أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 16)















المزيد.....



فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 16)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 16:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى داخل كل منا عقل ملحد .. عقل يثير وينقد ويرفض .. عقل نُمارس عليه كل أشكال الخجل والقهر .. نلفظه فهو مُقلق يستدعى المتاعب والألم ..نتبرأ منه فهو ليس عقلنا بل وسوسة هذا الشيطان اللعين .. نهرب منه .. نحاول تجرع جرعات من العقل المُسالم المُستسلم .. نحاربه بخلق حجج واهية تجعلنا نرجع لحظيرة الإيمان بسلام .. لا يوجد عقل بلا إلحاد .

من منا لم يشك فيما تم إلقاءه عليه من غيبيات إبتداء من فكرة الله حتى الجن والثعبان الأقرع .. هل يوجد من لم يتبادر فى ذهنه ولو لمرات قليلة أسئلة تنال من ميراثه الغيبى الإيمانى .. لا أعتقد أنه يوجد إنسان على وجه الأرض لم يتوقف أمام ميراثه الفكرى سواء دينى أو غيره ولو للحظات قليلة ليتأمل هذا الميراث الزخم ويثير حوله الأسئلة والشكوك .. بالفعل قد يهرب منه سريعا آثراً السلامة والراحة بحكم وطأة الوسط الإجتماعى الناهى والرافض لتدوال مثل هذه الأفكار , ولكن يستحيل أن تنعدم فكرة شاكة تخربش وتنال من الموروث , كما يستحيل أن تغادره بل ستظل مدفونة فى دهاليز الدماغ فقد تم إختزانها لتظل حبيسة إلا أن يحين إثارتها مرة أخرى أو يتم تخديرها وترويضها دوماً .. لن نجد إنسان لم يتبادر فى ذهنه أفكار مضادة تنال من ميراثه الفكرى ولو تبجح احد بالقول أنه لا سبيل له من الأفكار الشاكة التى تراجع موروثه الفكرى فمن المؤكد انه خارج تكوين الفكر العقلانى .!!

لا تكون هذه الرؤية من باب الإدعاء والتعسف , فالفكر الشاك والناقد هو طبيعة آليات العقل البشري فلا يوجد وعى ولا فكر بدون أن تكون الفكرة الشاكة الناقدة فى لحمية الفكرة ذاتها.. فالفكرة لا توجد منفردة بدون أن تجد ما يناقضها , بمعنى أن الحياة تتسم بصراع الأضداد فلا توجد مفردة فى الوجود دون ان يكون ضدها كامناً وملتحماً ومتغلغلاً فى داخلها ليتم الصراع الداخلى بغض النظر عن مدى هيمنة وسطوة فكرة فسيظل نقيضها حاضراً ولو متوراياً .
أى فكرة شديدة البساطة لن تدخل العقل البشرى وتجد لها مكاناً إلا بعد أن تمر على مراجعة فى الداخل من مفردات تم إعتمادها سابقاً بناء على مشاهدات وخبرات مادية وهذا هو منهج الشك الذى نتحدث عنه بغض النظر إنها قد تتوارى بعيداً فى دهاليز الدماغ تحت إلحاح عوامل نفسية تطلب ذلك .

لا توجد فكرة تعيش وتتحرك تحت تأثير قطب أحادي وإن بدا لنا تفرده ولكن يبقى فى نسيجها الداخلى قطب آخر أو عدة أقطاب تنازعها , تقوضها , تنقدها تتعامل معها وإن خبا صراخها , فالفكرة لكى تتواجد فى الدماغ فلابد ان تخوض صراعها , وصراعها هنا ليس بالضرورة شئ محسوس يتسم بالحدة والوضوح والإدراك وهذا واضح فى مجمل حياتنا العملية فلا تطرح علينا فكرة لتجد سبيلها للدماغ دون أن نقلبها يميناً ويساراً ونقارنها بما فى الأرشيف الدماغى من محددات مادية .
الفكرة لكى تكون فكرة فملامحها تتشكل بما هو متواجد من تنوع هائل ومن خلالها تعلن وجودها كملمح آخر لتركيب الصور.. فالسماء لن تجد حضورها بدون الارض والإنسان لا يُدرك الا فى وجود الكائنات الحية الاخرى والإسلام لا يُعرف الا فى وجود إديان ومعتقدات مختلفة وفكرة الله لن تتواجد إلا فى وجود فكرة آلهة أخرى .

الفكرة ذاتها لن تمر بدون أن تجد مقصلة النقد بمعنى أن كل مفردة من مفردات الفكرة فى تعاطيها مع العقل سيقارنها بتجاربه السابقة وما هو مستقر فى الذهن من مفردات مادية , فالفكرة مهما كان درجة شيوعها وقبولها فلن تمر هكذا بلا مقاومة وإلا أصبح الإنسان ماكينة حاسوب تعبأ فيه الأفكار وليس لذهنه أى فعل أو تفاعل - هو يمرر الفكرة بعد ان يضعها على كفة ميزان وما يناهضها على الكفة الأخرى , وبالطبع ليس بالضرورة بميزان عادل فلا يتساوى البشر فى هذا الأداء فهناك من يميل بكفة فكرة ما لإعتبارات نفسية خاصة وعميقة ومؤثرة ولكن يستحيل ان تبقى كفة الفكرة الناقدة الشاكة خاوية فسيتبقى فيها ولو شئ بسيط .

