أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامى لبيب - الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم















المزيد.....

الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 08:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لى رؤية عرضتها فى مقال سابق بأن حركة الجماهير المصرية فى الخامس والعشرين من يناير كانت إنتفاضة عظيمة بكل معنى الكلمة ولكن لا ترتقى لفكرة الثورة بإعتبار الثورة تغيير جذرى يقتلع نظام وطبقة ليقيم مكانهما نظام وحكم طبقى جديد , كما أبديت تشككى فى الثورة التى ترتمى وتحتمى فى حضن ثورتها المضادة !!.. فلا ثورة تطلب وتتوسل وتنتظر أن يُجاب لها ..ولا وجود لثورة بلا كوادر ولا طليعة , فكوادر 25 يناير هم أبناء اللحظة التاريخية جاؤوا كبشارات حلوة عفوية من رحم الألم والمعاناة .. وليست ثورة تلك التى لا تمتلك برنامج و قدرة على فرض رؤيتها ودستورها ..لا ثورة كل غاياتها الإطاحة برؤوس نظام .. لذلك جاء تحفظى على فرحتنا بمقولة الثورة .

إذا كان نظام مبارك يبدو لنا أنه تساقط فقد تهاوى كرموز لأنه أصبح خارج معادلة التاريخ لما إمتلكه من العفونة والديناصورية ماجعل السوس ينخر في عظامه فجاءت رصاصة الرحمة ليسقط صريعاً .. لا نسنطيع أن نقول النظام إنتهى ولم يعد له وجود فهذا هو الهراء بعينه لأننا هكذا سنكون أمام ثورة حقيقية إقتلعت النظام بالطبقة المُفرخة له , ولكننا أمام نظام مازال حياً بطبقته المتفردة يلملم أوراقه ويعيد ترتيبها فهو إكتفى بحرق بعض الأوراق القديمة باحثاً عن أوراق وأدوات جديدة تجعله حاضرا بحلة جديدة .

القوات المسلحة وقياداتها كانت ولازالت الأداة القوية فى يد النظام السابق والطبقة الحاكمة فى مصر فهى ليست مؤسسة تعمل عملاً إحترافياً بلا مدلول , وكل المشاهد تؤكد أنها كانت وفية لنظام مبارك لعشرات السنين وحتى اللحظة الأخيرة حين إستلمت إشارة البدء من البيت الأبيض بقلب طاولة مبارك .. وما نزولها إلى الشارع من أول يوم إلا لحماية النظام نفسه من السقوط السريع وكبديل قوى وحاضر فى الشارع , وما إتخاذها موقف غير متصادم مع الشعب حينها إلا لكى تتصدر المشهد كما هو مرسوم لها لتحظى بقبول جماهيرى يمرر هذه الإنتفاضة بسلام ويحمى المصالح الطبقية المهيمنة وسياساتها , وهذا ماحدث بالفعل ليتوهم الطيبون أن الشعب والجيش يد واحدة .

* الثورة قادمة .. من مخاض الألم سنتعلم .

حركة الجماهير العفوية والرائعة فى 25 يناير قدمت إنجازات رائعة ليس على مستوى قدرتها على إسقاط نظام بوليسى مستبد فاسد تمثل فى رموز النظام السابق ولا على مستوى محاكمة مبارك ورموز حكمه والتى أراها محاولة لإمتصاص غضب الجماهير وإستهلاكها وتصدير مشاعر النصر والنشوة والإكتفاء لها , فتكتفى بهذه المسرحية وتتلهى فيها , ولكن الإنجاز الحقيقى أن الجماهير تعلمت شيئا لن تهمله وهو كسرها لحاجز الخوف ولا مجال للعودة للمربع الأول حيث الركود الذى يقترب من الممات كما لن ترضى بقطعة حلوى لتسكت .

الشارع المصرى من داخل إشكالياته يحمل روعته .. فإشكالياته أنه لا توجد لديه خريطة ولامشروع ولا برنامج عمل لغياب القوى السياسية الفاعلة فى الساحة وعدم وجود البرنامج الذى تلتف حوله الجماهير وتتبناه ولا القيادات والكوادر التى تحرك الشارع وتوجهه وتضبط إيقاعه , فحتى الشباب الذى قام بالثورة تم إستلاب نضالهم ليحتل الوصوليون والإنتهازيون وأصحاب الميديا جهدهم ويتبخر شباب الثورة , ولكن الرائع حقا والذى تؤكده الاحداث أن مصر ولادة وقادرة على العطاء بوجوه شابة جديدة ليتبقى فقط إشكالية إستمرارية هذا الشباب حول برنامج واضح الملامح يحدد طريقه وبوصلته .

