أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمود محمد ياسين - قصة مشروع الزاندى















المزيد.....



قصة مشروع الزاندى


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 20:02
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


ان المتأمل الجاد لا يغيب عن فطنته تقليل ما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان من أثر الاستعمار البريطانى فى المسألة الجنوبية الشمالية، وتجاهلها الموقف الرائد للقوى الوطنية الديمقراطية حيال حق الجنوبيين فى ادارة شئونهم فى مجرى تعبئتها لشعوب جنوب السودان للتصويت لانفصال الاقليم الذى تحقق فى يوليو 2011 بتكوين دولة (جمهورية جنوب السودان).
كمثال للتقليل من دور الاستعمار فى تخلف السودان واستغلال ابنائه وبذر الشقاق بينهم نذكر الرأى البائس للامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان السيد باقان أموم حول سياسة الادارة الاستعمارية الخاصة بالمناطق المقفولة (1929-1946)، التى عزلت بموجبها جنوب السودان عن شماله لتحقيق السيطرة الكاملة على البلاد. قال أموم فى مجرى حوار صحفى اجرته معه صحيفة الرأى العام:
" انا لا ألوم الانجليز على سياسة المناطق المقفولة فقط،ولكن يمكن ان نلومهم على انهم جمعوا مجموعات مختلفة في حتة واحدة في منطقة السودان، ونلومهم على انهم وحّدوا السودان ووضعوا الحدود بهذا الشكل، ويمكن ان نلومهم انهم اعطوا السودان الحكم الذاتي وقرروا الجلاء قبل ان يوحدونا، يمكن ان نلومهم على كل ذلك......"
والحركة الشعبية فى استجابة كاملة للمشاعر الاثنية والعرقية المحلية، مع عدم ذكر سبب واحد لجدوى الانفصال فى تحقيق الرفاه الاقتصادى والاجتماعى لمواطنى الاقليم، حشدت الجماهير الجنوبية حول الاعتقاد فى ان شمال السودان كتلة واحدة فيما يتعلق بالموقف المهمش لجنوب السودان . والحركة بهذا تكون كمن رمى الطفل مع ماء الاستحمام (Threw the baby with the bathwater) ، بحجبها وتجاهلها للنشاط الشمالى الديمقراطى المنافح عن قضايا شعوب جنوب السودان.
ذلك التقليل والتجاهل دفعنى للعودة للفترة 1946-1955 للحديث عن مشروع الزاندى الذى تعطى تجربته انصع دليل على اثر الاستعمار البريطانى ليس فقط على الوضع المتخلف لجنوب السودان (جمهورية جنوب السودان حالياً)، بل كذلك على تفاقم مسألة الجنوب والشمال. وسوف نرى فى هذا المقال ان الادارة الانجليزية أقامت مشروع الزاندى فى اربعينات القرن الماضى فى سياق وضع دولى حتم على الدول الكبرى اِعادة صياغة اسلوب السيطرة على البلدان المستعمرة المتسم بطريقة الحكم المباشر للقوى االكولونيالية القديمة. كما ان الحراك الذى انتظم صفوف العمال والمزراعين العاملين بالمشروع يدحض الاعتقاد الواهم الذى اوقعت فيه قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان شعوب جنوب السودان وهو ان شمال السودان كتلة واحدة فيما يتعلق بتهميش الاقليم والاستعلاء عليه. فالنشاط الذى قاده رواد من قادة الجبهة المعادية للاستعمار لتوعية العمال والمزراعين فى منطقة الزاندى رسم خطاً فاصلاً بين قوى وطنية ديمقراطية جديدة تنادى بالاعتراف بحق الجنوبيين فى حكم ذاتى يلبى تطلعاتهم، وقوى اجتماعية ورثت الدولة كما تركها الاستعمار ولم تنس شيئاً من أساليبه فى معاداة وقمع الحركة الجماهيرية.
