أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - مِنْ حَكايَا الأنفال..















المزيد.....

مِنْ حَكايَا الأنفال..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 3457 - 2011 / 8 / 15 - 12:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



القائدُ يترك الجبال بلا قتال..!!

في الأنفال مع اشتداد الطوق المحكم على الأنصار الشيوعيون، الذين كانوا يواجهون الموت في كل لحظة، انقسمت الكتل الكبيرة المطوقة إلى مجاميع اصغر، ومن ثم مع تواصل الهجوم وقلة الغذاء وانعدامه، انقسمت بدورها تلك المجاميع إلى الأصغر، وهكذا خلال مدة أقل من شهر كان هناك بين المقاتلين الشجعان من يواجه مصيره لوحده..
عليه أن يختار بين المواجهة والانتحار أو إيجاد وسيلة للخلاص من طوق الموت والنجاة بجلده، بعد أن أصبحت الكفة الراجحة لقوات السلطة التي أحرقت ودمرت كل شيء.. هاهي المجاميع الباقية من البشر تحشرُ في سيارات الجيش إلى مصالخ خلفية يتحكمُ بها الجندُ والمخابرات، لا يعرف ماذا سيكون مصيرهم بعد صدور بيان من قبل السلطة استخدم فيه تعبير العفو..
لكن من يصدق سلطة الأجرام التي استباحت الأرض والزرع والبشر؟.. ومن سيثق بوعود قادتها المتعطشين للدماء؟!!..
لم يكن هناك في تلك الأجواء المتعبة والقاسية أية فرصة لاستخدام العقل أو التفكير المنطقي.. لم يعد هناك مجال لاستخدام أي ميزان لقياس الصح من الخطأ، المشاعر الإنسانية تحولت إلى غرائز تحجم العقل وتشغله بكيفية الخلاص الفردي، لم يعد هناك قائد يفكر بجنده.. كان هناك قائد مهزوم يفكر بإنقاذ نفسه قبل الآخرين، وثمة من سمعه يهمسُ ويقول:
ـ لا نستطيع إنقاذ المحاصرين من الناس وقوات البيشمركة والأنصار.. علينا أن نضحي بهم ونتركهم يقررون مصيرهم.. أمّا نحنُ فيجب أن نفكر بإنقاذ أنفسنا وستكون الأولوية للقيادة والكوادر.. سأكون أول المغادرين وسأختار من يرافقني للعبور من الطريق المؤمَن بواسطة التنظيم السري عبر بوابة مجمع دوكري في سنجار المحاذية للحدود الغربية، من محطة خليل أبو شوارب الذي نسق وضبط كل شيء من اجل تأمين العبور الآمن إلى سوريا...
هكذا غادر القائد متملصاً من مسئوليته مع شبكة الكادر التي رافقتهُ، وبقي بين شعاب الجبال من بقي من مقاتلين ومواطنين محاصرين يواجهون الجوع والموت بصبر وتأني من دون أفق أو حتى ملمح لوجود حل ينقذ الصابرين من براثن الموت بما فيه الموت من الجوع...
ومع وصول القائد إلى المنطقة الآمنة في القامشلي، انكشفت في تلك الأجواء فضيحة من نوع جديد.. لا علاقة لها بالبشر المحاصرين.. لا علاقة لها بقيم الرجولة وشهامة الشيوعي إنْ أؤتمن على مال وعرض.. كيف إذن بمصير الناس والبشر؟.. لقد تعالت في تلك الأجواء من زمن المحنة صرخات الاشتباك بين القائد والمجوعة العابرة للبحث عن البريد المرسل.. فقد اختفت لفائف الدولار وبقيت رزم الدينار العراقي لم تسرق!!..
بعد حين.. عندما مرّ في أروقة قلعة حلب ودهاليزها الشهيرة.. أثناء جولة سياحية لهم.. نصيرين ممن تجاوزوا طوابير الموت في محنة الأنفال .. التفتَ حامد الطويل للدكتور حجي لحظة عبورهم للممر السري الخاص بالملك.... وقال ساخراً:
ـ هذا مَمرُ أبو سالار..

********
التحقيق الأمني..
حسن نمر ـ أبو فلاح و بيبو علي- أبو ليلى بقيا محاصرين لعدة أيام في الجبال.. هدَهُمْ الجوع والتعب.. الأول كان من قرية سريجكا.. لديه نوادي للمشروبات في عدد من المدن الجنوبية.. كان وسيماً يهتمُ بنفسه وهندامه ويضعُ عدداً من الأقلام في جيبه.. لهذا اسماه البعض من الأنصار بحسن كشخجي.. امتحنته الظروف وكان متمسكاً بالحزب الشيوعي.. قاد التنظيمات المحلية في قرى الكند.. جرح في كمين للاستخبارات نفذه الرائد أحمد التكريتي مع مجموعة سفر إسماعيل كجل من دوغات في قرية بيبان، التي استشهدَ فيها الملازم سلام- حميد دخيل من بعشيقة..

