أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - سائق فرشة














المزيد.....

سائق فرشة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 10:18
المحور: كتابات ساخرة
    


ما العمل؟ أو ماذا أعمل؟ هذا سؤال حير كثيرا من القراء والمعجبين ومن الصعوبة بمكان أن يصدقوا بأنني رجل أعمال ليس لديه أعمال يديرها بنفس الوقت الذي تغطي به تجارتي الفلسفية والأدبية والفنية والثقافية نصف قارة آسيا لذلك أستطيع أن أقول عن نفسي بأن أعمالي كلها أعمال حرة ...وأنتم سمعتم بمهنة سائق سيارة, وسمعتم بمهنة سائق طائره وسمعتم بسائق شاحنة كبيرة, وسمعتم بمهنة سائق باخرة وبسائق مركبة فضائية أو بسائق الصحن الطائر, وبسائق صينية عليها كؤوس القهوة والشاي يجوبُ فيها الأسواق المزدحمة بحثا عن أي زبون لديه رغبة بشرب القهوة أو الشاي, وسمعتم( بسائق الهبل على الشيطنه) ولكن هل سمعتم بسائق الفرشة؟.

منذ أكثرمن 11 إحدى عشر شهرا وأنا في البيت بدون أي عمل لم يطرق بابي طارق ولا حتى نملة أو صرصورا,وأشعرُ بأن كل العالم والناس يكرهونني.. وليس من السهل أن أجد عملا كالذي أمضيت من حياتي 20 عاما وأنا أعمل به بالأجور اليومية فاليوم ذاكَ العمل لم يعد يناسب وزني وسني ولكن وأنا في السرير أستطيع أن أعمل في عدة وظائف بينها وظيفة مهمة جدا وذات مركز اجتماعي كبير وهي (رجل أعمال أو أعمال حرة)أو بالعربي الفصيح(سائق فرشة) لأنه لا توجد عندي في الوقت الحالي أي بضاعة أبيعها ما عدى تلك التي تخرج من رأسي ولاحظوا معي هذه الملاحظة وهي أنني لا أستطيع أن أعمل في هذه المهنة وأنا أمشي في الشارع, أنا فقط أعمل فيها وأنا نائم متمدد على سريري(فراشي) في غرفة نومي الكبيرة ولست وحدي من يعمل في هذه الوظيفة فكل العاطلين عن العمل حين تسألهم ما هي وظيفتكم فورا يقولون لك (رجل أعمال أو أعمال حرة) ورجل أعمال تعني عندنا كمستمعين بأن رجل الأعمال مسكين لا يعمل في أي مهنة ويقول تلك الجملة فقط لكي لا يتكرر السؤال مرة أخرى فيسكت المستمع وينخرس فمه ولسانه , وأنا أي رجل يقول لي بأنه يعمل في التجارة فورا أقول عنه :ماشي يعني (سائق فرشة) وهي مثلها مثل أختها بالاشتقاق اللغوي حين تعرفون بأن مهنة رجل أعمال مثلها مثل مهنة سائق الفرشة أوصاحب (أعمال حرة) وأنا واحد منهم أعمل الآن في مجال (الأعمال الحرة) أو رجل أعمال مهم وكبير وخطير جدا وأدعم بقوة تجارتي الدينار الأردني, طبعا أنا رجل أعمال يرقد في سريره ويدير كل أعماله من خلال الموبايل والإنترنت هكذا أتخيل بنفسي وفي خلال لحظة واحدة أبني عمارة كبيرة وأهدمها بحكم وظيفتي كرجل أعمال نائم في سريره... وليس من السهل أن أمتلك سيارة روز رايز على أرض الواقع تليق بمستواي كرجل أعمال ولكن من السهل أن أقودها ومن السهل أن أمتلكها وأنا على سريري في غرفة النوم..وليس من السهولة بمكانٍ أن أركب على ظهر حصان من السهول الأمريكية مثل رعاة البقر وعلى خصري اليمين مسدس وعلى خصري اليسار مسدس آخر ولكن في السرير أفعل هذا بل وأكثر من هذا وأركب ليس على حصان واحد وإنما على اثنين واحد أركبه ركوبا عاديا والأخر أمسكه بيدي, وليس من السهل أن أكون رائد فضاء ولكن في السرير وأنا أعمل رجل أعمال وأعمال حرة أستطيع أن أفعل ذلك وأنا متمدد بجسمي كما يتمدد البحر على الشاطئ, أي أنني أُسعِدُ نفسي من خلال إطلاق العنان لمخيلتي القوية فأنا أحيانا أركب الحصان وأحيانا أركب أو أقود لوحدي مركبة فضائية تتجه بي إلى كوكب المريخ,ويبدو لي أن تفاصيل حياتي وأنا في السرير تشبه إلى حدٍ قريب ما نشاهده في أفلام الكرتون أي أنني وأنا نائم في سريري أستطيع أن أصنع المعجزات وأستطيع أحيانا أن أقنع نفسي بأنني أسعد إنسان على وجه الكرة الأرضية من القُطب الشمالي إلى القطب الجنوبي, وأحيانا أمسك بيدي كتابا أو رواية أو مسرحية مسلية وأغفو وهي ما زالت على صدري تغفوا معي وتصحو معي وكل هذا وأنا نائم على السرير, يعني بصريح العبارة وبدون لف ولا دوران أنا أشتغل(سائق فرشه).

