أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - هل نفّذتم القرار بالهدم ؟














المزيد.....

هل نفّذتم القرار بالهدم ؟


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3556 - 2011 / 11 / 24 - 21:35
المحور: كتابات ساخرة
    


كم كنت فوضويا أيّها الياجور الأحمر ؟ لماذا وقفت عاريا لا دهن يُغطّيك و لا مساحيق ، و من خوّل لك بالوقوف على أراض لا تملكها فحوّلتها من أراضي قفراء الى منازل للفقراء ؟ و من شرّع لك باحتضان هذه الأجسام الجائعة ؟ كم أنت مذنب أيّها الفقر ..فأنت من دفع بالجدران الباردة الى الوقوف الاضطراري على رصيف الوطن و على ظهر الأحياء الفاخرة و المنازه و المنارات؟ ألا تخجل من حُمرة لونك أيّها الياجور البارد و أنت تتاخم أحياء راقية ينتعل الواحد من سكّانها ما لا قبل لك بأن تعشّي أبنائك بثمنه ؟ و ترى و أنت تمرّ باتجاه "النصر " حيّا ، ليس بالحيّ الاّ مجازا ،حيّ لم ينتصر بعدُ على الجوع ،و قد حمّل دنفسه اسما ثقيلا اعتقد أنّه سيحميه ، هو "ثورة 14 جانفي " يقف في جرأة و صراحة و بلسان القلم على هامش حي النصر، بل يقف على قفاه و من جهة الأسفل تماما قائلا "أنا هنا ..أنا الشعب ..أنا الفقر ..انظروني جيّدا كلّما توفّرت لديكم العيون اللازمة . هل وقعت أرواحكم من صدمة المشهد ؟ آلتقطوها اذن لا ذنب عليكم . و من يؤمن بالديمقراطية ..فليؤمن بالشعب ..أو فلتغلّقوا حوانيت أحزابكم قبل صلاة العصر "...لك يا منازل في القلوب منازل ..فلماذا حكموا عليك بالهدم ؟
و جاء القرار..و من سخرية القدر أن يكون هذا القرار من أوّل قرارات الوطن بعد انتصاره الساحق في الديمقراطية ..و حتى يفتتح العدالة الانتقالية أصدر قراره الأول بهدم كل المساكن الفوضوية التي لا تهمة لها غير كونها فوضوية .فهل تقتصر الفوضى في هذه البلاد على منازل الفقراء ؟ و أصحاب المليارات المسروقة من رحم حقولكم المغتصبة ، و الهاربين الى بلاد الحجّ و المحصّنين في قصور الملوك العرب ،كيف ستعالجون فوضاهم يا تُرى؟ وهل صار الفقر بعد الثورة فوضويا بهذا القدر؟ و كيف تخاف العدالة من الياجور الأحمر الذي ينصبه الفقراء على الأرض الى هذا الحدّ ؟ ماذا تريد العدالة الانتقالية من الجياع ؟ أو تُراها مصابة بالحول فبدلا عن محاسبة صاحبة الألف نعل و الألف بيت و الألف مكر تمسك بالفقر بتهمة الفقر ..
هل نفّذتم قرار الهدم ؟ ..و ماذا تبقّى من أجل أن نهدم و من أجل أن نقرّر و من أجل أن ننفّذ الهدم ؟ انّها منازل فوضوية نصبوها أيّام ثورة الرعيّة على المستبدّ ..هؤلاء جياعنا و لا شيء غير الفقر دفعهم الى البناء على هذا الشكل ..جدران حمراء من شدّة الخجل و الغضب و العراء و قلّة ذات اليد ..مجرّد ياجورات حمراء واقفة على أراض قفراء بلا هوية ..تربّعت خصّيصا لاحتضان عائلات لا أحد تكفّل بها فالتجأت الى الاسمنت الأسود يغطّيها ..عليك أن تذهب على عين المكان ..فترى كم من العماء يُصيب الزمان في هذي البلاد ..و عليك ان استطعت أن تدفع بأحزابنا السياسية التي انتصرت و التي انهزمت الى الذهاب رأسا الى هذه المواقع ...و من لا يخجل من نفسه و من حزبه و من نصره و من هزيمته فعليه يومئذ أن يستقيل حالا من الشأن العمومي .. سوف ترى شعبا آخر و مشهدا مغايرا ..لا شيء غير ياجور يتيم و جدران قصيرة القامة و سقوف من الزنك أو من البلاستيك ..و تراها عائلات برمّتها و مجتمع "مدني " و طابونة خبز و أطفالا يمرحون بكل براءة و لامبالاة بنوعية المسكن و نساء تطهين طعاما و تقنع بالعيش عيش الكفاف و الخبز الحافي .. ألا يكفي الحفاظ الشرعي على النسل و الاكثار من الأطفال حتّى لا ينقرض هذا الشعب ، أن نمنحهم حقّ المواطنة و السكن على تلك الأرض؟ قد لا يحتاج الفقر الى عدالة القانون بل الى انصاف من ظلم الدهر و القدر..و أحيانا يصبح القانون أحمقا كلّما حرص على العدل دون الانصاف ..
