رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3438 - 2011 / 7 / 26 - 22:16
المحور:
الادارة و الاقتصاد
نظرياً .. الموارد لا تُسمى إقتصادية , إذا لم تكن محدودة أيّ قابلة للنضوب يوماً , فمياه البحر والشمس والهواء لم تدخل بعد ضمن الموارد الإقتصادية التي يتم التعامل معها والإقتتال أحياناً من أجلها
فهي تشمل مصادر الغذاء والمياه والطاقة المعروفة , وعند المتشائمين ربّما يصل الأمر يوماً الى الأوكسجين الذي نتنفسهُ , بسبب تهديد المناخ والبيئة
( في هذا الشأن هناك خبر مُطمئن عن دورة حياة غابات الأمازون حيث تمّر الآن في فترة نمو جديدة )
ممّا تقدّم نستنتج نظرياً و منطقياً ,أنّ الحياة ممكن أن تتوقف يوماً على كوكبنا الأزرق بسبب نفاذ مصادرهِ الإقتصادية .
ما لم يتّم تعويض المُستهلك منها , بأكثر من النافذ لأنّ التزايد السكاني الفئراني مستمر ( تذكروا الظاهرة المالتوسيّة ) .
عملياً هذا ما يقوم بهِ الغرب عموماً عبر علومهِ وأبحاثهِ وإكتشافاتهِ شبه اليوميّة .
بينما لا تفعلهُ الدول الفاشلة , التي نسيت حتى الزراعة البدائية وعمل شبابها كقراصنة بحر أو إكتفوا بالتقاتل على القليل الموجود والمساعدات القادمة من الغرب !
وبعضهم ( شباب الصومال ) يفرض أتاوات وشروط حتى على مرور المساعدات لشعبهم الجائع وهو يتعرض لموجات الجفاف المتتالية والجوع والقهر والمرض .
حتى الماء أصبح مشكلة عويصة فهو يتناقص كثيراً في بعض الدول التي تقع على حافات الصحاري , لتصّح تنبؤات الخبراء بأنّ القرن الحالي هو قرن حروب المياه .( هذا غير سياسة إيران وتركيا المائية مع العراق ) .
ماذا يفعل الإنسان المتحضّر في العالم الحُرّ لمواجهة مصير الأرض ؟
رغم أنّ بلادهم مكتفيّة عموماً بمواردها ونشاطها الصناعي والزراعي ورغم انّهم يستقبلون ملايين المهاجرين سنوياً , ويساعدون الدول الفقيرة بمليارات الدولارات , لكنّهم (وهذا الأهمّ ) يبحثون عن مصادر طاقة جديدة .. بإستمرار .
فطوّروا مصادر الطاقة البديلة , بعضها آمن والآخر غير آمن يحاولون تركه الآن , حتى وصلت أبحاثهم لإستغلال الطاقة الشمسيّة والرياح و مياه المحيطات وأمواجها بل حتى من النفايات والأزبال وفضلات الإنسان يستخرجون طاقتهم
وفي السويد اليوم , ثمّة وسائل نقل عامة تستخدم طاقة نظيفة من النفايات والفضلات العضوية .
أمّا في ناحية توفير الطعام , فهم يدرسون كل الجينات النباتية والحيوانية بدقة متناهية ليوفروا البدائل الأفضل لزيادتها وتحسينها .
http://alghad.com/index.php/article/485979.html
مؤخراً تمكن علماء إسكتلنديون من فكّ شفرة جينات البطاطا , تلكَ المسؤولة عن الحجم والطعم والمادة الغذائية وما شابه , البطاطا هي المنتج الغذائي الرابع المعروف في كوكبنا و توفرهِ بكثرة ربّما يُبعد شبح المجاعات على الاقل ( تذكروا ثانيةً الصومال وأفريقيا ) .
وبخصوص الزراعة عموماً , فإنّ ثلث عمال العالم يعملون بها حالياً لكنّها لاتساهم سوى ب 5 % من إجمالي الناتج العالمي .
في عام 2003 لأول مرّة تجاوز عدد العاملين بقطاع الخدمات ,عددهم في القطاع الزراعي , لكن إنتاج قطاع الخدمات هو أضعاف إنتاج الزراعي !
