أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ربيعة العربي - هجرة القاصرين: قراءة في المعاهدات و المواثيق الدولية (2)















المزيد.....


هجرة القاصرين: قراءة في المعاهدات و المواثيق الدولية (2)


ربيعة العربي

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 14:38
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    




2 - 2 -تصنيف القاصرين غير المصحوبين

تركز الأدبيات الخاصة بالقاصرين غير المصحوبين على الأسباب التي دعتهم للهجرة، وفقا لذلك تصنفهم إلى أربع فئات هي:
-الأطفال المنفيون exilés و هم الأطفال الذين يضطرون لمغادرة بلدانهم نظرا لظروف الحرب.
-الأطفال الموكلونmandatés:و هم الأطفال الذين يأتون من أجل العمل و كسب المال لمساعدة أسرهم.
- الاطفال المستغلونexploités و هم الأطفال الذين يقعون ضحايا شبكة التهريب السرية.
-الاطفال الهاربونfugeurs: و هم الأطفال الذين فروا من أسرهم نظرا لسوء المعاملة و العنف الذي يتعرضون له داخل الأسرة.
- الأطفال المتسكعون errants و هم الأطفال الذين كانوا يعيشون في الشوارع في بلدانهم الأصلية.(13).
يوازي هذا التصنيف بوجه عام فئة القاصرين غير المصحوبين المنتمين إلى المغرب الذين يمكن تمييزهم تبعا لنعيمة بابا 2006- في أربع فئات:
- الفئة الأولى:تتشكل من قاصرين غادروا مقاعدهم الدراسية ليلتحقوا في سن مبكرة بالعمل.هذه الفئة تشكل الأغلبية نظرا لأنها هي المرشحة أكثر للهجرة، و ذلك لكونها تتوخى تحسين وضعها الاقتصادي و ظروف عيش الأسر التي ينتمون إليها.
- الفئة الثانية: أطفال التفكك الأسري المتمثل في الطلاق و العنف الممارس داخل الأسرة و الزواج الثاني لأحد الوالدين أو وفاة أحدهما.
- الفئة الثالثة: تتألف من أطفال ينتمون إلى أسر ميسورة توفر لهم جميع الاحتياجات المادية. تشكل هذه الفئة نسبة قليلة.
- الفئة الرابعة: تتشكل من أطفال الشوارع، و هم رغم عددهم لا يشكلون الأغلبية.
بالنظر إلى هذه الفئات تستخلص نعيمة بابا 2006 في دراستها، مجمل الأسباب الكامنة وراء الهجرة و التي يمكن حصرها فيما يلي:
- المؤسسة الأسرية : و هي ذات دور حاسم في التأثير على سلوك الطفل، فإذا كانت هذه الأسرة يطبعها التفكك، فإنها ستولد عند الطفل الرغبة في الهروب، و من ثم الرغبة في الهجرة.
-المستوى الدراسي: فأغلب القاصرين غير المصحوبين غادروا المدرسة في سن مبكرة، و ذلك لأسباب تتعدد من عنف سبق أن مورس عليهم داخل المؤسسة التعليمية أو ضعف في التحصيل أو سبب مادي. يمكن أن نوضح ذلك من خلال الجدول الذي نقتبسه من نعيمة بابا (2006):

المستوى الدراسي: أمي الثالثة ابتدائي الرابعة ابتدائي الخامسة ابتدائي السادسة ابتدائي أولى إعدادي الثانية إعدادي الثالثة إعدادي
7% 11% 14% 11% 25% 4% 4% 4%
أسباب مغادرة المدرسة: العمل العنف تكاليف الكتب المدرسية ضعف أداء المدرسين
54% 18% 18% 10%

المصدر Rassismo2005

توازي هذه الأسباب في مجملها الأسباب التي تدعو القاصرين غير المصحوبين في بلدان العالم الثالث الأخرى إلى الهجرة، و التي يمكن أن نضعها في إطار نمطين من الأسباب أجملتهما لاشا كليرك(2007) في:
- أسباب اقتصادية و اجتماعية: إذ اغلب القاصرين الذين يتوافدون على بلدان الاتحاد الأوروبي هم قادمون من بلدان تعرف أزمات و ظروف عيش صعبة.
-أسباب نفسية: ترجع إلى الحالة النفسية للقاصر أو محيطه الأسري، و التي تتسم باليأس من تحسن ظروف العيش خاصة في ظل البطالة و انسداد الأفق.
يشكل هذان النمطان من الأسباب الدوافع الرئيسية المحفزةعلى الهجرة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي أملا في غد أفضل.

