أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي خليل - مشاركة الأخوان بين ديموقراطية -الهلاك- و -ديمقراطية النجاة- 2-2















المزيد.....

مشاركة الأخوان بين ديموقراطية -الهلاك- و -ديمقراطية النجاة- 2-2


مجدي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1028 - 2004 / 11 / 25 - 09:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


استعرضت في المقالة السابقة جزءا يسيرا من رؤية وسلوك الأخوان المسلمين في العقدين الآخرين فقط منذ مشاركتهم بطريقة أو بأخرى في العمل السياسى ، ولم أجتر ماضيهم وإنما تعاملت مع حاضرهم . والتيارات الإسلامية الأخرى في الدول العربية ما هي إلا تنويعات مختلفة من الأخوان المسلمين. فنحن إذن أمام احتمالين :اولهما إذا طبقت هذه الأجندة بعد تسللهم إلى الحكم عبر هوجة مشاركة الإسلاميين وصناديق الانتخابات فنحن إزاء كارثة محققة والاحتمال الثاني تهذيب هذه الأجندة الفاشية عبر ضمانات صارمة تجعلهم لا يحملون من هذا المشروع سوى الاسم الإسلامي فقط ويعدل الجوهر ليصبح مشروعا مدنيا مثل الأحزاب المسيحية الأوروبية .
إن تجربة تركيا لا يصح القياس عليها في العالم العربي ، فهي تجربة جاءت بعد 75 سنة من المجتمع المدنى المتشبع بقيم العلمانية والذي مع تماس وتطلع دائم إلى جيرانه الأوروبيين ، وفى نفس الوقت تحمي علمانيته القوات المسلحة والدساتير والقوانين والممارسات الطويلة .
إن تجربة تركيا إذا دلت على شيء فهي تدل على أن المجتمع العلماني يسبق المجتمع الديمقراطي ويمهد له، وهذا هو الجدل الذي أثير في الغرب والشرق مؤخرا حول الديموقراطية والحريات ، ولعل كتاب فريد زكريا الذي صدر العام الماضي عن "الديموقراطية غير الليبرالية" يكشف الرؤية حول إن الديموقراطية التي ننشدها ليست نقل السلطة من الرعاع العسكريين إلى الرعاع المتمسحين بالدين ، ولكن إلى المجتمع المدني الذي يفرز وعيا قادرا على اختيار مسئوولين حقيقيين يتبادلون السلطة وفقا لشرعية الإنجازات ونشر الحريات واحترام قيمة الإنسان وتعزيز التوجه الحضاري والدخول إلى نادي الإنسانية الرحب .
لقد أصبح واضحا كالشمس أن الديموقراطية الحقيقية تسبقها حريات ، فالطرح الذي يختزل الديموقراطية في صندوق الانتخابات هو طرح خاطئ ومضلل وفي كثير من الأحيان مهلك . ولكن الديموقراطية تعني وجود دولة مؤسسات ، وتعني التربية والتنشئة السياسية ، وتعني وضع الدين في مكانه الصحيح ، وتعني احترام اختيارات الفرد منذ الطفولة ، وتعني أن يكون الفرد حارسا يقظا يدافع عن مكتسباته ولا يفرط فيها أبدا ، وتعني الفصل الحقيقي بين السلطات ، وتعني سيادة القانون ، وتعني مباشرة الفرد لكافة حقوقه السياسية .وكما يقول هنرى كيسنجر "لقد تطورت الديموقراطيات فى الغرب عبر عدة قرون. وتطلب ذلك اولا ، كنيسة مستقلة عن الدولة، ثم حركة الاصلاح التى فرضت تعددية الدين ، وعصر التنوير الذى عزز استقلالية العقل عن الكنيسة والدولة. وعصر الاكتشافات الذى وسع الافق ، واخيرا الراسمالية بتاكيدها على المنافسة والسوق، غير ان مثل هذه الظروف غير موجودة فى العالم الاسلامى.وقد ظهرت حكومة ديموقراطية فى تركيا فقط والغريب ان ذلك تم عن طريق فرضها من قبل زعيم مستبد."
على الأخوان المسلمين وغيرهم من التيارات الإسلامية أن تقبل بأسس المجتمع الديموقراطي الحر قبل الكلام عن مشاركة أو صندوق انتخابات .
أولا : عليهم القبول بالفصل التام بين الدين والدولة وبين العام والخاص ، ومن ثم الموافقة على تعديل الدستور ليلغي منه أي نصوص تشير إلى دين الدولة أو الشريعة الإسلامية ، فدينية الدولة في الدستور تتنافى مع الديموقراطية فيها .
