أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان طالب - عند اللحظة الأخيرة















المزيد.....

عند اللحظة الأخيرة


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 16:49
المحور: الادب والفن
    


مازلت صغيرا يا مازن وأرجو أن تفكر طويلا قبل أخذ قرار بالارتباط: قالت والدة مازن تلك الكلمات ومضت مسرعة نحو عملها بعد مفاتحته لها برغبتة بالارتباط بإحدى زميلاته في الجامعة على أساس أنه في سنته الأخيرة ولم يبقى في جعبته سوى مشروع التخرج.
أدركت سلمى منذ اللحظة الأولى التي وضع مازن يده على كتفها بأن شيئا مريبا يدور في خلده و كانت نظرة صارمة من
عينيها كفيلة بتراجعه .
- بالأمس جلست مع فادي و بيداء في مقهى الصحافة و أذهلني ذلك الانسجام و التناغم العميق بينهما ، ما الذي يثير ريبتك كلما حاولت التقرب منك ؟
- إنهما على عتبة الزواج منذ مدة و فادي أعلن ارتباطهم ببعضهم و أنا أختلف عن بيداء كثيرا
- و هل نحن غرباء عن بعضنا أنت قريبتي و نحن زملاء منذ السنة الأولى في الكلية . ثم ماذا تعيبين على بيداء ؟
- لا أعيب عليها شيئا ، لكنها متحررة و تختلف عني في طريقة لبسها و تصرفاتها
- بل قولي أنها واثقة من نفسها و من فادي .
ماذا تقصد و هل أنا ضعيفة الشخصية ؟!
غادرت سلمى الطاولة بانفعال واضح و تركت مازن في موقف محرج أمام العديد من الزملاء المتواجدين في نفس المكان ، تغلبت ابتسامة مازن البريئة و منعت التعليقات الحادة التي سبق و سمعها أكثر من مرة تغادر فيها سلمى المكان بتلك الطريقة الغير مبررة .
أمضت سلمى ليلتها تفكر و تتساءل عن مستقبلها مع مازن و أخذت تراجع الكثير من الأحداث و الحقائق علها تصل إلى قرار نهائي بشأن تلك العلاقة. مازن شاب ذكي، جميل الوجه متوسط الطول، يلتف حوله العديد من الأصدقاء و الصديقات ، نشأ وتربى في بيئة غير محافظة تسودها صداقات بين الجنسين و تسورها التزامات أخلاقية عالية في التعامل المادي . و أنا تربيت في بيئة محافظة غلب عليها طابع التشدد خاصة من جهة والدتي و عائلتها . و لولا ما يتمتع به والدي من انفتاح في فكره و عمله لأجبرتني والدتي على الدخول في كلية الشريعة للبنات خوفا منها علي و إبعادا لي من جحيم الاختلاط كما تعتقد . شعرت سلمى بالحزن فلقد و جدت نفسها صورة مكررة عن والدتها التي كثيرا ما تختلق الأزمات مع والدها بسبب اللباس و أسلوب معاملة الآخرين .
في ذلك الصباح و قبل مغادرة سلمى المنزل متوجهة إلى الجامعة استوقفها صوت والدتها : كيف ستذهبين إلى الشارع و غطاء رأسك غير محكم ألا ترين غرة شعرك تتدلى فوق جبينك ؟
ردت سلمى : يا حبيبتي يا ماما أنا لست طفلة و لست ضعيفة و لن أذهب إلى الغابة، ولا تنسي أنني على عتبة التخرج لأصبح من أشهر المهندسات في بلدي وربما في العالم. تدخل حينها والد سلمى و هو يقول ضاحكا : اطمئني يا عزيزتي يا سيدة الكل، لن يخطفها أحد و لو كان الأمر لي لتركتها تذهب بدون غطاء الرأس، أسرعي يا جميلتي الصغيرة فأمك تحب الجدال الطويل و ستتأخرين . قضت سلمى يومها مشغولة البال ولم تلتقي بمازن.
هل هذه القماشة التي توضع فوق رأسي ستتحكم بتفكيري و سلوكي و حياتي. كانت تلك آخر عبارة دارت بخلدها قبل أن تطفئ مصباح غرفتها . ثم أغمضت سلمى عينيها و غرقت في نوم عميق حتى أيقظها رنين محمولها
- صباح الخير يا سلمى
- أهلا مازن
- هل أزعجتك
- على العكس , هل سامحتني
- على ماذا
- اسمع يا مازن أنا أثق بك و أرجو منك أن تعذرني على بعض مواقفي، فالعديد من الأفكار و التجاذبات تتصارع في رأسي
- دعك من ذلك، كله أنتظرك على طاولتنا و لدي مفاجأة . إلى اللقاء
لقد كان صباحا مثاليا بالنسبة لسلمى : إنني فعلا أحبك يا مازن : كلمات قالتها في سرها و نهضت بنشاط تناولت فطورها و و قفت طويلا أمام خزانة ملابسها و أطول أمام المرآة : الآن فقط أعجبني كل شيء ، خاطبت سلمى مرآتها و هي تفكر بالمفاجأة. إنها على أغلب الظن العدد السنوي من مجلة الأزياء المشهورة و التي ترسلها شقيقة مازن له فور صدورها من باريس هو يعرف إنني استمتع بقراءة مواضيعها و مطالعة صورها كما يعرف أن لغتي الفرنسية جيدة. ربما كانت الجزء الثاني من رواية .. حسنا سأكف عن التوقع لم يبق لي سوى دقائق و أعرف الحقيقة من فم مازن.