3- مقاربة الإطار القانوني و الحقوقي
تحظى قضية الوضع القانوني للقاصرين بأهمية بالغة، لا سيما و أن لها انعكاسات مهمة على حقوق القاصرين غيرصحوبين الذين يكونون عادة عرضة لمخاطر عديدة تتمثل في سوء المعاملة و الاستغلال، بما في ذلك عمالة الأطفال و الاستغلال الجنسي.
يقودنا هذا المعطى إلى أن ننطلق في مقاربتنا للجانب القانوني و الحقوقي من مبدأ عام هو مسؤولية الدولة على حماية كل الأشخاص الموجودين على أراضيها، كما سننطلق من الاتفاقيات و المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بوجه عام و بحقوق الطفل بوجه خاص و التي تشكل مرجعا لحماية القاصرين غير المصحوبين. إن هذه المرجعيات هي المصادر الأولية المؤطرة لمجموعة من المعايير الأساسية التي ينبغي اعتمادها في مقاربة هذا الموضوع، على اعتبار أن اتفاقية حقوق الإنسان تقدم أعلى معايير الحماية و المساعدة للقاصرين غير المصحوبين بالمقارنة مع أي اتفاقية دوليةرى أخ.
يشير إرنونديز(2008) إلى أن تعامل الاتحاد الأوروبي مع هجرة القاصرين يتم وفقا لأحد النماذج الآتية:
- يتعامل عدد كبير من الدول الأوروبية مع القاصرين غير المصحوبين تبعا للقوانين المنظمة لمنح حق اللجوء.
- بعض الدول الأوروبية تتعامل مع هذه الظاهرة وفقا لمقاربة تقليدية يغلب عليها المنظور الاقتصادي.
- دول أوروبية أخرى تتعامل مع هذه الظاهرة بالمزج بين هذين النموذجين، أي أنها تميز بين القاصرين اللاجئين و القاصرين الذين يتواجدون على أراضيها بصفة غير قانونية.
ينعكس تبني نموذج محدد على المستوى العملي، أي على مستوى التعامل مع هذه الظاهرة في سياسة الاستقبال التي نراها تتخذ منحيين:
1- استقبال القاصرين غير المصحوبين انطلاقا من البنيات العامة للحق العام مع باقي القاصرين المواطنين المعرضين للخطر.
2 استقبال القاصرين غير المصحوبين في بنيات مخصصة لهم.
و الواقع أن هذين النمطين من الاستقبال قد أثارا جدالا في ظل هروب عدد من القاصرين غير المصحوبين من مراكز الابواء التي من المفروض أن تقدم لهم الدعم و الحماية، فكانت النتيجة أن تم في 27 يناير 2003 تحديد توجيه عام يرتبط بالمعايير الدنيا التي ينبغي الالتزام بها لاستقبال طالبي اللجوء في الدول الأعضاء. يشكل هذا التوجيه مرحلة أولية في إجراء كان حصيلة لدخول معاهدة أمستردام حيز التطبيق و كذلك كان حصيلة لتوصيات طومبير و لاهاي الهادفة إلى تأسيس نظام لجوء موحد بين دول الاتحاد الاوروبي.
إن الاستراتيجية الأساسية الموجهة لهذا الإجراءهي تحديد معايير خاصة بشروط استقبال طالبي اللجوء، و ذلك لضمان شروط متساوية لحياة كريمة في كل هذه الدول. يمنح هذا التوجيه حقوقا خاصة للقاصرين غير المصحوبين طالبي اللجوء منها:
- أن يمثله وصي (الفصل19.1 من التوجيهCE|9|2003
- توفير الايواء (الفصل19.2 من التوجيهCE|9|2003
-البحث عن الأسرة (الفصل19.3 من التوجيهCE|9|2003
شكلت هذه التوجيهات العامة أرضية مشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي في التعامل مع القاصرين غير المصحوبين . غير أنه إذا عدنا إلى قانون الاستقبال بوجه عام، نجد أنه لا يتضمن هذه الحقوق فحسب ، بل يتضمن حقوقا أخرى نذكر منها على الخصوص:
- الحق في المعلومة (الفصل14من قانون 12 يناير 2007 المتعلق باستقبال طالبي اللجوء و أصناف أخرى من المهاجرين.
- الحق في الترجمة الشفهية interprètariat (الفصل 15 من القانون 12 يناير2007).
- الحق في احترام حياة القاصر الخاصة و حياته العائلية (الفصل20 من نفس القانون).
- الحق في التواصل مع أفراد خارج المركز ( الفصل 20 من نفس القانون).
- الحق في المصاحبة الطبية (الفصل 23 إلى29 من نفس القانون).
- الحق في المصاحبة النفسية (الفصل 30 من نفس القانون) و الاجتماعية (الفصل 31 و 32 من نفس القانون).
-الحق في المساعدة القانونية (الفصل 33 من نفس القانون).
-الحق في التغذية اليومية و في القيام بخدمات جماعية (الفصل64 من نفس القانون).
- الحق في التكوين (الفصل35 من نفس القانون).
- الحق في الاستفادة من برنامج العودة الطوعية (الفصل 54 من نفس القانون).
و بالنظر إلى أن اتفاقية حقوق الطفل تنص على حماية الطفولة، فإن هذه الحقوق تؤطرها أربعة مبادئ توجيهية وردت في اتفاق نيويرك 1989 هي:
