقال أيضاً: ما أعرفه، وإنها البدعة ، وأول من قضاه معاوية ، وروي عنه أنه أول ما ولي القضاء حكم بشاهد ويمين وقال مالك، والشافعي وأتباعهما، وأحمد،وإسحاق، وأبو عبيد: يحكم به في الأموال خاصة ، وعليه الخلفاء الأربعة وهو عمل أهل المدينة ، وهو قول أبيّ بن كعب،ومعاوية ، وأبي سلمة ، وأبي الزياد، وربيعة . {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلاْخْرَى ٰ } قرأ الأعمش، وحزة : إن تضل بكسر الهمزة ، جعلها حرف شرط فتذكر، بالتشديد ورفع الراء وجعله جواب الشرط. وقرأ الباقون بفتح همزة : أن، وهي الناصبة ، وفتح راء فتذكر عطفاً على : أن تضل وسكن الذال وخفف الكاف ابن كثير، وأبو عمرو. وفتح الذال، وشدّد الكاف الباقون من السبعة . وقرأ الجحدري وعيسى بن عمران: تضل، بضم التاء وفتح الضاد مبنياً للمفعول، بمعنى : تنسى ، كذا حكى عنهما الداني.وحكى النقاش عن الجحدري: أن تضل، بضم التاء وكسر الضاد، بمعنى أن تضل الشهادة ، تقول: أضللت الفرس والبعير إذا ذهبا فلم تجدهما. وقرأ حميد بن عبد الرحمن، ومجاهد: فتذكر، بتخفيف الكاف المكسورة ، ورفع الراء ، أي فهي: تذكر وقرأ زيد بن أسلم: فتذاكر، من الذاكرة . والجملة الشرطية من قوله {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ } على قراء ة الأعمش وحمزة قال ابن عطية : في موضع رفع بكونه صفة للمذكر، وهما المرأتان. انتهى . كان قد قدم أن قوله {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاء } في موضع الصفة لقوله {فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } فصار نظير: جاء ني رجل وامرأتان عقلاء حبليان، وفي جواز مثل هذا التركيب نظر، بل الذي تقتضيه الأقيسة تقديم حبليان على عقلاء ، وأما على قول من أعرب: ممن ترضون، بدلاً من: رجالكم، وعلى ما اخترناه من تعلقه بقوله: واستشهدوا، فلا يجوز أن تكون جملة الشرط صفة لقوله: وامرأتان، للفصل بين الموصوف والصفة بأجنبي،وأما: أن تضل، بفتح الهمزة ، فهو في موضع المفعول من أجله، أي لأن تضل على تنزيل السبب، وهو الإضلال منزلة المسبب عنه، وهو الإذكار، كما ينزل المسبب منزلة السبب لالتباسهما واتصالهما، فهو كلام محمول على المعنى ، أي: لأن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت، ونظيره: أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه، وأعددت السلاح أن يطرق العدو فأدفعه، ليس إعداد الخشبة لأجل الميل إنما إعدادها لإدعام الحائط إذا مال، ولا يجوز أن يكون التقدير: مخالفة أن تضل، لأجل عطف فتذكر عليه.وقال النحاس: سمعت علي بن سليمان يحكي عن أبي العباس أن التقدير: كراهة أن تضل، قال أبو جعفر: وهذا غلط،إذ يصير المعنى كراهة أن تذكر. ومعنى الضلال هنا هو عدم الاهتداء للشهادة لنسيان أو غفلة ، ولذلك قوبل بقوله: فتذكر،وهو من الذكر، وأما ما روي عن أبي عمرو بن العلاء ، وسفيان بن عيينة من أن قراء ة التخفيف، فتذكر، معناه:تصيرها ذكراً في الشهادة ، لأن شهادة امرأة نصف شهادة ، فإذا شهدتا صار مجموع شهادتها كشهادة ذكر، فقال الزمخشري: من بدع التفاسير. وقال ابن عطية : هذا تأويل بعيد غير صحيح، ولا يحسن في مقابله الضلال إلاَّ الذكر. انتهى . وما قالاه صحيح، وينبو عنه اللفظ من جهة اللغة ومن جهة المعنى ، أما من جهة اللغة فإن المحفوظ أن هذا الفعل لا يتعدى ، تقول: أذكرت المرأة فهي مذكر إذا ولدت الذكور، وأما: أذكرت المرأة ، أي: صيرتها كالذكر، فغير محفوظ. وأما منجهة المعنى ، فإن لو سلم أن: أذكر، بمعنى صيرها ذكراً فلا يصح، لأن التصيير ذَكَراً شامل للمرأتين، إذ ترك شهادتهما بمنزلة شهادة ذكر فليست إحداهما أذكرت الأخرى على هذا التأويل، إذ لم تصير شهادتهما وحدها بمنزلة شهادة ذكر. ولما أبهم الفاعل في: أن تضل، بقوله: إحداهما، أبهم الفاعل في: فتذكر، بقوله: إحداهما، إذ كل من المرأتين يجوز عليها الضلال،والأذكار، فلم يرد: بإحداهما، معيَّنة . والمعنى : إن ضلت هذه أذكرتها هذه، وإن ضلت هذه أذكرتها هذه، فدخل الكلام معنى العموم،وكأنه قيل: من ضل منهما أذكرتها الأخرى ، ولو لم يذكر بعد: فتذكر، الفاعل مظهراً للزم أن يكون أضمر المفعول ليكون عائداً على إحداهما الفاعل بتضل، ويتعين أن يكون: الأخرى ، هو الفاعل، فكان يكون التركيب: فتذكرها الأخرى . وأما على التركيب القرآني فالمتبادر إلى الذهن أن: إحداهما، فاعل تذكر، والأخرى هو المفعول، ويراد به الضالة ، لأن كلاًّ من الأسمين مقصور، فالسابق هو الفاعل، ويجوز أن يكون: إحداهما، مفعولاً، والفاعل هو الأخرى لزوال اللبس، إذ معلوم أن المذكرة ليست الناسية ، فجاز أن يتقدّما لمفعول ويتأخر الفاعل، فيكون نحو: كسر العصا موسى ، وعلى هذا الوجه يكون قد وضع الظاهر موضع المضمر المفعول، فيتعين إذناك أن يكون الفاعل هو: الأخرى ، ومن قرأ: أن، بفتح الهمزة و: فتذكر، بالرفع على الاستئناف، قيل: وقال: إن تضل إحداهما، المعنى : أن النسيان غالب على طباع النساء لكثرة البرد والرطوبة ، واجتماع المرأتين على النسيان أبعد في العقل من صدور النسيان عن المرأة الواحدة ، فأقيمت المرأتان مقام الرجل، حتى إن إحداهما لو نسيت ذكرتها الأخرى ، وفيه دلالة على تفضيل الرجل على المرأة . و: تذكر، يتعدّى لمفعولين، والثاني محذوف، أي: فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة ، وفي قوله {فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلاْخْرَى ٰ } دلالة على أن من شرط جواز إقامة الشهادة ذكر الشاهد لها، وأنه لا يجوز الاقتصار فيها على الخط، إذ الخط والكتابة مأمور ربه لتذكر الشهادة ، ويدل عليه قوله: {إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وإذا لم يذكرها فهو غير عالم بها.


