ربيعة العربي
الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 02:26
المحور:
الادب والفن
يسكنني الغياب و هذا الحضور في ابتسامة بلهاء.يسكنني الغياب.يسكنني هذا الأنين الموجع و صوت الطبيب يكاد يفجر دماغي:
- أنت مصابة بسرطان الثدي.
ساعتها أحسست بأسوار العالم تنهار بداخلي و بأنه لم تعد لي أسوار تحميني. كنت أعد ليوم زفافي الذي أصبحت أراه الآن يوم حداد.دلفت إلى المنزل.أغلقت الباب و أغلقت معه نوافذي.وجدت أمي تعد القهوة كعادتها في مثل هذا الوقت من كل يوم...وجدت أختي الكبيرة منكبة على آلة الخياطة كعادتها و أخي الصغير يلعب كعادته. كانت كل الأشياء ثابتة في مكانها إلا شيء واحد تغير: هذا المرض الذي يأكلني.بادرتني أمي قائلة:
- أراك قد تأخرت اليوم.هل كل شيء على ما يرام؟
أجبتها باقتضاب:
- نعم.
نظرت إلي أختي باسمة و قالت:
- أراك مشغولة البال .ألأن يوم الزفاف قد اقترب؟
ترن في أذني زغاريد ثكلى و صوت كأس يتكسر.دخلت بسرعة إلى غرفتي و أغلقت الباب. نظرت إلى الجدران الصفراء...إلى السقف...إلى الأثاث.أمسكت دميتي التي كان والدي قد اشتراها لي حين كنت طفلة صغيرة. دميتي كبرت و شاخت. لم تبتسم في وجهي كعادتها.لم أضمها إلى صدري كعادتي.كأني و دميتي تفصل بيننا مسافات. و هذا الحلم الذي داعب خيالي و الذي كنت أراه قريبا. إني الآن أراه بعيدا.سراب. رن الهاتف. سمعت أمي تناديني:
- حياة...حياة.أجيبي عن الهاتف.
أمسكت السماعة و بحركة لا إرادية وضعتها بدون أن أجيب: ماذا لو كان مصطفى خطيبي؟...ماذا أقول له؟ كيف سيتلقى الخبر؟
رن الهاتف من جديد . سمعت أمي تناديني بإلحاح:
- حياة...حياة. أجيبي عن الهاتف. قد يكون مصطفى خطيبك.
علي أن أجيب. علي أن أفكر. علي أن أقرر. هذه بداية رحلة جديدة و قطاري لا بد آت... و قطاري لابد أن يطوي هذه المسافة. لابد أن يسير في هذا الاتجاه. رفعت السماعة و قلت :
-ألو.
رد علي مصطفى:
- ألو حياة.لم لا تجيبين...ماذا وقع؟
أجبت:
- لقد رحل الربيع.
#ربيعة_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