المنهج الناقد الشاك لصيق بتواجد الفكرة فلا توجد فكرة إلا ويصاحبها نقدها لأنها دخلت إلى الذهن الإنسانى كجملة طويلة كثير من مفرداتها ظنية إستنتاجية افتراضية غير ملموس كل حدودها لذا فهى لن تجد الإستجابة والتسليم التام فليس كل مفرداتها هى صورة شجرة التى نعهدها مثلاً .. بل تزداد إحتمالية ورود الشك عندما تحمل الفكرة الكثير من الإفتراضات المتعسفة والغير منطقية فتزداد الريبة كون المادة فى صورها الطبيعية هى الشفرة الوحيدة التى يدركها الذهن البشرى .

منهجية الشك ستجد حضورها فى أى إنسان مهما كان درجة تطوره الحضارى والثقافى ولكن بالتأكيد ستتفاوت بشدة من إنسان لآخر لتبدو غير واضحة الملامح فى فرد عن آخر , كما ستكون فاعلة وحيوية فى مجالات ومتقوقعة ومنقرضة فى مجالات أخرى , ففى حياتنا العملية سنجد النهج الشاك وارداً فاعلاً حتى مع أقل البشر حظاً من الثقافة والمعرفة وهذا واضح للعيان فى مجمل علاقات حياتنا الحيوية فلن تمر فكرة أمامنا بدون أن نتوقف عندها لنراقبها وفق ما لدينا من مشاهد مادية وخبرات وأدوات منطقية لنمنحها رخصة المرور .. بل يمكن إعتبار الفكر الشاك هو سبيلنا الوحيد نحو التقدم والتطور فالجديد لن يأتى إلا من رحم نقد القديم وتجاوزه لتظهر فى أحضان الجديد بالضرورة التناقض الداخلى لتتحرك منهجية الشك مرة أخرى لتتجاوز هذا الجديد إلى حالة أخرى فى جدلية رائعة تعطى للحياة معنى وقيمة .

نحن لا نشك فيما هو مَحسوس وملموس ومنفرد فلا نشك فى وجود الشجرة مثلاً لذا نعتبرها مفردة فى الذهن ولكن نتشكك فى الفكرة التى تتخلق من مجموعة صور يتم تركيبها ولصقها مكونة فكرة تراود خيالنا .. فلابد هنا أن يظهر الفكر الشاك ليناهضها حيناً وينتقدها حيناً فالفكرة هنا ليست الشجرة فقط بل مجموعة من الصور قد تتواجد صورة الشجرة فيها كصورة مفردة وسط مجموعة من الصور المتباينة التى قد تتصادم مع مفرداتنا وخبراتنا المادية المعتادة , وكلما إقتربت الصور من الملموس والمفردات الوجودية المخزنة قل مستوى الشك .

لو قال لنا أحد أن هناك حمامة تطير فلن تتخلق فى داخلنا منهجية الشك , فلدينا مفردة معرفية للحمامة التى تطير ولكن لو قال أحد أن هناك شجرة تطير فهنا تم تركيب فكرة من صورتين إحداهما الشجرة الثابتة فى الأرض والأخرى تستعير خاصية الطيران من طائر لذا ستتحرك منهجية الشك لعدم اعتياد هذا المشهد , بالطبع يمكن تمرير فكرة الشجرة التى تطير بفعل هيمنة القائل وتأثيره النفسى كما فى قصة البراق وغيرها من القصص , وهذا هو ما نطلق عليه " الإيمان " , ولكن الفكرة لكى تمر عبرت مستوى الشك حتى ولو تم التعسف معها وسيتم تخزين هذا الموقف فى الدماغ ليتم إستدعاءه مرة ثانية أو التعتيم عليه وحجبه بتعسف ولكن سيظل مسجلاً فى شفرة الدماغ حتى لو تم نسيانه أو كبته وإلا فأين سيكون مثواه .!

تزداد منهجية الشك فى الداخل الإنسانى من تشويش العقل الإنسانى من خلال المنظومة الإيمانية ذاتها فكلما حاول الإنسان أن يصنع صور لمنظومته الغيبية قفز اللاهوتيون لينسفوا أى صورة متخيلة تجعل الفكرة تتلمس لها مكاناً فى العقل .. فالله ليس كمثله شئ - غير محدود فى المكان والزمان - غير مادى بل روح مجهولة التعريف والإدراك .. لتصبح أكبر معلومة يرثها الإنسان غير متحققة ولا صلة لها بواقعه ووعيه لتزداد حضور الفكرة الشاكة فى الداخل .

تتصاعد الفكرة الشاكة متى إمتلكت الفضاء الذى يسمح لها بالإنطلاق بدون خوف أو فوبيا تؤرقها وتحد من إنطلاقها فنحن سنشك فى القصص الواردة عن إنسان بالهند يحيي الموتى ويطير فى الهواء ولكننا لن نصعد من شكوكنا متى جاءت بموروث مكلل بالهيبة والقداسة كالذى يولد بغير جماع ويحيي الموتى ويركب بغلته محلقا بها فى الفضاء .. فى الحقيقة نحن تشككنا أيضاً ولكن ذهب شكنا فى جانب بعيد من دهاليز الدماغ محاولين إخفائه تحت تأثير عوامل نفسية عميقة تحثنا على ذلك .

