أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مهزلة التعديلات الدستورية الأردنية















المزيد.....

مهزلة التعديلات الدستورية الأردنية


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 08:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
لم ينتظر الأردنيون طويلاً لكي يكتشفوا، أن ما انتهت إليه المطالبة بدستور جديد، أو بالتعديلات الدستورية الجذرية التي تناسب شعباً يعيش في فاتحة الألفية الثالثة، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، ما هو غير جرعة تخديرية شعبية، ورتوش للزينة لكي يبدو "الأردن العروس" في نظر الخارج جميلاً وجذاباً. أما في واقع الأمر، وما يحتاجه الشعب الأردني، فهو دستور جديد ينقله من حكم القرون الوسطى، ومن ملك الحق الإلهي إلى ملك دستوري، يملك ولا يحكم، وإنما من يحكم هو الشعب برئيس وزرائه المنتخب انتخاباً مباشراً من الشعب.

-2-
قبل خمس سنوات وعلى وجه التحديد في 17/8/2005 كتبنا في مقالنا (كيف يضمن الهاشميون المستقبل؟) نطالب بتعديلات دستورية جذرية منها:
1- إقرار دستور حداثي جديد للأردن يُطرح للاستفتاء العام، ويُعيد صياغة الهوية الأردنية على ضوء المستجدات التي قامت في الخمسين سنة الماضية.
2- تخلّي الملك عن صلاحياته في تعيين رئيس الوزراء وإقالته، وانتخاب رئيس الوزراء بالاقتراع السري المباشر لمدة أربع سنوات، ولفترتين رئاسيتين فقط.
3- تخلّي الملك عن صلاحياته في حلَّ مجلس النواب قبل انتهاء مدته القانونية. فلا يجوز أن يأتي الشعب بمجلس للنواب، ويقوم الملك بحله متى شاء.
4- عدم تأجيل مواعيد الانتخابات التشريعية المقررة لأي سبب من الأسباب المحلية أو الإقليمية أو العالمية. ولنأخذ من إسرائيل (مثال الكارهين) العبرة في ذلك.
5- انتخاب مجلس الأعيان (الشيوخ) انتخاباً مباشراً من الشعب وليس تعييناً، كما هو الحال الآن منذ أكثر نصف قرن.
6- توحيد الأحزاب الأردنية الثلاثين القائمة الآن في حزبين كبيرين، بحيث يصبح الأول في الحكم والثاني في المعارضة. وهذه وسيلة من الوسائل الرئيسية للتخفيف من سيطرة العشائرية والقبلية السياسية المهيمنة الآن على القرار الأردني. والحزب المعارض ليس تقليعة سياسية جديدة في الأردن فقد تمَّ إنشاء (حزب الشعب الأردني) المعارض في 1947 بعد الاستقلال مباشرة برئاسة عبد الهادي الشمايلة. ومثَّل الوحدة الوطنية تمثيلاً صادقاً، كما قال كامل خلة، (التطور السياسي لشرق الأردن 1921-1948، ص309).
7- إقرار مجلة جديدة للأحوال المدنية، بحيث تُعطى المرأة حقوقها الاجتماعية والسياسية كاملة، وعلى رأسها تولي رئاسة الوزراء أسوة بالهند وباكستان واندونيسيا وبنغلادش، وتولي رئاسة مجلس النواب، وتولي القضاء . والاستفادة من مجلة الأحوال الشخصية التونسية التي صدرت عام 1957، دون الحاجة إلى مجلات الأحوال الشخصية الغربية.
8- تحرير الإعلام تحريراً كلياً وشاملاً. وبيع حصة الحكومة في الصحف. وتخلّي الدولة كليةً عن ملكيتها وسلطتها على الإعلام. فالإعلام الأردني ما زال كإعلام الاشتراكيين العرب في مصر وليبيا وسوريا وغيرها مُلكاً للدولة. فلا فرق بين جريدة "الرأي " الأردنية، وجريدة "الأهرام" المصرية، وجريدة "البعث" السورية، وجريدة "الفجر الجديد" الليبية، وجريدة "القادسية" العراقية في عهد صدام. ولا فرق بين التليفزيون الأردني، والمصري، والسوري، والمغربي، والخليجي، وكل تلفزيون عربي حكومي.. الخ.
9- إغلاق "دائرة المطبوعات والنشر" الحكومية (المجزرة الثقافية الكبرى) بالشمع الأحمر. وهي التي تمنع الكتب والمطبوعات وتصادرها وتحرقها. وتقوم بدور الوصاية على الذوق والقاريء الأردني الذي لم يتعدَ مرحلة الطفولة الثقافية في رأيها، ولا يستطيع أن يميز بين الغث والسليم بدون رقابتها ووصايتها.

