أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - عبد السلام أديب - الثورات العربية والمغاربية بين اليسار التحريفي واليسار الثوري















المزيد.....


الثورات العربية والمغاربية بين اليسار التحريفي واليسار الثوري


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 20:21
المحور: ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011
    


عبد السلام أديب: أجوبتي حول أسئلة  الملف:


1ــ هل كانت مشاركة القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية مؤثرة في هذهِ الثورات؟ و إلى أي مدى؟
جواب: يجب الانتباه هنا الى شيء هام عندما نتحدث عن القوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية، فاغلبية هذه القوى اندمجت في الانظمة الكومبرادورية القائمة واصبحت جزءا منه وتلعب لعبته في تخدير الطبقة العاملة لضمان استمرار استيلابها واستغلالها. كما ان كلمة اليسار لا تدل بالضرورة على القوى السياسية الثورية التي تدخل في صراع مستميت من اجل انتزاع السلطة السياسية لصالح الطبقة العاملة. فاليسار كما شاهدنا دالك في العديد من الدول اصبح قطبا برجوازيا اصلاحيا يتبادل الادوار مع القوى اليمينية حينما تنفضح سياسات هذه الاخيرة فيتدخل اليسار على الخط لضمان استمرارية النظام وقد لاحظنا دالك من وصول الجبهة الشعبية الى الحكم في فرنسا سنة 1936، كما شاهدنا دلك خلال ولاية فرانسوا متران منذ سنة 1981، فاليسار يراهن على سياسات رأسمالية كينيزية اكثر تدخلا عبر القطاع العام والاداة المالية، لكنه لا يفعل شيئا بالنسبة للبنية الطبقية واستمرار استغلال القوى المهيمنة للكادحين.
في العالم المغاربي والعربي لا يرقى اليسار حتى الى ذلك الدور الاصلاحي الذي نلمسه في اليسار البرجوازي الغربي، حيث يفتقد هذا اليسار للقوة الجماهيرية نظرا لعدم مصداقية خطابه وسعيه الدائم لخدمة النظام القائم عبر طرق ملتوية. اما النقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية والتي نجدها في الغالب تخضع لقيادة هذا اليسار فيتم بواسطتها تخدير الطبقة العاملة وتجزئة نضالاتها وضبط كافة تحركاتها.
الخلاصة هي انه انطلاقا من الدور التخديري المسند للقوى اليسارية والنقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية من اجل ضبط الطبقة العاملة وضمان موالاتها للانظمة القائمة، فلا يمكن الحديث عن دور مؤثر في التمردات الجماهيرية في البلدان المغاربية والعربية.
الملاحظة الاخيرة وهي ان اليسار المتحدث عنه لا علاقة له بالتوجه الماركسي اللينيني الثوري لان هذا التوجه الاخير يخضع منذ الاستقلالات الشكلية لهذه البلدان الى القمع والاجتثات مما تحول معه الى مجموعات صغيرة تبحث عن هويتها في السرية وتتصارع فقط من اجل هذه القضية بدون ادنى تأثير ملموس وسط الحراك الجماهيري.