_____________________

مع بدايات الحرب العالمية الثانية بدأ الافلاس يضرب الدولة البريطانية التى اصبحت يومئذٍ مديونة للولايات المتحدة الامريكية ببلاين الجنيهات الاسترلينية. كما ظلت مشاركتها فى الحرب الى جانب الحلفاء تعتمد كلياَ على الاعانات التى تقدمها لها أمريكا (30 بليون دولار عام 1944 ). اهتبلت الولايات المتحدة الامريكية وضع بريطانيا المثقلة بالديون والمُهددة بالانهيار المالى الشامل وبدأت فى ممارسة دبلوماسية ضاغطة لزحزحتها عن مكانتها كالقوة الاعظم فى العالم لكى تحتله هى نفسها بلا منازع؛ وفى هذا (الاتجاه) افلح فرانكلين روزفلت فى اقناع ونستون تشرشل للتوقيع معه فى 1941 على (الميثاق الاطلسى- The Atlantic Charter) الذى حمل فى ثناياه نويا امريكا لتفكيك الدولة البريطانية، تلك النوايا التى اتضحت للانجليز عند التفسير الامريكى لبنود الميثاق فى مجرى تطبيقها.
جاء الميثاق الاطلسى تحت شعار (مستقبل افضل للعالم) يؤكد على حق الشعوب المستعمرة فى الحكم الذاتى؛ والتزام الدولتين بالعمل على ضمان تمتع كل الدول، بما فيها الدول الدول الفقيرة، بمعاملات تجارية قائمة على اساس المساواة الكاملة بين الاطراف المختلفة؛ وتشجيع التعاون بين امم العالم فى المجال الاقتصادى بهدف تحسين ظروف العمل وتحقيق التنمية الشاملة للكل. كان الهدف الامريكى من توسيع نطاق التجارة وفتح الاسواق العالمية تفكيك المناطق المرتكزة على الاسترلينى واِلغاء التجارة التفضيلية بين مكونات الامبراطورية البريطانية. كما كانت امريكا ترمى الى ادخال شكل جديد من السيطرة على دول العالم الفقيرة تحت اسم جديد ل (العبة) الاستعمارية هو (التنمية الاقتصادية) بعد ان شاخت فكرة (نقل الحضارة للشعوب المتخلفة) التى ابتدعتها أوربا فى القرن التاسع عشر كمبرر للتمدد الاستعمارى بالاحتلال المباشر لدول العالم.
أدرك الانجليز الهدف الامريكى وبدأوا فى المقاومة. وتجلت مقاومتهم فى تفسيرهم لميثاق الاطلسى وهو أن التغيير الذى تنشده الدول الكبرى لا يعنى أكثر من منح المستعمرات قدراً من الحكم الذاتى مع احتفاظ الاستعمار بقدر عظيم من السيطرة عليها. وهكذا بدأت السياسة البريطانية فى التقلب والتبدل بحثاً عن البدائل الملائمة لتطبيق (فهمها) لميثاق الاطلسى. والاهمية القصوى التى اولتها بريطانيا لهذه المسألة جعل تلمُسها للبدائل يشمل كل سياساتها: العلاقات الخارجية، الاقتصاد، المالية، التجارة، المسائل العسكرية،الخ. ومن ضمن ما اهتدت اليه بريطانيا فى هذا الصدد هو استعدادها لانشاء مشاريع تنموية بالمستعمرات كرافعة وملجأ أخير للاحتفاظ بامبراطوريتها، التى اخذت الشمس تغرب عنها؛ ولم تكن الصياغة لتلك المشاريع التنموية مغايرة لهدف الاستعمار فى استغلال الشعوب. وفى 1940 اصدرت الحكومة البريطانية (القانون الكولينيالى لتنمية ورخاء المستعمرات-The Colonial Development and Welfare Act) بهدف كسب ولاء الشعوب وجعلها تتنازل عن السلطة السياسية مقابل خدمات وأجور أفضل. وشهدت الفترة منذ بداية اربعينات القرن العشرين عدة مشاريع تنموية اضطلعت بها الامبراطورية البريطانية فى مستعمراتها الافريقية؛ نذكر منها مشاريع (تنجانيـقا لانتاج الفول- (Tanganyika Groundnuts Scheme 1944، و(سكوتو للارز- 1945 (Sokoto Rice Scheme بنيجريا، و(كونجا-(Gonga Scheme 1947 بغانا.
انعكست سياسة (التاج البريطانى) فى ثوبها الجديد على السودان؛ ففى 1943 شرعت بريطانيا فى التخطيط لمشروع الزاندى، والغاء قانون المناطق المقفولة فى 1947‘ والاعتراف بحق السودان فى الحكم الذاتى فى 1953.
