أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - هنا تُباع الشعوب خِلسة














المزيد.....

هنا تُباع الشعوب خِلسة


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 22:21
المحور: الادب والفن
    


اصطفّوا صفوفا صفوفا في ساحات المدارس .أرهاط من الأجسام و الأرواح و الهندسات و العطور .التقت جميعا من أجل الانتقال الديمقراطي ..الى أين ؟ لا أحد يهمّه هذا السؤال و ربّما لا أحد يدري و في كل الحالات نحن بخير لنا ربّنا و مدننا و لنا الليل و اللحوم البيضاء و زينة الحياة الدنيا ..و لنا الجوع و الجهل و الفقر و البؤس و لنا الحانات و المواخير و لنا الحمق فماذا نصنع بالذكاء و حتى الحرية لا نحتاجها كثيرا بل هي من الكماليات ..
انّه الانتقال الديمقراطي ..حذار قد يُداهمك شيطانه في أيّ ركن من أركان نفسك بشرط أنّ لديك نفسا ..و ان اشتروها مع صوتك كمكمل انتخابي فبوسعك الاقتراع بجسمك فحسب ..لا حرج على الابهام الأيمن و حذار من السبّابة اليسرى.و حتّى "صوابع فاطمة " الرمضانية تكفي لاشباع حاجة الصناديق . اصطفّ جيّدا و التحم بالجسم الذي يسبقك في الصفّ و حاسب جيدا على حركاتك و "حروزك" الملصقة بين يديك ! لأنّ سعر اللحوم الحمراء قد فاقت كل التوقعات و البطون الخاوية ..حذار من الالتحام الديمقراطي هنا قد يشتدّ القرم بأحدهم فيصير لاحما جدّا و قد يصير جرذا أو قردا أو حتّى خنزيرا ..كل أنواع الحيوانات مرخّص بها من أجل الانتقال السلمي و التأسيس العُضوي و الجلوس على الكرسي ..كراسي متحركة صممت خصّيصا و وفق مواصفات تونسية ..
و جاء الانتقال الديمقراطي .داهم المدن و الأرياف رأسا بعد صلاة الفجر و على حين غرّة.و قبضت الديمقراطية على المدينة متلبّسة بخروقات مدنية هي من شيم الكرامة و العدالة و المروءة الشعبية و النكبة الانسانية ..هذه مدننا زيّناها بالحنّاء و بخّرناها بالعنبر الأسود و كلتوسة جدّتي ..فخرجت ترفل في الحرير تراود الجياع على أصواتهم و بعض من أعضائهم الأخرى دعما لأعضاء المجلس التأسيسي .و في غفلة من المعلّم الذي تحول الى عون صفّ سكر الجميع بزواج المتعة الديمقراطي التعددي ..كان عُرسا ..و كان يوما طويلا ..و كان زواجا نهاريا ..فمن يشتري ..هنا تُباع الشعوب خلسة ..و لأول مرّة يتقنون فنّ الاصطفاف و لأول مرّة تُباع الشعوب بهذا القدر من الكميات التي فاقت كل التوقعات الحكومية والعالمية.. لأول مرّة لا تشارك الحكومة ادارة الديمقراطية ..و لأول مرّة ينتخب الشعب و ينتحب معا ..و لأول مرّة ينتصر و ينهزم و يفرح و يحزن ..رائعة أنت يا بلادي ..أحبّك حين انتخبت و حين سُرقت و حين حلمت و حين أخطأت و حين رسبتِ و حين قُتلت يوم قُتل "الثور الأصفر"..فمن أين آتيك بدمنة كي يُحرّرك من حماقة كليلة وطيبته ؟ و من أين آتيك بحشّاد ثانية حتّى يُغتال بدلا عنك ؟
هنا تُباع الشعوب خلسة ...خمرا أسكر الجميع فتوجّهوا رأسا نحو مكاتب الاقتراع و لا أحد يدري ما الذي أسكره ؟ جوعه أم يٌتمه السياسي أم حماقته أم حبّه للوطن ؟ كثرة تائهة خائفة مُتعبة بالفواتير و القروض البنكية و منهوكة بكبش العيد ..فضّل بعضهم أن يصير هو الكبش و فضّل آخرون أكل اللحوم البيضاء و رهط ثالث تحوّل الى مجرّد كائن عاشب ..كان تمرينا أولا انحصر هذه المرة في النجاح في الصفّ و في الانضباط ..ملّوا من شمس الخريف البغيضة ..لا أحد كان يهتم كثيرا بصوته الذي سبقه الى الصندوق ..فكم ذهبت أصواتهم هدرا ..و كم بقيت هذه الأصوات معطّلة عن التصويت الى حدّ صارت فيه لا تعني شيئا كبيرا ان منحها الى أية جهة ..فالجميع متشابهون ..و في كل الحالات لقد تعودوا على الحزب الواحد ..ياه كم تخيفنا الكثرة و التعدد و الاختلاف ..لا ذنب عليهم ..فقد اصطفّوا جيدا هذه المرة ..و في المرة القادمة سوف يتدرّبون على الصفّ أكثر ..فهل كانوا يرغبون فعلا في الديمقراطية ؟ ليس بديهيا ..و يبدو أنّ لهم حاجات أخرى أكثر أهمية ..و ثمّة في هذه الحكاية أكثر من شعب ..و لأول مرّة نكتشف أن لدينا شعوبا في الداخل..هناك الشُعب و العشب و النّخب ..الجميع انتصر و الجميع انهزم معا ..مبروك لشعب تونس و لعشبه و لشُعبه..مبارك على من انتصر انتخابيا و على من انهزم ثقافيا و على من انسحب سياسيا و على من صمت اراديا و اعتباطيا ..من انتخب ليس الشعب كاملا ..نصف الشعب لم ينتخب ..ألا تهمّه الديمقراطية ؟



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكبر فينا الياسمين يوما ..
- من يحمل الغابة في عينيه ؟
- لماذا جرحتم هذي السماء ؟
- لم يأكلوا النخالة بعدُ
- أنشودة الشمس
- شهرزاد لا تنام
- لا خير في نهار بلا رقص
- من يشتري الصحراء غيرك ؟
- هل تركتم للعصافير قليلا من سماء ؟
- الخوف من الديمقراطية
- نهاية الطاغية
- من أساء الى الذات الإلهية أم من أساء الى الثورة ؟
- شعر الثورة
- الشيوعية ليست إلحادا..
- بحث في التفكيكية
- قراءة جمالية في الشهادة
- مقالة في الجماليات
- أية ذاتية سياسية بعد الثورة ؟
- نص في الثورة
- نص


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أم الزين بنشيخة المسكيني - هنا تُباع الشعوب خِلسة