- صباح الورد و الياسمين و الجمال
احمر ت و جنتا سلمى و أضاء وجهها ابتسامة خجولة.
- يكفي أرجوك الكل ينظر إلي
- بصراحة معهم حق فأنت أجمل فتاة في هذا المكان
كان المقهى الطلابي ممتلئا فالكثيرون يحضرون صباح ثاني أيام العطلة الأسبوعية و يتناولون فطورهم و يتناقلون الأخبار .
- حسنا يا مازن أين هي ؟
- ما هي
- قلت أنك حضر ت لي مفاجأة
- انتظري دقيقة و سأعود. ذهب مازن و تغيب لدقائق ظنتها سلمى ساعات و دارت في فكرها عدة احتمالات : ربما لم تعجبه ملابسي، ربما تذكر كيف تركته، ربما حصل له شيء ربما .... أيقظ صوت مازن سلمى و هو ينادي بمكبر الصوت: عزيزتي سلمى هل تقبلينني زوجا لك ؟
انهمرت لؤلؤتان من عيني سلمى المغمضتين وسالتا فوق ورد وجهها الندي، رفعت سلمى رأسها وفتحت عينيها على خاتم جميل حمله مازن بين يديه و هو يكرر طلبه : هل تتزوجينني يا سلمى ؟
أخذت الخاتم و أطالت النظر فيه، إنه جميل و غالي الثمن يشع ضوءً و ألوانا
لم تستطع سلمى التكلم وانتظر مازن ردها وقد أخذ الخوف من الرفض يملئ قلبه. رنا إليها وفي عينيه نظرة استجداء، سرح في خياله متصورا ً حجم العذاب الذي سيقع فيه لو أجابت بالرفض .
ــ كل البنات تتمنى شابا ً مثلك يا مازن ..
ــ لا تهمني كل البنات أريد واحدة فقط هي أنت.
ــ إنني في غاية الخجل .
حشدت سلمى كل ما تستطيع من شجاعة وثقة واقتربت من أذن مازن وهمست ــ إنني أحبك كثيراً ..
تكفل والد مازن بكل الأعمال اللازمة والتحضيرات الضرورية والكمالية ليجعل من زواج ولده حدثا ً جميلا ً وسعيدا ً . ولم تنسى والدته الاهتمام بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة . وأمضت فترة طويلة في تجهيز ملابس سلمى وتحضير كل مستلزماتها .
وفي جو من البهجة والسعادة والسرور والفرح العامر ، اجتمعت الأسرتان في منزل والد سلمى بانتظار حضور كاتب العدل لتثبيت الزواج الذي تم الاتفاق على كل شروطه وتحدد موعده في السنة القادمة وبعد تخرج مازن وسلمى من الجامعة .
وقفت والدة سلمى متجهمة الوجه عابسة منعزلة في ركن بعيد وحيدة تغلي في رأسها أفكار ناقمة ، وبدون مقدمات توجهت بصوت عال نحو الجميع :
هذه القاعة تملؤها المحرمات من موسيقا وسفور واختلاط وهذا الزواج لن يتم وسأعارضه بشدة .
لن أرضى أن تدخل ابنتي النار مع عائلة فاسدة مثلكم ..
أصيب الجميع بالجمود والذهول ، وهرع والد سلمى نحو زوجته محاولا ً إسكاتها والتخفيف من حدة الموقف لكنه كالعادة لم يتمكن من السيطرة .
وتابعت والدة سلمى قائلة : غضبي وغضب ربي عليك إذا تزوجت مازن يا سلمى ..!!
مرت سنوات على تلك الحادثة وما زالت سلمى في منزل والدها وما زال مازن مقيما ً عند أخته في فرنسا ...

إحسان طالب



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأصيل فضيلة التسامح
- في الطريق إلى العمرة
- من أنتم أيها السادة
- لا تقتلوه ثانية
- الهوس الديني دليل على فشل الإصلاح القسري
- التسامي فوق عقيدة التكفير
- إصلاحُ فقه النساء والأيديولوجيا الذكوريّة في النصّ الفقهي
- قضية الإنسان ومؤسسة الحوار المتمدن
- هاجر والكلب المريض
- التكوير
- حب أخضر
- سطوة الحزن
- تآزر الإعلام الرسمي والديني في مواجهة المرأة
- نقد المعارضة السورية
- تجديد وإصلاح المعارضة السورية *
- أرجوك لا تتوقف عن حبي
- حوار الثقافات مقابل حوار الأديان
- فتوى زواج الرضيعة تعيد الجدل من جديد
- في الانتظار !
- أنا و الموت يجذبني


المزيد.....




- “القط بيجري ورا الفأر”.. استقبل Now تردد قناة توم وجيري الجد ...
- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احسان طالب - عند اللحظة الأخيرة