أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده















المزيد.....

المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1057 - 2004 / 12 / 24 - 08:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تاركاً صليبة في مفترق الطرقات التي يزدحم فيها الفقراء من الناس بين بيوت بيت لحم وشوارع كربلاء والنجف .
يذرف دموعه مرعوباً من ملثمين يقتلون الفقراء والضعفاء والطيبين ممن لم يحملوا شفرة أو مدية أو سكين مطبخ ، فيواجهوا المسدسات والبنادق الأوتوماتيكية والعبوات الناسفة .
ماشياً حافياً في الطرقات التي ملأتها الحجارة متعثراً بالشوك الذي يدمي جبينه .
باسطاً يديه نحو السماء .
الحق يحرركم فأتبعوه .. من يسمتمع لهذا أيها المبجل وأنت تترك ألمك ومواجعك منتشرة بين دروب الفقراء والجياع والمتخمين بروح القوة والمحبة .
طهروا أرواحكم قبل أجسادكم ، وتصرخ في البراري ايها البشر أنشروا المحبة فتخطأك رصاصة غادرة مرت بجانب جسدك النحيل تخترق بيت من بيوت الله ، لاتكترث لها وليس ثمة مايدفعك للالتفات او الأندهاش ، فثمة أجساد تتبعثر على مفارق الطرق الفقيرة بعد ان عافها الحمام والسكينة وملأتها الشظايا وبقايا الحفر الناتجة من تفخيخ السيارات .
لم تزل الجلجلة ترافق موكبك الهاديء الفقير البسيط وأنت تسير وحدك دون ضجة ودون ان يعرف عن مسيرتك الأعلام والملثمين .
كل يوم من حياتنا صار أحد ، وبدأنا نرتل صلواتنا تختلف كتبنا ويختلف لساننا وتختلف لغتنا لكنه هو الله الذي يرسم ملكوته فوق ضمائرنا وعيوننا وقلوبنا ، وانت تشير الى الروح ولم يزل اكليل الشوك يدمي جبهتك الحنطية ، منهكاً متأنياً في مشيتك ايها المخلص دون صليب .
بصوتك الخفيض الهاديء المنطلق من بين ثنايا شفتيك المتشققتين عطش وتعباً ، تجيء كلماتك تطعم الروح من جوعها وتنشر المحبة بين اركانها وتشيع التسامح فوق ارتفاعات حروفها .
يعوزنا مجد الله ، تمجد اسم الله في الأعالي ، خطايانا التي تنتشر مثل أشلاء ضحايا التفجيرات القاتلة ، دمائنا التي ترتسم فوق الجدران والأرصفة ، وارواحنا التي أمتلأت حزناً .
وهم خلفك منتصراً على خطاياهم دون ضجة أو سلاح .
تخترق الحزن والطير فوق كتفك الأيمن ، مباركة خطواتك عبر طريق الأحزان والألم .
طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات ، وانت توزع طيورك البيضاء فوق الرؤوس
و تلتفت الينا لتقول لنا لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا
و من اراد ان يخاصمك و ياخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا .
لم يكتفوا ياسيدنا بالرداء وبالجروح فقد سلبوا من أطفالنا الأبتسامة ، ونزعوا من أيامنا المساءات الدافئة ، وبعثروا خطاياهم في الهواء ، وسيبقى طريق الجلجلة طويل لايوصلك لبيت تستريح فيه ، فقد فجروا بيوت الله بالقنابل الموقوتة وبالسيارات المفخخة .
وجدنا الصليب فوق أكتافنا قبل ان نموت ، وصارلنا موسم للموت في كل المواسم ، وصرنا نلوك موتنا ونعد اعمارنا بلحظات تمنحنا فرصة للشهيق .
لاأجراص تدق ولاتراتيل ننشدها اليك ايها الفادي .
ولاقوس قزح ولادمعة فرح نجلجلها في يوم ميلادك ، لاعصى تتوكأ عليها ولاأبواب مفتوحة ندخلها سوية ، وتبقى طلقاتهم تثقب الفضاء دون ان تنال من وجهك الناحل ، ودون ان تدعنا نرتل وأياك أناشيدنا .
وتكتب فوق لوح ارواحنا تُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ ، ولكنها منقوشة خطاياهم في سحنات وجوههم ايها المبجل ، تشير بيديك الينا من انهم أن تابوا يغفر الله لهم .
