أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - نظرية تطوير القوى المنتجة واسترداد الرأسمالية فى الصين















المزيد.....


نظرية تطوير القوى المنتجة واسترداد الرأسمالية فى الصين


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 1965 - 2007 / 7 / 3 - 12:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


-1-

على خلفية تحول الصين لورشة كبيرة للعمل الشاق (sweatshop)يُخضع فيها العمال الصينيين لابشع اشكال الاستغلال، وتمددها المكثف الحالى- كدولة استعمارية رأسمالية- فى بلدان العالم الثالث وخاصة الافريقية، وانهماكها المحموم فى تصدير روؤس الاموال لتلك البلدان بهدف استغلالها والهيمنة على اقتصادياتها، نقدم هذا المقال لتبيان كيف هُدم الانجاز الاقتصادى التاريخى المتمثل فى الثورة الزراعية الصينية التى لم تحرر مئات الملايين من البشر فى ذلك البلد من اسار العلاقات الاقتصادية الاقطاعية فى منتصف القرن العشرين فحسب، بل نقلتهم فى النهاية الى اعتاب الاشتراكية؛ وكيف تم هذا الهدم بصورة فوضوية تحت دعاوى نظرية تطوير القوى المنتجة تحت ستار تحقيق "اشتراكية ذات خصائص صينية"، ذلك الشعار الذى صار مثارا لتهكم العمال الصينييين الذين حرّفوه الى شعار " بل هى راسمالية ذات خصائص صينية". فبعد شروع الحزب الشيوعى الصينى فى التحول لبناء الاشتراكية فى الستينات من القرن الماضى كان جوهر الصراع، فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، داخل الحزب والدولة فى الصين هو صراع بين دعاة نظرية تطوير القوى المنتجة كيفما اتفق، والمدافعين بقيادة ماو عن ضرورة التغيير الاجتماعى الجذرى لاحداث ثورة فى القوى المنتجة. كان هذا جوهر الصراع، الا انه ظل، بين الفينة والاخرى، يبرز متسترا باشكال مختلفة من الخلافات الفكرية والآيديولوجية.

-2-

قاد الحزب الشيوعى الصينى بزعامة ماو تسى تونج الثورة الصينية خلال النصف الاول من القرن العشرين بفهم عميق لطبيعة الثورة الصينية ومغزاها التاريخى كثورة ديمقراطية برجوازية فى مرحلتها الاولى. فبعد الحرب العالمية الاولى وُلد العصر الذى تحولت فيه الراسمالية من مرحلة "المزاحمة الحرة" الى مرحلة تمركز رؤوس الاموال لدى الاحتكارات الراسمالة الكبرى التى اصبحت تعتمد فى حياتها على فتح الاسواق الخارجية بتصدير رؤوس الاموال. جاءت الحرب العالمية الاولى عام 1914 تؤكد ان الاقطار الرأسمالية لا تستطيع أن تجدد اقتصادياتها بدون الاعتماد على المستعمرات وشبه المستعمرات. وهكذا صارت الثورة فى البلدان المستعمرة والشبه مستعمرة لا تنتسب إلى الثورة الديمقراطية البرجوازية بمفهومها القديم. فقد اصبحت الثورة فى هذه البلدان جزءً لا يتجزأ من الثورة العالمية ضد راس المال العالمى. فالبرجوازية المحلية فى البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة لا تستطيع ولاتريد الاطاحة بالسيطرة الاجنبية، فهى من ناحية ضعيفة سياسيا واقتصاديا، ومن ناحية اخرى فان شرائحها الكبرى شريك لرؤوس الاموال الاجنبية وشبه الاقطاع المحلى فى استغلال شعوب المستعمرات وشبه المستعمرات. وحتى عندما تشترك شرائحها الوطنية فى الثورة فهى لن تناضل حتى النهاية وياتى دورها محدوداً. وعليه فان البروجوازية فى البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ليس لديها الاهلية للتصدى لقيادة عملية انجاز المهمتين الأساسيتين للثورة الديمقراطية البرجوازية المتمثلتين فى القضاء على السيطرة الاجنبية وبقايا الاقطاع المحلى.