راقبوا أسواق البورصة في أيّ دولة في العالم , وستفهمون قصدي , ( سيعترض أستاذ نمري ويقول هذا إنتاج وهمي , وسوف أجيبه )
كلامي السابق لايعني بالضرورة تشجيع قطاع الخدمات على حساب الزراعي , بل ربّما العكس , لكنّي اُشير الى لجوء الناس إليهِ كونهِ مُربح وربّما تلك إحدى أخطاء البشر عموماً . مع ذلك فإنّ تفسيره كما يلي :
في العالم الحُرّ هم يخلقون الثروة من كلّ مجال بما فيها الخدمات والإستهلاك ( البرجوازية الوضيعة حسب النمري ) , لكن في نفس الوقت مُختبراتهم لاتكّف عن البحوث التي تضمن مستقبل البشرية غذائياً ودوائياً وصناعياً وكلّ شىء
والسؤال المهم / هل على الغرب فقط أن يعمل ويتحمّل مسؤولية توفير كلّ شيء من الطاقة الى سلّة الغذاء العالمي ؟
بينما الآخرين مستغرقين في سباتهم وتخلفهم وصراعهم بسبب الأديان أو العقائد الشموليّة ؟
ألا يشبه هذا مطالبة الأخوة الكسالى , أخاهم القوّي المتين الأمين , بجلب قوت يومهم , ليبقوا غارقين في النوم أو اللهو ؟
وعندما يتأخر يوماً أو يتعب يلعنوه شرّ لعنة ؟
أين العدالة في مطالبة الغرب بكل شيء بما فيه ضمان السلم العالمي ؟
بينما عملياً حتى عندما يساعد الغرب , الشعوب الثائرة ضدّ طغاتها يخرج من يتهمهم بمؤامرة تدمير العرب والإسلام مثلاً ( تذكروا الحالة الليبية أو السورية ) ويتأهّب الدبّ الروسي أو الصيني للفيتو ضدّ الشعوب !
لماذا في ظنّكم تصرف اليوم الولايات المتحدة والغرب تريليونات الدولارات في أماكن عديدة في العالم سواءً مساعدات مباشرة أم حروب ضدّ الإرهاب ؟
هل رغبةً منها في إدخال نفسها في أزمات إقتصادية أو إفتعالها ليضحكوا مثلاً , ويجربوا قدرتهم على تجاوزها ؟
كيف سنفهم مشاكلنا ومآسينا , مادام كل شيء حولنا نفسرّه بالمؤامرة ؟
أنا لا أقول لاتوجد ( ملاعيب سياسية ) , بل حتى الأزمة الحالية في أمريكا هي تحولت الى صراع حزبي بين أوباما وحزبهِ الديمقراطي وبين الجمهوريين .
**************
الأزمة الأمريكية .. اليوم
http://www.bbc.co.uk/arabic/business/2011/07/110720_obama_sppech_debit.shtml
في هذا الخصوص ومع أنّي ( ليبرالي من حزب إشتراكي ديمقراطي ) أقرب الى أفكار أوباما وحزبه من الجمهوريين .
لكنّي أقول رأيي الصريح بتلك الازمة .
أوباما يريد رفع سقف الدين العام , وفي نفس الوقت رفع معدّل الضرائب ليتمكن من دفع بعض الديون المستحقة قريباً على الحكومة , لأنّهُ لايريد الوصول الى نقطة عجز الحكومة عن دفع الديون .
فلو حصل ذلك فسيكون لأوّل مرّة في تأريخ أمريكا , ما يعني هزّة أمريكية كبرى تشبه إعلان الإفلاس , بل هي الإفلاس بعينه !
تصوروا ماذا يحدث للإقتصاد العالمي لو أعلنت أمريكا إفلاسها ؟
غالباً سينهار كلّ الإقتصاد العالمي كما كرّر ( فؤاد النمري ) مراراً وهو مُحّق طبعاً .
يعني فكرة أوباما تتلخص في أن يستدين الآن أكثر ( لمدّة عام ) ليدفع الديون المستحقة .
