أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - لحم يستباح














المزيد.....

لحم يستباح


ربيعة العربي

الحوار المتمدن-العدد: 3458 - 2011 / 8 / 16 - 13:14
المحور: الادب والفن
    


لحم يستباح قصة قصيرة جدا
ربيعة العربي

...و حين تذرفني الذكرى دمعة من الجفون...حين يشرد بي الخيال في سماء تؤثتها شموس لا تضيء... حينما تناديني الريح أن هزي الستار و اطلقي العنان للقلم ينغمس في جرح الوطن ليجلو خيوطا من سواد نسجها الفقر حكايات متكررة لنساء بلا غد، يجتاح ذاكرتي هذا الصوت الرخيم الذي شدني و الذي أحسست أن بيني و بينه ألفة:
- صدقة لله يا محسنين.
وضعت يدي في جيبي أبحث عن بعض الدريهمات و التفت ورائي لأضعها في اليد الممدودة إلي في استعطاف بالغ. صعقتني الدهشة:
- بسمة.هل أنت بسمة بنت الحاجة فاطمة؟
انحنى الرأس في خجل و همت المرأة بالانصراف.أمسكتها و أعدت السؤال و أنا أتفرس وجهها:
- هل أنت بسمة بنت الحاجة فاطمة؟
أجابتني المرأة بارتباك شديد جعل الصوت يخرج همسا:
- نعم أنا هي.
- و هذان الولدان هل هما ولداك.
- نعم.
- بسمة. كيف تبدل الحال؟
- ...
عادت بي الذكرى إلى أربع سنوات خلت، حينما كنت أقطن بالحي الذي تقطن به الحاجة فاطمة. لم تكن بيني و بينها مودة كبيرة ، إذ لم تكن تجمع بيني و بينها إلا التحية. أذكر كيف أنها استوقفتني حين كنت راجعة من العمل و قالت لي:
- يا آمنة. أنت مدعوة لحفل زفاف ابنتي. أرجو أن تحضري.
قلت لها مستغربة:
- من ؟عائشة؟
أجابتني بابتسامة عريضة:
- نعم. و هل لي ابنة غيرها؟ إنها ابنتي الوحيدة.
- لكنها مازالت طفلة، فهي لم تبلغ بعد السادسة عشرة سنة.
ضحكت بخفة و قالت:
- أنا تزوجت و عمري أربعة عشرة سنة.
قلت لها و أنا ألح في الجدال:
- نعم. و لكنك لست مجبرة على تزويجها في هذا السن فهي مازالت صغيرة، ثم إنها لم تتمم دراستها بعد.
- يا آمنة. بماذا ستفيدها الدراسة ؟ هناك الآلاف من الفتيات اللائي نلن الشهادات العليا و انظري إلى أحوالهن لا هن ظفرن بوظيفة تكفيهن ذل السؤال و لا هن تزوجن.
- هذا ليس مبررا لكي تحرمي ابنتك من فرصتها في الدراسة.
- أنا أفضل ألا أحرمها من فرصتها في الزواج، فالرجل الذي سترتبط به ثري جدا و قد دفع مهرا لا بأس به و سيأخذها إلى بلده.
- أليس العريس من بلدنا.
- لا ليس من بلدنا و لا أخفيك أنه متزوج، و لكن هذا لا يهم مادام سيوفر لها حياة رغيدة.
- لله عليك كيف سمحت لك نفسك بتزويج ابنتك رجلا متزوجا.
قالت لي الحاجة فاطمة بلهجة توحي بأنها قد حسمت في الأمر و بأنها ترغب في إنهاء النقاش:
- لأضمن لها مستقبلها و لأخرجها من حياة الفقر.أنت مدعوة إلى حفل الزفاف، أرجو أن تشرفينا بالحضور.
ذهبت إلى حفل الزفاف و إذا ببسمة تبدو كحورية البحر تجلس بجانب رجل في سن السبعين: إنه العريس.
بين ذاك المشهد الذي بدت فيه بسمة رائعة الجمال و هذا المشهد الذي أرى اليوم بون شاسع.
- ماذا جرى بسمة؟
- بعد حفل الزفاف سافرت معه إلى بلده.هناك اكتشفت أنه ليس متزوجا بامرأة واحدة فقط كما أخبرني، بل بثلاث نساء .كنت أنا الرابعة و اكتشفت أيضا أن هذه هي عادته: يأتي من بلده ليبحث عن بنت في عمر الزهور يجدد بها شبابه. يتزوجها لبضع أشهر ثم يطلقها ليبحث عن صيد جديد . لقد تلقيت معاملة قاسية منه و من زوجاته. كنت أتعرض للضرب و المهانة كل يوم. لم أعد أطيق صبرا فحاولت المستحيل لأعود إلى بلدي.
نظرت إلى الولدين،فاستدركت قائلة:
- هما ولداه.أفضل ألا يعرف عنهما شيئا.
- و أمك؟
- إنها طريحة الفراش.
أحسست بغصة في حلقي و لعنت الفقر الذي جعل من بسمة لحما مستباحا يتاجر به في سوق يحكمها قطبان قطب عنوان للخنوع و آخر عنوان لإملاءات الدينار.














#ربيعة_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حريق أينع
- أنا في جنة الخلد قصة قصيرة
- سقط القناع
- أبي و الشجرة قصة قصيرة
- رحل الربيع قصة قصيرة
- زغرودة- قصة قصيرة
- قصة قصيرة
- الصورة النمطية للمرأة المسلمة في الغرب


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - لحم يستباح