استنتج ماو ان الرأسمالية العالمية، اى الإمبريالية، لن تسمح بإقامة مجتمع رأسمالي في الصين خاضع لحكم البرجوازية وان تاريخ الصين الحديث هو تاريخ عدوان الإمبريالية على الصين ومناهضتها لاستقلال الصين ولتطور الرأسمالية فيها وما من ثورة وقد قامت في الصين إلا وقد خنقتها الإمبريالية، وان الطريق القديم الذي سلكته البرجوازية الأوربية و الأمريكية لتحقيق الهيمنة السياسية بالتغلب على الاقطاع اصبح مسدودا امام الصين. فالامبريالية تعتمد أكثر من أي وقت مضى على المستعمرات وشبه المستعمرات من اجل البقاء. واعطى ماو تركيا كمثال لآخر محاولة لانشاء نظام بروجوزى فى الدول المتخلفة، ففى مقالته "حول الديمقراطية الجديدة-1940 " كتب يقول " إذا سعينا في مثل هذه الظروف الى إقامة مجتمع رأسمالي في الصين ............ بعد هزيمة الامبريالية والاقطاعية , افلا يكون ذلك مجرد وهم ؟ وعلى الرغم من ان تركيا الكمالية الصغيرة الخاضعة لديكتاتورية البرجوازية قد ظهرت بعد الحرب الإمبريالية العالمية الأولى وثورة أكتوبر من جراء ظروف خاصة (نجاح البرجوازية في صد العدوان اليوناني وضعف الطبقة العاملة ) فلن تكون هناك تركيا ثانية على الإطلاق فضلا عن أن تكون هناك تركيا يبلغ سكانها 450 مليون نسمة , بعد الحرب الثانية وإكمال البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي . وبسبب ظروف الصين الخاصة ( ضعف البرجوازية ومساومتها مع العدو، وقوة البروليتاريا وحزبها الثوري) فإن الأمور فيها لم تسر قط بتلك البساطة التي سارت بها في تركيا , أفلم تنادي العناصر البرجوازية الصينية بالكمالية بأصوات عالية بعد اخفاق الثورة الكبرى الاولى عام1927 ؟ لكن اين كمال الصين ؟ .......... فضلا عن ذلك فإن تركيا الكمالية لم يسعها في نهاية الأمر إلا ان ترتمي هي الاخرى الى أحضان الامبريالية الأنجلو- فرنسية متحولة يوما بعد يوم الى شبه مستعمرة , والى جزء من العالم الامبريالي الرجعي . وإزاء هدا الوضع الدولي الراهن، فإن جميع (الأبطال) في المستعمرات وشبه المستعمرات إما أنهم يقفوا الى جبهة الإمبريالية ويصبحوا جزءا من القوى المضادة للثورة في العالم وإما ان يقفوا الى الجبهة المناهضة لإمبريالية ويصبحوا جزءا من القوى الثورية في العالم . لابد لهم أن يختاروا بين هذين الطريقين، وليست ثمة طريق ثالث". وانطلاقا من هذا الفهم لطبيعة الثورة الوطنية الديمقراطية، اوضح ماو فى نفس المقال، بان الثورة فى الصين مثلها مثل البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة الاخرى لا تبرح ان تكون- خلال مرحلتها الأولى - ثورة ديمقراطية برجوازية بصورة أساسية من حيث طبيعتها الاجتماعية. إلا أنها ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازية وتهدف الى إقامة مجتمع رأسمالي ودولة خاضعة لسيطرة البرجوازية , بل هي ثورة جديدة تهدف في مرحلتها الأولى إلى إقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة ودولة خاضعة لحكم تحالف مشترك من جميع الطبقات الثورية بقيادة الطبقة العاملة. ومن ناحية اخرى فإن هذه الثورة تسعى على وجه التحديد لتمهيد الطريق من أجل تطور الاشتراكية, وهي ستمر خلال سيرها بعدة مراحل بسبب التبدلات الطارئة على صفوف التحالف الثورى وعلى معسكر الدول الاستعمارية, بيد أن طبيعتها الأساسية ستبقى كما هي دون تبدل".

