أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - كلب متشرد وكلب بوليسي















المزيد.....

كلب متشرد وكلب بوليسي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 13:49
المحور: كتابات ساخرة
    


الطقس حار جدا,والصيف هنا شديد الحر,حتى الملابس الصيفية لا أحد يحتملها على جسمه وبود كل انسان أن يمشي عاريا من ملابسه والكلب(قيقس) بجسد عاري ينبحُ الطرقات على اللي رايح وعلى اللي جاي, والناس كلهم منزعجون من صوته ومن صاحبه الذي يقتنيه في باحة منزله المُطل على شارع متفرع إلى أربع اتجاهات,وبعض الحيوانات الأليفة مثل القطط اختارت شجرة الزيتون الرومية الكبيرة لترقد تحتها هنيهة تستظل بأغصانها من حر الشمس,والكلب(قيقس) يطرد العرق المتصبب من لسانه حين يترك فمه مفتوحا ولسانه متدليا يلهثُ من شدة الحر ومن كثرة الركض باحثا عن أي عظمة يسد بها جوعه ويحوم حول الشجرة متوهما على نفسه بأنه أسد وهو الآن في حالة يُرثى لها متحسرا على زمن صاحبه الأعمى... والبقرة الحلوب مربوطة تحت شجرة السرو ويأتيها الطعام لتأكل مرة منه وهي واقفة ومرة منهُ وهي جالسة جاثية جثيا على ركبتيها,والكلب(قيقس) يحسدها على عيشتها والبقرة أيضاً تحسده وكل واحد يحسدُ الآخر على عيشته وعلى نعمة التشرد التي يتمتع بها ليلا ونهارا ويقول في قرارة نفسه(ليش يا ألله ما خلقتنيش بقره؟) والبقرة تطرح هذا السؤال(ليش يا ألله ما خلقتنيش كلبا متشردا) , والكلب نفسه يندب حظه وبخته وبوده اليوم قبل الغد بأن يتخلص من قصة تشرده وتسكعه في الشوارع والحارات خلف أسوار البيوت المقفلة..والأولاد يلاحقونه ويرشقونه بالحجارة وهم يقولون له(كلب نجس), وبعض الناس مثل الحيوانات يريدون كسر النهار الطويل وساعاته الطويلة ولكن الناس لا تجلس مع الحيوانات وإنما لوحدها أمام أبواب الدكاكين وأمام عتبات البيوت تتحدث عن هذا وعن ذاكا, والكلب المسكين قيقس-وهذا إسم الدلع واسمه الحقيقي(ديدي)-يلهثُ وهو يركض من حارة إلى حارة والأولاد تلاحقه بالحجارة متخذين من مطاردته لعبة للتسلية , وكان الناس والجيران أينما شاهدوا الكلب يطردونه وينبذونه بكلمات نابية مثل(يابن القحبه روح من هون) وأحيانا يعيرونه ويسخرون من تاريخه الطويل حين كان يسكن بيت شاعر القرية,وكل الحيوانات مستظلة إما بظل الجدران وإما تحت الأشجار الممتدة الأغصان, والكلب قيقس يركض ويلهث من شارع إلى شارع ومن حاوية قمامة إلى حاوية قمامة أخرى حتى وصل إلى مركز البوليس وهنالك شاهد كلبا في رقبته جيد مصنوع من البلاستيك ..من أقربائه أي من نفس فصيلته يجلس في بيت كبير وليس صغيرا مثل الذي نشاهده في فيلم الكرتون(توم وجيري) والطعام يأتيه مطبوخا وجاهزا, فحاول الكلب الدخول إلى المركز الأمني ليحلَ ضيفا على الكلب البوليسي ولكن الغفير الذي كان يقف على الباب سحب عليه البندقية مهدداً إياه بالابتعاد من هنا لأن هذا المكان ليس مخصصاً للكلاب المتشردة فهرب من الباب الرئيسي حتى وصل إلى خلف المركز الأمني وجثا على ركبتيه ونبح نبحتين وثلاثة ثم خمس نبحات فسمعه الكلب البوليسي فتقدم منه ونصحه بأن يبتعد عن المركز:

-روح من هون قبل ما أي شرطي يقتلك..هنا في حملة تقودها البلدية والشرطة من أجل القضاء على الكلاب المتشردة والمسعورة.