_______________________
بعد ان قررت الادارة الاستعمارية البريطانية فى السودان اِنهاء سياسة المناطق المقفولة، كلف الحاكم العام البريطانى الخبير الزراعى الانجليزى د. ج. توتهل الذى كان يشغل منصب مدير مصلحة الزراعة والغابات السودانية لدراسة فرص التنمية الاقتصادية بمنطقة الزاندى الواقعة بين طمبرة ومريدى (فى غرب الاستوائية حالياً). وكان الهدف من الدراسة، كما زعم الحاكم العام، هو اخراج شعب الزاندى من وضع الاقتصاد المعيشى المغلق الذى يعيشونه، وبالتالى التحسين النوعى والكمى لحالة اكتفائهم البدائية المعتمدة على انتاج انواع عدة من الحبوب والجزريات والفول والموز بممارسة الزراعة المتنقلة (Shifting Cultivation).
وضع توتهل تصوره لخطة تنمية منطقة الزاندى موطن قبيلة الزاندى البالغ عدد أفرادها فى ذلك الوقت 200000 نسمة ولها امتدادات فى الكنغو وأفريقيا الوسطى. وجاءت الخطة مضمنة فى مشروع بعنوان (تجربة لتحقيق النهضة الاجتماعية للشعوب المحلية بالمناطق النائية-(An experiment for the Social Emergence of Indigenous Races in Remote Areas)
كان محور خطة توتهل هو ان تشجيع زراعة المحاصيل النقدية والتصنيع المحلى والاتجار فى منتجاتهما من شانه انهاء عزلة المنطقة. ومن أهم ملامح الخطة:
1- تحقيق الاكتفاء الذاتى بتشجيع الانتاج المحلى.
2- اعتبار القطن المحصول الرئيسى للمشروع بادخاله كمحصول نقدى فى الاقتصاد المعيشى للزاندى. والزاندى لهم خبرة فى زراعة القطن التى أدخلت بالمنطقة عام 1931.
3- بجانب زراعة القطن، انشاء مزارع لانتاج البن والجوت والتوسع فى زراعة أشجار النخيل.
4- تصنيع جميع منتجات المشروع الزراعية وتوجيه السلع المصنعة للاستهلاك المحلى مع تصدير الفائض (خاصة المنتجات القطنية). والصناعات المقترحة هى الدمورية، شولات الجوت، وزيت الطعام من بذرة القطن ،وزيت النخيل، والسكر.
5- وقف الاستيراد على السلع التى لا يمكن انتاجها محلياًً.
6- خفض الرسوم على صادرات المنطقة لتوفير الاموال الضرورية لاستيراد احتياجات المنطقة.
خضعت خطة توتهل لمراجعة شاملة استقر بعدها رأى الادارة الاستعمارية على تجاوز مقترح الاكتفاء الذاتى وتقليص المكون الصناعى للمشروع للحدود الدنيا والتى جعلته يكون حجمه تحت المستوى الاقتصادى(Uneconomic size) فى بيئة مستوى تطورها لا يمنح أى مقومات محفزة للتصنيع. وشمل المشروع المعدل مزارع للقطن واشجار النخيل، ومصنعاً لغزل ونسج القطن، ومحلجاً للقطن، ومعصرة زيوت بحانب طاقة لانتاج الصابون، ووحدة لانتاج السكر. ورصدت الحكومة الاستعمارية ميزانية قدرها مليون جنيه استرلينى لتنفيذ المشروع وسمّتها (منحة) ولكن فى حقيقة الامر كانت (رأس مال ) وضعته الدولة فى مجمع الزاندى الزراعى الصناعى واخذت عليه ارباح سنوية كما سنرى لاحقاً. واسست الحكومة (ادارة مشاريع الاستوائية- Equatoria Projects Board) لادارة المشروع.
---------------------------------------
لانشاء مزارع القطن جرت عملية اعادة توطين (Resettlement) كبرى لشعب الزاندى فى 1946 شملت ستين الف شخص فى وحدات سكنية تتكون الواحدة منها من خمسين عائلة. خصص لكل عائلة مزرعة مساحتها تترواح بين 25-40 فدان على شكل شريط طولى بصورة فيها عزلاً للعائلات عن بعضها البعض. وقسمت الادارة البريطانية القرى لمجموعات تقع مسؤولية كل مجموعة منها على عاتق أحد سلاطين المنطقة، حسب التقاليد القديمة، ويقوم السلطان بدوره بتعيين شخص واحد لكل قرية كرئيس لها مهمته الاشراف المباشر على النشاط الزراعى. والزاندى كانوا قبل المشروع يمارسون الزراعة المتنقلة ويتنقلون من الآراضى المزروعة اصلاً لاراضى اخرى بعد كل ثلاث الى اربع سنوات من استغلالها لكى تستعيد خصوبتها‘ وقد اكتسبوا خبرة واسعة فى هذا الامر. وجاءت فكرة اعادة توطين الزاندى بهدف تجميع الزاندى فى منطقة واحدة لتسهيل مهمة الاشراف عليهم.