تأسست جمهورية الصين الشعبية فى 1949، ولم تُعلن كجمهورية اشتراكية فى ذلك الوقت بل كدولة ديمقراطية جديدة يحكمها تحالف شعبى من الفلاحين والبرجوازية الوطنية والمثقفين بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعى. وهكذا كانت المهمة الاساسية للثورة الصينية ساعتئذ هى احداث الثورة الزراعية الشاملة التى انجزت خلال 1955-1958؛ وتمثلت المرحلة الاولى لتحقيق هذا فى توزيع الاراض على المزارعين وتبعها انشاء التعاونيات البسيطة التى هدفت الى تجميع الحيازات الزراعية الصغيرة بهدف توحيد مجهودات اصحابها من المزارعين فى مجال شراء المدخلات الزراعية وبيع المحاصيل. وفى هذه المرحلة كان توزيع العائد يتم بتناسب مع حسب جودة ارض المزارع وحجم ادواته الزراعية. ثم تم الانتقال الى مرحلة عالية من التعاون الزراعى حيث صار الدخل يوزع على حسب كمية العمل التى يبذلها المزارع. وفى 1958 ولاشاعة الديمقراطية بصورة كاملة فى علاقات الارض، جُمعت التعاونيات الزراعية فى كميونات ضخمة اخذت تباشر، بجانب مهمة الزراعة، انشاء الصناعات الصغيرة وصناعة الآلات والمعدات الزراعية وورش صيانتها واقامة المستشفيات والمدارس واماكن ايواء كبار السن والعجزة. كانت الكميونات الشكل الاعلى للتعاون الزراعى، ولكنها لم تكن ملكية اشتراكية اى مملوكة بشكل كامل للدولة. فالملكية التعاونية او الجماعية تعنى ملكية قطاع من افراد المجتمع (اعضاء االوحدة التعاونية) لوسائل الانتاج ، ويستحوذ هذا القطاع بعد دفع الضرائب على عائد العمليات الانتاجية الذى يُستخدم فى اعادة استثماره ودفع اجور الاعضاء. اما الملكية الاشتراكية فهى ملكية الدولة لكل وسائل الانتاج فى الوحدات المختلفة التى تخضع للتخطيط والتنظيم المركزى ويكون العائد لكل المجتمع.

ان التدرج فى حل المسالة الزراعية فى الصين املته الطبيعة المتخلفة لقوى الانتاج المتمثلة فى حيازات زراعية يجرى النشاط الزراعى فيها بادوات بدائية، وكان المفتاح للنهوض بقوى الانتاج هو تغيير علاقات الانتاج باقامة التعاونيات الزراعية والتى كانت بملامحها الراسمالية شكلا اعلى من العلاقات الاقطاعية السابقة. بدفع تغيير علاقات الانتاج تمسك الحزب الشيوعى الصينى بالخط النظرى الصحيح وهو ان هذا الدفع هو الذى يقود الى تثوير و تطوير قوى الانتاج فى الارياف الصينية. فالانتاج يتشكل من وحدة لا انفصام لها بين قوى الانتاج التى تُعبر عن علاقة الناس بوسائل الانتاج والطبيعة فى مجرى انتاج القِيم المادية الضرورية لحياتهم وبقائهم وعلاقات الانتاج التى تقرر علاقة الناس ببعضهم البعض فى اطار العملية الانتاجية. علاقات الانتاج، التى تمثل ملكية وسائل الانتاج تعبيرها القانونى، قد تكون مبنية على الاستغلال او على تعاون مشترك بين الناس خالى من السيطرة والهيمنة. قوى الانتاج، منذ اكتشاف الادوات الحجرية والمعدنية البدائية وحتى المصانع الحديثة بماكيناتها الضخمة، كانت العامل الحاسم فى الانتاج وتطوير المجتمعات الانسانية، وهى الاكثر تغيرًا وحركة ونتيجة لتغيرها تتبدل علاقات الانتاج. فعلاقات الانتاج تسيروتتشكل خلف قوى الانتاج. ولكن بركونها خلف قوى الانتاج لفترة طويلة نتيجة سعى الطبقات المتنفذة الى اطالة امد تملكها لوسائل الانتاج، تصير علاقات الانتاج عائقا امام تطور قوى الانتاج تطورا كاملا ما لم يتم تغييرها.