أما أبو ليلى.. فكان فلاحاً شجاعاً ومناضلا معروفاً في المنطقة سبقَ لهُ وأن التحق في صفوف الأنصار في الستينات.. عند اشتداد الحملة الدموية لتصفية الشيوعيين في العراق عام 1978 بعد انفراط عقد التحالف مع السلطة وحزبها الإجرامي كان من أوائل الملتحقين بالجبل من بداية 1979 .. توجه نحو الحدود الإيرانية وساهم مع مجموعة أنصار الموصل في بناء أول قاعدة أنصارية في ناوزنك ومن ثم توجله ومحطة كاني بوق قبل أن يتوجه إلى بهدينان.. كانت بساطة مظهره وطيبته طاغية على ملامحه.. ولقب بالكجل أي الأقرع للتفرقة بينه وبين الآخرين من الأنصار الذين يحملون نفس التسمية واللقب أبو ليلى ..
أبو ليلى وحسن نمر بقيا محاصرين عدة أيام في الجبل بين القوش والشيخان.. كانا يسرحان بنظرهما بحذر للسهل الذي تجوب فيه شاحنات الجيش على طول الخط بين المدينتين مخترقاً عدة قرى باقية مطوقة بالجند هي الحد الفاصل بين قريتيها في الكند على بعد عشرة كيلومترات فقط .. لكنهم وفي لحظة حسم للمعاناة قررا التوجه إلى القوش ليسلما نفسيهما مستغلين ما أطلق عليه بالعفو في حينها..
وصل الاثنان معاً لدائرة الأمن قبل مجيء الضابط.. وبقيا ينتظران قدومه ليقرر مصيرهم..
حينما جاء وشاهدهم.. أستفسر من مفوض الأمن:
ـ شنو ذولة .. لويش جايين؟..
ـ سيدي شيوعيين كانوا بالجبل جاءا مستغلين العفو الصادر..
ـ دخلي واحد منهم لنبدأ التحقيق..
ـ اسمك؟..
ـ حسن نمر..
ـ شغلك؟..
ـ بائع مشروبات.. لدي نوادي في الحلة و السماوة..
ـ تحصيلك الدراسي؟..
ـ متوسطة
ـ أشوكت التحقت بالمخربين؟..
ـ قبل ثلاث سنوات...
ـ شنو رتبك وياهم؟..
ـ ليست لدي رتبة.. فقط التحقت وياهم بسبب عداوات شخصية...
ـ رتبتك ويا الشيوعيين شنهي .. عضو ..كادر.. قيادي؟.. يا زمال شايل أربع أقلام وما تريد أجاوب!!..
ـ أنا لست شيوعياً ولم انتسب للحزب.. فقط كنت بيشمركة معهم..
ـ أكيد أنت مو شيوعي لو تكذب؟.. تريد تنقذ نفسك..
ـ أكيد سيدي.. أنا لست شيوعياً..
تعال وقع على أقوالك.. وروح ولي لِبَرّه.. وصاح :
ـ ادخلوا الثاني..
ـ اسمك ؟..
ـ بيبو علي.. يسموني.. أبو ليلى.. أبو ليلى الكجل..
ـ وضيفتك؟.. فلاح..
ـ أشوكت التحقت ويا المخربين؟..
ـ من البداية من قبل عشر سْنينْ ...
ـ تحصيلك الدراسي؟..
ـ أمي لم أذهب للمدرسة..
ـ شنو رتبتك العسكرية؟..
ـ أمر مفرزة سيدي...
ـ رتبتك الحزبية؟ ..
ـ عضو لجنة قضاء في الحزب الشيوعي..
ـ أوف.. أوف..أوف... طلع هذا الجحش الأمي مسئول جبير.. عضو لجنة قضاء بالحزب الشيوعي... صيحو لي أبو أربع أقلام.. هالكواد.. يكول أنا جنت بيشمركة.. مو شيوعي!!.. أكيد راح يطلع عضو لجنة مركزية..
و... أعيدَ التحقيق مع أبو أربعْ أقلام من جديد..

للحكاية فصول لاحقة..

صباح كنجي
منتصف/ آب/2011



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلف جنيب ذلك البدوي والنصير الشيوعي الأصيل..
- أبو ظفر.. الطبيب الماهر والإنسان النادر
- حياة شرارة .. شعلة الكفاح وجريمة السفاح..!
- اختفاء نبيل فياض....
- سوريا الشعب وسوريا الدكتاتورية..!!
- جيش البعث السوري وجيش الاحتلال الإسرائيلي..
- أفياء وليل حمودي الطويل..
- -المنسيون-.. بقايَا ذكرى وبقايَا جُرح..
- إلى صديق غاب من بيننا ولم يرحل..إلى أبو جنان في ذكراهُ الأول ...
- كتاب عن الفرمانات الإسلامية ضد الأيزيديين ..!
- جذور الاستبداد الشرقي والكفاح من أجل الحرية والانعتاق
- مَلامِحُ عصر جديد..
- برقيات زمن التغيير العاصف..1
- نخب مصر... لقد انتحر مبارك!
- أثيل النجيفي* في ألمانيا.. وهذا الخبر المَسْخرة!!
- آفاق التطور السياسي اللاحق في العراق..2
- مبادرة تستحق الدعم..
- آفاق التطور السياسي اللاحق في العراق
- محنة الولادة والخيار الصعب في رواية هوركي أرض آشور*
- هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق ؟!..6


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - مِنْ حَكايَا الأنفال..