-ليش هو أنا كلب متشرد؟

-طبعا متشرد وإبن متشرد ومسعور وعندك حقد طبقي.

-الله يسامحك إذا أنت ابن عمي تقول عني بأنني كلب متشرد وهذا معناه أن أعذر الكلاب الغرباء..وكنت أظن بأنك أكثر احتراما لي من زوجتي الكلبة (لولي ) التي هربت مني مع جرائها لتعيش في بيت أحد الأغنياء على بواقي الطعام والشراب وكل ذلك من أجل عين كلب حقير أو من أجل نزوة مدتها في كل يوم أقل من خمس دقائق.

-أنا أريد النصيحة لك.


-طيب كيف أنت!.. قابلين بوجودك معهم ؟وأنت كلب مثلي مثلك هذا ظلم ولا توجد مساواة بيني وبينك في مجتمع الكلاب والبني آدميين.

(الكلب البوليسي ضاحكا):

- أنا يا أخ أكملت تعليمي ...إلخ ...بحكيلك وبنصحك بالابتعاد ..وأنا أنصحك لأنك تهمني كثيرا.

-قل لي كيف دخلت إلى هنا؟.

الكلب ضحك بصوت عالي وقال:

-أنا تدربت ودرست في أكبر المعاهد البوليسية لتعليم الكلاب..أنا يا ابن عمي كلب متعوب عليه ماديا ومعنويا.

-يعني الموضوع له علاقة بالتعليم؟

-طبعا بالتعليم وبالوراثة ,لأن جدي أيضا كان هنا وكانت سمعته أفضل سمعة بين كلاب شم الأثرومتابعة وشم الحشيشة والمخدرات..

-يا عيني عليك شو كمان بشمموك حشيشة ومخدرات؟معناته مش من المستبعد يزرعولك بستان من (المارغوانا).

-لالالا مش هذا المقصود المقصود ,صحيح أنني أحيانا أدوخ من كثرة الشم وأنبسط جدا, ولكن هذا بفعل وظيفتي أن أشتم رائحة تواجد المهربين .... وهنا لا يأخذون أي كلب, فيجب أن يكون لأمك أو أبيك تاريخا مسجلا من الذكريات البوليسية هنا فقط الكلاب المُدربة مثلي والمتعلمة على شم واقتفاء الأثر.

(الكلب(قيقس) يتنهد تنهيدة طويلة ويقول:)

-آخ لو أكملت تعليمي,كان الآن أنا موظف مهم في الشرطه وكمان بطلعلي أشم الحشيشة بشكل مجاني.. يا ريت اسمعت نصائح أمي وأبي يا ريت ما هربتش من المدرسة كان الآن أنا ضابط كبير في بلاد الواق الواق وأشم الأثر على قفا إيدي...قل لي: هل يطعمونك جيدا:

-شوف كل أفراد المركز الأمني وكل بني آدم من الآدميين المنتشرين هنا يأكلون على حسابهم الخاص إلا أنا فكوني كلب أأكل على حساب الجميع وأحيانا يحضرون لي طعاما معلبا مكتوباً عليه للكلاب فقط لا غير.

-طيب ما بتخافش من مرض السرطان؟ يقول بعض الكلاب المتشردة مثلي بأن الأطعمة المغلفة عليها مواد حافظة ومُسرطنة.

-لا هذا الحكي كله دعايات, هؤلاء من حسدهم وغيرتهم يقولون مثل هذا الكلام, والله أكلهم المُعلب ما بتلاقي مثله في كل العالم,( اسأل كلب بوليسي أو أي مجرب ولا تسأل طبيب).