2 - هل كان للاستبداد والقمع في الدول العربية الموجه بشكل خاص ضد القوى الديمقراطية واليسارية دوره السلبي المؤثر في إضعاف حركة القوى الديمقراطية واليسارية؟
جواب: انطلاقا من ملاحظاتي السابقة بشأن طبيعة اليسار العربي والمغاربي الانتهازي وضعف القوى الماركسية اللينينية الثورية، نلاحظ تركز النضال السياسي أساسا بين التعبيرات السياسية للتحالف الطبقي الحاكم: البرجوازية الكومبرادورية من جهة والبرجوازية الصغرى من جهة أخرى، ويقوم محور هذا النضال البرجوازي الصغير على رفع سقف مطالب حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطية البرجوازية لكونها أفضل اطار لخدمة مصالحها الاقتصادية والاجتماعية المباشرة. فالأنظمة الكومبرادورية تعمل على تطبيع استغلال مزدوج للكادحين بمعنى أنه بالاضافة الى استغلال كومبرادوري محلي عنيف تقوم بتسهيل شروط استغلال آخر للشركات الامبريالية متعددة الاستيطان للكادحين ولخيرات البلد. فمن مصلحة الكومبرادور لتحقيق هذا الهدف تعمل على تقليص هامش الحريات والحقوق البرجوازية لتفتح المجال واسعا أمام الاستغلال.
في ظل هذه الصيرورة تأثرت مصالح البرجوازية الصغرى بقوة نظرا لانعكاس تفكيك المرافق العمومية والتضخم المستمر وغياب الحقوق والحريات على عائداتها ومداخيلها، ونظرا لمكانة البرجوازية الصغرى داخل الأحزاب اليسارية والمركزيات النقابية والاتحادات الجماهيرية اصبحت تطالب من خلال هذه الإطارات بإعمال مبادئ حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية البرجوازية لأنها تعلم أنها لن تحقق ذاتها داخل الأنظمة الكومبرادورية إلا من خلال تكريس هذه المبادئ والمطالبة بها، لذلك تبدو مطالب البرجوازية الصغرى الاصلاحية كأقصى ما يناضل من اجله اليسار العربي والمغاربي.
لكن هذه المطالب الإصلاحية للبرجوازية الصغرى ولتعبيراتها السياسية في إطار اليسار العربي والمغاربي تصطدم برفض الكومبرادور الصارم لها لكونها قد تفتح ثغرة في سياساته الاستغلالية تؤدي بالتدريج الى تقويضها، لذلك تواجه الكومبرادورية المطالب الحقوقية والديمقراطية البرجوازية بقوة القمع والاستبداد وتعمل على تمزيق الجسم اليساري البرجوازي الصغير عبر الترغيب والترهيب إلى أطراف موالية وأخرى مغضوب عليها.
في ظل هذا القمع والتشتت حدث نوع من التقارب بين جزء من البرجوازية الصغرى المناضلة المغضوب عليها والمضطهدة من طرف الكومبرادور والمجموعات الصغيرة الماركسية اللينينية الثورية فتشكلت ثقافة مزدوجة اصلاحية وثورية بني عليها ما يعرف باليسار العربي الذي أطلق أشكالا من الاحتجاج الجماهيري على شكل شبكات مستقلة عن الاحزاب والنقابات تخللتها مطالب سياسية واقتصادوية يسارية مزدوجة، بعضها يناضل من اجل نظام ليبرالي ديمقراطي برجوازي يتماثل مع مطامح البرجوازية الصغرى والبعض الآخر يطالب بإسقاط النظام الكومبرادوري وإقامة نظام شعبي ديمقراطي تتزعمه القوى الثورية الماركسية اللينينية.
بطبيعة الحال واجهت الكومبرادورية هذه المطالب اليسارية الإصلاحية والثورية معا بكل قوة راح ضحيتها الآلاف ان لم نقل الملايين من المناضلات والمناضلين، وقلص من حدة تأثيرها السياسي وانتشارها.
لكن اهم تأثير أحدثته نضالات هذه القوى اليسارية الإصلاحية والثورية معا هو ذاك التجدر التدريجي للوعي الطبقي في وسط الطبقة العاملة والبرجوازية الصغرى المضطهدة، والتي بدأت تتجرأ على تنظيم نفسها وقيادة احتجاجاتها الخاصة خارج أي تأطير سياسي او نقابي مؤكدة على عدم ثقتها بهذه الاطارات. فواقع الاستغلال والاضطهاد اليومي للكادحين بالاضافة الى الخطاب الحقوقي الديموقراطي وايضا الخطاب الراديكالي الثوري استطاعت ان تنشر مفاهيم ثورية تمردية سرعان ما تنفجر عند ادنى احتكاك قوي مع النظام وهذا ما شاهدناه في المغرب خلال الانتفاضات الشعبية القوية سنوات 1965 و1981 و1984 و1990 وهذا ما نشاهده ايضا منذ سنة 1990 الى الآن في المدن والقرى المتوسطة والصغرى ولعل احداث سيدي افني وصفرو سنتي 2005 و2007 لخير دليل على الوضع الانفجاري الذي اصبحت الجماهير تعيشه.
دور القوى اليسارية والديموقراطية الاصلاحية اصبحت تأتي بعد الحدث ولا تواكبه او تصنعه. وغالبا ما تبدأ هذه القوى في تنفيذ اجندة الحكم الكومبرادوري القائم، وقد رأينا مثل هذا التواطؤ في المغرب بعد احداث سيدي افني ثم احدات كديم ازيك في الصحراء.

