أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما تحتاجه مصر وثورتها الآن!















المزيد.....

ما تحتاجه مصر وثورتها الآن!


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 15:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

لو أعدنا قراءة تاريخ الثورة الفرنسية 1789، لوجدنا أن من أنقذ هذه الثورة من السقوط في مستنقع الفوضى والفلتان، هو الإمبراطور نابليون الذي عزز هذه الثورة، عندما منحها المؤسسات الدستورية التي تليق بها. ويقول المفكر المغربي محمد الشيخ في كتابه (فلسفة الحداثة في فكر هيجل) أن هيجل بادر في دروسه عن "فلسفة التاريخ" إلى توضيح سر الانتقال الغامض من " عالم الثورة الفرنسية" إلى "عالم المثالية الألمانية".

ونحن بدورنا، نريد لمصر الجديدة أن تنتقل من "عالم ثورة 25 يناير"، إلى "عالم مصر الجديدة". فهناك قاسم مشترك بين الثورتين (الفرنسية والمصرية) يكمن في فكرة "الإرادة التي تريد ذاتها، أو مبدأ "إرادة الإرادة" التي قال بها جان جاك روسو، ولاقت انحرافاً في فرنسا في البداية، كما هو الحال الآن في ثورة 25 يناير المصرية.



-2-

قال مؤرخو الثورة الفرنسية، إن لهذه الثورة حسناتها وسيئاتها، صعودها وسقوطها، نجاحها وفشلها. وهذا ينطبق على كافة الثورات في التاريخ، ومنها ثورة 25 يناير المصرية.

نأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في عصفها بكل المؤسسات التقليدية العتيقة في مصر، الموروثة من العهد الملكي، ومن العهد الجمهوري، بدءاً من عام 1952.

ونأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في أن تكون ليست ثورة سياسية فقط، سعت إلى الإطاحة بنظام حكم سياسي فقط، ولكنها ثورة ثقافية تسعى إلى تحرير الثقافة العربية في مصر من قبضة الدولة الدكتاتورية القروسطية، وتحرير كافة وسائل الإعلام العربية في مصر من هذه القبضة، التي خنقت الإعلام في مصر منذ 1952 وإلى الآن، حيث تحوّل الإعلام في مصر من دكتاتورية الملكية، إلى دكتاتورية الجمهورية.

ونأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في الثورة الدينية كذلك، وتحرير الأزهر، كما حرر بورقيبة جامع الزيتونة (أزهر المغرب العربي). والثورة على الإسلام من داخل الإسلام، وليس من خارجه، أي بواسطة شيوخه وفقهائه المصريين، وليس بواسطة ساركوزي، أو أوباما، أو كاميرون، أو أوردغان، أو القرضاوي، أو البريك، أو العودة، أو القرني.. الخ.

ونأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في الثورة الاجتماعية التي ستحرر المرأة العربية في مصر، وستمنحها من الحقوق المعاصرة ما منحه بورقيبة للمرأة التونسية في 1956 من خلال "مجلة الأحوال الشخصية، أو على الأقل ما منحه الملك محمد السادس للمرأة المغربية في 2004 من بعض الحقوق المُستقاة من هذه المجلة.

كذلك، نأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في تحرير الاقتصاد المصري من الروتين المقيت، والرشوة، والمحسوبية، وتحرير هذا الاقتصاد بحيث يصبح اقتصاد سوق حر، وليس اقتصاد دولة قروسطية ريعية.

وأخيراً، نأمل أن يكون نجاح ثورة 25 يناير، في فصل القضاء فصلاً تاماً عن سلطة الدولة، ورئيس الدولة.

كما نريد من ثورة 25 يناير، أن تقرأ جيداً وبتمعن عميق، رسالة الزعيم نيلسون مانديلا، التي وجهها للثوار العرب، قبل فترة، وعرضنا بعض ما جاء فيها هنا على هذه الصفحة.

-3-

نريد لثورة 25 يناير، أن تكون ثورة حداثية، وليست انقلاباً سياسياً على حاكم وحكم، كما كان عليه الحال في 1952.

وحداثة الثورة، لا تتحقق إلا إذا قامت على أسس ثلاثة:

الحرية، والعقلانية، والذاتية.

وهذه الأسس الثلاثة يجب أن لا تميل، ولا تجنح إلى التطرف. فالحرية المتطرفة مرفوضة، كذلك العقلانية المتطرفة، والذاتية أو الفردية المتطرفة. والاعتدال في هذه الأسس من شأنه أن يدفع بالثورة إلى الأمام، وينتهي بها إلى إنجاح مقاصدها وأهدافها، وعدم السقوط في الفوضى، والانشغال بالانتقام والتشفّي، من رموز العهد السابق، واعتبار تحقيق الانتقام والتشفّي من أبرز نجاحات الثورة، بينما هو – في واقع الأمر وعلى المدى البعيد من أبرز عيوبها، كما أصبح حال الثورة الفرنسية، فيما بعد، التي حاكمت لويس السادس عشر وأعدمته 1793، وانشغل الشارع الفرنسي بهذا الحدث كما انشغل الشارع الأوروبي كله. وهو واقع الحال الآن في مصر والعالم العربي الظمآن بشدة إلى دماء حكامه – من سقطاتها، وخطوات تعثرها. وعلى الثورة أن تنهض بسرعة من هذه الكبوة، كما سبق لجواهر لال نهرو أن قال في 1930-1933، وكما ردد ذلك لاحقاً نيلسون مانديلا. وكما يقوم الآن سلفاكير في تطبيقه بجمهورية جنوب السودان الوليدة.