لذا لا يقول لنا أحد أنه لم يشك ولم يتبادر فى ذهنه أى شكوك فى منظومته الغيبية الحافلة بأفكار مركبة من صور كلها خيالية وبعيدة كل البعد عن مفرداته العقلية والمنطقية , ولكن يمكنه القول أنه إستطاع أن يقهر هذه الأفكار الشاكة التى راودته دون أن يقدم لها حلاً ليحجبها فى دهاليز الدماغ حتى لا يدعها تثار أو تتصاعد تحت رغبته فى أمان نفسى وخوفاً من شك لا يمكن إحتماله يدخله فى صراع لا يريده مع وسط إجتماعى حاضن لهذه الغيبيات ... وعليه يمكن تفسير إدعاء الدوغما الدينية عند قولها أن هذا الإنسان قوى الإيمان فما هو إلا إنسان إستطاع حجب وسحق أفكاره الشاكة ليسكنها فى دهاليز الدماغ فلا يستنهضها بل يخفيها بعيداً كما لا يتوانى عن تقديم أفكار بديلة يخدر بها أفكاره الشاكة وهو ما سنعرضه لاحقا .

نجد الحماس والحمية الشديدة للمؤمنين تجاه أديانهم ومذاهبهم وأنبياءهم حتى يُخيل لك أنها تعلو فى الإهمية والإستحقاق على كافة الغيبيات التى يعتنقونها وهى ملحوظة بالفعل ويمكن تلمسها , وقد عزينا هذا الأمر فى بحث سابق أنه شكل من أشكال الهوية والإنتماء الإجتماعى ليصبح الدين أو المذهب أوالنبى هو شعار ورباط الجماعة الإنسانية محققة للفرد إنتمائه وأمانه فى الذوبان داخل المجموع .
بالطبع هذه الرؤية نعتمدها ولا ننتقص منها وهى ماثلة للعيان فى كل صورها ومشاهدها ولكن يمكن إضافة عامل داخلى عميق يصب فى رؤيتنا , فالدين أو المذهب أو النبى أو المكان المقدس هى أشياء حاضرة ولها ملمس واضح من خلال حضور الصور المتخيلة والمنظورة بينما الغيبيات المتمثلة فى الله والملائكة والجن والشياطين واليوم الآخر غير حاضرة ولا ملموسة بل تم إقحامها فى الدماغ يخشى أن يلفظها خوفاً من هيمنة أصحاب الفكرة فيجد العقل حيلته فى التمسك والتعصب لأشياء مقدسة لا يجد فيها رفض ذهنى قوى وفى نفس الوقت تجد حضور فى الداخل مصحوبة بعاطفة قوية ليزود عنها ويعتبرها قضيته .

الفرق بين العقلية الدينية والعقلية الإلحادية هى القدرة النفسية على التعاطى مع الأفكار الشاكة فإذا كان هناك من يكشف عنها ويتعامل معها بجرأة ليصعدها ويمنحها المزيد من الحركة والإنطلاق والحرية سنجد على الجانب الآخر من يتبرأ منها و يضطهدها ويحجبها محاولاً دفنها فى دهاليز العقل حتى لا تجد لها حضوراً فى عقله الواعى .

إشكالية العقل الدينى أن منهجية الشك يُمارس عليها عملية تعطيل وتجميد وتعسف فلا حضور لها بشكل قوى كمنهج فى التفكير لينحو العقل الدينى نحو التلقين والإستسلام والتشرنق داخلها وينبذ التعاطى معها لتتجمد بالضرورة منهجية الفكر النقدى , لذا لا تندهش لماذا حياتنا إستاتيكية نمطية , ولماذا ننعم بالتخلف , ولماذا لنا القدرة على تحمل أنظمة إستبدادية قمعية لأجيال طويلة , ولماذا لا نقدم للبشرية أى فكر إبداعى بل ننتظر إبداعات وأفكار الآخرين .. فعذراً فمنهج الشك والنقد غائب عنا .

نمطية الفكر الدينى تقتل فينا حرية الفكر فهناك تابوهات كبيرة وحصون عالية تخلق فوبيا ضد أى فكرة ناقدة وشاكة لذا يستسلم العقل الدينى آثرا السلامة وتتولد لديه فى نفس الوقت إرتباط شرطى بأن التعاطى مع منهجية الشك ستثير داخله عاصفة من المتاعب لن يُحمد عقباها لتتعطل ملكة عظيمة وأساسية لتطوير الفكر الإنسانى وتتجمد عن الفاعلية فقد تولدت حالة من الإستسلام و الجمود و الإرتخاء الذهنى .