3 - هل أعطت هذه الانتفاضات والثورات دروساً جديدة وثمينة للقوى اليسارية والديمقراطية لتجديد نفسها وتعزيز نشاطها و ابتكار سبل أنجع لنضالها على مختلف الأصعدة؟
جواب: السخط الجماهيري الشعبي والوعي الطبقي العمالي ما فتئ يتزايد منذ العقود الأولى لسنوات الاستقلالات الشكلية والذي هاله مدى النهب والاستغلال الكومبرادوري الذي فاق حتى استغلال واضطهاد المستعمر السابق تولد عنه بالتدريج تبخر اوهام الاستقلال والدولة الوطنية والتنمية المعتمدة على الذات والأفكار القومية والتكافل الديني، حيث بدأت كل هذه الافكار تتحلل امام الخيانات المتوالية للكومبرادور اتجاه القضايا القومية والوحدة الوطنية والتحرر من الاستعمار كما انحرفت مفاهيم العدل والحرية والمساواة وحل محلها النهب والامتيازات ومراكمة الثروات على حساب الكادحين والانتهازية وزيف الانتخابات البرلمانية والجماعية. كما ادى كل مناهضة لهذه الانحرافات الى قمع وحشي واختطافات واستنطاقات وإعدامات بالجملة خارج القانون البرجوازي، وكلها عناصر عمقت من الوعي الطبقي واصبحت متداولة على كل لسان. كما أصبحت الكومبرادورية وتحالفاتها الطبقية تضطر لتزوير الانتخابات وفرض الزعامات التاريخية التي تضل في السلطة ابد الظهر سواء كانت السلطة ملكية ام جمهورية، بل ان الجمهوريات بدأت تهيئ أبنائها لاستخلافها في السلطة.
معارضة القوى الاصلاحية اليسارية داخل هذه الانظمة ظلت خجولة لا تخرج عن إدانة الوضع الحقوقي والمساومة بمعارضتها من اجل بعض المكتسبات السياسية، كما ان النقابات العمالية والاتحادات الجماهيرية ضلت تقوم بدور دفاعي محض بل وتحضير الطبقة العاملة للتكيف مع الهجوم الكومبرادوري الامبريالي وتقبل المستويات الجديدة الاكثر عنفا من الاستغلال.
لكن ما حدث يوم 17 دجنبر 2010 حينما احرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لذاته احتجاجا على الاضطهاد والاحتقار والظلم شكل الشرارة التي اشعلت ولم تنطفأ في جسد الجماهير المتمردة في البلدان المغاربية والعربية، والتي استطاعت ان تجر ورائها خارج الاحزاب والنقابات والاتحادات الجماهيرية مختلف الشرائح، والتي وجد فيها الماركسيون اللينينيون ضالتهم وانخرطت فيها البرجوازية الصغيرة الاصلاحية بشكل كامل سعيا منها الى التموقع من جديد في مركز قوة يمكنها من المساومة والظفر بالسلطة لصالح توجهاتها الانتهازية نفس الشيء لجأت اليه القوى الظلامية والشوفينية. وبعد اسقاط الدكتاتورين بنعلي ومبارك بدأت مرحلة جديدة من الصراع السياسي بين التعبيرات السياسية للبرجوازية الصغرى الاصلاحية الشوفينية والظلامية والليبرالية والاشتراكية، والتي استطاعت بث الوهم بامكانية التغيير في ظل استمرارية النظام الرأسمالي وهيمنة كومبرادوريات جديدة.
حاليا هناك هروب الى الامام من قبل القوى اليسارية الاصلاحية في البلدان التي لم تصلها بعد شرارة التمرد الشعبي العارم، فأخذت تنظم هذه القوى تظاهرات في الشارع العمومي لمساومة الانظمة الكومبرادورية القائمة على بعض المكتسبات السياسية وهذا ما حدث في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين وبدرجة اقل حدة في الجزائر والاردن والمغرب. المستفيد الأكبر من انتفاضات تونس ومصر كانت هي الامبريالية التي استطاعت بسرعة اختراق البرجوازية الصغرى في ليبيا لتصنع منها مجلسا ثوريا وتحارب باسمها قوات الدكتاتور القذافي الى حين اسقاطه وفرض اللوبيات الكومبرادورية الجديدة الحاكمة في ليبيا. كما لازالت الامبريالية تحاور المعارضتين في اليمن وسوريا من اجل ضمان ولائها بعد اسقاط الدكتاتورين علي عبد الله صالح وبشار الاسد. اما في البحرين فقد دعمت الامبريالية بدعم من السعودية لضمان استمرارية الكومبرادورية الملكية القائمة.
أما في الجزائر والمغرب فالأمر مؤجل إلى حين نظرا لان البرجوازية الصغرى لا زالت أكثر التفافا حول النظامين القائمين ولكون مطالبها السياسية لم ترق الى مستوى مطالب الطبقة العاملة وعموم الكادحين، وظل خطابها تخديريا محضا لهؤلاء. وقد مكن هذا الوضع داخل الجزائر والمغرب النظامين القائمين من ضبط إيقاع الحراك الاجتماعي والتلاعب به عبر سلسلة من الإجراءات الإصلاحية تشكل خطوات إلى الوراء بدلا من ان تشكل تقدما نحو الإصلاح الحقيقي.
إذن فالقوى اليسارية الإصلاحية في البلدان المغاربية والعربية دفعتها الأحداث المتسارعة في هذه البلدان إلى التمرس على لعب دور الثورة المضادة من اجل التموقع والتحكم من جديد للقوى الكومبرادورية والامبريالية.
أما القوى الماركسية اللينينية الثورية فأصبحت أكثر دينامية في البحث عن بناء سريع لذواتها بالموازاة مع تطوير أدائها النضالي إلى جانب الطبقة العاملة وهذا ما نلاحظه على الخصوص في تونس ومصر وحيث بدأت بتفعيل انشطة ثورية على الوضع السياسي الجديد المستحود عليه من طرف البرجوازية الصغيرة الانتهازية في الوسط البيروقراطي والجيش والقوى الظلامية.