صحة الخط النظرى الذى قاده الحزب الشيوعى الصينى فيما يتعلق بضرورة تغيير علاقات الانتاج كمقدمة لتطوير القوى المنتجة تحقق امبريقيا/ تجريبيا حيث عمت مختلف الصناعات التحويلية ارجاء الارياف التى اصبحت قريبة من تحقيق كافة احتياجاتها الاستهلاكية وتحقيق فوائض مالية مكنت الدولة من تطوير الاقتصاد الوطنى بترفيع البنى التحتية وانشاء الصناعات الضخمة. ان تطوير القوى المنتجة فى الصين لم يكن ممكنا الا بقيادة الطبقة العاملة الصينية وحزبها لفقراء الفلاحين بصورة ماهرة ومنظمة استهدفت تفكيك وتدمير علاقات الانتاج القديمة الشبه راسمالية- شبه اقطاعية.

-3 -

فى 1956أخذ ليوشاو تشى،الذى اصبح راسا للدولة لاحقا، فى الترويج الى ان صراع الطبقى قد تلاشى فى الصين وان التناقض الاساسى لم يصبح بين البرجوازية والطبقة العاملة، بل بين النظام الاشتراكى المتقدم وقوى الانتاج المتخلفة. جاءت افكار ليوشاو تشى هذه فى وثيقة البيان السياسى الذى قدمه للمؤتمر الثامن للحزب الشيوعى فى 1956 التى تقول احدى فقراتها " ان التحويل الاشتراكى الذى قمنا به كان الهدف منه القضاء على الملكية الصغيرة التى كانت لها السيادة فى الاقتصاد. وبما ان المنتجين الصغار يمثلون اساس الراسمالية، فان القضاء عليهم يعنى انتصارالاشتراكية فى الصين، وبالتالى فان الاستغلال الطبقى الذى دام لآلاف السنين قد انتهى بصورة اساسية. وعليه فان التناقض الرئيسى اصبح بين نظام اشتراكى متطور وبين قوى الانتاج المتخلفة، مما يجعل المهمة الاساسية للحزب والشعب هى التركيز على العمل الاقتصادى لتحويل الصين من دولة زراعية متخلفة الى دولة دولة صناعية متقدمة".

فى مواجهة ودحض افكار ليوشاو تشى بدأ ماو فى مستهل الستينات من القرن الماضى يلفت نظر الحزب الى ان الصراع الطبقى لن يختفى فى الدولة الاشتراكية التى يقودها العمال اذ انها تشكل اعلى مراحل الصراع الطبقى، وبهذا فان الصراع الطبقى ما زال قائما فى الصين وان تعبيره الاساسى هو التناقض بين العمل المأجور وراس المال، وان بعض المتربعين فى قيادة الحزب والدولة لايألون جهدا فى اخفاء هذا الصراع وعدم الاعتراف بوجوده. كما اوضح ان الصين اذا لم تلتفت لتعزيز الاشتراكية فانها ستتحول الى " الى قطر راسمالى وستصير ديكتاتورية البروليتاريا ديكتاتورية للبرجوازية، ديكتاتورية ذات طابع رجعى فاشى- Schram, p.167, 1974". وهكذا وجه ماو فى 1964 بتحويل الكميونات الى الملكية الاشتراكية الكاملة حيث بات تطور القوى المنتجة يسمح بذلك، واشار الى خطورة البقاء فى مستوى مرحلة الديمقراطية الجديده، ومن اقواله فى هذا الشان " تعزيز الديمقراطية الجديدة، ومواصلة تعزيزها الى ما لا نهاية، يؤدى الى ترسيخ الراسمالية. فالديمقراطية الجديدة هى ثورة برجوازية–ديمقراطية بقيادة الطبقة العاملة تستهدف مصالح الاقطاعيين والكمبرادوريين.................تقسيم الارض ليس شيئا هائلا – ماك آرثر فعله فى اليابان , ونابليون قام بتقسيم الارض. ان اصلاح علاقات الارض لا يُلغى الراسمالية ناهيك ان يقود الى الاشتراكية- Schram, S, 216, 1974 ".