مقولتنا " اللهم يخزيك يا شيطان " والواردة عند تسلل أى فكرة تنال من ثوابتنا وتتحرك خارج قوالبنا الفكرية هى محاولة منا لطرد الفكرة الشاكة من داخلنا والعودة بها إلى حظيرة الأفكار الثابتة المتقولبة أملاً فى السلامة .. هى محاولة للعقل الدينى بالبحث عن سلامه بأن يهرب ويتبرأ منها بتحميل فكره الشاك لكائن خرافى خلقه لينسب له وزر أفكاره الشاكة , فهذه الافكار ليست منا بل من هذا الابليس اللعين يوسوس بها فى عقولنا ..نحن أبدعنا فكرة الشيطان حتى تفسر قصة الشر فى الحياة وهاهى الفكرة الشريرة التى ستنال من أماننا وثوابتنا تراودنا وتطوف فى عقلنا , لذا سنلعن هذا الشيطان الخالق للفكرة كلما راودتنا ليكون اللعن بمثابة الجرعة التى نتناولها حينما تداهمنا لنخدر أفكارنا الشاكة بعد أن جرمناها وتبرأنا منها كمحاولة دؤوبة للتنصل منها بغية سلام نفسى منشود .

مهما مورس من محاولات لقمع الأفكار الناقدة والشاكة وبدا لنا أننا فى حالة إستاتيكية لا يتحرك فينا الصراع نكون واهمون فكما ذكرنا أن الفكرة لن تكون فكرة إلا فى وجود ما يناهضها فى الداخل الإنسانى وعدم إدراكنا للفكرة الناقدة المناهضة يأتى من كون منهجية النقد والشك غير فاعلة بل تخبو وتضعف من حجم الممارسات القمعية التى تواجهها وإستسلامنا لها ولكن لن تنزع فكرة النقد والشك من الجين العقلى بأى حال من الأحوال .

تقبع فى دهاليز العقل الدينى الأفكار الشاكة لكل منظومته الغيبية والخرافية فهى لم ولن تتبدد هكذا , فالعقل يستطيع إخفاءها وتخديرها ولكن هى فى سبيلها للطفو فى لحظات أخرى وكوسيلة منه لوأدها وعدم إستدعائها لن يكتفى ب " الله يخزيك يا شيطان " ولكن سيبدع أفكار يراها منطقية تكون بمثابة مضادات يتجرعها كلما راودته أفكاره الشاكة أو نشطت منهجية وملكة الشك فى الداخل لتكون بمثابة مخدر فكرى يشل به فاعلية الريب والشك .

دعونا نتناول بعض الحجج المنطقية التى يخلقها العقل الدينى متوهماً أنه عندما يتداولها فقد نال أمانه وسلامه وطرد من داخله افكاره الشاكة أو بمعنى أدق قام بتخديرها جيدا .

- الإرتماء فى حضن القطيع والبحث عن مظلة جمعية .
الإنسان يجد أمانه وسلامه فى المجموع فمنه يستمد القوة والحماية والدعم , ولا يكون الدعم والحماية مقصور على أمنه الحياتى والجسدى بل ينشد سياج نفسى يحميه ويدعمه من خلال الذوبان فى المجموع كمشروع وجود .. لذا تجد الإنسان الدينى يبدد الشكوك التى تراوده من خرافاته الغير منطقية والقصص الساذجة التى لا تخلو من التناقض والبشاعة بالنظر إلى المحيط الجمعى الذى ينتسب له فليس من المعقول أن المليار ونصف مسلم فى العالم هم أغبياء لا يفطنون وشكوكى هى الصحيحة ..ليس من المعقول ان الملياريّ مسيحى فى أرجاء المعمورة على ضلال وشكوكى التى تقتلنى صحيحة .. ليس من المعقول أن الكل غافلون وما ينتابنى من شك وريبة على صواب ,فأنا لست احسن حالاً منهم .. فمن المؤكد أن ما يعترينى هو من الشيطان اللعين!

سأجد وسط مئات الملايين من المؤمنين علماء وأطباء وأساتذة ورجال من علية القوم علما ًوفكرا ً ومكانة ً..أيعقل أنهم على وهم وشكوكى هى الصائبة .. وماذا عمن ينضمون لإيمانى من أصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء هل هم أغبياء أم أن إيمانى ودينى رائع وعظيم .. إذن لابد أن تكون شكوكى خاطئة .
ما يزيد من حجم فعل العالم الخارجى فى إنسحاق الفرد وطرده للفكرة الشاكة هو أن الدين والإيمان أصبح هوية إجتماعية كما ذكرنا تجد حضورها وهيمنتها فى الذوبان داخل المجموع المحتضن بعكس أى فكرة أخرى لا تحتمى فى جماعة بشرية .. إذن العقل الدينى هنا يخلق حجة يراها منطقية يناور بها على شكوكه ويحاول تخدير العقل الناقد بعقل يخلق منطق أعرج يجعله يتجاوز الشك ويقتله ليعيش حياته بسلام .. ولكن هل هذا المنطق سليم أم شديد الهشاشة , فلو قلنا أن هناك مليار يؤمنون بإعتقاد معين فهناك مليارين من البشر يؤمنون بإعتقاد مغاير .. وهل نسينا أن البشرية بأكملها كانت تعتقد فى يوم ما , بأن الأرض منبسطة والنجوم مصابيح فى السماء ليتبدد هذا الفهم مع العلم والمعرفة .. إذن لن ينفع القول بأن الغالبية عندما تؤمن بفكرة محددة ستكون صحيحة إنما هى الرغبة فى قتل الشك والسير فى ركب القطيع