-4-

إن الروحانية الفرعونية والقبطية والإسلامية التي تتمتع بها مصر، سوف تساعدها كثيراً على تخطى الكثير من العقبات التي تنتظرها.

فهيجل يرى، أن استعمال الفلسفات الشرقية ترياقاً ضد التطرف في الحرية والعقلانية والذاتية، قد يكون لازماً لبعض الثورات في التاريخ. وأن "الروح لا تستعيد القوة إلا بإعادة عكسها في الوحدة المطلقة. وأن الضعف ليكمن في الانغلاق على الذات والتوقع فيها، فذلك، هو التطرف بعينه. " وعلى عكس فلسفة الأنوار التي أذابت كل ما يمت إلى الواقع والفكر في الإنسان الفرد، قامت الفلسفات الروحية الشرقية بفعل الضد، حين أذابت الأنا في الجماعة، ودعت إلى التضامن مع الجماعة. وأن لا قوة خارج الجماعة. وقالت بأن يد الله مع الجماعة.



-5-

وهذا التضاد، من شأنه أن يساير قول الشاعر العربي:

ضدان لما استُجمعا حسناً والحسنُ يظهرُ حُسنه الضدُ.

وقال الفيلسوف جون فال: "الأمر بالضد". كذلك قال فيشته، (فيلسوف المثالية الألمانية): "من شأن العلم أن لا يعلم شيئاً."

ولكي نفهم ما جرى في عهد مبارك وما قبله، علينا أن نفهم تماماً ما دار ويدور في ثورة 25 يناير. فالحُسن يظهر حُسنه الضدُ كما قال الشاعر. ولا يمكننا إدراك المعنى الحقيقي للخير إلا بممارسة الشر، أو عكس ذلك. وعقلانية عصر الأنوار الأوروبية – وهي ثالثة أُسس حداثته - بُنيت على الأساس التعارض بين الواقع واللاواقع. والإدراك والفهم يعنيان النظر في الأشياء ووضع التحديدات لها، والوقوف على هذه التحديدات دون سواها، لمحاولة وضع الحلول اللازمة لمشاكل المجتمع المختلفة بعد الثورة وقبل الثورة. وهذا ما يلزم الثورة العربية بشكل عام الآن، وثورة 25 يناير بشكل خاص، بعيداً عن كل هذه التشنجات وشعارات "حزب الانتقام"، التي نراها الآن تملأ الساحة المصرية والتونسية بشكل خاص.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (شو) معنى انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي؟
- هل أصبحت الثورات العربية في مأزق حرج؟
- دور الأصولية في دعم الدكتاتورية القروسطية
- انجازات الهاشميين بعد تسعين عاماً!
- ضرورة الانتقال من الثورة الى الدولة
- هل أصبح الهاشميون في مهب الريح؟
- العرب بين أنظمة قروسطية وشعوب الألفية الثالثة!
- هل نهاية الدكتاتوريات القروسطية مسألة وقت فقط؟
- مصر بعد ثورة 25 يناير
- شرعية الدكتاتوريين الزائفة!
- من أوهام وأحلام الثورات
- هل يقود -الأزهر الجديد- مصر الى الحداثة؟!
- الأزهريون يكتبون دستور -مصر الجديدة-!
- الأردن والملكية المُكْلِفَة
- لماذا لم يبدأ المستقبل في مصر حتى الآن؟
- لماذا لم تجد مصر مرشحها للرئاسة حتى الآن؟
- التحليل النفسي للدكتاتورية العربية
- يا أدونيس: لا حياة لمن تنادي!
- الدكتاتوريون يفرِّغون السجون ويملأون المقابر!
- العراق الى أين في خضم الثورات العربية؟


المزيد.....




- إيران تقترب من المصادقة على قانون لتعليق التعاون مع الوكالة ...
- وزير دفاع إسرائيل عن خامنئي: -لو أبصرناه لقضينا عليه-
- ضربات ترامب لإيران تُرسّخ قناعة كوريا الشمالية بالتمسك بسلاح ...
- أكبر قواعد واشنطن بالشرق الأوسط: العديد... استثمار قطري ونفو ...
- إيران وإسرائيل والشرق الأوسط الجديد
- حتى نتجنب مصير مُجير أم عامر
- وزير الدفاع الأمريكي: ترامب هيأ الظروف لإنهاء الحرب الإسرائي ...
- مرشح ليكون أول مسلم يُصبح عمدة نيويورك.. من هو زهران ممداني ...
- مبابي يتهم باريس سان جيرمان بـ-الاعتداء الأخلاقي- في شكوى جن ...
- هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - ما تحتاجه مصر وثورتها الآن!