كانت زراعة القطن خدمة عامة اجبارية، وجاءت بهدف استيعابه، كمحصول نقدى، فى الاقتصاد المعيشى للزاندى. ولم يكن الهدف من المشروع ازالة الاقتصاد المعيشى من المنطقة، بل كانت فكرة مخططى المشروع هى ان يظل الزاندى يحصلون على غذائهم بالوسائل التقليدية بجانب تحقيق القليل من الدخل النقدى. فمنذ مرحلة التخطيط للمشروع كان الانجليز يرون ان لا تكون اسعار شراء القطن من المزارعين واجور العمال مرتفعة بحجة ان الزاندى لاحاجة لهم بالنقود فهم شعب مرح، مُتكل على الطبيعة ولا يحمل هماً لشىء (Happy-go-lucky child of nature)!!
كانت زراعة القطن الاجبارية تتم على اساس العمالة الاجبارية (Conscripted labour) التى تقع مسؤولية توفيرها على عاتق السلاطين. وبينما كان الفائض الناتج من هذه العمالة يرجع للسلطان فى السابق، بحكم علاقة وصاية سائده فى المجتمع، صار الآن يعود لادارة مشاريع الاستوائية التى يعمل السلطان كأجير عندها.
كانت الاسعار التى تمنح للمزراعيين لقاء بيعهم للاقطان ضئيلة للغاية مقارنة بالاسعار العالمية. فبينما بلغ متوسط سعر 100 رطل لقطن الزاندى للفترة 1950-1953 حولى 113 قرشاً (1.8 جنيه استرلينى)، كان السعر العالمى للقطن الخام (Lint) يعادل 39 جنيه استرلينى لل 100 رطل. كما كان سعر شراء قطن الزاندى أقل من نظيره (نفس التيلة) فى منطقة جبال النوبة . فقد بلغ سعر بيع النوبة لاقطانهم للفترة 1950-1953 بواقع 339 قرشاً لل 100 رطل، اى ثلاثة اضعاف السعر عند الزاندى فى نفس الفترة (113 قرشاً لل 100 رطل) مع ملاحظة ان السعر العالمى لقطن جبال النوبة لم يزد عن قطن الزاندى بأكثر من 4% آنذك. كذلك جاء سعر شراء قطن الزاندى أقل من سعر شراء القطن فى الكنغو المجاور (يزرعه زاندى الكنغو). فعلى اساس سعر الصرف 100 قرش تساوى 125 فرنك كنغولى كان سعر ال 100 رطل لقطن الكنغو يعادل 125 قرشاً مقارنة بسعر الزاندى 113 قرشاً لل 100 رطل للفترة 1950-1953.
بدأت زراعة القطن فى 6194 فى أجزاء من المساحات المخصصة باعتبار الحفاظ على خصوبة الارض، وتطور الانتاج بشكل تصاعدى خلال المواسم الاولى للانتاج ليصل الانتاج فى 1950 الى ثمانية مليون رطل بمتوسط 460 رطل للفدان. وتجاوز هذا الرقم كمية الانتاج المتوقعة فى مرحلة التخطيط والبالغة خمسة مليون رطل سنوياً. ولما جاء هذا الانتاج الوفير قبل اكتمال مصنع النسيج، عملت ادارة المشروع على تصدير القطن الذى صادف ارتفاعاً كبيراً فى اسعار القطن الخام فى تلك الفترة؛ وقد استمر تصدير القطن الخام حتى نهاية المشروع. وظلت كميات القطن المصدرة تمثل الدخل المربح للمشروع بمستوى جعل تصدير القطن يبدو كانه الهدف الاساس الذى يختبى وراء الاهداف التنموية التى اعلنتها الادارة الاستعمارية.