-3-
معظم هذه المطالب ليست جديدة. وكثير منها يزيد عمره عن نصف قرن. فـ (الحزب العربي الأردني) المعارض برئاسة السياسي الأردني اللامع في الأربعينات صبحي أبو غنيمة، طالب بعد الاستقلال مباشرة في 7/6/1946 بكثير من هذه المطالب (جريدة "المقطم" المصرية، 27/1/1947) منها:
1- وضع دستور ديمقراطي على أساس مبدأ فصل السلطات من قبل هيئة تأسيسية.
2-إقامة حكومة ديمقراطية منتخبة من الشعب مباشرة.
3- إطلاق الحريات العامة.
إذن، ما زال الشعب الأردني ينادي بتحقيق المطالب السياسية التي نودي بها منذ أكثر من نصف قرن. وإذا كانت الظروف المحلية الأردنية والعربية والدولية لم تكن تسمح بتلبية هذه المطالب أو جزء منها في السابق، فهل لا زالت هذه الظروف قائمة الى الآن، بحيث تحول دون تحقيق هذه المطالب؟
لا نظن ذلك.
فالدنيا قد تغيرت.
وعلينا أن نتغير معها، قبل أن تقصف رياح التغيير رقابنا جميعاً.

-4-
أما أن نُردد كالببغاوات - وراء الملك - أن هذه التعديلات الدستورية المضحكة والساذجة، هي تعديلات تمثل انجازاً حقيقياً على طريق الإصلاح السياسي الشامل. فهذا دجل ما بعده من دجل، في مجتمع مثقف ويقظ كالمجتمع الأردني، وليس مجموعة من الأطفال في "الروضة".
فترديد عبارات تبجيلية ذات صبغة دينية مقدسة من قبل كبار موظفي الدولة الأردنية الإعلاميين كعبارات: "باستثناء الإخوان المسلمين وبعض القوى الهامشية وعدد من شبان المساعدات الأميركية، فإن الغالبية العظمى من الأردنيين قد استقبلت التعديلات الدستورية، التي بلغت اثنين وأربعين تعديلاً، والتي أعدتها لجنة ملكية من بعض رؤساء الحكومات السابقين، ومن كبار المشرعين والقانونيين, بارتياح كبير وبثقة بأن الأردن سيبقى على شاطئ
الأمان رغم كل هذه العواصف الهوجاء التي تضرب عدداً من الدول العربية من بينها الجارة الشمالية سورية."
فأين الدليل على هذا الارتياح؟!
وهل تم طرح "التعديلات الملكية" للاستفتاء الشعبي حتى نعرف رأي الشعب الأردني الحقيقي بها، وهي التعديلات التي فُصِّلت، وتمت خياطتها على مقاس صاحب الجلالة، وبتكليف شخصي منه للجنة التي شكَّلها هو نفسه من خياطين ملكيين، واختار الملك أعضاءها بعناية من "الملأ الأعلى"، لكي تُخيط له هذا الدستور الجديد، بحيث لا تطلب منه هذه اللجنة أن يُنقص وزنه، أو يزيد طوله، لكي تتناسب "بذلة" التعديلات الجديدة مع حجمه، ووزنه.