تنتاب مصر الآن حالة من الضبابية الشديدة ولكن عبقرية الشعب المصرى أنه يستشف الحدث من داخل العتمة ويتعلم بسرعة , ففى وسط هذه العتمة تتلمس الجماهير وعيها لتنفض عن نفسها طيبتها المعهودة وتبدأ إرهاصات حالة ثورية حقيقية تتلمس طريقها فهناك عودة للوعى المفقود بأن النظام لم يتغير فلازالت نفس السياسات قائمة , وهيمنة رموز النظام السابق متواجدة مع التخفيف من الوجوه القبيحة فى البدايات ولكنها لم تفلح أن تستمر كثيراً لتعلن عن شراستها المعهودة سريعا فى أحداث ماسبيرو والبالون ثم التحرير الاخيرة البادئة من 19 نوفمبر الجارى , كما لا تبدو فى الأفق أى آمال مرجوة من إصلاح إقتصادى وعدالة إجتماعية فمازال باشوات مصر مستحوذى الثروة متواجدون يعدون أنفسهم للإنتخابات ليستحوذوا على السلطة التى ستدعم أموالهم المنهوبة .

أدركت الجماهير الدور الحقيقى للمجلس العسكرى فلا هو المنقذ ولا المحتضن لآمالها بل يمارس من البداية فعل التخدير للجماهير حتى يسطو على مطالبها لحين ترتيب الأوراق إما بإنفرداه بالحكم بعد الإيحاء أن الظرف الأمنى بمصر غير مُهيأ لقيام حكم ديمقراطى أو بتجهيز كتل سياسية مُنساقة من التيارات الإسلامية وفلول الحزب الوطنى التى ستسعد بالصعود على منصة الحكم لتتحالف معه وترضى بأن تكون الواجهة التى تتحرك فى إطار سياسات المجلس العسكرى , وأعتقد ان الحل الأخير هو الأقرب للواقع وقد بدأت بوادر التجهيز له .

الأحداث الدامية فى مصر والتى بدأت من 19 نوفمبر الحالى وحتى كتابة هذه السطور والتى تصاعدت بشكل غريب ليصل القمع حده الجنونى بعشرات القتلى وأكثر من 3000 جريح كان شرارتها فعل سلمى بسيط يتمثل فى إعتصام عشرات من أسر شباب جرحى ثورة 25 يناير فى ميدان التحرير للمطالبة بحصولهم على علاج ووظائف للعمل , فيتم التعامل معهم بقسوة مفرطة وغير مبررة ليتجمع المئات فالآلاف من الشباب الداعم لهم والرافض لهذه الهمجية التى لم تتغير من نظام مبارك بل زادت شراستها ليتم إستخدام الرصاص الحى ويسقط شباب من زهور مصر .
هذه الهمجية البوليسية معضدة من قوات الجيش لفض إعتصام بالقوة المفرطة له معنى ودلالة يتم إعلانها بفجاجة بأن النظام يبرز أنيابه وأنه بصدد فرز القوى السياسية مابين من سيمرر هيمنته وعصاه الغليظة ومن سيتحالف أو يتواطئ أو يبرر , ومن سيقف معانداً مقاوماً لمشروع الهيمنة الجديد الذى سيتصدر فيه قيادات الجيش المشهد السياسى سواء بصورة فجة أو من خلف ستار القوى السياسية المتعاونة والمتحركة على مسرحه .

لقد تعلم الشعب المصرى من الحدث وأدرك ان المجلس العسكرى ليس حليف لنضاله بل هو من القوى المضادة وما حدث هو أول الغيث لتبدأ إرهاصات الوعى تتدفق لتتلمس الجماهير بوصلتها الحقيقية وتدرك من هم الواقفون أمام مشروع حريتها وكرامتها وحقها فى لقمة عيش كريمة .

أرى أن الثورة ستبدأ فى مصر من خلال التجربة والمعاناة لتتعلم من خلال الحدث وتتحسس عدوها الطبقى الحقيقى ورموزه وأداوته من أحزاب وقوى جديدة وقديمة هى إمتداد للنظام السابق فى إنتهازيته وسطوته وتحصينه لمصالح طبقية ونخبوية .. والذى يدعونى لتأكيد أن هناك مخاض ثورة حقيقية فى الطريق وأن مصيرها إلى التصعيد والبلورة وتحسس بوصلتها أن الشعب المصرى كسر حاجز الخوف وقواه الشابة عرفت طريقها فلا خوف من قوى باطشة علاوة على ان طاقة الغضب هى المسيطرة الآن على المشهد يغذيها عدم وجود أى بارقة أمل فى تحسن الأوضاع المعيشية فليس هناك ما يخسره الشباب ليزداد الوقود المغذى لثورة الغضب فى ظل مناخ ضبابى مُحبط وتواجد رأسمالية عفنة لا تريد التخفيف من حدة إلتهامها ونهبها .