وفى 1966 تم الاعلان عن الثورة الثقافية بهدف تعبئة وتثوير الشعب الصينى لتعزيز الاشتراكية فى الصين وقفل الطريق امام الرأسمالية، ووصف البرنامج الذى اُعلنت بموجبه الثورة الثقافية بانها " قوة محركة جبارة لتنمية القوى المنتجة -Snow,E,248,1972".
جاءت الثورة الثقافية، كحركة سياسية فى الاساس، تشدد على استمرار الصراع الطبقى فى المجتمع الصينى، وبالتالى تدعو الى الاطاحة بدعاة نظرية تطوير القوى المنتجة الهادفة فى النهاية الى استرداد الراسمالية فى الصين بصورة كاملة. وعلى عكس نظرية القوى المنتجة، دعت الثورة الثقافية الى ان يمسك العمال بزمام المبادرة ويتبوأوا القيادة فى كل مجالات الحياة كطريق وحيد لتحقيق اقتصاد اشتراكى قوى ومزدهر. فقد كان الشعار هو ان السياسة تقود الاقتصاد وليس العكس.
استمر الصراع طيلة فترة الثورة الثقافية حول الخط الذى يعتبر الصراع الطبقى الحلقة الاساسية وذلك الداعى الى اعطاء الاولوية للعمل الاقتصادى لتطوير القوى المنتجة. وكانت اهم محطات هذا الصراع فى تلك الفترة هو دعوة لين بياو الرجل الثانى فى مركز القيادة فى 1970 الى التركيز على العمل الاقتصادى ونبذ نظرية الصراع الطبقى ؛ وقد تم دحض هذا الخط فى حينه.
بعد نهاية الثورة الثقافية فى 1976، تم اهم ظهور لنظرية تطوير القوى المنتجة على يد دينج هسياو بنج احد قيادى الحزب الشيوعى الصينى الذى تعرض للنقد خلال الثورة الثقافية. بعد ان امسك دينج هسياو بنج بزمام الامور فى ادارة شئون الدولة الصينية فى 1978، احدث انقلابا كاملا بانتصاره للخط الرافض لمواصلة الصراع الطبقى فى ظل المجتمع الاشتراكى. واول االاجرآءت التى قام بها هى حل الكميونات وتفكيكها لوحدات منزلية صغيرة تتعاقد مع الدولة لمد الاخيرة بجزء من الانتاج وتتصرف كما يتفق لها بالباقى؛ هذا مع تشجيع تلك الوحدات لممارسة النشاط الاقتصادى الخاص خارج نطاق التخطيط الذى تقوم به الدولة، وذلك لزيادة دخلها. كما فتحت الدولة ابواب الصين للشركات العالمية، ووفرت لها المواد الخام بارخص الاسعار، وضمنت لها كنز من العمالة المدربة الرخيصة بوضع قوانين الاجور المتساهلة. ما قام به دينج هسياو بنج حيال الكميونات وراس المال الاجنبى تم بالترويج لافكار تجريبية ضحلة بدعوى ان " الطريق الامثل للتنمية الاقتصادية يتحقق من خلال التجريب..............تجريب مختلف المقاربات لتحقيق التنمية الاقتصادية-Ray Nunes,1992"؛ و دينج هسياو بنج هو القائل " لا يهم ان يكون القط ابيضاً ام اسوداً طالما يفترس الفئران"!

