أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ألا تغذي مصادرة الإرادة والحريات العامة الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام؟















المزيد.....

ألا تغذي مصادرة الإرادة والحريات العامة الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 22:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجارب الشعوب في الدول العربية خلال العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حتى يومنا هذا تشير إلى بعض الحقائق المؤلمة التي لا بد لنا, وخاصة لعلماء النفس الاجتماعي, من دراستها والتعرف على سبل معالجتها لتفادي جملة من العواقب الوخيمة على الفرد والمجتمع في بلداننا.
لقد عشت أو تعرفت عن قرب أو قرأت بإمعان تجارب أغلب الشعوب العربية خلال العقود المنصرمة. وكلها برهنت على وجود علاقة طردية بين سلب الإرادة الشعبية والحرية الشخصية والقمع والمحاربة بالرزق وأحكام السجن والإعدام ضد قوى المعارضة السياسية وبشكل عام من جانب السلطة الحاكمة وأجهزتها الأمنية وبين ما ينتظر الحكام من عواقب وخيمة حين تحصل الانتفاضات والثورات الشعبية التي تغيب عندها العقلانية والشرعية والاحتكام للقانون في التعامل مع هؤلاء الحكام, إذ تسيطر الرغبة الجامحة في الانتقام ممن عرض حياة الناس للكوارث وسلب إرادتهم وحقوقهم الأساسية وحرمهم من التمتع بالحرية والحياة الديمقراطية وخيرات البلاد والعمل والسعادة, أو ممن اختطف منهم بعض أو الكثير من أبنائهم عبر أحكام قاسية بالسجن والتعذيب أو الإعدام.
لقد تجاوزت الغالبية العظمى من الحكام, إن لم ندع حكام الدول العربية كافة, لصلاحياتهم وداسوا على مضامين الدساتير والحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين, ساهمت ما تزال تساهم اليوم أيضاً, بعمليات الفساد المالي والإداري والتفريط غير المسؤول بثروات الشعب وخيرات البلاد بما لا يساعد على تقدم البلاد وتطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبناء المجتمع المدني والديمقراطي, بل كرست القسوة والبغضاء ونشطت روح الحقد والكراهية لدى الفرد والمجتمع, وبشكل خاص العلاقة بين السلطة والفرد والمجتمع. وحين بدأت عملية انهيار تلك النظم عبر التحرك الشعبي, وحين افلت زمام الوضع من أيدي هؤلاء الحكام,
عجز عقلاء المجتمع تأمين السيطرة على حركة الشعب والوضع السياسي وقيادة الثوار صوب مواقف أكثر عقلانية ومسؤولية وأكثر وعياً بأهمية احترام القانون والقضاء والعدالة وحقوق الفرد في الحفاظ على حياة هؤلاء الحكام بتقديمهم إلى القضاء ومحاكمتهم محاكمة عادلة. إذ أخذ الثوار يمارسون البطش ببعض الحكام ويقتلونهم ويسحلونهم في الشوارع بشكل تقشعر لها الأبدان, كما حصل لعدد من حكام العراق في اليوم الأول من انتصار انتفاضة وحدات من الجيش العراقي, في الربع عشر من تموز/يوليو 1958, ومنهم الوصي على عرش العراق ورئيس الوزراء وابنه مثلاً. وكانت الحالة موحشة ومتوحشة في آن واحد لمن كان شاهداً على ذلك أو من شاهد الصور أو وهم معلقون بالحبال.
وأجزم اليوم لو استطاع الناس اعتقال صدام حسين وأبنائه وبعض قيادة حزب البعث من أمثال عزت الدوري وطه ياسين رمضان وعلي حسن المجيد .. بعد اندحار القوات العسكرية العراقية في حرب 2003 في بغداد لفعل الناس بهؤلاء تماماً كما فعل المتظاهرون حينذاك بعبد الإله بن علي ونوري السعيد وصباح نوري السعيد انتقاماً منهم لعقود حكمهم والعدد الهائل الذين قتلوا في دهاليز الأمن والاستخبارات العسكرية, وفي السجون والمعتقلات, وفي الانتفاضات الشعبية خلال تلك المرحلة المرعبة من حياة الشعب العراقي في ظل الدكتاتورية الباغية وانتقاماً لضحايا انتفاضة 1991 أو الذين قتلوا في مجازر الأنفال والدجيل ..الخ.
لقد كان الأمل يحدو الكثيرين, وأنا منهم, أن لا تكون ثورة الشعب الليبي مشابهة لما حصل لبعض الحكام في العراق, بل كما حصل في تونس ومصر بالرغم غطرسة وأوامر القتل التي نفذتها أجهزة النظام الأمنية والشرطة بالمتظاهرين والمحتجين, وأن يرتفع الشعب فوق أحزانه وآلامه ومصائبه وأن يتم اعتقال القذافي وابنه وبعض أتباعه ممن أذل الشعب الليبي وأفسد عليه حياته والتمتع بثرواته ليقدموا إلى القضاء لينالوا الجزاء العادل على وفق الشرعية والعدالة.
ولكن ما حصل في سِرت كان مؤلماً وشرساً وحزيناً لكل المدافعين عن حقوق الإنسان والعدالة. لقد حصل ما كنا نخشاه بل قتل الدكتاتور شر قتلة, لقد مات بالضرب والتعذيب الجسدي بصورة وحشية مرعبة. لم يقتل بأيدي ثوار عقلاء يحترمون الإنسان وحقوقه حتى لو كان مجرماً من طراز القذافي, بل قتل على أيدي من لا يحترم حقوق الإنسان وحقه في الدفاع عن نفسه أمام القضاء. لقد كانت جمهرة غير قليلة من المشاركين في الثورة ينتقمون لأنفسهم ولشعبهم لما تسبب به القذافي للشعب الليبي من كوارث والآم وعواقب وخيمة في حياتهم اليومية ورفضه الرحيل والإصرار على مواصلة الحكم وقتل الناس ونعتهم بالجرذان, وهؤلاء الذين تجاوزا صلاحياتهم حين اعتقال القذافي ومارسوا التعذيب الجسدي والنفسي بذلك الأسلوب المتوحش لا يساهمون بأي حال في إرساء دعائم القانون الديمقراطي والعدالة ولا يرسون أسساً صلبةً لمستقبل ديمقراطي مشرق في ليبيا.
إن الحكام الذين يمارسون الاستبداد والقسوة والعنف ويحكمون شعوبهم بالحديد والنار ويرفضون بإصرار عجيب الاستجابة لإرادة الشعوب بالرحيل عن سدة الحكم, يفترض فيهم أن يتوقعوا من شعوبهم التي ما تزال نسبة غير قليلة منهم تعاني من الأمية بمعناها العام والسياسي, وحين تكون قد نشأت في دولة تمارس القمع والإرهاب والقتل والحرمان ضد شعبها, أن تواجه مصيراً مماثلاً لمصير معمر القذافي وابنه المعتصم. ولكن علينا أن نؤكد بإصرار تام الأمر التالي: إن رفضنا وشجبنا لأساليب الحكم القمعية التي تمارس ضد الشعوب من جانب النخب الحاكمة, نرفض ونشجب بذات القدر الأساليب الوحشية التي تمارس ه بعض قوى الثورة في أي بلد كان ضد الحكام المخلوعين وأنصارهم, كما حصل لمعمر القذافي وابنه, أو ما حصل قبل ذاك بعقود عدة لعبد الإله ونوري السعيد وصباح نوري السعيد. إذ إن هذا الأسلوب الوحشي لا يبشر ببداية طيبة وعقلانية لمسيرات الثورات الشعبية. إن ما جرى للقذافي يؤكد دون أدنى ريب وجود قوى لا تريد إقامة دولة قانون وأن يكون القضاء العادل هو الحكم في معاقبة المتهمين بالإجرام من الحكام, بل يؤكد و جود قوى تريد أن تثأر لنفسها من حكامها بنفسها وأن تنتقم منهم. ومثل هذا السلوك غير حضاري بأي حال تماماً كما كان أو ما يزال عليه السلوك غير الحضاري وغير القانوني والاستبدادي لهؤلاء الحكام ضد شعوبهم.
إن احتمال حصول مثل هذه العواقب على بعض حكام سوريا واليمن أو السودان قائمة فعلاً. ولا يمكن أن ينفيها أحد, خاصة وأن هؤلاء الحكام أوباش بكل معنى الكلمة ويتعاملون بأشد أشكال الغطرسة والقسوة والعدوانية ضد شعوبهم المطالبة برحيلهم والتمتع بالحريات العامة والديمقراطية والاستجابة لإرادة الشعوب.
لم تنفع حتى الآن الأحاديث الجادة والمشروعة التي يبشر بها المدافعون عن حقوق الإنسان ودولة القانون الديمقراطي عن وجوب عدم ممارسة مثل هذه الأساليب غير الشرعية ضد الحكام الذين تسقطهم ثورات شعوبهم, إذ ما تزال بعض مجتمعاتنا تعيش ثقافة البداوة وترى في الانتقام من العدو خير وسيلة للثأر منه لنفسها, إذ لا تؤمن بالقوانين والقضاء وترى فيه مضيعة للوقت وعملية تسويف لا غير.
إن التلذذ برؤية تعذيب الإنسان, أي إنسان, وكأن الجلاد يعيش عرساً كبيراً, يشكل وحشية استثنائية لدى الفرد أو الجماعة ولا يمكن انتزاعها من سلوك الفرد والمجتمع بمجرد الطلب منهم, بل هي عملية سيرورة وصيرورة حضارية طويلة الأمد تستوجب عملية تربية وتثقيف مستمرة بحقوق الإنسان, حتى بالنسبة لأولئك الناس الذين ارتكبوا جرائم بحق شعوبهم, كما حصل في حالة عبد الإله ونوري السعيد أو معمر القذافي أو ما يمكن أن يحصل في حالة علي عبد الله صالح أو بشار الأسد أو عمر البشير .. الخ.
إن المناضلين الذين رفضوا القمع والتعذيب وتجاوز حقوق الإنسان في ظل النظم الدكتاتورية يفترض بهم وقبل غيرهم أن يدينوا هذه الأساليب ولا يمارسونها ويسعون إلى منع وقوعها.
يقع على عاتق قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية المناضلة ضد النظم الدكتاتورية أن تبذل أقصى الجهود لتثقيف قوى المجتمع, رغم عدوانية الحكام, باحترام مبادئ حقوق الإنسان والقانون والشرعية حتى في التصرف مع الحكام المستبدين, وخاصة حين يقعون بأيدي الشعب أثناء النضال لإسقاطهم.
إن أغلب الحكام الأوباش في بلداننا يحصدون ما يزرعونه بأيديهم, ومن المؤسف حقاً أن هؤلاء الحكام عاجزين عن التعلم والاستفادة مما حصل لغيرهم من مستبدين في مختلف بقاع الأرض, ومنها دول منطقة الشرق الأوسط. ومن هنا تكون الإجابة واضحةً عن السؤال الوارد في عنوان المقال: في ظل طبيعة العلاقات السائدة في الدول العربية ومستوى الوعي السائد فإن مصادرة الإرادة الشعبية والتجاوز الفظ على الحريات العامة وممارسة التمييز بكل أشكاله والتفريط بأموال الشعب تنمي بما لا يقبل الشك مشاعر الحقد والكراهية لدى الفرد والمجتمع وتسهم في بروز الرغبة الجامحة لدى أوساط معينة من الشعب وقوى المعارضة في ممارسة الانتقام بأنفسهم من هؤلاء الحكام.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية حب وابتهاج للشعب الليبي, هل سيكون مصير بشار الأسد مثل م ...
- مهمات كبيرة تواجه مؤتمر قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في الع ...
- ثورة مصر الحرة تتعرض لمحاولة اغتيال جديدة!
- الأفضل قيام الدولة الوطنية المستقلة على أساس المواطنة الحرة ...
- الاحتجاجات والانتفاضات في الدول العربية تواجه مخاطر امتصاص ز ...
- نداء استغاثة عاجل: إلى متى سيستمر النظام السوري بارتكاب جرائ ...
- الاحتجاجات والانتفاضات في الدول العربية تواجه مخاطر امتصاص ز ...
- الاحتجاجات والانتفاضات في الدول العربية تواجه مخاطر امتصاص ز ...
- رسالة مفتوحة إلى الصديق الفاضل الشيخ صباح الساعدي المحترم
- المالكي وطريقته الفجة بالاستهانة بأرواح الناس ضحايا النخيب!
- هل يرقص المالكي على فوهة بركان ؟
- هل سيكون المزيد من العراقيات والعراقيين مشاريع قتل جديدة؟ وم ...
- الشعب السوري يقارع الدكتاتورية الفاشية والعالم يتفرج !!
- العلم العراقي الراهن غير دستوري, فما العمل؟
- الإرهابيون المجرمون يرتكبون جريمة جديدة بحق رجال كربلاء !!!
- هل المالكي يغامر بحياته السياسية ومستقبله في العراق؟
- برلين تعمل على بناء جسور الحوار والتفاعل بين الثقافات: المهم ...
- شهيد جديد على طريق النضال من أجل الحرية والديمقراطية ومطالب ...
- هل من حصان طروادة في الصف الفلسطيني والعربي؟
- هل هذا هو العراق الذي نحب؟


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ألا تغذي مصادرة الإرادة والحريات العامة الحقد والكراهية والرغبة في الانتقام؟