أخذ الانتاج من القطن فى الانخفاض بعد المواسم الاربع الاولى نتيجة لعدم رضا المزراعين عن العائد الذى يجنونه من المحصول. كان المزراعون يتوقعون عائداً مجزياً من المشروع بعد اعادة توطينهم واجبارهم على زراعة القطن . ويعتقد الانثروبولوجى الأمريكى كونراد ريننق فى كتابه (مشروع الزاندى) ان هذا الاعتقاد تولد لدى المزارعين بان الانجليز بثروتهم العظيمة سيقيمون معهم علاقة (كوصاية جديدة) أكثر رافة وكرم من وصاية السلاطين السابقة. ولكن شواهد كثيرة تدل على انهم نظروا للعلاقة الجديدة كعلاقة تجارية، لا أكثر ولا أقل، أدخلت فى نفوسهم الأمل ان يحققوامن ورائها مكسباً مالياُ مجزياً، ومنها:
- زراعة القطن كمحصول نقدى كانت معروفة بالاستوائية وجاء فى تقرير توتهل ان المواطنين فى الجنوب لم يوسعوا من دائرة زراعة القطن لتدنى اسعار شراء القطن من المزراعين والفرق الشاسع بينها وبين الاسعار العالمية.
- ادرك الزاندى فى السودان، من خلال احتكاكهم (القبلى) بالزاندى فى الكنغو المجاور الذين كانوا يزرعون القطن منذ 1920 كمحصول نقدى، الاهمية التجارية للقطن.
- آلت السيادة السياسية بعد أن نال السودان الحكم الذاتى فى 1954 لقوى اجتماعية تمثل كبار ملاك الآراضى والبرجوازية البيروقراطية التجارية (الكمبرادور)، رعتها الادارة الاستعمارية البريطانية بهدف ضمان سيطرتها على الاقتصاد المحلى (الزراعى) الذى كان تصدير القطن واستيراد الآليات الزراعية اهم سماته. وفى المقابل ظهرت قوى وطنية ديمقراطية قوامها العمال والمزراعون والفئات الوطنية الاخرى من التجار والمهنيين. وخلافاً لرؤى القوى الاجتماعية المتنفذة التى اعتمدت عند تناول قضايا الناس على الكلام الكذوب والوعود الفارغة التى كانت تطفح بها خطبهم وقوانينهم المستمدة من الدستور (1954)، أخرجت القوى الوطنية الديمقراطية مسألة الجنوب من مجرد الكلام الهادف لاستدرار العواطف ونظرت لتطور البلاد شمالاً وجنوباً والقضاء على العوامل المؤدية لممارسة التفرقة والتمييز العنصريين كحاجة ضرورية يحتمها التطور العام للبلاد. واستطاعت القوى الوطنية الديمقراطية ان تحقق لها وجوداً فى المديريات القديمة لجنوب السودان فى اوائل خمسينات القرن الماضى وتمحور نشاطها حول المطالبة برفع ضريبة الدقنية المرتفعة ومساوات اجور العاملين فى الجنوب مع أجور العاملين فى الشمال الذين يؤدون نفس الاعمال. وكانت احدى وسائل ذلك النشاط بمجمع انزارا الزراعى الصناعى هى المنشورات المكتوبة بلغة الزاندى، ومخاطبة الناس بلغاتهم المحلية فى السوان متعدد القوميات كان فتحاً جديداً ساهم فى توعية المزارعين والعمال بالمنطقة.
- أدت الحرب العالمية الثانية للانتعاش الاقتصادى بالمنطقة وبالتالى رفع وعى المواطنين. فبعد قطع الخطوط الناقلة عبر المتوسط والبحر الاحمر اُجبر الحلفاء على نقل المعدات الحربية، لجيوش دولهم فى شمال افريقيا، عبر القارة الأفريقية من جنوبها حتى مدينة جوبا فى جنوب السودان ومن ثم لمصر بالملاحة النهرية عبر نهر النيل. كما تم فتح طرق جديدة و تحسين الطرق القائمة لتعزيز ربط جنوب السودان بالكنغو ويوغندا. وتطلبت هذه التحولات تشغيل أعداد كبيرة من سكان الجنوب كعمال بينهم نسبة كبيرة من الزاندى. وكذلك أخذت الحرب بعض المواطنين المحليين للقتال بجانب الحلفاء الى اماكن مثل ارتريا وبورما. وساعد التوسع فى وسائل المواصلات العابرة لجنوب السودان، والمعرفة التى اكتسبها العائدون من الحرب فى رفع مستوى وعى الزاندى والتقليل من عزلتهم ضمن مواطنى الجنوب الآخرين.