ثانيا:القبول بفكرة الحريات الدينية كما ينص عليها الاعلان العالمى لحقوق الانسان . وتشمل حق الانسان فى اختيار دينه وفى ممارسة شعائره بما فى ذلك الحق فى تغيير هذا الدين والحق فى عدم الايمان باى دين، وان تكون الحريات الدينية محمية بواسطة الدستور والقوانيين.
ثالثا : القبول بكافة الحقوق السياسية وحقوق المواطنة لغير المسلمين وللنساء ، وعدم تقييد هذه الحقوق بأي نصوص دينية ، وألا تنبع من نصوص دينية ، وإنما من دستور وقوانين مدنية تؤمن بالمساواة الكاملة بين الرجل والمراة وبين المسلم وغير المسلم بما فى ذلك القبول الكامل بكافة المواثيق والقوانين الدولية التي تدعم هذه الحقوق بدون النص على كلمة "بحيث تتفق مع الشريعة" فهذه العبارة تفرغ أي حقوق من مضمونها وتكرس التمييز وتؤدي إلى استحالة المساواة .
رابعا : القبول بكافة الحريات الفردية ، فالإنسان لا يحاسب على سلوك لا يؤذي غيره ، أما حسابه الديني فبينه وبين الله الذي خلقه وفي يوم الحساب الذي حدده الله ليحاسب كل إنسان حسبما يكون عمله .
خامسا : الدولة الوطنية هي الأساس ، وهي محل الانتماء الأول للفرد ومن ثم فإن الكلام عن الوحدة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية هي في المقام الأول ضد الدولة الوطنية والطريق الأقصر نحو الحكم الديني الفاشي .
سادسا : الإيمان الكامل بحرية التعبير والإبداع والنقد والحق فى في إنشاء الصحف والإذاعات والتلفزيونات بدون أي قيود سوى تلك المطبقة في الدول الديموقراطية المتقدمة .
سابعا : القبول التام بكافة المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعتها مصر بدون أي تحفظات دينية أو غير دينية بما في ذلك القبول بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ودعم السلام من آجل تسريع التنمية .
ثامنا : القبول بأسس التقدم كما تعرفها المجتمعات الغربية مثل الفردية ، والخصوصية ، والملكية الخاصة ، والاقتصاد الحر ، والانفتاح الايجابي على الآخر ، والفصل التام بين السلطات واحترامها، وهذا كله بالطبع ضد فكرة" الجماعة" ومفهوم سلوك القطيع وغيرها من المفاهيم التي تسحق الفرد والفردية والتفرد الإنساني .
تاسعا : الأخذ بمصطلحات الدولة المدنية بعيدا عن المصطلحات الدينية الفاشية التي كرست الاستبداد والتخلف ، فهناك فرق شاسع مثلا بين مصطلح الشورى ومفهوم الديموقراطية الحديثة ، وقس على ذلك الكثير من المصطلحات مثل البيعة ، الولاية الكبرى ، الولاية الصغرى ، ثوابت الأمة، هوية الأمة ، أعداء الأمة ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، دار الحرب ودار السلام ، الكفار ، الجهاد ، الغزو الثقافي ، الحسبة ، الخلع .. الخ فكلها مصطلحات ضد فكرة الديموقراطية الحقيقية والدولة الحديثة .
عاشرا : الحد من التعليم الديني والصبغة الدينية في القوانين والإعلام والثقافة وأبعاد الخطاب السياسي عن المصطلحات الدينية وعن مفردات الدولة الدينية ، وإظهار عناصر الدولة المدنية في كل مناحي الحياة .
إذا كنا نريد تشجيع التيارات الدينية الإصلاحية والتجديدية والحركات الإسلامية التي تريد أن تكون جزءا من العملية الديموقراطية فلابد من القبول الكامل والتام بشروط المجتمع المدني السابقة من ناحية ووجود ضمانات أساسية تحمي كافة عناصر المجتمع من ناحية أخرى .
في مسألة الضمانات فحتى تكون أكثر فاعلية فلابد أن تكون ضمانات محلية وأخرى دولية .
