أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان طالب - الرابطة الوطنية














المزيد.....

الرابطة الوطنية


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 3467 - 2011 / 8 / 25 - 23:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المجتمع هو منظومة إنسانية ثقافية مفتوحة ومتغيرة، تميل إلى الخصوصية وفق أنماط من العلاقات المألوفة، يميز تلك المنظومة وجود بنية اجتماعية تتضمن الحكم و السيطرة والتراتب الاجتماعي، وتبنى العلاقات في المجتمعات وفق صيغ ثقافية وتربوية تآلف وتعارف عليها أبناؤها وتحولت إلى مسلمات وبديهيات لا يفكر بها ولا يعمل على تغييرها، وتشكل عادة الروابط العرقية والقبلية والمذهبية محاور تلتف حولها الجماعات الصغيرة والأفراد، وفي ظل الدولة الحديثة التي ينضوي تحتها المجتمع بموجب عقد اجتماعي مفترض ينظم علاقات الأفراد والجماعات انطلاقا من مفهوم التعايش المشترك والسلم الأهلي، وفق رزمة قيم عليا تحددها المفاهيم الثقافية السائدة والموروثة كما تساهم في بنائها شرعة حقوق الإنسان ورزمة القوانين الأممية المتوافق عليها.
يقوم بناء المجتمعات الحديثة على مفهوم التخصص والتكاثر المنظم والخطاب اللغوي المنتظم، ويشترك أفراد مجتمع ما بهموم واهتمامات متشابهة تشكل وعيا مشتركا يعطي لمنظومة الأفراد طابعا مميزا وهوية خاصة. وتنال الحريات العامة والخاصة عناية بالغة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها لاستنادها للعقد المكتوب والمنصوص عليه كأساس سياسي وقانوني للدولة والشعب وهو ما يدعى بالدستور الذي يقره الشعب بآليات وأساليب يتوافق عليها تضمن تنفيذ العقد الاجتماعي وتصون الحقوق والحريات والخصوصيات دون اطاحة بروابط اجتماعية تتموضع تحت مفهوم الدولة الحديثة.
كلما تطورت بنية العلاقات الاجتماعية السائدة وازدهرت الثقافة الجمعية مالت المجتمعات البشرية إلى التنوع والتعدد وباتت الروابط المشتركة مبهمة ومعقدة. ونشأت قواعد وأصول جديدة ناظمة لطبيعة تلك العلاقات تحتاج لتأن وصبر للوقوف على ماهيتها وطريقة عملها، وتشكل صيغة العلاقات الاقتصادية والسياسية مفصلاً هاما في رسم معالم الشخصية الاجتماعية والطبيعة الحضارية لكتلة بشرية تستقر فوق حدود جغرافية واضحة ومعروفة، وتنحاز المجتمعات الحديثة لتشكيلات وهيئات مدنية تؤطر الناس وتسبك الجماعات فالأحزاب السياسية والنوادي الفنية والرياضية والهيئات النقابية المهنية وأماكن الترفيه وقاعات التواصل الاجتماعي تطغى على مادونها من أشكال التواصل الريفية والقبلية. وكلما انتظمت العلاقات بين الأفراد والجماعات ضمن هيئة إنسانية مستقرة بأطر قانونية مكتوبة ونظم دستورية حاكمة،وقيم انسانية عليا كالحرية والعدالة والمساواة والتشاركية الاقتصادية والسياسية أخذت المجتمعات أشكالاً حضارية تنتصر للإنسان وحقوقه وكرامته باتت قادرة على رفد البشرية بانجازات علمية ومعرفية وفنية رائدة تكون ويغدو الفرد والجماعة فيها أشد طمأنينة ورفاهية وسعادة ، والعكس صحيح، فعندما تسود العلاقات التسلطية وحاكمية الفرد أو الأقلية، وتضبط العلاقات بين الأفراد والمجموعات بمنطق القوة والقهر والشوكة، وتأليه الفرد والحزب والفكرة تتقهقر القيم الإنسانية ويذوب الفرد وتهدر حقوقه وتعود المنظومة البشرية إلى عهد البداوة أي ما قبل العصور الحضارية، ويصبح الإنسان أداة مسخرة لتحقيق غرائز الطمع والتسلط والأنانية. وتحتكر فئة صغيرة القرار والثروة على حساب الوطن والدولة والمواطن .
يتعايش الأفراد أو المجموعات الصغيرة مع بعضها البعض لخدمة مصالحهم المشتركة، تجمعهم صفات مشتركة، تشمل القومية والدين والهوية الثقافية والوحدة الاجتماعية، كما اللغة والطبقات الاجتماعية، ويتفاعلون فيما بينهم وفق تخصص وظيفي لتحقيق مصلحة أو هم ٍ أو هدف مشترك، والتفاعل المنضوي تحت مظلة مفاهيم إنسانية مشتركة يحوّل تناقضات المصلحة، والانتماء العصبي إلى عامل إغناء وإثراء للجماعة الكبيرة المؤلفة من كنتونات صغيرة تميل بفعل الخوف من الظلم والطغيان أوالذوبان إلى الانغلاق والخصوصية الشديدة. كما تنحاز للظهور والانفتاح والازدهار في ظل الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية
فيما تنحاز المجتمعات الأولية القديمة إلى روابط القرابة والدم واللغة، تميل نظيرتها الحديثة إلى توسيع دائرة الروابط لتشمل (الوطن)باعتباره كيان سياسي واجتماعي جامع يحقق لأفراده رغباتهم في العيش والتفاهم المشترك وفق شروط الحياة الكريمة، يلقي بروعهم الاستقرار النفسي ويؤمن لهم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويخفف إلى درجة بعيدة عناصر الخوف من المستقبل، ويأخذ على عاتقه الحفاظ على أمنهم وثرواتهم الشخصية والعامة، وبالدرجة التي يستطيع الكيان الوطني فيها تحقيق سمو الرابطة الوطنية على روابط الدم واللغة والعقيدة، بقدر ما يحقق للأفراد والمجموعات الاطمئنان على الحفاظ على خصوصياتهم الثقافية والعقدية والقومية. من هنا كانت الرابطة الوطنية أسمى الروابط الاجتماعية وأهمها لضمان نقل التناقض الفردي والاجتماعي إلى ثروة وطنية. وكلما توفرت البيئة السياسية والحقوقية الضامنة للحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية مالت الجماعات الصغيرة نسبيا إلى الاعتزاز بمواطنيتها وانتمائها الوطني دون شعور أو احساس بالانتقاص أو الاقلال من قيمة انتماءاتها العرقية والعقدية.



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية للتغيير : مقدمة في مفاهيم الديمقراطية والوطنية والمواطن ...
- عيون الشهداء
- نهاية جلاد
- من أين نبدأ, ملاحظات دستورية
- أكلة لحوم البشر
- ماذا يعني إسقاط النظام وكيف
- يوميات ثورة حالمة
- لماذا لا للحوار
- الملل في الحياة الزوجية
- هل تستحقين صديقا أفضل ؟
- محراب النشوة
- من خاف زجاج مغشى
- مقدمة كتاب المصالحة مع العقل
- عند اللحظة الأخيرة
- تأصيل فضيلة التسامح
- في الطريق إلى العمرة
- من أنتم أيها السادة
- لا تقتلوه ثانية
- الهوس الديني دليل على فشل الإصلاح القسري
- التسامي فوق عقيدة التكفير


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان طالب - الرابطة الوطنية