أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - تناطح الناطحات في ديار حفاة الخليج















المزيد.....

تناطح الناطحات في ديار حفاة الخليج


تميم منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 17:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول الحديث النبوي الشريف : ان من علامات الساعة " أن تلدَ الأمةُ ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاءِ يتطاولون في البنيان " أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال الشاعر نزار قباني: علمني وطني أن اقرأ كل الأشياء وعلمني وطني أنّ حروف التاريخ مزورةٌ حين تكون بدون دماء.
اليوم ونحن في عصر السرعة والتكنولوجيا فإن غالبية الحكام ومعهم شعوبهم في دول العالم يتسابقون ويبذلون قصارى جهدهم لبناء الانسان العصري المتطور المبدع والباحث، الإنسان الذي يجاري متطلبات العصر التي توفر الكرامة والرفاه في الحياة.
أما في الدول التي صنعتها بريطانيا للإبقاء على مصالحها داخل جزيرة العرب، فإن السباق هناك بين ملوك وأمراء هذه الدول فله منحى أخر وأولويات ثانية لا علاقة لها ببناء عقل المواطن، التنافس بين حكام هذه الدول ينطبق تماماً على جوهر الحديث النبوي المذكور ها هم أجلاف وحفاة ورعاة الأمس في الجزيرة العربية يتطاولون بالبنيان يقيمون الأبراج والناطحات العالية، فقط من دوافع الجهل والهوس والتنافس كالأطفال الذين يتنافسون بألعاب "الليغو " ما هي العلاقة بين إقامة هذه المشاريع الخارجة عن عقلية ومفهوم وقدرة المواطن على استيعاب رؤيتها؟ وبين مصلحة هذا المواطن !!
لقد ذكرت وسائل الإعلام المختلفة الأجنبية منها والعربية بأن هناك حمى من التنافس الفضفاض بين العديد من حكام الدول المذكورة ليس حول أقامة المعاهد للأبحاث العلمية أو تشجيع الانتاج والصناعة بل حول تشييد ناطحات شاهقة سوف تصبح من أطول الأبراج في العالم.
فبعد اقامة برج خليفة في امارة دبي البالغ طوله حوالي 820 متراً.
سارعت الكويت للدخول في هذه الحلبة من الصراع ، فبدأت بانشاء برج سوف يصل طوله حوالي ألف متر يحمل اسم جد الأسرة الحاكمة مبارك ، من الجدير بالذكر أنه يوجد في دبي وحدها أحد عشر برجاً اجمالي طولها يصل الى 3455 متراً.
في خضم هذا التنافس الأرعن قررت السعودية الدخول الى داخل لهيب المعركة، عازمة على هزيمة اعدائها من أصحاب الأبراج ،فقرر أحد أمرائها الوليد بن طلال بن عبد العزيز تشييد أطول برج سيعرفه تاريخ الإعمار حتى الآن في مدينة جدة الواقعة على البحر الأحمر اسمان ينتظران قامة هذا البرج ،هما برج الميل لأن طوله سوف يصل إلى 1600 م وبرج المملكة، وقد قدر من خططوا لإقامته بأن تكلفته سوف تصل إلى حوالي 15 مليار دولار أي ضعف ميزانية الأردن وثلاثة أضعاف ميزانية موريتانيا.
بعد الإعلان عن اقامة هذا البرج هل سيقبل شيخ دبي بهذا الوضع وهذه الهزيمة من الوليد بن طلال؟
ان هذا الصراع بين هؤلاء الأثرياء الحمقى يؤكد بأنهم يلهثون وراء حضارة لا جذور لها، إنها حضارة الكرتون وحضارة الخيال والاسمنت المسلح والجوامد ودونية الأحياء، هذه المشاريع البراقة تقام بقرارات فردية من حكام هذه الدول ولا علاقة لشعوبها بها، فهي دول لا تعرف أهمية المؤسسات والسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية المتبعة في العالم المتحضر.
ان عقلية التفرد بالقرارات والانحراف بالتفكير المسيطرة على حكام دول جزيرة العرب تعود الى منتصف القرن الثامن عشر، مع قيام أولى الحركات الرجعية السلفية وهي الحركة الوهابية في جزيرة العرب، لقد ركبت عائلة أل سعود في نجد موجة هذه الحركة لأنها منطلقة من محور تكفير المجتمع، مما جعلها تستبيح كل حريات المجتمع وقامت بتصفية الناس بعد أن أعتبرتهم كفاراً، لقد اقتفت مبدأ "عدم العذر بالجهل والأعراض " فقامت باختطاف نساءهم على أنهن سبايا كما استولت على ممتلكاتهم على أنها فيء وغنائم.
من هذا المنطلق الدموي الذي استغل حالة الجهل في أمور العقيدة بدأ قادة هذه الحركة يتاجرون في الدين وقد وظفوه من أجل اقامة الممالك والتحالفات السياسية خاصة مع زعماء العشائر ومع بريطانيا معتمدين على محور أساسي وهو تكفير المجتمع.
لا زالت هذه العقلية تسيطر على المؤسسات الحاكمة في السعودية بصورة خاصة، تؤمن هذه العقلية بأنه يعود الفضل للحركة الوهابية التي أعادت البعض إلى الدين الحنيف ، لا زال حكامها يؤمنون بأن العامة من أبناء الشعب لا زالوا على جهلهم وأن أغلب المواطنون يعانون من الفسق فلا أمان لهم، وهذا يجيز للسلطان حصر السلطتين السياسية والدينية في نسل وأتباع مؤسسي الدولة، وإلا فإن مملكة الإسلام ستكون في خطر دائم في حالة خضع الحكم للعامة من الشعب.
هذه هي البيئة الإجتماعية والمناخ السياسي والثقافي الذي ينشأ عليه الانسان في السعودية وقطر والبحرين والكويت وعُمان وغيرها، في السعودية مثلاً يحظر أي تجمع يزيد عدد المشاركين فيه أكثر من خمسة في الشوارع والساحات، لقد رأيت ذلك بأم عيني كيف انقض رجال الشرطة بالعصي في المدينة المنورة على مجموعة من الشباب كانوا يتحاورون في الشارع وأخذوا يضربونهم ويقولون لهم (قب.. قب).
بسبب هذه السياسة فإن المواطنين يعيشون في حالة من العزلة والتعتيم المروع بدعوى أن السياسة من شأن أولياء الأمور.
السلطات تعامل الانسان على أنه ألة للاستهلاك والتبعية، من يحكم البلاد هي طبقة الكهنوت السياسية والدينية ، تؤمن هذه الطبقة بأن المرأة عورة وأن قتل الإنسان داخل قلوب وعقول هذه الطبقة واجب ديني وسياسي.
فوق ركام حالة هذا المجتمع البائس سوف يقيم الوليد بن طلال قواعد برج أحلامه، ان معركته مع منافسيه في دبي والكويت وغيرهم وليست من اجل فقراء بلاده الذين يملأون عشوائيات جدة ومكة والمدينة ، رأيت في هذه المدن احياءاً كاملة لا تعرف من التطور والحضارة شيئا ، رأيت الشرطة تسوقهم الى الصلاة كي يلبون دعوة الإمام لنصرة خادم الحرمين الشريفين.
من الأبراج التي أقيمت مؤخراً برج الساعة في الحرم المكي، وصلت تكلفة هذا البرج والساعة التي يحملها ثلاثة مليارات دولار، الجميع يعرف بأن آخر من يقدر قيمة الزمن والمسافة في حياتهم هو السعوديون ، الوقت بالنسبة لهم هو مواقيت الصلاة وهذه احدى فروع تجارتهم في الدين، لأن مواقيت الصلاة ليست بحاجة الى ساعة وصلت تكلفة شرائها مليارات الدولارات ، فقراء السعودية أحق بهذه الأموال من غيرهم، ذكرت صحيفة السعودية بأن المملكة تسعى دخول موسوعة "غينس " ليس عن طريق برج الميل فقط، انها تقوم بتركيب ثريا من الكريستال سوف تكون أضخم ثريا في العالم، ان اضواء هذه الثريا لن تنير عقول حكام هذه المملكة المظلمة.
في مصر أعلن العالم أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عن اقامة مدينة خاصة بالأبحاث والدراسات العلمية في القاهرة، وقد فتح باب التبرع لاقامة هذا الصرح العلمي الهام، لماذا لا يتم استثمار هذه الأموال في اقامة هذا الصرح التاريخي من قبل حفاة ورعاة الجهلة في الإمارات والكويت والسعودية بدلاً من حرقها وتبذيرها في مشاريع لا تدفع المواطن العربي خطوة واحدة إلى الأمام.
قال نزار قباني: لماذا لا يكون عندنا ديزني لاند ونحن نقول لماذا لا يكون عندنا ناطحات وأبراج؟ لم يعد هناك عربي جائع ولا عربي مريض ولا عربي خائف ولا عربي مسلوب ولا عربي مقهور ولا عربي مطارد في وطنة كـجرادة صحراوية.



