أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناديه كاظم شبيل - نحيب على صدر نخلة عراقيه














المزيد.....

نحيب على صدر نخلة عراقيه


ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 13:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يألهي ! مااسعدها من لحظات، اتراه حلما ام وهما ام حقيقة مايجري امامي الان.... هاهي اللحظة التي انتظرتها اعواما طويلة تتحقق على حين غرة ..... اخيرا استمعت السماء الى قرعات قلبي التي لم تكف ليلا او نهارا : ياخالقي العظيم ياخلق السماوات والارض، ياخالق العراق .... عد بي الى العراق ، حيا كنت ام ميتا... عد بي الى العراق ، فلم اعد اطيق صبرا على فراق العراق.
عندما قدمت الى السويد كنت في السابعة عشر من عمري والان انقضى من الزمن سبعة عشر عاما بالتمام والكمال ، ترى كيف احتملت عمرا بحجم عمري ، ومن اين اتاني كل هذا الصبر العجيب ، كان صبرا امرّ من الحنظل ، كانت الايام تمر بي حبلى بالهموم والاكتئاب والمشاكل ، حنين جارف يقضَ علي مضجعي ، يمر بي الليل ولا اشعر ان كنت نائما ام صاحيا، يتردد في خاطري سؤال واحد : ترى متى ازورك ياعراق؟ .
كنت شابا في ربيع العمر عندما تركت وطني واحبتي ، كنت مرغما على ذلك ، يشهد الله على ذلك ، فتحت ضروف الحرب والقهر والحصار ، سافر ابي اولا تاركا والدتي تتحمّل اعباء العائله ، وفي وجدانها حلم جميل هو ان نلتحق به باسرع وقت ممكن ، ولكن الحلم ابى الا ان يكون كابوسا مزعجا ، لم تستفق منه الا بقدرة قادر ،وعندما حان وقت السفر ، احسست بانقباض شديد ، فكيف لي ان اترك الوطن وقد تغلغلت ذرات ترابه في في كل ذرّة من كياني ، لقد ذبت وجدا في عشق العراق كل العراق ، فما ادفأ شمس العراق وما اعذب مياه العراق ومااجمل بساتين العراق وما انور قمر العراق ،وجوه الناس طافحة بالبشر والحب والتسامح والسعادة رغم كل قهر العراق ، في كل مكان او زاوية في بغداد لي فيها ذكريات حلوة او مرة ، فلقد تنقلنا كثيرا في مناطق متعددة في بغداد ، لي اصدقاء هنا وذكريات هناك،ترسّخت في وجداني حتى اصبحت كأنني بغداد .
كان لي ابن عم في مثل عمري ، يحبني جدا ، يتفق معي تماما على رفض فكرة السفر ، قرر ابن عمي منعنا جميعا من السفر وذلك بأن مزّق صورة شقيقتي الملصقة في جواز امي ، ولكن ماان علمت امي بالامر حتى صرخت وولولت وشكته الى ابن عمي الشرس سمير الذي ضربه ضربا مبرّحا ثم اعيد لصق وختم الصورة مرة اخرى في جوازات بغداد وكلف هذا امي مبلغا اضافيا لم يكن في الحسبان مما زاد في اعباء تكاليف السفر .
اخيرا قررت الهرب واللجوء الى بيت عمتي الطيبه ، والتي تسكن في مدينة صغيرة جنوب بغداد ، قصصت لها مااعاني من الحزن والغم من فكرة الهجره ، وقفت الى جانبي تماما مؤيدة كل كلمات الاحتجاج التي تفوّهت بها ، قررت قبولي لاجئا وطنيا عندها ،واقسمت باغلظ الايمان انها ستمنع والدتي من دخول المنزل للتفتيش عني ، قلت لها بانكسار : ولكن ان دخلت عنوة مع ابن عمي سمير ، واصطحبوني الى المطار ماذا سيكون موقفك حينها ياعمتي الحنون ؟ قالت وهي تقبلني بحنان غامر ، سأخبأك في قلبي ان لزم الامر ، وسترى حينها شهامة وبطولة عمتك (ام احمد ) .
ادخلت عمتي السكون الى قلبي المفعم بالحزن ، ثم هرعت الى المطبخ ، اعدت وجبة الغداء المتكون من ثريد الدجاج ، حيث انها الوجبة المناسبة لمن يعاني البرد (اذ كان ولدها احمد مصاب بنزلة برد حاده) ، ولكن ما ان امتدت الايادي الى صحن الثريد الا ويطلق احمد عطسة قوية القى فيها بملايين الفايروسات في الصحن الشهي ، تعالت ضحكات الجميع مصحوبة بعبارات الامتعاض ، بينما امتدت جميع الايادي ثانية الى الصحن دفعة واحده .
بينما كنا نتناول شاي عمتي الشهير المعطّر بحبات الهال الا وتعالت طرقات حادة على الباب : انها والدتك ، همست عمتي محذّرة وهي تشير علي بالاختباء تحت السرير ، بدأت دقات قلبي تتصاعد وانا ارتجف من شدة الخوف والحزن ، كان بصحبتها ابن عمّي الذي تخافه عمتي وتمقته مقتا شديدالشراسته وسوء طبعه ، ماان رأته عمتي حتى صاحت بأعلى صوتها : حسنا فعلتم بقدومكم لاصطحابه ، فلقد تعبت في اقناعه وملّ لساني من كثرة ترديد الكلام : سافر ياربيع وعش في ظل والديك ، ليتك تستطيع اصطحاب ولدي الوحيد للسفر معك الى السويد ، من يطولها ياحبيبي ، هل يقبل الله عيشتنا المرّة هذه يابن اخي ، ولكن الولد عنيد كأبيه تماما ، ثم انحنت تحت السرير لتمسكني بقبضة من حديد وتسلمني بيد ابن عمي الذي ماان نظر لي شزرا حتى اعلنت له استسلامي التام .
كنت انظر من الطائرة بشغف الى معالم وجه حبيبتي بغداد ، قبلت عيناي كل مكان فيها ،عزف قلبي لها احلى اناشيد الغرام ، عانقتها ...لثمتها ..همست في اذنها ...انا متيمك ياقرّة عيني ... وياربيع فؤادي.. ياول واخر حب في حياتي ، حاولت جاهدا ان لا اذرف دمعة ، فأنا رجل ، وعار على الرجل ان يبكي ، هكذا درس لا انساه تعلمته من والدي العراق .
ختمت جوازي وخرجت من ارض المطار ، رفعت رأسي عاليا ، اخذت شهيقا قويا ، شممت به كل عطر العراق ، لم اعد غريبا بعد الان . الارض ارضي والسماء سمائي ، الناس اهلي واللغة قصائدي وشعري ، رفعت هامتي الى الاعالي ، كل شئ في داخلي يهتف جذلا ، عدت اليك ياعراق ..ياقّرة عيني ويا كل اهلي ... وياانا عدت اليك بعد ان اضعتك هائما في شتات الغربه .
فجأة رأيت شيئا غريبا جعلني انسى حقائبي وجواز سفري وقطع علي لذة مناجاتي ...كانت هناك نخلة صبية ..جميلة جدا ...تهتز بخيلاء تحت اشعة شمس تموز اللاهبه ، وكان يحتضنها شاب في مثل عمري ، كان يحتضنها بشدة ، يعتصرها وينوح نواحا يفتت القلب ، هرعت اليه واحتضنتها انا ايضا .. تلاقت ايدينا حول خصرها الرشيق ، ضممناها الى قلبينا بكل مااوتينا من قوة ، تعالى صوت نحيبنا ... لم ننطق حرفا واحدا ..قبلناها الاف القبل ...تعالى نشيجنا ، اقتربت منّا سيدة كبيرة في السن تسائلت حزينة منفعلة من الم الموقف : خاله اشكد صار الكم ماشايفين العراق ؟
رد صاحبي بصوت متقطع س..ن..ه و ثمنة...اش........هر .
فجأة احسست بالدم يفور في عروقي، قلت له متوسلا : اخي اترك النخلة لي فلقد فارقتها بقدر عمري الذي تركتها فيه .
قال لي مواسيا : خذها يااخي انت احق بها مني .