-4-

حتى هذه اللحظة ما زال دستور جمهورية الصين الشعبية يؤكد تحت فقرة فى مقدمته، بعنوان المبادئ الرئيسية للسياسة الصينية، على ان " الحزب الشيوعي الصيني هو الحزب الحاكم الوحيد في الصين.... وانه كان وسيظل قائد الشعب الصيني." وتمضى تلك الفقرة ويُذكر فيها ان طبيعة الدولة فى الصين هى " الديكتاتورية الديمقراطية الشعبية التي تقودها طبقة العمال والتي تتخذ تحالف العمال والفلاحين قاعدة لها. والديكتاتورية الديمقراطية الشعبية هي ديكتاتورية البروليتاريا جوهريا." ولكن منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضى اتخذت القيادة الصينية خطوات حثيثة فى اتجاه مراجعة الدستور الصينى لا تمت لفكرة نظام الديمقراطية الشعبية بصلة، وانما تحولها لمجرد لافته تخفى وراءها حقيقة ان تعديلات الدستور لا تعكس شيئا غير تغيُر ملامح الصين من دولة اشتراكية لدولة تسودها علاقات الانتاج الراسمالية؛ ورغما من ان اعادة الراسمالية للصين بدات منذ منتصف سبعينات القرن الماضى، فان الافصاح عن واقع النظام الجديد وعكسه فى الدستور جرى خلسةً وبالتدرج (خوفا من غضب الشعب). ففى الاعوام 1988 و1993 و1994و1999و2007 عُدلت مواد الدستور لتشمل مقولات الإصلاح الداخلي والانفتاح على العالم، ونظريات ما سُمى باقتصاد السوق الاشتراكي وتطبيق اشتراكية بملامح صينية وحماية حقوق الملكية الخاصة بمساواتها بملكية الدولة.

كما اتجهت القيادة الصينية نحو دستور الحزب الشيوعي الصيني، فقامت بتعدليه فى 2000 ليشمل ادخال ما أُطلق عليه "التمثيلات الثلاثة: Three represents" التى تنص على انه يجب على الحزب الشيوعى الصينى ان يمثل دائما اتجاه التطور فى القوى المنتجة المتقدمة بالصين، وتوجه الثقافة المتقدمة فى الصين، والمصالح الجوهرية للغالبية العظمى من الشعب الصينى. وهى تعنى:اولا، إن الحزب يمثل القوى المنتجة كلها في المجتمع الصيني بما في ذلك رجال الأعمال المنتجين؛ ثانيا، ان الحزب الشيوعى الصينى يهتدى بكل الفكر التقدمى، وآخر الأفكار التقدمية المعاصرة في الفلسفة والعلم والتقانة وليس الفكر الماركسى وحده، وبالثقافة الكونفوشية (فى اشارة لفكر كونفوشيوس 479-551 ق.م الذى كان الفكر الرسمي للمجتمع العبودى والإقطاعي فى الصين لاكثر من الفين عام.) والديانة البوذية؛ ثالثا، إن الحزب الشيوعي الصيني يمثل الأمة الصينية كلها وليس طبقة بحد ذاتها ولذلك فإن أبواب الحزب مشرعة أمام كل أطياف الأمة الصينية من رجال أعمال ودين وفئات أخرى من المجتمع الصيني. وفى عام 2004 عُدل دستور الصين ليتضمن نظرية "التمثيلات الثلاث"، وكان هذا التعديل بمثابة الاعلان عن تصميم القيادة الصينية على تسخير جهاز الدولة الصينية لخدمة مصالح راس المال الذى تمثله الشرائح الاجتماعية التى وصفتها "التمثيلات الثلاثة" برجال الاعمال المنتجين!







#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريقة المادية وعلا قات الارض فى السودان:تعليق على كتاب -أص ...
- حول ملكية 2% من البشر لثروات العالم
- القيمة وسقوط الاتحاد السوڤيتى
- فى الذكرى الستين لتأسيسه: الحزب الشيوعى السودانى والعمل النظ ...


المزيد.....




- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - نظرية تطوير القوى المنتجة واسترداد الرأسمالية فى الصين