1 - مبدأ عدم التمييز، كما ورد في الفصل الثاني لا يخص هذا المبدأ الأطفال الذين يحملون جنسية محددة، و إنما يخص جميع الأطفال بمن فيهم الأجانب غير المصحوبين.إن القاصرين المعزولين الأجانب يجب أن يتمتعوا- وفقا لهذا المبدأ- بنفس المعاملة و نفس الحقوق التي يتمتع بها أطفال الوطن و المقيمون، كما ينبغي أن يعاملوا وفقا للمبادئ و القوانين الضابطة للاتحاد الأوروبي، بما فيها اتفاقية الأمم المتحدة المرتبطة بحقوق الطفل و الاتفاقية الأوروبية حول حقوق الإنسان.
2- مبدأ المصلحة العليا للطفل، فالفصل الثالث من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ينص على أنه في كل القرارات التي تهم الطفل سواء الصادرة عن مؤسسات الحماية الاجتماعية العمومية أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو المنظمات التشريعية تعطى الأولوية للمصلحة العليا للطفل.
3- مبدأ المساعدة الإنسانية و الحماية للقاصرين طالبي اللجوء،و ذلك وفقا للفصل 22.
4- مبدأ الحماية بالنسبة للمحرومين من المحيط العائلي، و ذلك وفقا للفصل20.
توازي هذه المبادئ الأربعة البرنامج الخاص بالقاصرين غير المصحوبين الذي وضعته المفوضية العليا للاجئين، و الذي تضمن معايير يتوجب أن يلتزم بها في التعامل معهم منذ لحظة وصولهم إلى أن يتم اتخاذ قرار بحقهم. هذه المعايير هي :
1- اعتبار المصلحة العليا للطفل في كل القرارات التي تتخذ بحقه.
2 - عدم التمييز الذي سبق أن أشرنا إليه.
3-حق المشاركة: يجب الأخذ بعين الاعتبار آراء القاصرين المعزولين الأجانب و رغباتهم ، قبل اتخاذ أي قرار بخصوصهم كما ينبغي اتخاذ التدابير التي تسمح لهم بالتعبير عن رأيهم بحسب أعمارهم و درجة نضجهم.
4- مبدأ الثنائية الثقافيةbiculturalisme يخول هذا المبدأ المحافظة على اللغة الأم للقاصرين الأجانب غير المصحوبين و كذلك على روابطهم الثقافية و الدينية. ينبغي أن تنعكس هذه الحاجات الثقافية في المساعدة الطبية و الاجتماعية و المدرسية المقدمة. تظهر أهمية المحافظة على الثقافة و اللغة في حال الرجوع إلى البلد الأصلي.
5- مبدأ اللجوء إلى الترجمة الشفهية: ينبغي تمكين القاصر من مترجم يتمكن من التحدث معه بلغته الخاصة في المقابلات و طلب الخدمات.
6 - مبدأ السرية: حيث ينبغي العمل على عدم تسريب أخبار عن القاصر التي من شأنها تعريض أفراد عائلته للخطر في بلده الأصلي كما ينبغي طلب ترخيص منه بطريقة ملائمة لسنه قبل الكشف عن المعلومات السرية للمنظمات الأخرى أو أشخاص آخرين، كما يمنع استعمال هذه المعلومات لغايات مخالفة للغايات التي قدمت من أجلها.
7- مبدا الإخبار: إذ من الضروري أن يتمكن القاصرون الأجانب غير المصحوبين من الحصول بسهولة على المعلومات التي تهم حقوقهم و الخدمات المتاحة لهم و إجراءاللجوء و الخطوات التي يجب اتباعها لإيجاد أسرهم ووضعيتهم في البلدان الأصلية.
8- مبدأ التعاون بين المنظمات و مصالح الدولة و المختصين لحماية القاصر و حماية حقوقه.
9 - مبدأ تكوين الأشخاص المساعدين للقاصرين غير المصحوبين تكوينا مناسبا لحاجات القاصر.
10 مبدأ الديمومة Durabilite
11 - مبدأ الجماية من المجرمين.و من الاستغلال و العنف.
12- مبدأ محاولة ايجاد الأسرة.
13- مبدأ استقبال لائق بالقاصرين غير المصحوبين و ضرورة تطبيق ضمانات إجرائية مباشرة بعد اكتشاف أحدهم على الحدود أو داخل الأراضي، إلى أن يتم ايجاد حل ملائم.
تشكل هذه المعايير المرجع الأساس لصوغ مجموعة واسعة من الوثائق القانونية الدولية و الإقليمية، و الجدير بالذكر أن المعاهدات و الاتفاقيات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل قد وقعت عليها 27 دولة من الاتحاد الأروربي، لذلك تعتبر نصوص هذه الاتفاقيات ملزمة لها.فإلى أي حد تستجيب الدول الأوروبية للاتفاقيات التي وقعت عليها؟
اتخذت مساعي الاتحاد الأروبي في هذا الإطاراتجاهين:
1- محاولة الاتفاق على صيغ مشتركة و موحدة للتعامل مع القاصرين بشكل لا يخل بالاتفاقيات و المواثيق الدولية التي تنص بشكل عام على احترام حقوق الإنسان و على ضرورة حماية الطفولة.
2- توحيد الجهود و تقاسم المسؤوليات بين الدول الاروبية و الدول المصدرة للهجرة.