- اللعب فى المربعات الخالية .
الفكر الدينى لن يجد وسيلة للهروب من هشاشة الخرافات والغيبيات والفرضيات المنسوجة بلا دليل إلا باللعب فيما تبقى من مربعات خالية .. ليمنح العقل الدينى صاحبه فرصة أخيرة بالإرتداد فى مربعات تراثه وإيمانه .. فمازال الغموض يكتنف البدء وكيفية تكوين الخلية الأولى بغض النظر عن جهله أو قصوره المعرفى ولكن تبدو له أن أحداث القصة غير واضحة الملامح وصعبة التخيل , فليس من المعقول أن تتكون الأشياء هكذا بدون مُخطط ومُدبر وخِالق ..فتكون الخرافات التى أسمعها عن الخالق الذى أنتج تلك المنتجات كصانع الأوانى فخارية صحيحة والمعجزات حقيقة , لذا سأقبلها فهى فكرة سهلة وتحظى بالميديا بدلا من الدخول فى دهاليز عملية تشكيلية أخرى يكون من الصعب الخوض فيها .. إذن فلتبقى خرافاتى كما هى
فكرة المربعات الخالية هى التى خلقت الخرافات والآلهة منذ البدء ولن يكون من المنطق أن نعزى الأشياء التى نجهلها لقوى ميتافزيقية ليس لها وجود وليس من المنطقى أيضا أن أتبنى نظرية غير مدعمة لأننى أراها معقولة فى رؤيتى .

- تهمييش افكار ومعتقدات الآخرين وتسخيفها الطريق لقتل الشكوك .
الإنسان الدينى فى أعماقه شك وإرتياب وتوجس خجول تجاه خرافاته وغيبياته ليقوم بتخديرها وتجاوزها برؤية إلتفافية تعتمد على الهجوم بديلا ًعن الدفاع فيقوم بتسخيف أفكار ومعتقدات الآخرين مستخدماً ما يمتلكه من جرأة ومنطق يتم تفعيله عليها ..فطالما خرافات الآخرين على خطأ فخرافاتى ومعتقداتى صحيحة !! ..فأنا اعتقد ان نظرية التطور مضحكة وفكرة العشوائية اكثر إضحاكاً اذن منظومتى الدينية من جن وثعبان اقرع وغيرها هى صحيحة !!
الدينيون يعيشون ويفكرون بهذا المنطق الأعرج.. فالمسلم ينتقد حجم الخرافة بالمسيحية والتى تتجلى بأن المسيح ابن الله أو الله الذى تجسد ,اذن فإسلامى صحيح...والمسيحى ينتقد حجم العنف والجنس والجنة الداعرة فى الاسلام ,اذن فمسيحيتى صحيحة .. وكلاهما ينتقدا المعتقدات الوثنية وعابدى البقر إذن الله القابع فى السماء على كرسى حقيقة .
المؤمنون على كافة إشكالهم ينتقدون أو يتحفظون على نظرية النشوء والإرتقاء (بالرغم من دلائلها) إذن قصة الخلق الطينية مقبولة !.. ينفون بشدة وإندهاش المنهج المادي بأن وراء كل سبب مادى مُسبب مادى من نفس ماديته فكيف يكون هذا وكيف نتصور تكون الوجود من رحم العشوائية والمادة وبدون عقل ينظمه ,إذن فكرة الله صحيحة.

بالطبع هذا المنطق الأعرج ينبع من نفسية مهتزة تبحث عن طوق نجاة فالتناقض يلفها ولا تجد سبيلاً إلا بتسخيف أى فكرة أخرى .. هنا نحن أمام محاولة إلتفافية من العقل بإستخدام رؤية يراها منطقية بينما هى بعيدة عن أى منطق .. فليس معنى وجود فكرة خاطئة أن تكتسب فكرتى الصحة والمصداقية .. وليس معنى عجزى عن فهم أفكار أخرى وإستيعابها أن ما لدىّ من أفكار أصبحت صحيحة وحقيقية .. وليس معنى إنعدام أى فكرة بديلة تواجه فكرتى أن تمنح أفكارى ورؤيتى المشروعية وتجعلها موثقة معتمدة .
المنطق يقول بأننى مطالب بتوثيق فكرتى وإثباتها وليس معنى هزال أفكار الآخرين أو عدم وجود أفكار أخرى بديلة فى الساحة أن ما بحوذتى من أفكار صحيح ومؤكد!...نستطيع أن نؤكد بأن أكثر الذين يتطرقون بالنقد لأصحاب الديانات الأخرى هم الأكثر شكاً فى معتقداتهم , هى محاولة للهروب من هذا الشك بإثبات هوان الفكر الدينى للآخر فندارى على أفكارنا الشاكة بخلق ميدان بعيد لضرب النار .