مصر مقبلة على حالة من الإستقطاب الشديد وسط هذه الضبابية الشديدة يؤججها عدم وجود قوى سياسية فاعلة وبرنامج وطنى واضح قوى يحتضن الجماهير داخله بل نجد قوى إنتهازية تأمل أن تأكل الكعكة منفردة لتسطو على الثورة بالرغم أن مشاركاتها كان خجولاً فى أحداثها كالأخوان المسلمين , ومنعدما تماماً من القوى السلفية وباقى التيارات الإسلامية التى حَرمت الخروج على الحاكم .!

قد تستقيل حكومة عصام شرف الحالية إما لفشلها أو خزياً لما تُمارسه أو تتستر عليه كما فعل وزير الثقافة بالأمس أو إجباراً من المجلس العسكرى حتى يمتص غضب الشارع المصرى وصرف الإنتباه أو تجهيزاً لما هو قادم لحكم إستئصالى حاد .. لذا على الجماهير أن لا تقنع بقطعة حلوى قد يتم إلقاءها فحكومة عصام شرف كانت دمية فى يد المجلس العسكرى .

لن ينقذ مصر من دفع فاتورة باهظة التكلفة إلا إصرار القوى الوطنية على قيام دولة مدنية ديمقراطية والإلحاح على هذا المطلب ولنبدأ بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى لتعبر الفترة الإنتقالية يتم فيها إعداد دستور للبلاد من قواه الحية والفاعلة ثم إجراء إنتخابات للبرلمان ورئاسة الجمهورية على هدى الدستور فليس من المعقول أن نشترى العربة قبل الحصول على الحصان , وحتى لا ندع المجال للقوى الرجعية أن تصيغ الدستور حسب هواها وتتحكم فى مستقبل مصر لعشرات السنين .

على كافة القوى الوطنية الليبرالية واليسارية والعلمانية الديمقراطية أن تتوحد من خلال إئتلاف قوى يصر على مشروع الدولة المدنية الديمقراطية ويحبط كل المخططات التى ترمى لبقاء النظام القديم كما هو أو تتغاضى عن أى محاولة إلتفافية من جانب أدوات النظام السابق فى تمرير قوى سياسية كالأخوان والتيارات السلفية لتكون الواجهة الجديدة لنظام سياسى رجعى سيحمل بشارات سوداوية .

دمتم بخير .

- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تثبيت المشاهد والمواقف - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (32)
- تحريف الكتب ما بين رغبة السياسى والإخفاق الإلهى - تديين السي ...
- المؤلفة قلوبهم بين الفعل السياسى والأداء الإلهى - تديين السي ...
- العمالة الغبية والثقافة الداعية للتقسيم فى مشروع الشرق الأوس ...
- إبحث عن القضيب !! - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (15)
- هل التراث والنص بشع أم نحن من نمتلك البشاعة - الدين عندما ين ...
- مشهد ماسبيرو يزيح الأقنعة والأوهام ويكشف الرؤوس المدفونة فى ...
- إشكاليات منطقية حول الإيمان والإله - خربشة عقل على جدران الخ ...
- التتار الجدد قادمون - الدين عندما يمنتهك إنسايتنا ( 30 )
- العلبة دي فيها فيل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 9 ...
- فلسطين ذبيحة على مذبح يهوه والمسيح والله الإسلامى - تديين ال ...
- الإسلام وحقوق الإنسان بين الوهم والإدعاء والعداء .
- التاريخ عندما يُكتب ويُدون لحفنة لصوص - تديين السياسة أم تسي ...
- هل الله حر ؟!! - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 8 )
- البحث عن جذور التخلف - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين - حقاً الدين أفيون الشعوب .( 8 ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا - لا تلعب معنا ( 29 ) .
- حكمت المحكمة ( 3 ) - القصاص فى الشريعة بين القبول والإدانة .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 28 ) - رخصة للنكاح .
- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ( 14 ) - إشكاليات العقل الدينى وطر ...


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامى لبيب - الثورة الناعمة عرفت طريقها .. شعب سيصنع ثورته من مخاض الألم