بخصوص النقطة الأولى، يلاحظ أن التطورات التشريعية للسنوات الخمسين في الدول الأوروبية ارتبطت بسياسة براغماتية (14) يتحكم فيها البعد الاقتصادي بالدرجة الأولى، فمرسوم 1945 مثلا في فرنسا وضع سياسة لتنظيم المهاجرين و عائلاتهم و ضبط شروط إقامتهم لكن غداة أزمة البترول سنة 1974، قررت الدول الأوروبية إقفال الحدود. انطلاقا من هذا التاريخ أصبح التحكم في مد الهجرة و الهجرة السرية مسألة متفق عليها من قبل جميع الحكومات سواء اليمينية منها أو اليسارية.
في التسعينات تطور الخطاب بحيث أصبحت أوروبا تميل إلى هجرة انتقائية تستهدف من خلالها استقطاب يد عاملة متخصصة لتحريك اقتصادها، خاصة و أن نسبة السكان في عمر العمل تتسم بالانخفاض، فوفقا للإحصائيات التي أجرتها دراسة تحت إشراف " مقاولة و مجتمع" ستكون إسبانيا مثلا في حاجة إلى أكثر من مليوني مهاجر، أي أكثر من 150 ألف مهاجر سنويا إلى حدود 2020 . هذا العطى قائم أيضا في فرنسا، لذلك يلاحظ أن التعديل الحاصل لمرسوم 1945في 3 يوليو 2003 ورد فيه القرار المتلخص في أنه لن يتم إغلاق الحدود بشكل كلي ، كما لن يتم فتحها بشكل كلي.
سنحاول النظر في ظل هذه المعطيات إلى كيفية تعامل الاتحاد الأروربي مع هجرة القاصرين سواء على المستوى القانوني أو على مستوى الواقع.
فيما يخص المستوى القانوني تعهد مجلس الاتحاد الاوروبي بأن يضمن تطبيق القانون المتعلق باستقبال و مساعدة القاصرين غير المصحوبين، و أن يضمن أن يتم تحديد عمرهم و نعيين مندوب قانوني يمثلهم و ايجاد حلول دائمة قائمة على مصلحتهم العليا ، و ذلك انطلاقا من القوانين الدولية و الوطنية و الجماعية المنظمة لإعطاء حق اللجوء للأجانب، بمن فيهم القاصرين غير المصحوبين. نجد صدى لهذا المنظور العام مثلا في الفصل 172من القانون المدني الإسباني الذي ينص على توفير الرعاية لأي قاصر على التراب الإسباني، و كذلك في الفقرة الثانية من الفصل العاشر التي تنص على أن للقاصرين الأجانب بإسبانيا الحق في التعليم و الرعاية الصحية و الاستفادة من الخدمات العامة حتى قبل الحصول على أوراق الإقامة. أما التشريع الفرنسي فهو ينص على تأمين الحماية للقاصرين غير المصحوبين من خلال عدة إجراءات تتعلق بمنحهم الجنسية و حق اللجوء و العودة إلى البلد الاصل أو البقاء . أما بالنسبة إلى بلجيكا فيلاحظ أن استقبال القاصرين غير المصحوبين يمر بثلاثة مراحل أساسية:
1 - مرحلة الملاحظة و التوجيه: حيث يتم استقبال القاصر في مركز الملاحظة و التوجيهCentre d Observation et d Orientation COO بغض النظر عن وضعه الإداري. يضبط هذه المرحلة الفصلان 40 و41 من قانون الاستقبال و كذلك القرار الملكي الصادر بتاريخ 9 أبريل 2007 الذي يحدد نظام مراكز الملاحظة و التوجيه الخاصة بالقاصرين الأجانب . إن الهدف من الفصل 40 و 41 من قانون الاستقبال هو وضع حد لسجن القاصرين في مراكز مغلقة. في هذه المرحلة يتم التركيز على الجانب الطبي و النفسي و الاجتماعي للقاصر و دراسة وضعيته لكي يتم التكفل به بشكل ملائم.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بلجيكا قد خصصت لهذه المرحلة مركزين هما Over Humbeek و Steenokkerzeel يؤخذ إليهما القاصرون غير المصحوبين الذين هم في مرحلة الملاحظة و التوجيه. يمكن للقاصر أن يبقى في هذا المركز مدة 15 يوم قابلة للتجديد مرة واحدة.
2- مرحلة انتقالية حيث استقبال القاصر غير المصحوب تبعا لإجراءات الإقامة المتخذة. المدة المحددة لهذه المرحلة هي من أربعة أشهر إلى سنة ، و هي تختلف عن المرحلة السابقة في التمييز بين القاصر طالب اللجوء و القاصر الذي لم يتقدم بطلب اللجوء : حيث يرتبط استقبال القاصر طالب اللجوء بالوكالة الفيديرالية لطالبي اللجوء. يشير القانون إلى أن هذه الوكالة تقيم اتفاقيات مع المؤسسات المختصة للاستجابة لحاجيات الأشخاص في وضعية صعبة كالقاصرين، على خلاف القاصرين الذين لم يتقدموا بطلب اللجوء ، فهم يرتبطون بالجماعات التي تختص بالقاصرين في وضعية صعبة.
3 - مرحلة الحل النهائي: يغلب أن يكون الحل النهائي هو عودته إلى بلده الأصل أو إلى بلد آخرغير أنه قد يسمح له بالإقامة في بلجيكا.
يؤطر هذه المراحل الثلاثة الاعتبار العام الذي بموجبه تكون:

" كل القرارات المتعلقة بالقاصر ينبغي أن تتم وفق مصلحته العليا."

و هو اعتبار تحاول بلجيكا أن تلتزم به وفقا لتصورها الخاص، كما تحاول أن تلتزم بالتوجيهات العامة المسطرة، على رأسها حق القاصر غير المصحوب في أن يمثله وصي تكون من ضمن واجباته ايجاد مأوى له.
لكن عموما نسجل أن تطبيق هذه النصوص بالنسبة للدول الاوروبية محدود ، حيث تبنت بعض الدول تقارير أو وضعت تحفظات فيما يخص تطبيق الحقوق التي يخولها هذا الاتفاق. فألمانيا على سبيل المثال أعلنت التحفظ في إمكان تطبيق تشريعها على الأجانب و إمكان منح اللجوء للقاصرين أكثر من 16 سنة ، و المملكة المتحدة أشارت إلى التحفظ في تطبيق الاتفاق على القاصرين الأجانب غير القانونيين ، أما بالنسبة لفرنسا و بلجيكا فإنهما تلجآن بطريقة منهجية إلى اعتقال القاصرين الذين يحاولون الدخول إلى أراضيهما بشكل غير قانوني أو الذين يطلبون حق اللجوء، رغم أن الفصل 37 من الاتفاق الدولي لحقوق الإنسان ينص على أن الفرقاء ينبغي أن يسهروا على عدم حرمان أي قاصر من حريته بطريقة غير شرعية أو اعتباطية . إن توقيف أو حجز أو حبس القاصر لا ينبغي أن يكون إلا تدبيرا يتخذ في نهاية المطاف و يكون لمدة قصيرة قدر الإمكان . أما في إسبانيا فإجراء تحديد العمر قد يمكن اعتباره حجزا، إذ بعد تحديد السن يتوجه القاصرون غير المصحوبين إلى مراكز استقبال مقفلة يفر أغلبهم منها، نظرا لأنهم يعيشون هناك ظروفا غير إنسانية و الحكومة تتشدد في منح رخصة الإقامة بالنسبة للقاصرين (15) رغم أن قانونها ينص على ذلك.
في هذا الإطار يشير الباحث الانثروبولوجي الاجتماعي أنجليز رامليز Angeles Ramirez إلى المعاملة السيئة التي يخضع لها القاصرون غير المصحوبين و يفضح الخروقات التي يتعرضون إليها بفعل النظرة المنمطة إليهم باعتبارهم أطفال شوارع(16). في الاتجاه نفسه أشارت المنظمة الدولية غير الحكومية لمراقبة حقوق الإنسان في العالم أيضا إلى الإساءة التي يتعرض إليها هؤلاء من خلال الضرب و سوء المعاملة، هذا بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرض إليها القاصرون في أماكن التجميع من أجل الترحيل القسري.
عموما يمكن القول إن هناك اتجاه عام لدى الدول الأوروبية نحو تبني قرارالترحيل ، ففي إسبانيا طالب الوكيل العام الكاردينال فرنانديز في أكتوبر 2003 باتخاذ قرار ترحيل القاصرين غير المصحوبين الذين يتجاوزون 16 سنة و يتواجدون في وضعية غير قانونية (17) .أما في فرنسا فرغم أن القانون الفرنسي يقر مثلا في الفصل 26 من المرسم 1945 بأن:

" الأجنبي القاصر ذو 18 سنة لا يمكن أن يكون موضوع قرار الطرد أو الترحيل إلى الحدود.(18)

فإن القاصرين الذين ينتظرون عند الحدود يعتبرون مهاجرين غير شرعيين يمكن أن يتعرضوا للحبس مدة قد تصل إلى 20 يوم، كما يمكن أن يتعرضوا للترحيل.خاصة في ظل اعتبار العودة المفروضة على القاصرين تتماشى و مصلحتهم العليا و في ظل التركيز على الوحدة الأسرية أو حق القاصرين في العيش في بلدانهم الأصلية الذي تنص عليه المادة 74 من البروتوكول الأول المضاف إلى اتفاقيات جنيف و كذا إعلان اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة في خلاصاتها سنة 1981،و بالتالي فهو حسب تأويلهم، لا يتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة ، مهمشين بذلك رأي القاصر و حقوقه المدنية و الاجتماعية التي يمكن أن يكون محروما منها في بلده الأصلي. إلا أنه على الرغم من أن القانون الدولي يقر بـأولوية صيانة وحدة الأسرة، فلا يجب أن يستخدم جمع شمل الأسرة سلاحا للعمل ضد مصلحة القاصر، إذ قد لا ترغب الأسرة في جمع شملها و قد لا يرغب القاصر في ذلك.
إن تبني سياسة الترحيل جعلت الدول الأوروربية تتبنى برنامج عمل يقوم على التعاون مع الدول المصدرة للهجرة من أجل إقامة مراكز ايواء و التكفل بالقاصرين، و ذلك انطلاقا من وضع برامج الدعم المالي و التقني لحكومات الدول المغاربية لحراسة الحدود البرية و البحرية (19) ، و ذلك وفق تصور عام يتمثل في تطبيق برنامج للوقاية الذي يتلخص في العمل على ايجاد مشاريع تسمح للقاصرين بالبقاء في بلدانهم الأصلية و محاولة حمايتهم من الوقوع في شبكات تهريب البشر مع محاولة لإقناع البعض بالعودة لأوطانهم. تحقيقا لهذه الاستراتيجية انخرط الاتحاد الأروبي في مشروع تمويل مراكز الاستقبال بالمغرب، و توازيا مع ذلك استحدثت في المغرب مديرية الهجرة و مراقبة الحدود في يونيو 2005 ركزت على مكونات أساسية تتلخص في التواصل داخليا و خارجيا، من أجل منع التسرب و التحسيس و التعاون و التنمية محليا و دوليا بجلب الاستثمارات الخارجية. أما بخصوص الاتفاقيات فيمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصرالاتفاقية التي أبرمها المغرب مع الحكومة الكاطالانية لوضع سياسة وقائية و إنشاء مراكز استقبال و إدماج المهاجرين القاصرين تشمل عدة أنشطة كالاستقبال و التكوين و التربية و التوجيه و المتابعة.، و تتوخى تعزيز برامج التوعية و الوقاية بخصوص الظواهر التي تؤثر على الأطفال في وضعية صعبة . كما تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز قدرات الفاعلين الجمعويين و المؤسساتيين العاملين في مجال الطفولة و النهوض بالعمل المتعدد التخصصات مع أسرالقاصرين في وضعية صعبة. و قد قامت الجمعية الكاطالانية في هذا الاتجاه بفتح مركزين في طنجة.
اتخدت حكومة كاناريس المنحى نفسه، إذ تخطط لتأسيس دار للاستقبال بين أكادير و تزنيت، و نفس الأمر بالنسبة لإسبانيا التي ستدشن مركزا بطنجة و مركزا آخر بمراكش تموله مؤسسات الاتحاد الأروبي . و قد حاولت إسبانيا أن تبرم اتفاقيات مع المغرب بهذا الخصوص، نذكر منها مذكرة التفاهم التي وقع عليها المغرب و إسبانيا في دجنبر2003 و هي تهم ترحيل القاصرين غير المصحوبين . تضمنت هذه المذكرة تدابير المصاحبة الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية المرتبطة بالتمدرس و التكوين الاجتماعي و المهني على أساس التمويل المشترك . تلا ذلك في 2007 التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال محاربة الهجرة السرية للقاصرين سميت: " اتفاق بين المملكة المغربية و المملكة الإسبانية حول التعاون في مجال الحد من الهجرة غير الشرعية للقاصرين غير المصحوبين و كذا حمايتهم و عودتهم المتفق عليها" و قد حاول الطرفان معا تحديد أدوارهما وفقا لتشريعاتهما الوطنية، من جهة و لمعايير و مبادئ القانون الدولي من جهة أخرى. فمثلا الفقرة الأولى من المادة الخامسة تشير إلى :