- فلنفطن فهناك مؤامرة تستهدفنا .
العقل الدينى يعارك طواحين الهواء فهو يخلق المعركة التى يتماهى فيها فتصرفه عن تداعى المنظومة الدينية وتصرف النظرعن التعاطى مع الأسئلة والتأملات الشاكة ..فلسان حال أى منظومة دينية : لنفطن وننتبه بأن هناك مؤامرة خبيثة تريد النيل منا ومن ثوابتنا .. تريد أن تصرفنا عن إيماننا الحنيف وتقوانا...هناك بالفعل مؤامرة تريد النيل من إيماننا !!
لن تجد دين إلا ويعيش وهم وفوبيا المؤامرة فيدعى بوجود العدو الذى يريد النيل من أتباعه وإهلاكهم ويكون العدو هنا بمثابة عملية تجييش البشر وشحنهم وصرفهم عن أى فكر شاك يتبادر لذهنهم فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة ...ويبقى الشيطان دائماً فى موقع الصدارة لكافة المعتقدات كعدو متآمر على الإنسان لصرفه عن الإيمان والعمل الصالح فهو الذى يدفعنا للشر ويغذى الأسئلة الشاكة ويثير الغبار حول غيبياتنا وإيماننا , فعلينا أن نفطن بأن كل ما يتبادر فى ذهننا من أفكار تنال من ثوابتنا ومقدساتنا هو من فعل الشيطان وعلينا أن نحاربه بالمزيد من الإرتماء والإنبطاح أمام مقدساتنا وغيبياتنا .!

بعض الأديان تزيد من مساحة الأعداء المتربصين المتحفزين للنيل من أتباعها فلا تكتفى بإبليس بل أعوانه من البشر وكلما زادت مساحة الأعداء وحضورهم بشكل مكثف وقوى فى الموروث الدينى كلما كان الدين والتراث متأصلاً بشكل قوى يغلب عليه التعصب والتشبث ويصعب إنسجامه مع المستجدات كما فى التراث العبرانى الذى يجعل البشرية كلها فى سلة واحدة من الأغيار الأنجاس المتآمرين على شعب الله المختار , وشقيقه الإسلامى الذى يرى العالم متمثل فى قوى الشرك والكفر من عوالم صليبية وصهيونية وماسونية وإلحادية متآمرين على الإسلام يريدون تقويضه وتشويهه والنيل منه ..ولا يختلف الحال فى المسيحية ولكن ليس بشكل فج كما فى الفكر العبرانى والإسلامى ولكن بحضور الشيطان ومؤامراته الخبيثة بشكل متصاعد وقوى فى المشهد المسيحى فيمكن تطويعه بسهولة لأى قوى وفكر مناهض بتلبيس أى فكرة أو منظومة حداثية تثير الجدل والنقد بأنها من قوى وحروب الشيطان .!

فى ظل هذا المناخ المستنفر والمتحفز يبرر العقل الدينى النقد الذى يراوده أو النقد الذى يوجهه الآخر لإيمانه وتراثه الدينى بأنها مؤامرات شيطانية أو من قوى يحركها الشيطان فيصبح كل ما يدور فى الذهن من إرتياب ونقد هو من فعل هذه القوى الشريرة التى لا تحمل الخير لنا , لذلك يجب الإنصراف عما يثار والإنبطاح أكثر أمام مفردات إيماننا كملاذ آمن ولا مانع من سب هذه القوى المتآمرة كتنفيس عن طاقة غضب لإثارتها الشك .!

- الهروب من سؤال شاك بسؤال .!
عندما يواجه العقل الدينى مأزق التصادم مع الخرافة تجده يلجأ للمناورة وإغراق عقله وعقل سائله فى قضايا أخرى طلباً للإلهاء أو محاولة الهروب ..فعندما تثير الغبار وتتناقش حول قضية الشمس الذى تغرب فى عين حمئة أو البراق السابح فى الفضاء أو قضية فداء المسيح للبشرية , ومامعنى ولادته بغير جماع وقيامته من الأموات تجد المؤمن يسحب الحوار إلى قضية الوجود والخلق لتنطلق أسئلة على شاكلة هل تؤمن بالله الخالق أم لا ..أراك ستقول أن الوجود جاء بلا خلق فهل كل هذا العالم المعقد لا يوجد وراءه عقل منظم يديره بحكمة ..هل من المعقول ان الوجود جاء هكذا صدفة وعشوائية .
بغض النظر عن أن الأسئلة فاسدة لأنها تفرض أشياء تعسفية وتبنى عليها لكننا سنجد العقل الدينى تحايل على التناقضات والإشكاليات الفجة التى تطرح عليه وتراوده بأن أغرق نفسه وسائله فى قضايا أخرى تحتاج المزيد من الجهد للتعاطى معها بحكم أن الإجابة عليها ليست كحبة برشام يمكن تعاطيها بسهولة كإجابة سهلة مبتسرة متعسفة فهى تحتاج للغوص فى علوم ومراجع مرهقة , فهنا العقل الدينى يظن أنه تجاوز شكوكه عما يثار عن الجن والعفاريت والخرافات بفتح جبهة أخرى يخوض فيها تنصرف عن أفكاره الشاكة .
بالطبع فكر ومنهج بائس الذى يبلع حبة مخدر تجعله يتجاوز إشكالياته ويهرب منها بسؤال مغاير ..فأنت لديك إشكاليات محددة وأنا أطرح عليك تلك الإشكاليات المناهضة للعقل والمنطق والعلم ولست مُطالب أن أشرح لك نظرية مغايرة لأنك صاحب النظرية المُعلنة , فلتعتبر يا صديقى أننى لا أعلم أى فكرة أو نظرية أو حلول بديلة وأتوسم فى إستيعاب نظريتك مستخدما ً عقلى ومنطقى وعلمى كوسائل للإستيعاب ..فهل تمتلك القدرة .؟!