#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يقف وراء تأخر المسلمين ؟؟؟
- اقتراح موجّه الى وزير الاوقاف : دعو الامام مزهوا بفقره !
- من المسؤول عن حالة الفقر المدقع في العراق ؟
- شكرا لكم ياطغاة الارض ! فلقد زرعتم في ضمائر شعوبكم بذرة الثو ...
- وللطبيعة رأي اصدق
- والان آن اوانك يادرعا !
- في غربتي وانفرادي هل تراكم سمعتم نحيب فؤادي ؟
- امي ! ياأول واطهر واكرم وطن في حياتي
- ليلى والحب
- اذا كانت المرأة قلبا ، فما عساه ان يكون الرجل
- جعفر محمد باقر الصدر ان هذا الشبل من ذاك الاسد
- لماذا التعتيم على الكارثه الانسانيه التي تعرض لها شعب البحري ...
- عندما تستحي الارقام في دولة لا تعرف الحياء
- من تشتتنا استفادوا ومن اتحادهم فلنتعظ !
- 2011عام انتصار الشعوب المضطهده
- ان تكون انسانا مع المرأة خير من ان تكون رجلا
- معمّر القذافي ! وشهد شاهد من اهلها
- العراق العظيم ودول الجوار
- وراء كل عظيم امرأه ، ووراء كل مغفلة رجال !
- مرح اضطراري مع ضيف ثقيل الظل


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناديه كاظم شبيل - نحيب على صدر نخلة عراقيه