أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليفة المنصوري - احتجاجات العالم وتشكيل الوعي السّياسي الجديد














المزيد.....

احتجاجات العالم وتشكيل الوعي السّياسي الجديد


خليفة المنصوري

الحوار المتمدن-العدد: 3546 - 2011 / 11 / 14 - 22:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثّلت احتجاجات الشّعوب العربيّة مدّا مندفعا وحالة ثوريّة احتلّت الفضاءات والشّوارع والسّاحات العامّة سخطا على أنظمتها، التي تفنّنت في قمعها وتفقيرها وتهميشها لقرون من الزّمن، من أجل الكرامة والحقّ في الحياة تحت الشّمس.
وفي عالم مُتناغم ومُعَوْلم في الثقافة والمعرفة ووسائل الاتّصال الحديثة، استُنسخت التّجارب وتفاعلت التّحرّكات لتتشابه في الشّعارات والمطالب، وكيفيّة تعبئة الجماهير حول قضايا أصبحت اليوم حسّا مشتركا تلتفّ حوله كلّ شعوب العالم. ولعلّ "الزّلزال" الجماهيري، بمدّه السّاخط الذي أسقط أعتى الدّيكتاتوريات وأكثرها استمراريّة وصمودا في الزّمن، بدأ يشكّل معالم الفكر السّياسي لهذه المرحلة الحرجة من عمر النّظام اللّيبرالي العالمي.
لقد أكّدت احتجاجات الشّعوب، بتناغم شعاراتها إلى حدّ التّماهي، أنّ العالم مقبل على صياغة فكر سياسيّ جديد يتجاوز التّنظيرات اللّيبراليّة، ليُسْقِط حصونا من الأوهام، كثيرا ما هيمنت على الفكر السّياسي المعاصر، بصنع الوعي والتّناقضات وحدود التّموقع ومفردات الخطاب. إذ اندحرت أوهام اللّيبراليّة في عقر دارها منذ سنوات من خلال" موجات التذمّر والمعارضة والإحساس بالخديعة، وفقدان المواطنين للثّقة بالديمقراطيّة التّمثيليّة، والإجابة عن الأسئلة الكبرى للشّعوب حول القضايا الاقتصاديّة والاجتماعيّة.." . لينكشف بذلك عجز النّظام الاقتصادي العالمي على مجابهة قضايا الفقر والمديونيّة وسياسات التقشّف وارتفاع نسبة البطالة والحيف الاجتماعي.
كما أَسْقَطَت ثورات الشّعوب سياسة الاستقطاب الثّنائي أو التناقض الوهمي بين "قطبي الشّر والخير"، لتتلاشى معها " فزّاعة الإسلام السّياسي" من رهانات من صاغ مفهوم "الإرهاب" وروّج له لسنوات طويلة، في إطار سياسات التّخويف من "عدوّ وهميّ" شكّلته دوائر النّفوذ واشتغلت عليه وسائل الإعلام والتّنظيرات السّياسيّة في ما يسمّى "بصراع الحضارات"، عندما لم يكن هناك من عدوّ حقيقيّ تنازعه على اقتسام العالم.
لقد انكشف الاستقطاب الثّنائي المزعوم بين ليبراليّة تدّعي تصدير الدّيمقراطيّة، حتّى وإن كان على ظهور الدبّابات أو قصفا عن طريق الحلف الأطلسي مثلما حدث في العراق وأفغانستان ولبنان ثمّ ليبيا، وبين أصوليّة "جهاديّة" استحسنت لعبة التّناقضات الموهومة وانتعشت فيها، حتّى أنّها شكّلت في الوعي السّياسي كائنا هلاميّا كثيرا ما ألهى العالم عن قضاياه الأساسيّة، وكثيرا ما عبّأ العالم المنتفض ضدّ النّظام الاقتصادي العالمي حوله. فالاحتجاجات العالميّة اليوم، أظهرت، كما في السّياق الثّوري للحالات العربيّة، أنّ التّناقض لن يكون إلاّ عموديّا، بين شعوب تعاني الفقر والحرمان والتّهميش والإقصاء، من جهة، وأصحاب النّفوذ من دوائر احتكار المال والأعمال والثّروات في العالم، من جهة ثانية.
لقد تبيّن أنّ هناك مسارين في التّعاطي مع مجريات الأحداث العالميّة الحاليّة: مسار يناصر الشّعوب ويناصب العداء لقوى الهيمنة والاستغلال ونفوذ الفساد، وهو الذي لم يجد إلاّ الشّوارع لتنبض بنبضه، على نفس الإيقاع وبنفس الشّعارات وفي أغلب عواصم العالم. ومسار ثان، يعمل على مهادنة مشاريع التّسوية خدمة للنّظام العالمي النيوليبرالي، من خلال محاولات الالتفاف على مصالح الشّعوب والاحتيال عليها وخداعها، وهو النّظام الذي لا يتوانى في استخدام كلّ إمكاناته في الإجهاز على أيّ تحرّك حقيقيّ من شأنه كشف زيف الدّيمقراطيّة اللّيبراليّة واحتيالها على الشّعوب.
لذلك لا نستغرب اليوم تواطؤ الغرب مع صعود القوى الدّينيّة في البلدان العربيّة التي شهدت ثورات أو احتجاجات، والتي اعتبرها شريكا له في التّغيير وأميناً على مصالحه الحيويّة، محاولة منه كبح جماح الشّعوب المنتفضة على سياساتها، ومستخدما هذه المرّة "الوازع الدّيني" في الضّبط الاجتماعي للشّعوب (مثلما يشير إلى ذلك خطاب النّهضة في تونس حيث أصبح يدافع عن القطاع السّياحي ويدعو إلى تأجيل الإضرابات وحماية الاستثمارات الأجنبيّة ويشنّ حملات التّشويه ضد المنظّمة الشّغيلة في وقوفها مع مطالب قطاعات مختلفة). فهذه القوى الدّينيّة لم تعد تشكّل "عدوّا" أو "محورا للشرّ" لقوى الغرب، بل حليفا استراتيجيّا يساعد على مزيد إحكام السّيطرة على المسار الثّوري وإجهاضه وتوجيهه بما يخدم خروجها من أزماتها بأخفّ الأضرار.
إلاّ أنّ الحراك الجماهيري الذي عانق العالميّة كرّس ثقافة مقاومة اجتماعيّة شعبيّة تنتصر للفئات الضّعيفة والمحرومة، لتكون القوى الشّرعيّة الضّاغطة في العالم، والتي ستتطوّر مستقبلا بالإضرابات والاحتجاجات وترسيخ تقاليد احتلال الفضاءات العموميّة كسلوك جديد يشكّل الوعي السّياسي الجمعي.
وعلى قوى اليسار أن تثأر لتاريخها ولتجربتها ولمفردات الثّورات وشعاراتها، بانتصارها للمحرومين والمفقّرين، مثلما حدث في تجارب الاشتراكيّة الاجتماعيّة في أمريكا اللاّتينيّة، من أجل صنع مصير جديد للشّعوب. لأنّ الاحتجاجات التي تكتسح العالم اليوم تنطق عن اليسار، وبمفردات الصّراع الطّبقي والعدالة الاجتماعيّة، وتؤسّس لخطاب مناهض للظّلم والاستغلال ونهب ثروات الشّعوب وإغراقها في المديونيّة الثّقيلة.
لقد بدأت معالم وعي سياسيّ جماعيّ، تلتفّ حوله غالبيّة شعوب العالم، من أجل عالم جديد يحترم الذّات البشريّة وحقّها في الحياة الكريمة كشريك أساسيّ في الثّروة والسّلطة. ومثلما كانت العولمة مخرجا للامبرياليّة من أزماتها الاجتماعيّة حتّى تبسط نفوذها وهيمنتها على العالم، ستكون أيضا مدخلا لتوحيد نضالات الشّعوب، خاصّة وأنّها تحمل في طيّاتها مشتركا انسانيّا في مستوى العيش والقيم والانتظارات. لذلك على قوى اليسار العالمي اليوم أن توحّد جهودها على أرضيّة هذا المشترك الإنساني، وأن تشكّل مقاومة شعبيّة فعّالة في وجه الظّلم والاستبداد والفقر وسياسات التقشّف، وأن تؤمن أنّ المستقبل بيدها لا بيد من ينهبون حقّ الشّعوب في الحياة.