4ــ كيف يمكن للأحزاب اليسارية المشاركة بشكل فاعل في العملية السياسية التي تلي سقوط الأنظمة الاستبدادية ؟ وما هو شكل هذهِ المشاركة ؟
جواب: كما أشرت سابقا فان التعبيرات السياسية للبرجوازية الصغرى المستحوذة فعليا على المكاتب السياسية للأحزاب اليسارية واليمينية والاسلاموية وعلى الأمانات العامة للمركزيات النقابية كما تسيطر عمليا على الأجهزة البيروقراطية وعلى مؤسسة الجيش، استطاعت فعلا أن تحول اتجاه الانتفاضات الجماهيرية من انتفاضات طبقية جذرية إلى مجرد تغيير في رموز السلطة الكومبرادورية السابقة. وحاولت عبر هيمنتها على أجهزة الإكراه المادي والإعلامي إخماد جذوة الانتفاضات الجماهيرية والحفاظ على نفس نمط الحكم السابق.
المجموعات الماركسية اللينينية الثورية استطاعت ان تتميز عن تنظيمات البرجوازية الصغرى خلال هذه المرحلة من خلال فضح انتهازيتها ومحاولة تعبيراتها السياسية الالتفاف على الانتفاضات الشعبية. وقد مكنت دينامية المجموعات الماركسية اللينينية الثورية من استنهاض الطبقات الشعبية للدفاع مكتسبات انتفاضتها والتهديد باشعال انتفاضات جديدة من اجل اقرار ديموقراطية شعبية حقيقية.
في اطار هذا المسلسل النضالي تتطور التنظيمات الماركسية اللينينية وتتقوى وتتجدر وسط الجماهير الشعبية مما قد يمكنها من اشعال ثورات شعبية حقيقية تسقط بالتحالف الطبقي الحاكم وفرض ديموقراطية شعبية بقيادة التعبيرات السياسية للبروليتارية.

5 - القوى اليسارية في معظم الدول العربية تعاني بشكل عام من التشتت. هل تعتقدون أن تشكيل جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم كل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية ببرنامج مشترك في كل بلد عربي، مع الإبقاء على تعددية المنابر، يمكن أن يعزز من قوتها التنظيمية والسياسية وحركتها وتأثيرها الجماهيري؟
جواب: من المعلوم أن الأنظمة الكومبرادورية الحاكمة في البلدان العربية والمغاربية استطاعت منذ الاستقلالات الشكلية لهذه البلدان ان تستقطب الى جانب احزابها الإدارية المدافعة عن اطروحاتها الأحزاب السياسية المعبرة عن طموحات البرجوازية الصغرى سواء اليمينية او اليسراوية او الاسلاموية، أما التعبيرات السياسية للطبقة العاملة وعموم الكادحين فتمثلت إما في أحزاب اشتراكية وشيوعية شكلية تساهم في تخدير هؤلاء واستيلابهم للحكم القائم، أو تعبيرات ماركسية لينينية ثورية تشتغل في السرية على فضح النظام القائم ونشر الوعي الطبقي وتأجيج الصراع على كافة الواجهات، لكن البوليس السياسي والمخابرات تشتغل بنشاط على تعقب هؤلاء والتصدي لهم واختطافهم وتعذيبهم وإعدامهم.
التغيير الجذري للانظمة الكومبرادورية في البلدان المغاربية والعربية يتوقف اساسا على التنظيمات الذاتية المستقلة الماركسية اللينينية الثورية للبروليتارية. فتقوية هذه التنظيمات وانخراطها الميداني في الصراع الطبقي وقيادتها للثورة البروليتارية من شأنه ان يجر كافة التعبيرات السياسية للبرجوازية الصغرى ورائها وحيث يمكن من خلال الوعي الطبقي اكتساب الفكر البروليتاري من طرف جميع هذه القوى وتوجيهها في اتجاه انجاز التحول التاريخي نحو ديموقراطيات شعبية.
التحدي القائم هو استمرار تشتت التعبيرات السياسية للطبقة العاملة وتمكن البرجوازية الصغرى من توحيد تعبيراتها السياسية اليمينية واليسراوية والظلامية في جبهة ثورة مضادة باسم الديمقراطية البرجوازية حيث من الممكن ان تحدث انتكاسة سياسية جديدة وخطيرة قد تغرق هذه البلدان في ظل كومبرادوريات رجعية ظلامية متحالفة مع الامبريالية تقوم على تشديد استغلال واضطهاد البروليتارية.


6 ـ هل تستطيع الأحزاب اليسارية قبول قيادات شابة ونسائية تقود حملاتها الانتخابية وتتصدر واجهة هذهِ الأحزاب بما يتيح تحركا أوسع بين الجماهير و أفاقا أوسع لاتخاذ المواقف المطلوبة بسرعة كافية ؟
جواب: جميع التنظيمات السياسية الممثلة سياسيا للكومبرادور وللبرجوازية الصغرى وللبروليتارية في حاجة إلى تشبيب أطرها السياسية لضمان استمراريتها وعطائها، لكن عادة ما تؤدي الرغبة في المحافظة على نفس الإيقاع والامتيازات والتوجهات السياسية الى جمود القيادات السياسية في أمكنتها مما يصبح من العسير على الشباب إلا في ما نذر من الحالات الوصول الى مراكز القيادة. وعادة ما نشاهد في المشهد السياسي العربي والمغاربي نفس الوجوه القيادية فلا تختفي الا بالموت البيولوجي. وتسلك هذه الأحزاب نفس سلوك القيادات الكومبرادورية العربية والمغاربية التي لا تغادر السلطة إلا بالوفاة أو الانقلاب أو الثورات الشعبية.
غياب الديمقراطية الداخلية للأحزاب اليسارية نابع من الفكر البرجوازي الصغير الانتهازي، لذلك فان تغيير هذه الوضعية يتطلب ثورة فكرية بروليتارية لتغيير العقليات وإعادة بناء التنظيمات السياسية على أساس الديمقراطية المركزية والنقد والنقد الذاتي وعلى عدم خلود القيادات الممثلة للبروليتارية لأكثر من انتدابين قصيرين. مع التركيز على القيادات الشابة والنسائية لكونها تمكن من تحقيق انجازات ثورية هامة ومن إبداعات تعجز عنها القيادات العاجزة.