بحلول عام 1954 تدهور انتاج القطن لحدود قصوى وفى بعض المناطق بلغت نسبة فشل المحصول 100%. وانخفض متوسط الانتاج فى ذلك العام من 320 (للموسم السابق) الى 145 رطل للفدان. وفى 1955 انخفض الانتاج للحد الذى جعل المزارعين لا يقطفون القطن ويتركون لوزه يتساقط على الارض.
-------------------------------------
تم اكتمال جميع مبانى المصانع بنهاية 1950 ، وبدأت معصرة الزيوت فى الانتاج بطاقة سنوية قدرها 100 طن. كما بدأ الانتاج التجريبى لمصنع الصابون. كما شمل الانتاج كميات قليلة من السكر فى منطقة يامبيو. فى 1951 اكتمل انشاء محطة كهربائية وهى الثالثة من حيث الطاقة الكهربائية فى السودان (بعد الخرطوم وبورتسودان). وفى 1952 بدأ مصنع النسيج فى انتاج الدمورية وفى نفس العام تم افتتاح مركز انزارا الصناعى رسمياً.
تمثل جانب آخر من المشروع فى تشييد عدة طرق وكبارى ومبانى للادارة وللمرافق الحكومية الأخرى ومبانى واستراحات للسكن. ووتم تشييد جميع هذه الانشاءات بالعمالة الاجبارية.
بلغ عدد العمال بمصانع المشروع 1500 عامل معظمهم يعملون بمصنع النسيج. كان العامل يتقاضى جنهياً واحداً فى الشهر عند بداية المشروع ورفع اجره الشهري لمبلغ خمس جنيهات خلال اربع سنوات من عمر المشروع. بينما بلغ متوسط راتب كل من الكاتب والعامل الماهر عشر جنيهات شهرياً. وكما فى حالة المزارعيين كانت اجابة ادارة المشروع على اية مطالب لزيادة رواتب العمال والكتبة هى ان الزاندى لديهم ما يكفى من الغذاء ولا حاجة لهم بالنقود.
وجدت ادارة المشروع ان القماش المُصنع بانزارا لا يوجد له سوق بالمنطقة لارتفاع اسعاره مقارنة بالبديل المستورد، وان التجار المحليين ليس لديهم المقدرة المالية (لايتمتعون باى مصدر للاقراض) لشراء كميات كبيرة من القماش تمكنهم من الحصول عليه باسعار معقولة. ولهذا توجهت ادارة المشروع لتسويق القماش للمؤسسات والبيوتات الكبيرة بالخرطوم وساعدت السلطات المركزية هذا الامر بحظر مؤقت على الاستيراد وفرض ضريبة 10% على الواردات المماثلة.
عملت المصانع بخسارة سنوية منذ انشائها (35000 استرلينى)، وظلت الفوائض التى يحققها النشاط الزراعى تمول العمليات الصناعية.
------------------------------
حقق مشروع الزاندى فوائد ضخمة للحكومة الاستعمارية فى شكل حصص أرباح (Dividends) بلغت 4% سنوياً على راس المال المستثمر فى المشروع و اموال سنوية عبارة عن رسوم وضريبة استيراد على صادرات وواردات المشروع؛ وبلغت الرسوم والضرائب المحصلة حتى لعام 1954 من صادرات القطن وواردات المشروع من مدخلات انتاج وآليات خمسمائة ألف جنيه استرلينى (تعادل نصف رأس مال المشروع بالاسعار الجارية).
ومن العرض السابق لمشروع الزاندى يتضح حجم الاستغلال البشع الذى مارسه الانجليز على شعب الزاندى. والنقاط ادناه تعطى تلخيصاً لمظاهر هذا الاستغلال الذى مثل أحط ممارسات الادارة الاستعمارية فى السودان.