لنتمم خلاصنا بالمحبة ، ونتمم خلاصنا بالتسامح ، ولندع أرواحنا تتخطى حاجة الأجساد ، ونسأل فيعطينا ، ونطلب فنجد ونقرع فيفتح لنا ، ولكل من يسأل منا يأخذ ومن يطلب منه يجد .
دمنا المستباح ومدننا الممتلئة بالقتلة والسفاكين والملثمين ، والخطايا التي تنتشر في الهواء ، ولوعة الأطفال والمحرومين من كسرة الخبز يا أمير المظلومين والمحرومين .
حزننا الذي أكل ارواحنا ، وتطلعنا نحو الدرب الذي تسلكه كل عام دون صليب ، وتتحدث لنا عن المسرة التي كانت في الناس ، وتطل علينا وجوه ملثمة ليس لها ملامح تفجر ارواحها لتقتل ، وتمنح أنفسها سطوة القتل والأغتيال الحلال ، وتمنح أنفسها صلاحية أن يصير كل ماللخطايا من معاني حلالاً عليها ، وتمنع مرور الفقراء في درب الالام والجلجلة .
فيتوقف الأحتفال .
حزننا يكبر ايها الكبير ، وأرواحنا الباقيات تائهات ، ومن رحلت لم تزل هائمة في دروب الفقراء مابين بيت لحم وأزقة الكاظمية والنجف وسامراء .
أنهم يصبغون الشوارع والبيوت ، ويطلون حيطاننا وأبواب الكنائس والجوامع ، ويغتسلون فجراً بالدماء ، وصار الوضوء ياسيدي بالدماء ( الحلال ) .
ويتوقف المنشدين عن الأسترسال فثمة من يمنع الأناشيد والعزف وقرع الأجراس في برج الكنسية ، ليس لأبنائك من مقام تحت هذه الشمس التي جعلها الله لكل البشر دون أن يهتم لقومية أو لدين او لغة أو لجنس .
ويتوقف الطيبين عن طيبتهم فثمة خوف يبرقع أيامنا ، ومجهولاً يترصدنا ويترقب أنفاسنا .
تاركا صليبه بين ازقة المدن التي مزقتها القذائف ، حاملا طيبته وانوار ميلاده في قلبة الذي يتسع لكل الدنيا ، ماسكاً بثقة شموعه بيديه ينير الظلمة الحالكة ، يبحث عن اشلاء طفل بقيت بين خراب البيوت في الناصرة او في البياع او كربلاء ، دموعه تصير لاليء حمراء قانية من دمهم ، تحجر قلب البشر وعميت بصائرهم وماعادوا يسمعون مايقوله يسوع ، رغم انه واهناً فقد رفع صوته لكنهم كانوا دون أجهزة للسمع أو للبصر ، فقد شدوا احزمتهم الناسفة حول خصرهم ، وتحدثوا بلغة غير لغة المسيح ، ثم فجروا كنيسته الطاهرة .
توقفت جوقة المنشدين ، وتوقف العزف الكنسي المهيب ، وسقطت الأجراس دون ضجيج فقد صارت شظايا .
ليس لميلادك ايها القادم بوداعة الحمائم أحتفال هذا العام !!
ليس لميلادك في زحمة الجثث ورائحة الموت المنتشر بين شوارع الفقراء وسيارات الفقراء ان تتجمع أحبتك يشاركوا بتمجيد أسم الرب في الاعالي أو على الأرض السلام وفي الناس المسرة .
لم يعرفك الملثمون ولم يسمعوا بولادتك التي جلجلت الأرض .
لم يسمعوا ماتقول فقد صملت آذانهم ومسحت سحنات وجوههم ، فباتوا لايرون سوى الدم والموت والأقبية ، وصارت ملامحهم واحدة يخشون ان تختلط فلايعرف واحدهم نفسه ، ولذا يتلثمون بلثام يمتليء بطعم الدماء الحلال .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن نعطي ثقتنا .. لمن نعطي صوتنا
- ممدوح ياممدوح .. نودعك الى مصياف
- مزقوا شهادة الجنسية العراقية
- بيان تأسيس التجمع العر بي لنصرة القضية الكردية
- ستبقى المسيحية خالدة خلود العراق
- الأيزيدية تحت مطرقة الأرهاب
- مأساة حلبجة الانسانية المغيبة
- الأمة العربية الى الوراء در
- حوار شفاف عن القضاء العراقي
- حق الكرد في الأختيار السياسي
- الكرد الفيلية مرة اخرى
- تأجيل الأنتخابات
- الطائفية المقيتة
- الأغلبية والأقلية
- القائمة الأنتخابية الموحدة
- أغتيال الأيزيدية
- مفارقات الزمن الأغبر
- غلق التحقيق لمجهولية الفاعل
- حرامية العراق
- خراب الروح وتزوير التاريخ


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - زهير كاظم عبود - المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده