أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مصطفى اسماعيل - سوريا : الكورد والمنظورات الأحادية للآخر















المزيد.....

سوريا : الكورد والمنظورات الأحادية للآخر


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 15:18
المحور: القضية الكردية
    


بمحض الصدفة التاريخية وجدَ قسمٌ من الشعب الكوردي نفسه داخل أسوار الدولة السورية الحديثة, وأُلحقتْ جزء من أراضيه التاريخية التي يعيش عليها بالدولة السورية التي انتدبت عليها الدولة الفرنسية. لم يك هنالك كائنٌ سياسي عبر التاريخ يدعى سوريا, ولكن المسطرة الكولونيالية والشرط السايكس – بيكوي ثم الانتدابات الفرنسية والبريطانية على تقسيماتهما السياسية في المنطقة هما اللذان أوجدا مجموعة دول, بينها الدولة السورية التي تحولت بعد رحيل الفرنسيين إلى كيانٍ مقدسٍ بصبغةٍ عروبوية وشديدة المركزية إلى يومنا هذا.

تحولتْ سوريا خلالَ عقودٍ إذنْ إلى كعبةٍ عروبويةٍ وملكيةٍ حصرية للمكوِّن العربي فقط, وقد ضربَ ساسة سوريا الحديثة بعرض الحائط وعي أن سوريا مكونة من فسيفساء قومي وإثني وطائفي, وأنَّ الأحادية مقتلُ سوريا وعامل مؤخرٌ لتقدمها ولاندماجها الوطني. فمن الاستقلال وإلى يومنا هذا تمَّ تهميشُ الكورد بوتيرةٍ متصاعدة, وعبرَ العشرات من القوانين والمشاريع الإقصائية, ومن خلال سلالٍ من الممارسات التعسفية الانتهاكية. لمْ يحدثْ ذلكَ على يد البعث والدولة المخابراتية فقط, بل يلقَ ذلك جذورهُ منذ بدايات الاستقلال وصولاً إلى هيمنة البعث على مفاصل الدولة ومصادرتها, إذ خلا دستور سوريا لسنة 1950 مثلاً من أي ذكرٍ للمكون الكوردي ولغته وثقافته.

لم تقتصر الرؤى الأحادية على تنظيمات سياسية عربية سورية, بلْ امتدت لتشكل لا وعيَ النخب السياسية والثقافية والفكرية والمواطن العادي في عدم تقبل الوجود القومي الكوردي في سوريا, إلى درجة أنَّ غالبيةً من الديمقراطيين السوريين يتحولونَ إلى عفلقيين بإمتياز, حينَ يتعلقُ الأمرُ بحقوق القوميات والإثنيات الأخرى في البلاد, وكأنَّ سورية بالنسبة إليهم كتلة واحدة غير قابلة للتحول, مهما كان هذا التحول, أو كأنها مُطلقٌ غير قابلٍ للتبديد والتجزيء وإعادة التشكيل والتكوين مجددا,ً وأي محاولة لتفكيك هذه المسلمة النظرية المطلقة سيبدو تقسيماً وضلالاً ومؤامرة وعبثاً وتجاوزاً للخطوط الحمر, وسيُتهمُ الكردي وفاقاً لذلك وبناءً عليه بالارتداد عن المقدس العربي السوري, وسُينظرُ إليه بمثابتهِ مُدنساً مدفوعاً من الخارج لخلخة خرائط " خرائط سايكس – بيكو " التي يسهر على حمايتها وتقديسها سدنة البعث ومحاكمه الأمنية الاستثنائية, التي تختصُ بتوجيهِ تهم الانفصال وشرذمة سوريا إلى النشطاء الكورد, في تناقضٍ سافرٍ وواضحٍ بينَ النظرية البعثية وممارستها في الموقف من " سايكس – بيكو ".

نقرأ بينَ الفينة والأخرى كتاباتٍ لسوريين موالين أو معارضين أو أزلاماً للسلطة أو نتابع مواقفهم الشفاهية أو وثائقاً يصدرونها تقاربُ الكوردَ وقضيتهم سلباً, لكنا لا نستغربُ ذلك لأننا نعرفُ المرجعية الإيديولوجية الأنساقية الموجهة لهم والكامنة وراء إطلاقهم الكلام والموقف على عواهنه, وإصرارهم على ممارسة اللاءات باسم البعث والعروبة ومفاهيمها المفوتة بالتجربة التاريخية, فهم والكورد يعيشونَ بداخلِ أسوار دولة تتسمى " سورية " أسهمت سياسات سلطتها القهرية في الحيلولة دون وصول مكونات الدولة إلى شبه اندماجٍ حتى, ولا ننسَ هنا التذكيرَ باستحالةِ خلقِ اندماجٍ بين مكوناتٍ وجدتْ نفسها في إطارٍ نسقي مُتعالٍ أطلقَ عليه تسمية " الجمهورية السورية " ثم لاحقاً " الجمهورية العربية السورية ", واستمر هذا الاختلال البنيوي العُضالْ في تركيبة وتأسيس تلكم الدولة في ما بعد وإلى يومنا هذا, فلمْ تعمل الأنظمة والسلطات المتعاقبة من أجل التوأمة الوطنية الحقة في البلاد, ولم تستطع بعقلانيةٍ ومنطقٍ ووعي ومعقولية احترامَ التمايزاتِ والخصوصياتِ, فأصبحتْ سورية دولة كانتوناتٍ غيرَ متحدة فعلياً, ويبدو أنَّ المعارضات السورية العديدة والتي تنمو كالطحالبِ من دون أن يكونَ لها تمثيلٌ حقٌ في الشارع الشعبي اختارت السيرَ في ركاب السلطات والأنظمة إياها مفاهيمياً, ولم تستطعْ أنْ تشذَّ عن تلكم الرؤى الابتسارية المُعلبة الجاهزة إلا فيما ندرْ.

إذْ أنَّ قوى المعارضة السورية العربية تركزُ دائماً على البعد العربي أو الإسلامي, وتتكلُ عليهما, وتخطبُ ودّهما, مُرجحةً البعدين على كلِّ أولوية سورية أخرى جديرة بالحل, ومن هذه الأولويات القضية الكوردية, وبدلاً من الاهتمام بالمصير السوري المشترك والعملِ عليه, وخلق الأرضية اللازمة له, لبناء مستقبلٍ سوري مُفارقٍ, تهتمُ تلكمُ المعارضات البلاغاتية بالمصير العربي المشترك, والمصير الإسلامي المشترك, ومن هنا, فبديهي أن توضع القضية الكوردية من قبل القوى القومجية والإسلاموية السورية على الرفِّ, في كل وثيقةٍ, وكل مؤتمرٍ, وكل لقاءٍ صحفي, وكل محاضرة.

مشكلة الأحزاب العربية والتيار الإسلامي في سوريا, أنها تنظرُ إلى سوريا ككيانٍ سياسي عابر, وهذا ما خلقَ على الدوام نقصاً في الاندماج لدى قواهُ السياسية, فعينُ الأحزاب العربية والإسلامية دائماً إلى الخارجِ, وطابقتهم في ذلك أحزابٌ كردية لا يمكنُ أنْ تغني سوى على ليلاها خارجَ حدود سوريا, وهذا الشعورُ بعدم الاكتفاء الكياني السياسي هو الذي يسم تصرفات البعض المعارض العربي السوري في اختزاله للقضية الكوردية كقضية داخلية, والبحث عن الاكتفاء في ما وراء الحدود السياسية لسوريا, وهي سياسةٌ مُريبة ومكشوفة, إذْ يُطمسُ الداخلي فيها, ويُستعاضُ عنهُ بالخارجي. ومن هنا نلاحظُ أنَّ الأحزابَ العربية القومية والإسلامية السورية ضائعةٌ وهائمة, في ما يتعلق بسوريا المستقبل, في وثائقها, وممارساتها, ومواقفها, بينَ المُطلق الخارجي لسوريا المستقبل, والتكتيكي اللحظي في ما يتعلقُ بالداخل السوري, فتبني السياسات من منظوراتٍ قومجية أو دينوية من المعارضة السورية بزيحها عن تمثيل الواقع السوري المستقبلي, ويُحوّلها ( سوريا ) إلى بيئة خصب لقوميات وأقليات متطاحنة وهويات طائفية متطاحنة.

ولعلَّ من شأن ذلكَ كشفُ أنَّ قوى ماضوية سياسياً وثقافياً لا يمكنها تحديثُ بلدها, وإحداث قطيعةٍ مع التوجهات السائدة سلطوياً في بلدها, والديمقراطية التي تطرحها, وكذك الأمرُ فإن التغيير الديمقراطي المطروح ليسَ في واقع الحال سوى إكسسواراتٍ من النوع ( القطعة بـ 5 ليرات سورية ).

ما يأملهُ السوريونَ هو أنْ تكونَ المُعارضة مُتضادة فكرياً ومفاهيمياً مع النظام الحاكم, وإلا فإنَّ على سوريا الغد السلامُ منذ الآنْ.



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنفى
- مقترحات من أجل إعلان عهد الكرامة والحقوق السوري
- المعارضة السورية إذ تنكح رفيقها البعثي
- مسكونٌ بقالب كاتو
- رجال دين أم رجال مخابرات ؟.
- الخيزران
- المثقف في مجتمع متحول
- ا. ل. ث. و. ر. ة
- الفسيفساء السوري الهش
- نشرة الإصلاح الكردي
- عن غرنيكا سوريا ويدها البيضاء
- بيان الانسحاب من الهيئة المستقلة للحوار الكردي - الكردي
- القانون المانع للأحزاب في سوريا
- سوريا: الصراع على امتلاك الشارع الكردي
- رحالة غريب في سوريا اسمه اللقاء التشاوري
- فقط في سوريا : السلطة تحاور السلطة
- تصريح : السلطات السورية تباشر تجريدي من الحقوق المدنية وتلقي ...
- مبادرة من أجل الحالة الكوردية في سوريا
- الاختزالية السورية وتخوين المختلف
- وثيقة هيئة التنسيق الوطنية : تسويف الكورد إلى إشعار سوري آخر


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مصطفى اسماعيل - سوريا : الكورد والمنظورات الأحادية للآخر