ولن أدخل في نقاش التفاسير المختلفة حيث اغلبها اعتمد على نقص عقل المرأة وتفضيل الرجل عليها وآخرين اعتبروا شهادتها مقبولة في المعاملات المالية فقط و أخر اعتبر النسيان خاص بالنساء حسب تقلبات الطقس .


الآية الكريمة تتناول موضوع الدين والذي يدخل ضمن أثبات حقوق الآخرين والشهود رجلين وان لم يكن فرجل و أمرآتان ممن ترضون من الشهداء فهي تعتمد على أهلية الشهود أي من يتمتع بالعدل والصدق وذكر أمرآتان أن تضل احدهما فتذكر احدهما الأخرى أن نسيت تذكرها باعتبار النساء لم يكن لهن الخبرة في مجال المعاملات المالية في ذلك الوقت وانحصرت اهتماماتهن في محيط الأسرة والأمور الأخرى التي تدخل ضمن هذا الإطار.

واعتقد ان الجميع يتفق معي فيما يخص النسيان عند الإنسان بشكل عام حيث يعتمد على عدة أمور منها الخبرة الشخصية ومستوى التعليم والثقافة الذاتية ولذكر مثال على ذلك الطبيب أو المبرمج الذي درس وتخرج من الجامعة ولم يعمل في مجال تخصصه العلمي ، ان كان طبيبا جراحا أو مبرمجا وعمل كلا منهما في مجال مختلف عن دراسته الأكاديمية ، في الأعمال الحرة التجارة أو الفن مثلا هل يستطيع الطبيب ان يجري عملية جراحية وهو لم يزاول مهنة الجراحة نهائيا بالطبع لن يستطيع ذلك لأنه يتطلب منه ممارسة عملية . والمبرمج الذي تعلم لغات عدة في البرمجة لكنه لم يستخدمها في عمله هل لديه القدرة ان يستلم عمل يتطلب منه استخدام لغة برمجة تعلمها سابقا ولم يطبقها على مشاريع معينة بالتأكيد لا وسيلزمه بالتأكيد العودة الى دراسة هذه اللغة كما لو أنه لم يتعلمها من قبل .