- مبدأ باسكال والباسكاليون كانوا منذ البدء
باسكال له رؤية منطقية أو بالأحرى فكرة تحايلية أرى انها كانت فى فكر الإنسان القديم قبل أن يتطرق لها باسكال بل يمكن ان نجدها فى ذهنية إنسان بسيط لا يعرف ولم يقرأ لهذا البسكال ... الفكرة تتلاعب بالمنطق فى إتجاه إنتهازى وهى أننا فى عدم اليقين والشك الذى يعترينا فى وجود إله وعالم آخر وديان سيحاسب البشر فمن الأفضل إعتماد هذه الرؤية بالرغم من أننا لا نملك أى دليل عليها أقضل من الإنحياز لفكرة عدم وجود خالق وعقاب ومحاكمة إلهية .. فلو لم نجد شيئا بعد الموت فلم نخسر شيئا بينما لو إنصرفنا عن فكرة وجود عالم أخروى ومحكمة وجنه وجحيم ووجدناها بعد الموت فهنا ستكون الخسارة فادحة .

بالفعل هى رؤية نفعية برجماتية ولكن يزيد عليها أنها إنتهازية وصولية تلعب على الحبال بنفاق وخبث شديد ..هى لا تحل إشكالية الإيمان أو تثبت مفرداته بل تحاول أن تتجاوز الشك فتمرر كل الخرافات خوفا من إحتمالات الخسارة .!
لنسأل أولا بفرض وجود إله فهل سيقبل بمثل هكذا منهج فى الإيمان ؟!..وهل هو مقبول لديه ؟! ..للأسف هو مقبول حسب الفكر الدينى الذى يجعل العلاقة بين الإنسان والإله علاقة عبودية وفروض مستحقة واجبة التنفيذ .. فإذا كان مقبولاً فبئس الآلهة التى تتعاطى وتنسجم مع هكذا مفهوم نفاقى برجماتى وصولى .. وإذا كان غير مقبول فيصبح عدمية هذا المبدأ أفضل من وجوده .

* المشاغبة مع الأفكار الشاكة .
بعض المؤمنين يتعاملون مع أفكارهم الشاكة بمشاغبتها ومحاولة قتلها فى ميدان عام فهو لا يكتفى بالتعاطى مع أفكاره الشاكة بالتأمل داخل ذاته دون أن يصرخ بها بل يذهب لأفكاره الشاكة بقدميه طالبا أن يثيرها أو يصارعها أو يقتلها !! فما نراه فى المواقع الحوارية والتى تتناول المسائل اللاهوتية والدينية وإنجذاب المؤمنين من مسلمين ومسيحيين للمشاركة والتفاعل فيها سواء بإبداء الرأى او حتى الإطلالة من خلال الإطلاع والقراءة هو شكل من أشكال التعاطى مع الأفكار الشاكة فى أعماقهم والتى تبحث عن وسيلة للخروج سواء بالمناطحة أو القتل أو بالتأكيد !! .. أنه شئ أشبه بمتعة اللعب بالنار ونوع من انواع الإثارة أو نفض القهر الفكرى بعد أن ظلت الأفكار حبيسة تحت الجلد لعقود طويلة يمارس عليها التحريم والقهر والتخويف .

أسلوب التعاطى مع الأفكار الشاكة المطروحة أمام الدينى والتى يوجد لها صدى فى داخله قبل أن تطأ قدمه هذه المواقع تتمثل فى إرتيابه فيما يحمله على كاهله من غيبيات وخرافات وميتافزيقا وتراث متصادم مع واقعه ورغماً عن ذلك فهو ملتصق به يجد فيه أمانه ويرى أنه من الصعوبة بمكان ان يتخلص منها بحكم أن الشك لن يمكن إحتماله حينها علاوة على ما سيجلبه من خسائر فادحة .
يكون إرتياد مواقع الجدل والحوار من باب النزول لميدان ضرب النار وإحتكاك أفكاره الشاكة القديمة بمن يثيرها ومحاولة قتلها من خلال تصور أنه يمتلك الحجة لتتباين هنا طرق ومناهج العراك فتجد من لا يملك شيئا ليقدمه فى هذه المعركة سوى الخواء الفكرى والثقافى والحضارى فينطلق يسب ويلعن الفكرة الشاكة المتمثلة فى صاحبها ويكيل لها الإتهامات واللعنات على كفره وشروده .. هو هنا مَعنى بلعن أفكاره الشاكة التى وجدت سبيلها على لسان من يثيرها ويحركها فهو معنى بتفريغ طاقة غضبه بلعنها , ولا بأس أن ينال من يثيرها بعض اللعنات بحكم أنه مر بأصابعه على أعصاب مكشوفة .. هو لا يمتلك من وسائل النزال غير هذه الوسيلة البدائية الطفولية الغوغائية فى التعاطى مع الأفكار , بالفعل هو بائس ولكن هكذا نهجه وتصوره أن بلعن أفكاره الشاكة فقد تلمس الأمان والإيمان .