فيما يتعلق بالضمانات المحلية فتتخلص في صياغة عقد اجتماعي جديد ، يشمل كل أسس ومبادئ التعايش المشترك والمجتمع المدنى والنظام الديموقراطي بما فى ذلك تغيير الدستورليناسب دولة ديموقراطية حديثة وتوقع علي هذا العقد كافة القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والرموز الدينية وشخصيات عامة تمثل كافة ألوان الطيف السياسي والديني والثقافي ، على أن تراقب المحكمة الدستورية العليا هذا العقد وتتدخل في حالة الإخلال به ، وتكون القوات المسلحة وقوات الشرطة بمثابة حارسة لضمان وصيانة وحماية هذا العقد بناء على توجيهات المحكمة الدستورية العليا . على أن توضع العملية السياسة برمتها تحت سلطة القانون والقضاء ويشمل ذلك أيضا مراقبة الانتخابات في ظل منح سلطات واستقلال حقيقي للسلطة القضائية بعيدا عن اليد الكريهة للسلطة التنفيذية أو المؤسسات الدينية .
أما فيما يتعلق بالضمانات الدولية فتشمل القبول برقابة دولية على هذا العقد الاجتماعي ، وتشمل ايضا قبول مراقبة دولية من المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بالانتخابات وأوضاع المرأة والأقليات والمجتمع المدني والتطور الديموقراطي . إن فكرة إشراك الإسلاميين في الحكم يجب أن توضع بكاملها تحت رقابة دولية واسعة ، بما في ذلك عدم تجريم طلب التدخل الأجنبي العسكري وغير العسكري في حالة افتراسهم لأسس المجتمع المدني .
إذا كان الغرب يسعى لتقليص العنف في الدول الإسلامية عبر مشاركة فصيل الإسلاميين في الحكم ، فنحن في هذه الدول لا نريد أن نقدم مجتمعاتنا بأكملها قربانا على مذبح فكرة التجربة والخطأ، فالمسألة لا تحتمل التجريب .
وفي النهاية كل هذا السيناريو الذي طرحته يقوم على فرضين أبعد ما يكونا عن الواقع في مصر والبلاد العربية .
الفرض الأول هو قبول الإسلاميين بهذه الشروط التي ذكرتها وأسس المجتمع الليبرالي الديموقراطي التي وضحتها ، وهو ما يتناقض تماما مع قيمهم المعلنة بشكل جلي . أنها أشبه بجمع قيمتين متناقضتين تماما في نفس الوقت وهو ما يقترب من الاستحالة، كأن تقول مثلا القتل القانوني legal murder أو الاحمق العاقل wise fool أو أصرخ بهدوء، وهذا المعني التناقضى يجسده بوضوح المصطلح الإنجليزي oxymoron. إن هذا المصطلح ينطبق تماما على قبول الإسلاميين بأسس المجتمع المدني الليبرالي ، لأنهم إذا قبلوها تنتفي عنهم صفة الإسلاميين ويصبحوا ليبراليين ودعاة للمجتمع المدني .
الفرض الثاني هو قبول القوات المسلحة المصرية فكرة حارس العلمانية والديموقراطية والمجتمع المدني ، كما يحدث في النموذج التركي ، وهذا أيضا يتناقض مع الواقع الفعلى، حيث أن القوات المسلحة تعتبر أنها ورثت مصر منذ عام 52 ، وتتصرف في البلد من هذا المنطلق وهي ليست في حالة عداء مع أفكار الإسلاميين فالكثير من أفرادها يؤمنون بهذه الأفكار ، ولكنها في حالة عداء مع من ينافسها على السلطة ، فالعداء في جوهره يكمن في فكرة الصراع على سلطة يعرف كل طرف أنها المبتغى وأنها الفرخة التي تبيض لهم ذهبا .
إن فكرة إشراك الإسلاميين في السلطة والذي من المحتمل أن يؤدي إلى انفرادهم بها يحتاج إلى مناقشة واسعة ، فهو ليس بالمسألة البسيطة ولعل هاتين المقالتين يفتحان الباب أمام حوار واسع حول هذا الموضوع الخطير .
كاتب وباحث مصرى-واشنطن



#مجدي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة الأخوان بين ديموقراطية -الهلاك- وديموقراطية -النجاة- ...
- محنة المسيحيين العرب
- الإرهاب والمنطق الأعوج
- أقباط المهجرمفخرة لمصر
- عدي صدام حسين في مصر من المسؤول عن خطف البنات القبطيات؟
- حرب دينية أم حرب سياسية؟
- أحلام جورج بوش... وأقفاص العرب الحديدية
- الاستبداد في النظام العربي
- بيان المائة - رسالة موجَّهة إلى الرئيس محمد حسني مبارك بشأن ...


المزيد.....




- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي خليل - مشاركة الأخوان بين ديموقراطية -الهلاك- و -ديمقراطية النجاة- 2-2