. و حين ينفّذ قرار الهدم و ترى الجرّارات الكبيرة من نوع التراكس تهجم كأنّها عزرائيل ملك الموت و تخال نفسك في غزّة أو حيفا أو راماالله. و تتذكّر مشهد آخر نفّذه الصهاينة للهدم ..يومئذ عليك أن تكتفي بالقدر الأدنى من السؤال و بالدرجة الصفر من الكتابة ..و قد ينبغي عليك أن تتمنّى خسوف الأحزاب قليلا و كسوف وجوهها عن المشهد .. الى أين يذهبون بأجسامهم و بأطفالهم و بأسماء أحيائهم ؟ و أين سيرحّلون حيّ ثورة 14 جانفي ؟ الى الأرياف أم الى المدن ؟أم الى كواكب أخرى ؟ هل يدفعونهم الى الحرق و الموت في لبّ البحر أم الى الجريمة و النشل ؟ و من حكم يا تُرى بقرار الهدم ؟ ذاك الذي له سكن شرعي و حياة مستقرّة و جدران يكسوها الرخام المزركش بالورد..يبدو أنّ أصحاب السكن الفوضوي مقلقون للقانون و للمدينة و للشريعة و للمثقّفين و لأصحاب الأعمال أكثر من الذين سرقوا حياة هذا الشعب و زجّوا به في هاوية البؤس ..و يبدو أنّ هؤلاء الفقراء أصحاب البناء الفوضوي انّما يشوّشون على أغنياء البلد جمالية مدنهم و يلوّثون البيئة بدخان الطابونة و الحطب.. أبعدوهم حالا عن رخام الفضاءات الفاخرة و البنوك الشرعية و المسابح الاصطناعية و النزل البنفسجية ..
هل نريد العبور الى الديمقراطية من دون أن نحمل معنا فقرائنا ؟ هل تكنّسونا المدينة من الجياع ؟ هل تخجل الديمقراطية من الشعب الى هذا الحدّ ؟ هكذا تكون العدالة الانتقالية قد بدأت من محاسبة الفقراء على منازلهم الفوضوية و معاقبتهم على الفقر تهمة وحيدة و لا مجال للتسامح في شأنها و لا أحد سيستأنف الحكم ..و من يقدر منهم على مصاريف المحامين و القضاة ؟ وحدهم سرّاق المليارات قادرين على الدفاع عن أنفسهم و على تسديد مصاريف المحاكم و على ربح القضيّة .. فالعدالة الانتقالية لا تحاسب من تملك ألف زوج من الأحذية الفاخرة و ألف و خمسمائة من قطع المجوهرات الثمينة و تكتفي بمحاسبة رموز الياجور الفوضوي ..كم أنت مذنب أيّها الياجور الأحمر ..و كم أنت فاسدة أيّتها الجدران الفوضوية ..و كم أنت وحيد أيّها الفقير في بلدي ..هل يندم الشهداء على الموت أم نندم نحن لأنّهم لم يموتوا بما يكفي ؟..أم نكتفي باعتذار جماعي للذي مات و للذي أخطأ البناء حيث لا ينبغي أن يبني و للذي قرّر ألاّ يسكن هذي البلاد الاّ بشكل وقتي ..فعذرا أيّها الياجور الفوضوي ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا فعلت بنا السبّابة اليُسرى ؟
- هنا تُباع الشعوب خِلسة
- سيكبر فينا الياسمين يوما ..
- من يحمل الغابة في عينيه ؟
- لماذا جرحتم هذي السماء ؟
- لم يأكلوا النخالة بعدُ
- أنشودة الشمس
- شهرزاد لا تنام
- لا خير في نهار بلا رقص
- من يشتري الصحراء غيرك ؟
- هل تركتم للعصافير قليلا من سماء ؟
- الخوف من الديمقراطية
- نهاية الطاغية
- من أساء الى الذات الإلهية أم من أساء الى الثورة ؟
- شعر الثورة
- الشيوعية ليست إلحادا..
- بحث في التفكيكية
- قراءة جمالية في الشهادة
- مقالة في الجماليات
- أية ذاتية سياسية بعد الثورة ؟


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - هل نفّذتم القرار بالهدم ؟