فصيل آخر يمتلك البجاحة فى أن يحاول النيل من معتقدات الإخرين والسخرية منها بينما افكاره الإيمانية على مذبح النقد لا تجد منه إيجابا فلا يجد غير النيل من عقائد وأفكار الآخرين ولابد أن تجد مقولة المؤامرة والكراهية على دينى وثوابتى حاضرة بقوة وتصاعد .. وأرى ان حضوره بالفعل جاء ليخدر أفكاره الشاكة بتأكيد داخلى بأن هناك مؤامرة وحقد وكراهية خبيث يوجه لإيمانى ومن هنا يكتسب مناعة ضد افكاره الشاكة .
فصيل من الدينين يتعاطى فى حواره ومناهزة افكاره الشاكة بإثارة وتأكيد أفكار مضادة تنال من أفكاره الشاكة ومحاولة إختبارها بإستدعاء منهجية الضعف البشرى والعجز الإنسانى عن فهم وإستيعاب المنظومة الإلهية والأسرار التى تحتويها إلى الإخفاق الإنسانى فى الفعل والقدرة أمام المنظومة الكونية إلى الموت الذى سيشمل كل حى ولن يفلت منه أحد .

فصيل أخر مدهش فى أدائه يستمتع بالتواجد فى مواقع تثار فيه أفكاره الشاكة التى يريد ان يبوح بها ولكنه لا يمتلك الجرأة فى البوح فيذهب لمن لديه الجرأة على التعبير عما يدور فى ذهنه من فكر شاك !!.. ولكن ليس معنى ذلك انه سيصفق له , بل قد تكون رغبة فى ان اصارع افكارى الشاكة علانية وبصوت مسموع إنها شبيه بالمقولة الشعبية "القط يحب خناقه " .. هو يريد لمعتقداته ان تستقر فى الداخل وتزداد دعما بإثارة وعراك افكاره الشاكة بالبحث عن تدعيمها ومحاولة لتأكيدها أو هدمها .
هناك فصيل رائع يريد لأفكاره الشاكة أن تنتصر فى المنازلة ولكنه يقول لذاته انه بعيد عن المنازلة فهو يشاهد فقط ولا يلعنها .!!!

العقل الدينى هو عقل لم يمتلك الجرأة أن يطرح تراثه على مائدة البحث بعيون مُنصفة فحجم العواطف التى تحتويه والحاجات النفسية التى يرجوها ويحصل منها على مدده وزخمه ستجعله ينصرف عن الأسئلة الشاكة التى تراوده ولكن العقل الذى سمح للأسئلة أن تدخل لن يصرفها إلا بوسيلة عقلية فيولد الأفكار والحجج التى تصرف الشك وتبدده حتى ولو كانت هشة وغير متماسكة فالألم الناتج من الإنصراف عن التراث لا يمكن إحتماله .. هكذا يظن .

الشك مفتاح التطور والتقدم والتغيير الذى تعطلت مفاتيحه لعهود طويلة لتتأسس منهجية مقولبة تنفر من الشك وتعتبره من أدوات الشيطان وحروبه لتتعطل منهجية النقد بالكامل فى حياتنا وحينها لا تسال لماذا لا نبدع ولا نبتكر بل نتسول إبداعات الآخرين .

فى داخل كل منا عقل ملحد يتأمل .. يثير .. ينتقد .. يرفض .. ولكن حجم الخوف والفوبيا من أفكارنا الشاكة التى ستنال من أماننا النفسى ويصدمنا بواقع رافض ومتحفز ييدفعنا أن ننزعج منها , نلفظها , نتبرأ منها , نبحث عن مخدر نتعاطاه لنطرد الفكرة ولكن الفكرة لن تخرج من الدماغ إذن فلندعها جانبا فى الدهاليز الجانبية .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم
- تثبيت المشاهد والمواقف - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (32)
- تحريف الكتب ما بين رغبة السياسى والإخفاق الإلهى - تديين السي ...
- المؤلفة قلوبهم بين الفعل السياسى والأداء الإلهى - تديين السي ...
- العمالة الغبية والثقافة الداعية للتقسيم فى مشروع الشرق الأوس ...
- إبحث عن القضيب !! - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (15)
- هل التراث والنص بشع أم نحن من نمتلك البشاعة - الدين عندما ين ...
- مشهد ماسبيرو يزيح الأقنعة والأوهام ويكشف الرؤوس المدفونة فى ...
- إشكاليات منطقية حول الإيمان والإله - خربشة عقل على جدران الخ ...
- التتار الجدد قادمون - الدين عندما يمنتهك إنسايتنا ( 30 )
- العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 ...
- فلسطين ذبيحة على مذبح يهوه والمسيح والله الإسلامى - تديين ال ...
- الإسلام وحقوق الإنسان بين الوهم والإدعاء والعداء .
- التاريخ عندما يُكتب ويُدون لحفنة لصوص - تديين السياسة أم تسي ...
- هل الله حر ؟!! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 8 )
- البحث عن جذور التخلف - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين - حقاً الدين أفيون الشعوب .( 8 ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .
- حكمت المحكمة ( 3 ) - القصاص فى الشريعة بين القبول والإدانة .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 28 ) - رخصة للنكاح .


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - فى داخل كل منا ملحد !..إنه الشك يا حبيبى - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 16)