وسأذكر بعض الآيات القرآنية التى تحدثت عن النسيان مع أول الخلق أدم عليه السلام و رسل الله يوسف وموسى عليهما السلام .
بسم الله الرحمن الرحيم

(ولَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) [طه:115]

(وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) (سورة يوسف:42)

(َفوجَدَا عَبْدًۭا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَـٰهُ رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًۭا ﴿65﴾ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًۭا ﴿66﴾ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ﴿67﴾ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ خُبْرًۭا ﴿68﴾ قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًۭا وَلَآ أَعْصِى لَكَ أَمْرًۭا ﴿69﴾ قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًۭا ﴿70﴾ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْـًٔا إِمْرًۭا ﴿71﴾ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ﴿72﴾ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًۭا ﴿73﴾ (سورة الكهف).

فالنسيان حالة تصيب أي إنسان لأنه خلق بهذه الطبيعة والنسيان أيضا من نعم الله علينا ولولاه لما أستطاع الإنسان منا ان ينعم بالعيش لفراق وموت إنسان عزيز عليه أو تعرضه لحادث مؤلم أو تعاطيه مع مواقف مرعبة أو مخيفة في حياته وهذا من فضل الخالق علينا ورأفة ورحمة لنفوسنا الضعيفة.
وفي الشهادة بشكل عام في القضايا الجنائية أو المخالفات الإدارية أو في المعاملات المالية والقضايا الأخرى هل شهادة المرأة غير كافية وهل يطلب القاضي امرأة أخرى أي مهزلة نعيش في هذا القرن؟

وعليه الروايات التي تناولت نقص عقل المرآة واعتمدت على هذه الآية الكريمة روايات ضالة ومضلة ويفند هذا الهراء ان الإنسان خلق في أحسن تقويم ولا يمكن ان تكون الأنثى ناقصة عقل وتحاسب على الأعمال كما الذكر الذي خلق لا يعاني من هذا النقص، للآسف الروايات تعاطت مع قضايا المرآة وحقوقها المختلفة بازدراء ودونية والتعامل معها ككيان تابع للرجل وليس كانسان منح الحرية من رب العباد ، تم الحجر على عقلها ووصفت بهذا النقص وحرم عليها ان تكون إنسان خلق بالعقل منحة الرب وبالتالي حريـة الاختيار والسعي في الدنيا وطلب العلم والحصول على الوظيفـة والتدرج في السلم الوظيفي وان تكون في مراكز قيادية عليا، رئيسة حكومة ولما لا وهي تتمتع بكل المؤهلات والشهادات العلمية والعملية لقد خاضت الأنثى مجالات عديدة في الحياة ونجحت في مجالات عديدة كانت سابقا مقتصرة على الذكر في مجال الطب والهندسة والتجارة وفي بعض الدول العربية شاركت في الحكومة بمنصب وزير لكن للأسف ما زالت الروايات تقف لها بالمرصاد وتعمل على هز مكانتها من وقت الى أخر.

وأقول لماذا تعاني المرآة العربية والمسلمة من الاضطهاد والظلم والتبعية و ينفي الدين الإسلامي وتعاليمه الحنيفة هذه الممارسات ويدعوا الى الحرية والعدل والمساواة للبشرية جمعاء.

لماذا هذا الجهل والتخلف في مجتمعاتنا العربية التي ما زالت العادات والتقاليد البالية والمقيتة والمتحجرة منذ العصر الجاهلي ما زالت متبعة ، قديما قاموا بوأد البنات واعتقد ما زالت الفكرة قائمة وبشكل أبشع من ذي قبل حيث الممارسات التي تتعرض لها الأنثى منذ الصغر في التمييز ما بينها وما بين شقيقها الذكر ومن ثم التعامل معها على أساس أنها ضلع قاصر وهنالك دائما مـن هـو المسئول عنها ان كان الأب أو الأخ أو الزوج وتخضع لرقابة مشددة بعكس شقيقها الذكر وكل أفعاله الخارجة عن أي مألوف مبررة والدفاع عنه جاهز فهو ولن يتعرض له المجتمع وهي المراقبة من الجميع من أهل بيتها ومن الجيران ومن زملائها في العمل وتحاك حولها القصص والأقاويل فهي ليست إنسانة تخطأ وتصيب وإنما آلة مبرمجة مسبقا بكم هائل مـن العادات والتقاليد وثقافة العيب والحلال والحرام وكل التعقيدات والأغطية العديدة التى حجبتها و جعلت منها إنسان غير مؤهل للعيش إلا ضمن مشرفين ومراقبين كثر.
وأعتقد أن الآوان ان يعلم الجميع ان الاستبداد الحاصل في مجتمعاتنا العربية أساسه التربية والتي تأثرت بالكم الهائل من الروايات التي اعتمدت على نصف المجتمع الذكر وهمشت النصف الملازم والشريك له الأنثى وهي الأم المربية بالتالي همشت الذكر بشكل أو بأخر لآن من يمارس عليها الظلم والاضطهاد لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تقوم بتربية جيل يتطلع الى الحرية والكرامة .