#خليفة_المنصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تحقّق للشّعب من ثورته عشيّة انتخابات التّأسيسي؟
- المشهد السّياسي التّونسي: من أجل ديمقراطيّة جديدة
- قراءة سوسيولوجية لواقع -الثورة- التونسية


المزيد.....




- شاهد أوّل ما فعلته هذه الدببة بعد استيقاظها من سباتها الشتوي ...
- تحليل: بوتين يحقق فوزاً مدوياً.. لكن ما هي الخطوة التالية با ...
- نتنياهو يقول إنه يبذل قصارى جهده لإدخال المزيد من المساعدات ...
- روسيا.. رحلة جوية قياسية لمروحيتين حديثتين في أجواء سيبيريا ...
- البحرية الأمريكية تحذر السفن من رفع العلم الأمريكي جنوب البح ...
- صاروخ -إس – 400- الروسي يدمر راجمة صواريخ تشيكية
- إجلاء سياح نجوا في انهيار ثلجي شرقي روسيا (فيديو)
- الطوارئ الروسية ترسل فرقا إضافية لإنقاذ 13 شخصا محاصرين في م ...
- نيوزيلندا.. طرد امرأتين ??من الطائرة بسبب حجمهن الكبير جدا
- بالفيديو.. فيضان سد في الأردن بسبب غزارة الأمطار


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليفة المنصوري - احتجاجات العالم وتشكيل الوعي السّياسي الجديد