7 - قوي اليسار معروفة بكونها مدافعة عن حقوق المرأة ومساواتها ودورها الفعال، كيف يمكن تنشيط وتعزيز ذلك داخل أحزابها وعلى صعيد المجتمع؟
جواب: تخضع مبادئ حقوق الإنسان وحقوق المرأة على الخصوص للاستلاب البرجوازي حيث تفرغ الحقوق الطبيعية من من محتواها الحقيقي الى محتوى برجوازي مصطنع. فحقوق المرأة الطبيعية لا تختلف عن حقوق الرجل الطبيعية فالرجل والمرأة في المجتمع البرجوازي يخضعان للاستلاب الإنتاجي والسلعي وللاستقطاب الديني وبالتالي للاستغلال المفرط والولاء للقيادات السياسية الكومبرادورية مما يفرض على الجميع قيما زائفة حول حقوق المرأة وحقوق الرجل.
وإذا كانت القوى اليسارية الإصلاحية تستند في صراعها للحفاظ على دورها داخل المنظومة البرجوازية على منظومة حقوق الإنسان الكونية البرجوازية، فان دورها في هذا المجال لن يتجاوز تكريس الاستلاب البرجوازي لحقوق الإنسان وحقوق المرأة. لكن مع ذلك في ظل الثقافة العربية الاسلامية التي تجهض جميع الحقوق حتى بمفهومها البرجوازي تصبح نضالات القوى اليسارية الاصلاحية حول هذه الحقوق في هذا الوسط تقدمية إلى حد ما.

8 ــ هل تتمكن الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في المجتمعات العربية من الحدّ من تأثير الإسلام السياسي السلبي على الحرّيات العامة وحقوق الإنسان وقضايا المرأة والتحرر؟
جواب: الصراع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للقوى اليسارية الثورية يجب ان يستمر بقوة ويمتلك وسائله الاعلامية وخطابه السياسي والثقافي الواضح، فالصراع الطبقي مع القوى البرجوازية يجب ان يكون على جميع الواجهات. ومرتكز قوة اليسار الماركسي اللينيني الثوري هو استناده على المادية الجدلية والفكر العقلاني مقابل الفلسفة المثالية الخرافية للفكر البرجوازي. فاذا كانت البرجوازية تعتمد على انتشار الامية والجهل في توسيع الايديولوجيات الظلامية والفكر الخرافي الذي تتمكن من خلاله من الهيمنة السياسية والثقافية فان سلاح القوى الثورية يجب ان يستند على نشر المعرفة والعقلانية.
اذن فالحد من تأثير الاسلام السياسي السلبي على الحريات العامة وحقوق الانسان وقضايا المرأة والتحرر يتطلب بروزا قويا لخطاب التنظيمات الماركسية اللينينية الثورية والشجاعة والجرأة في طرح اقوى المبادئ الثورية في هذا المجال. أما الاختباء والمداهنة والمراوغة والبحث عن التوافق الذي تمارسه اغلب التنظيمات اليسارية الاصلاحية فلن يقود الا الى المزيد من انتشار تأثير الاسلام السياسي السلبي.