- لم يكن مشروع الزاندى مشروعاً تنموياً باعتبار مساهمته فى التغيير الاجتماعى، فقد جاء فى صدر قانون ادارة مشاريع الاستوائية ان السياسة العامة للادارة " سوف تهدف لتحقيق النهضة الاجتماعية لشعوب محافظة الاستوائية، وان الجوانب التجارية للمشروع سوف تكون متجانسة مع ذلك الهدف"، ولكن لم تُحدد الضوابط التى تجعل الجوانب التجارية فى خدمة الارتقاء بالمنطقة اجتماعياً. وفى واقع الامر يعتبر الاستغلال البشع للزاندى الذى مارسه الانجليز من أحط ممارساتهم الاستعمارية فى السودان. فالزاندى زرعوا القطن بلا مقابل يذكر. ولم يكن المكون الصناعى الا خدعة، فحجم الطاقات الانتاجية كان غير اقتصادى وهذا لم يجعلها تعمل بالخسارة فقط، بل كان استمرار تشغيلها يعتمد على ما يضخه الجانب الزراعى فيها من أموال-أى ان قدرتها على الايفاء بالتزماتها المالية (Solvency) ُتقابل من الفوائض الضخمة المحققة من عمل المزراعين. وتتضح الخدعة أكثر اذا ما علمنا ان تصدير القطن شكل النشاط الاقتصادى الاساسى للمشروع وهذا لم يكن من أهدافه المعلنة وتم بذريعة وفرة الانتاج التى تفوق طاقة التصنيع (الغير اقتصادية!).
- لم تتح الادارة الاستعمارية لشعب الزاندى أى قدر من المشاركة فى تنفيذ المشروع واضعفها استطلاع آرائهم حول جونب المشروع المختلفة التى كان من شأنها احداث تغيير جذرى فى حياة المواطنين. لم يكن الزاندى يعرفون كيف سيعمل المشروع ناهيك عن اهدافه. ومن أهم جوانب المشروع اجحافاً للزاندى هو اعادة توطينهم الجماعية المذكورة آنفاً. فبالرغم من ان الادارة الانجليزية كانت تعتبر الاماكن التى وُطن بها الزاندى قرى، الا انها لم تكن كذلك؛ فالوحدات السكنية المكونة من كل 50 عائلة، كما ذكرنا سابقاً، كانت موزعة على مساحات من الارض فى شكل شريط طولى خصص فيه لكل عائلة 25 -40 فدان للاقامة وزراعة القطن. ولهذا لم تكن تلك الوحدات سوى (معسكرات) حُشر فيها الزاندى لتسهيل الاشراف عليهم فى زراعة القطن التى فرضت عليهم فرضاً. والتوطين أجبر الزاندى الابتعاد، لحد كبير، عن زراعتهم المعيشية وفى ضوء العائد الضئيل من بيع القطن صار وضعهم المعيشى اكثر تدنياً مما كان عليه قبل المشروع.
- لم تكن توجد علاقة تعاقدية بين الادارة والمزراعين ولا حتى فى صورة المحاصصة (المغشوشة) المعمول بها فى معظم مشاريع انتاج القطن بالبلاد. فقد تميزت العلاقة بالوصاية التى تلزم المزارعين على طاعة السلاطين الذين تُرك لهم أمر محاسبة المزارعين. استغل السلاطين سلطتهم بانزال اشد العقوبات (المهينة) على المزراعين عند التلكؤ فى زراعة القطن؛ وكمثال لهذه المعاملة كان المزارع المُعاقب يجبر على العمل لعدة ايام فى نظافة الطرق بدون أجر بجانب عمله المعتاد فى الزراعة.
- اورد كونراد ريننق، فى مؤلفه المذكور اعلاه، معلومات لا غنى لأى دارس لتجربة مشروع الزاندى من الاطلاع عليها، شملت الاعمال الانشائية للمشروع‘ المنتجات، مبيعات القطن‘ أسعار شراء القطن من المزارعين، واثر المشروع بشكل عام على حياة الزاندى. وبالرغم من تناول الكاتب للعائد المالى للمزراعيين وأجور العمال وعلاقة ادارة المشروع بالعاملين، الا انه لم يتناول علاقات الانتاج بمعناها الاصيل وهو شكل الملكية لوسائل الانتاج؛ اذ ان العناصر (الاقتصادية) و (الاجتماعية) التى تطرق لها المؤلف تستمد صفتها من الشكل الذي تتخذه ملكية وسائل الانتاج. وعلاقات الانتاج بمشروع الزاندى تمثلت فى ملكية الانجليز لوسائل الانتاج (فى المجال الزراعي والصناعي) واجبار الزاندى للعمل الانتاجى بنظام السخرة. وحتى تخصيص مساحات من الارض للمزراعين لم تكن تعنى شيئاً للزاندى الذين انصب جل اهتمامهم على استعمال الارض وليس ملكيتها (Long-term tenure) ونظام الزراعة المتنقلة الذى مارسه الزاندى بشكل واسع لوفرة الأرض الخصبة والمياه لم يقم على تملك الأرض. (تطرق ريننق لعدم اهتمام الزاندى لتملك الاض فقط فى اطار تحليله الصائب لعدم جدوى اعادة توطين الزاندى فى الاطار الاستغلالى الذى صممه الانجليز؛ فخلافاً لنظرة الادارة فى ان تخصيص آراضى للزاندى سوف يكون فيها تحفيز للزاندى لتقبل اعادة التوطين، يذكر ريننق ان وفرة الارض فى المنطقة لم تجعل ملكيتها هاجساً يشغل بال الزاندى).