#تميم_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معسكرات من الخيام ام صحوة حقيقية
- ثورة وثورة وبينهما عبد الناصر
- اين اموال الوقف الاسلامي
- الطاعون هو امريكا
- على طريق ايلي كوهين
- سوء الظن فطنة وحسن الظن ورطة
- وعلى كتفي نعشي ... سأمضي
- الباكستان خنجر بايدي الجزار الامريكي
- عرس الزين - وليم -
- كل اصلاح ينهض على العنف يذهب به العنف
- هرمنا قبل ان يتحقق الحلم
- النقد ابو الثورات
- متى سيخرج عمرو موسى من اسواق المزايدات السياسية
- ايهود براك ينتظر حكم روبسبير في مصر
- مواكب الأحرار القادمة من مصر وتونس تلتقي مع أحرار ليبيا
- نظلم مبارك أسد على حزب الله ونعامة أمام الموساد
- معايير الوطنية لا تقاس سوى بالممارسة وليس بالزي الفلكلوري
- العرب لن يكونوا أكثر من رماد في حرائق ويكليكس
- مدينة راهط تسبق تل ابيب
- هل الجياع في أمريكا أحق من جياع العرب بأموال النفط؟


المزيد.....




- بحشود -ضخمة-.. احتجاجات إسرائيلية تدعو نتانياهو للموافقة على ...
- -كارثة مناخية-.. 70 ألف شخص تركوا منازلهم بسبب الفيضانات في ...
- على متنها وزير.. أميركا تختبر مقاتلة تعمل بالذكاء الاصطناعي ...
- حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تميم منصور - تناطح الناطحات في ديار حفاة الخليج