-5-
لقد وعت وأدركت تمام الإدراك ببصر وبصيرة نافذة عشائر الأردن، ومنها "عشائر العودات" الحرة في إربد (شمال الأردن) مهزلة التعديلات الدستورية المضحكة – المبكية.
فقد أقامت مجموعة من أبناء "عشائر العودات" في منطقة اربد أمسية رمضانية، معبرين فيها عن رفضهم للتعديلات الدستورية ، لأنها لم تشمل ضمانات تشكيل حكومة برلمانية منتخبة، وقانون انتخاب يراعي النزاهة والموضوعية. ورفعت العشائر شعارات تندد بالتعديلات الشكلية التي لا تُلبي طموحات الشارع، ولا ترتقي لآمال الإصلاح.
وتعهد "التجمع الشبابي لأبناء "عشيرة العودات" بان يكون في الصفوف الأولى في ركب من يريدون الإصلاح دون تراجع، حاملاً على عاتقه السير باتجاه المطالبة بتحقيق المطالب التي يلتقي عندها كافة أطياف الحراك الشعبي والمتمثلة بتعديل حقيقي للدستور، وتشكيل حكومة برلمانية منتخبة، وقانون انتخاب عصري يلبي طموح الشعب، وتشكيل محكمة دستورية، ومحاربة الفساد والمفسدين، وفصل السلطات الثلاث، واستقلال القضاء، ورفع القبضة الأمنية، واسترداد أموال الشعب المنهوبة، وإجراء إصلاحات اقتصادية من شأنها رفع المستوى المعيشي للمواطن وصون كرامته".
فهذا هو صوت الشعب الأردني الحر والحقيقي، حيث لا صوت يعلو فوق هذا الصوت.

-6-
أما الببغاوات الذين يرددون شعارات مستهلكة منذ عشرات السنين، ويدعون الشعب إلى قبول التعديلات الدستورية المضحكة، فسيلقون الرفض والنبذ من الشارع الأردني. وكما قال الشيخ زكي بني ارشيد عضو اللجنة التنفيذية في "حزب جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وأبرز أحزاب المعارضة في الأردن، فان هذه التعديلات "أقل من مطالب الشارع، ولا تتضمن أي تغيير على آلية تشكيل الحكومة، وتحافظ على صلاحيات الملك في هذا الاتجاه. "
وقال بني ارشيد:
" لم تتضمنالتعديلات تحصين مجلس النواب من الحل، وعُهد للملك بمهمة تمديد ولاية الدورة البرلمانية."
إذن، فلا زال الملك – بعد هذه التعديلات التزويقية – هو الملك المُطلق، المتمتع بالحق الإلهي، كما كان في القرون الوسطى. وهو ما يرفضه الشعب الأردني، ويريد أن يكون شعب القرن الحادي والعشرين، وليس شعب القرون الوسطى!



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العربية أمام تحديات التغيير
- كيف تركب الأنظمة العربية (سفينة نوح) وتنجو
- ثورة ووحدة -بلاد الشام-
- هل هناك ديمقراطية ذات صناعة أمريكية؟
- ما تحتاجه مصر وثورتها الآن!
- (شو) معنى انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي؟
- هل أصبحت الثورات العربية في مأزق حرج؟
- دور الأصولية في دعم الدكتاتورية القروسطية
- انجازات الهاشميين بعد تسعين عاماً!
- ضرورة الانتقال من الثورة الى الدولة
- هل أصبح الهاشميون في مهب الريح؟
- العرب بين أنظمة قروسطية وشعوب الألفية الثالثة!
- هل نهاية الدكتاتوريات القروسطية مسألة وقت فقط؟
- مصر بعد ثورة 25 يناير
- شرعية الدكتاتوريين الزائفة!
- من أوهام وأحلام الثورات
- هل يقود -الأزهر الجديد- مصر الى الحداثة؟!
- الأزهريون يكتبون دستور -مصر الجديدة-!
- الأردن والملكية المُكْلِفَة
- لماذا لم يبدأ المستقبل في مصر حتى الآن؟


المزيد.....




- بعيدا عن -البند السابع-.. القرار الأمريكي في مجلس الأمن حول ...
- ترودو قلق إزاء نجاح قوى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي ...
- تقرير إسرائيلي عن ترسانة الأسلحة لدى -حزب الله-: أكثر من 100 ...
- 5 قتلى بينهم 3 من -حزب الله- بضربات إسرائيلية على الحدود الل ...
- آبل تكشف عن نظام جديد لتحسين استخدام أجهزتها بالذكاء الاصطنا ...
- الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى 15 كتيبة جديدة للقيام بمهامه على ...
- سيدة أعمال جزائرية تعلن ترشحها لانتخابات الرئاسة
- هل أنصفت جداول موازنة عام 2024 المحافظات؟
- -سربان من المسيّرات وإسقاط مسيّرة وغيرها-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- -لحظة الإطلاق ولحظة إصابة الهدف-..-حزب الله- يعرض مشاهد من ع ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مهزلة التعديلات الدستورية الأردنية