-----------------------------
عند سودنة الوظائف القيادية بالمرافق السودانية بعد نال السودان الحكم الذاتى فى 1954 تم تعيين ادارة سودانية (شمالية) لمشروع الزاندى. ولم تقم الادارة الجديدة باى حلول فيما يخص الاسعار المنخفضة لاسعار القطن والاجور والمرتبات المنخفضة للعمال الموظفين. وفى 26 يوليو 1955 بلغ تذمر الزاندى مداه بعد فترة قصيرة من فصل مدير مصنع النسيج بانزارا ل 300 من العامل بغرض خفض العجز فى لميزانية. كان فصل العمال الصاعق الذى اعطى الشرارة التى فجرت الموقف فى أنزارا. فتجمع عمال المصنع وساروا مع عمال مركز انزارا الصناعى الآخرين فى مظاهرة، تهتف بهتافات ضد ادارة المشروع، متجهين لوسط المدينة حيث انضمت لهم حشود من المواطنين. استدعت السلطات وحدات من الفرقة الاستوائية فى مدينة يامبيو (عاصمة غرب الاستوائية حالياً) التى قامت بفتح النار على المتظاهرين مما ادى الى قتل عدد منهم وجرح آخرين.
وبعد ثلاث أسابيع من هذه الاحداث وقع تمرد فى مدينة توريت على بعد 500 ميل من أنزارا وامتد الى كل جنوب السودان؛ وكان ذلك بداية حرب جنوب السودان الاولى (1955-1972). وادت هذه الأحداث لتوقف مشروع الزاندى الذى عاودت السلطات اعادة تشغيله لفترة وجيزة فى فترة لاحقة قبل ان يتوقف نهائياً وتنقل بعض آلياته لشمال السودان فى 1963.
مراجع :
1. James A. Hubbard, “ The United States and the End of British Rule in Africa, 1941- 1968 ,” McFarland&Company,Inc. 2010.
2. William Roger Louis, “Imperialism at Bay,” Oxford University Press,1978
3. William R. Louis, and Ronald R.,“ The Imperialism of Decolonization,” Journal of Imperial and Commonwealth History 22, no. 3,September,1994.
4. Conard C. Reining, “The Zande Scheme: An Anthropological Study of Development in Africa,” Northernwest University Press, 1966.
5. صحيفة الرأى العام السودانية نوفمبر 2007 : حوار مع باقـان اموم الامين العام للحركة الشعبية اجراه :ضياء الدين بلال و مالك طه .
6. عبد الله على ابراهيم، "الماركسية و مسألة الغة فى السودان" عزة للنشر 2001، ص. 21.
7. عبدالله على ابراهيم " ........ومنصور خالد" الفصول 28-29.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين فرانكلين روزفلت وباراك أوباما
- في الأزمة المالية الأمريكية
- حول إنهيار جولة الدوحة للتجارة العالمية
- ثورة نيبال والوصول لقمة السارغاماتا
- الإنتاج الصغير ورأس مال المساهمة: بالاشارة لوضع السودان
- نظرية تطوير القوى المنتجة واسترداد الرأسمالية فى الصين
- الطريقة المادية وعلا قات الارض فى السودان:تعليق على كتاب -أص ...
- حول ملكية 2% من البشر لثروات العالم
- القيمة وسقوط الاتحاد السوڤيتى
- فى الذكرى الستين لتأسيسه: الحزب الشيوعى السودانى والعمل النظ ...


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - محمود محمد ياسين - قصة مشروع الزاندى