9 - ثورات العالم أثبتت دور وأهمية تقنية المعلومات والانترنت وبشكل خاص الفيس بوك والتويتر..... الخ، ألا يتطلب ذلك نوعاً جديدا وآليات جديدة لقيادة الأحزاب اليسارية وفق التطور العملي والمعرفي الكبير؟
جواب: لن يختلف اثنان حول أهمية تقنية المعلومات والانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعية والتي ادت خدمات جمة لتطور الفكر اليساري الثوري على الخصوص. لكن بالقدر الذي يجب التحكم في هذه التقنيات والتعمق في فهمها وحسن استخدامها بشكل ايجابي بالقدر الذي يجب تطوير آليات الدفاع الذاتي ضد المخططات البرجوازية للالتفاف على نضالات اليساريين الثوريين عبر هذه التقنيات المعلوماتية نفسها. فالصراع بين البروليتارية والبرجوازية يمتد على جميع الواجهات ومنها الواجهة الاعلامية. لذا يجب العمل على تحصين تحرر هذه التقنيات وعدم تركها تحت رحمة القوى المضادة للتحرر الانساني.

10 - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن، كيف تقيمون مكانته الإعلامية والسياسية وتوجهه اليساري المتفتح ومتعدد المنابر؟
جواب: أوجه تحية خاصة للحوار المتمدن وبشكل خاص للرفيق رزكار عقراوي الذي له الفضل في نشأة وتطوير هذا المنبر الثوري بامتياز. لقد لامست عن قرب مدى التأثير الذي احدثه على مستوى تداول المعلومات والتحليلات بل وعلى نشر وعي طبقي قوي. في المغرب كان تداول الكتابات والتحليلات قبل سنة 2000 بين المناضلات والمناضلين تعترضه العديد من العقبات الذاتية والموضوعية، الا أن نشأة الحوار المتمدن انطلاقا من سنة 2002 والى الآن حقق ما لم يتحقق خلال عقود عديدة، حيث بدأ تداول المعلومات والبيانات والتحليلات يتم بسرعة البرق كما وجدت العديد من الأقلام في الموقع منبرا حرا لا تقيده سوى أخلاق الحوار المتمدن. اتمنى للحوار المتمدن بمناسبة ذكرى تأسيسه العاشرة المزيد من اللمعان وتحقيق التواصل والحوار المتمدن ولمؤسسيه كامل التوفيق والنجاح في نضالهم النبيل.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة النظام الرأسمالي والحروب الامبريالية الجديدة
- البروليتارية العالمية تشكل طبقة من المهاجرين
- النظام الاقتصادي الرأسمالي على حافة الانهيار
- سنتتبع الانتخابات ونؤكد المسافة التي لا زالت تفصلنا عن الديم ...
- المغرب يعاني أزمة مالية آخذة في التعمق
- دور جمعية - المعطلين- في عودة الفعل النضالي للجماهير الشعبية
- دور البرجوازية الصغرى في الحراك الجماهيري المغاربي والعربي
- بركان الانتفاضات المغاربية والعربية
- كيف تتحرك الأشياء؟
- تعمق الأزمة الثورية عالميا ومواجهة البروليتارية لعملية تفريغ ...
- الأزمة الاقتصادية والثورة البروليتارية
- الانظمة الرجعية تشن الحرب على شعوبها الآن !!!
- الشعب يريد اسقاط النظام
- مسار الحراك الاجتماعي المغاربي والعربي
- احتجاجات حركة 20 فبراير وارتسامات المشاركين
- تعمق الصراع الطبقي وضرورات مواجهة الكادحين للثورة البرجوازية ...
- استراتيجيات خداع الجماهير
- ميكانيزمات التمرد الشعبي في البلدان المغاربية والعربية ودور ...
- الوعي الثوري في المغرب
- من أجل تحرر شعوب البلدان المغاربية والعربية


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....



المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - حول دور القوى اليسارية والتقدمية ومكانتها في ثورات الربيع العربي وما بعدها - بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس الحوار المتمدن 2011 - عبد السلام أديب - الثورات العربية والمغاربية بين اليسار التحريفي واليسار الثوري