ولكن هل أنا فعلا سعيد في حياتي؟هل أنا تاجر أحلام ومخيلات؟هل أنا أكذب على نفسي وعلى الناس؟ هل أنا فعلا رجلُ أعمالٍ أم رجلٌ أضاع وخسر كل ما يملكه بسبب طيش الشباب وبسبب أحلامه التي يحلم فيها ليلا ونهاراً, وصدقوني أن غالبية الناس مثلي يعملون وهم على السرير في غرفة النوم أو يمارسون بعض الهوايات مثل جمع الطوابع كهواية قديمة ومسلية ليقنعوا أنفسهم بأنهم سعداء جدا في حياتهم, وأحيانا أبتسم في وجهي وأنا أمام المرآة وأقول بيني وبين نفسي بأنني سعيد في حياتي أكتب كل يوم مقالا أو مقالين لصحيفة الحوار المتمدن وكثيرون هم الذين يتمنون أن يحصلوا على هذه الموهبة ولكن هل هذه هي السعادة؟ أم هذه معجزة في فن الكتابة؟ إذا أردنا أن نخضع شخصيتي للتحليل النفسي سنكتشف بأنني رجل يهربُ إلى الكتابة أو إلى القراءة, وأحيانا أهربُ إلى ممارسة رياضة الجنس التي أعتبرُ فيها نفسي محترفا جدا لأن الجنس يعطيني إشارات بأنني متلذذ جدا ومبسوط جدا ولكن في الحقيقة على رأي الفنان (هاني شاكر),(جربت الضحكة ولا افرحتش وجربت السكة ولا أوصلتش..) أنا أهرب بمخيلتي ومخيلتي تحملني إلى عالم الفانتازيا الخيالي حين يصبح كل شيء ألمسه بيدي فناً فرارا من الواقع المؤلم والمُتزمت والمُزمن وفي حقيقة الأمر أنا سائق فرشة ليس إلا.

أنا سائق فرشة من الدرجة الأولى والممتازة ولا أحد يستطيع مضاهاتي في القيادة وفي السرعة الجنونية فبلمح البصر أبني قصرا وبلمح البصر أهدمه أو أقدمه هدية لمن ستحبني بجنون, وبسرعة البرق أصعد إلى السماء السابعة وبلمح البصر أعود وما زالت فرشتي ساخنة كأنني لم أغادرها, أفلا تلاحظون أنني أتخذ من نفسي لعبة للسخرية أو للتسلية وينطبق عليّ المثل القائل(الفاضي بعمل قاضي)؟, فأنا أسخر من نفسي حين أخجل من أن أسخر بأحدٍ غيري وأنا أتخذ من نفسي لعبة حين لا أجد لعبة ألعبُ بها, وأنا أقتل نفسي بيدي حين أشعرُ بأن الله لا يريد موتي إلا بعد أن تتم مسرحيته التي رسمها وخطط لها بذكاء بالغ.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى الدكتورة وفاء سلطان
- المدينة الفاضلة
- لكي لا ننسى
- خيانة زوجية أم زواج بالسر!
- كلب متشرد وكلب بوليسي
- اقرأ واستمتع
- كلمات عربية أصلها رومانية ولاتينية
- نظام الشورى الاسلامي
- آخر الصرعات الفلسفية
- أول 500 جامعة في العالم
- ضاع الأمل
- ليس ذنبي
- تحيه كاريوكا
- ايحاء الكلمة
- مهارات لغوية
- مي زياده2
- مي زياده 1
- حبر على ورق وكلام أفلام ومسلسلات
- الاسلام والأمراض العقلية
- الكلمة الأخيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - سائق فرشة