-طيب كيف بدي أدخل المعهد وأتعلم مثلك وأصير كلب بوليسي.

(الكلب البوليسي يضحك باستهزاء):

-المسألة ليست كما تتوقع.

-كيف ليس كما أتوقع, هل هي فقط بالأحلام أن أكون كلبا بوليسياً؟

-لا هنا كل شيء حسب الأسبقيات, فهل لديك أسبقيات؟

-لا.

-أين كنت تسكن قبل مجيئك إلى هنا؟

-كنت أعيش في بيت رجل شاعر وكاتب مثقف يحترمني ويقول عني بأن معاشرتي أفضل من معاشرة البشر.

-هههههههه هذا ليس صادقا أو أنه مجنون.


-صحيح هو طفران بس عن جد عنده قلب كبير.


-سيبك من الكلام الفاضي وخليك كلب فهمان .

-لا عن جد طفران على قد حاله كان يحضر لي الطعام من الحاويات المخصصة للنفايات وصدقني أحيانا كنت أحزن عليه وأحضر له ولي طعاما من حاوية أخرى أكثر نظافة من حاويته.

-وبعيدن تركته؟

-آه تركته...

-يا حرام تركته لوحده رغم أنه كان يرى الحياة معك أفضل من الحياة مع البشر؟.

-كلهم تركوه حتى البشر....طبعا تركته وكرهته وكرهت كل إنسان يقرأ ويكتب, وياما بكيت على حظي إللي جابني عند واحد مجنون..وليس أنا من تركه لوحده فحتى زوجته هربت من بيته قبل هروبي بعامين إلى بيت ابن الجيران الذي يملك عمارات كثيرة للإسكان علما أنه لا يقرأ ولا يكتب.

-ليش؟..ما هو العلم اكويس.

-لو العلم اكويس كان نفع على الأقل حاله وما خانتهوش زوجته مع حثالة الناس, لذلك عشت في بيته وأنا أكره الثقافة بسبب ما كنت أرى وجهه دائما عابسا وحزينا.

- يا حرام..مسكين هذا الإنسان.

-شو بدي أعمل هذا أصلا هو اللي حصل....هذا اللي حصل معي.

(الكلب قيقس يرخي رقبته وهو يقول(يا حرام):

-طيب الآن بقبلوني في معهد البوليس؟.

-بصراحة صعب جدا أن يقبلوك فهم يخافون من الثقافة فمن المحتمل أنك تأثرت بكلماته ...في هذا المركز الأمني لا يقبلون بالمثقف, لو كانت سيرتك الذاتية غير ذلك لقبلوك, وبما أنك كنت تعيش مع مثقف وشاعر فأظن بأنهم سيرفضونك رفضا قاطعا, وأنا صدقني حين جاءوا بي إلى هنا واجهت صعوبة في تقديم طلب القبول للالتحاق بالمعهد البوليسي بسبب الكلب(نيمو) ابن أختي, فهذا ابن أختي (جابلي السمعة السيئة لي وله ولأفراد العائلة لأنه كان يقود شاعرا أعمى وكفيف البصر).



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقرأ واستمتع
- كلمات عربية أصلها رومانية ولاتينية
- نظام الشورى الاسلامي
- آخر الصرعات الفلسفية
- أول 500 جامعة في العالم
- ضاع الأمل
- ليس ذنبي
- تحيه كاريوكا
- ايحاء الكلمة
- مهارات لغوية
- مي زياده2
- مي زياده 1
- حبر على ورق وكلام أفلام ومسلسلات
- الاسلام والأمراض العقلية
- الكلمة الأخيرة
- دنيا الوهم والخيال
- المرأة الضاحكة
- أين كان الحب مختفياً عن القرآن
- كاتب وعاشق بإحساس
- حقوق الضعفاء


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - كلب متشرد وكلب بوليسي