" السلطات الإسبانية المختصة تبث في عودة القاصر إلى بلده في إطار الاحترام التام للتشريع الإسباني."

و تؤكد ذلك بصيغة أخرى في الجزء الثاني من الفقرة الأولى للمادة الرابعة التي تشير فيها إلى أن:

"السلطات الإسبانية تزود نظيرتها المغربية بكل المعلومات المتعلقة بوضعية القاصرين الذين ستوفر لهم الحماية."

كما تشير إلى أن عودة القاصرين غير المصحوبين سيتم في إطار التشاور ، و ذلك وفقا للجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة الرابعة التي ورد فيها أن الطرفين :

"يتشاوران مسبقا بخصوص حالات و عدد القاصرين الذين سيخضعون للعودة."

إلا أن هذه الاتفاقية قد تم تجميدها بفعل ما تلاها من احتجاجات على الانتهاكات التي تعرض لها القاصرون في نقاط التجميع من أجل الترحيل القسري.
يتبع


الهوامش
13- لاشاك كليرك 2004.
14- مرنيف و بريشو 2002.
15- موقع euranet
16 - موقع bladi. net 2003
17 - عثمان حلحول 2007.
18- مرنيف و بريشو 2002.
19- رشيد بداوي 2008.



#ربيعة_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجرة القاصرين : قراءة في المواثيق و المعاهدات الدولية
- الخطاب الإسلامي و تحديات العولمة (2)
- الخطاب الإسلامي و تحديات العولمة
- لحم يستباح
- حريق أينع
- أنا في جنة الخلد قصة قصيرة
- سقط القناع
- أبي و الشجرة قصة قصيرة
- رحل الربيع قصة قصيرة
- زغرودة- قصة قصيرة
- قصة قصيرة
- الصورة النمطية للمرأة المسلمة في الغرب


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - ربيعة العربي - هجرة القاصرين: قراءة في المعاهدات و المواثيق الدولية (2)