والآن سوف أتطرق الى شهادة الطبيبة النسائية التي اعتبرها القاضي الشرعي غير كافية لأنها أمرآة ؟؟

والقضية أثيرت من قبل فتاة اتهمها زوجها في ليلة زفافهما بأنها ليست عذراء وما رافق الاتهام إهانات وتطاول عليها وسحق كرامتها ولم يسمع منها قط ومناشدتها بعدم التسرع وان يخاف الله وهي على استعداد للذهاب الى أي طبيب حتى يقوم بالكشف عليها ، لكن دون جدوى بل سيل الاتهامات والتجريح مستمر دون انقطاع ، وفي الصباح الباكر ذهب الزوج الى القاضي وقام بطلاق زوجته العروس والسبب لم تكن بكرا.
الزوجة تقدم دعوة ضده بسبب أفعاله المهينة والتشكيك في عذريتها وبالفعل تعمل على زيارة الطبيبة مع والدتها وتشرح لها ما تعرضت له .
الطبيبة تكشف عليها وتقول لها لا تأسفي على إنسان أساء لك وركن للعادات والتقاليد المتخلفة التي تبيح له ذلك ويريد ان يحظى بالنتائج من اليوم الأول وبالفعل قامت الطبيبة بكتابة تقرير طبي يفيد بأنها ما زالت عذراء .
الفتاة تنتظر الدخول الى القاضي الشرعي حيث موعد الجلسة لسماع أقوالها وبالفعل دخلت عند القاضي والذي قام بسؤالها وطلب منها التقرير الذي يفند إدعاء زوجها بأنها ليست بعذراء وبالفعل سلمت القاضي التقرير وبمجرد ان لمح أسم الطبيبة قال لها على الفور الطبيبة امرأة وشهادتها غير كافية ..............
الفتاة مصدومة ماذا تقول ؟؟؟؟
القاضي الشرعي : يجب ان تكون هنالك امرأة أخرى أو تقرير أخر من طبيب ذكر .
الفتاة تستلم التقرير من القاضي وتخرج من عنده مذهولة مما سمعت ولسان حالها يقول أي تخلف وجهل هذا الذي يحمله عقل الرجل في أي منصبا كان .
راجعت الفتاة الطبيبة وسردت لها ما حصل معها عند القاضي وعلى الفور قامت الطبيبة بالاتصال مع الجهات المختصة وبالتالي تم استبعاد القاضي عن القضية وتسليم ملف القضية الى قاضي أخر حكم لصالح الفتاة بناء على تقرير الطبيبة .

وانا اليوم اسأل كيف يتم الركون الى روايات ضعيفة وتفسير نصوص القرآن الكريم على أهواء البشر وكيف تم ربط موضوع آية الدين بشهادة الطبيبة النسائية والتي درست وتعلمت أكثر من عشر سنوات حتى تحصل على هذه الشهادة العلمية كم عدد النساء اللاتي عملت على تطبيبهن و الأشراف عليهن وكم من ذكر ولد على يد هذه الطبيبة التي تم رفض شهادتها من قبل القاضي الذي فهم النص القرآني كما فسره الأغلبية وكونها امرأة فهي ناقصة عقل ودين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أخيرا أقول ان المجتمع العربي ما زال يمارس التمييز وبشكل مخيف ما بين الذكر والأنثى وما زلنا نعيش مسميات وروايات تدعم هذا التمييز وما زال الأمل يراوح مكانه في نفض الممارسات المختلفة التي تعاني منها الأنثى حتى هذا اليوم .



#لينة_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هي وهو وآخر
- روايات بخاري وكرسي الحكم لهما فعل السحر
- غطاء الرأس عادة أم موضة
- شاليط اسم يستحق ان يذكر في تاريخ العرب بلا فخر
- توأم روحي


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لينة محمد - شهادة الطبيبة نصف شهادة الطبيب