وفي نفس الوقت من خلال رفع الضرائب على الأثرياء وزيادة التشغيل سيمشي في خطّة خفض الديون ( بمقدار 4 تريليون خلال عشر سنوات )
أمس قال اوباما في خطابه أنّ أمريكا عام 2000 كان لها فائض واضح في ميزانها ,( سأوضح الأرقام لاحقاً بجدول ) وأنّ سياسة تخفيض الضرائب ( الجمهوريّون ) والحروب أجهدت الخزينة الأمريكية ( وذكر بوش الإبن ) و أحداث 11 سبتمبر
لكن في الجهة المقابلة / ما هي خطّة الجمهوريين البديلة ؟
يقول كبيرهم ( جون بينر ) رئيس مجلس النواب الأمريكي , إنّ أوباما يُريد منّا ( أو من الكونغرس ) شيك على بياض برفع الضرائب .
فلماذا سنقبل بذلك ؟ ( أفترض أنّ غالبية الأثرياء جمهوريين )
يقصد بالطبع لماذا سيدفع الاغنياء فاتورة الديون الأمريكية وفي نفس الوقت يُهدون فترة رئاسيّة ثانية لأوباما كونه سينجح في خطتّهِ ؟
شفتم ملاعيب السياسة التي قصدتها ؟ مع ذلك أنا لستُ ضدّ فكرة الجمهوريين ,فلنسمع خطتهم ماذا تقول ؟
ممثلهم ( جون بينر ) يقدم الحلّ التالي : نرفع سقف الدين بضعة أشهر فقط ( وليس عاماً كاملاً كما طالب أوباما )
يعني يمشووها بس , لكن في نفس الوقت نبدأ ببرنامج خفض النفقات العامة , بدل رفع الضرائب .
ما الذي إستند عليه في فكرته ؟ يُجيبنا
لانّ الخطأ الأصلي الذي أوصلنا لهذا الوضع الحرج هو الإنفاق أكثر ممّا موجود في المحفظة
( تذكروا الرجل اليوناني الذي دخل مطعم فخم وجاءته فاتورة تفوق ما في جعبته بكثير )
إذن الفكرة النهائية عند الجمهوريين تتلخص بخفض النفقات / يعني على قد غطاك .. مدّ رجليك !
وهذا مبدأ معقول ومقبول أنا كشخص ملتزم بهِ جداً في حياتي لذلك قلتُ بأنّي لستُ ضدّ الجمهوريين .
لاحظوا أيضاً أنّ التصويت على رفع سقف الدين , كان سابقاً أمرا روتينيا في تاريخ الولايات المتحدة ( النمري يعرف ذلك جيداً )
لكن الجمهوريون رفضوا هذه المرة الموافقة على زيادته , من دون تخفيضات كبيرة في عجز الميزانية .
لاحظوا هم يفكرون لأوّل مرّة بالتوقف عن رفع سقف الدين . معنى ذلك ( عندي ) , بداية الإصلاح الحقيقي !
وإليكم فكرتي (الوسطيّة كالعادة) بين الجمهوريين والديمقراطيين ولستُ اُبالغ أو أتنرجس ( من النرجسيّة ههههه ) لو قلتُ
أنّي أتوقع إتفاقهم على فكرة قريبة منها يوم 2 أغسطس , أيّ بعد اقلّ من إسبوع .
ماهي تلك الفكرة الوسطيّة ؟
رفع سقف الدين بصورة محدودة ( 6 أشهر مثلاً ) , وتخفيض الإنفاق العام , ورفع الضرائب على الأثرياء ,في نفس الوقت ( كلّها في سلّة واحدة )
بالطبع هناك تفاصيل كثيرة
فالإنفاق العام مقصود بهِ خارجياً بالإساس كالحروب والمساعدات وأبحاث الفضاء , وفي هذا المجال الأخير هناك خبر عن تقاعد مكوك الفضاء أتلانتس , ممّا سيؤذن بنهاية برنامج وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) الذي إستمر 30 عاما , وسوف تقوم ناسا بعد ذلك بإتباع نهج أقل تكلفة لإيصال رواد الفضاء الى محطة الفضاء الدولية , عبر التعاقد مع شركات خاصة للنقل .
نعم في كلّ مجال يمكن الإقتصاد في الإنفاق وتوفير المليارات , أليس كذلك ؟ ونعرف معيشة الأمريكيين و المبالغة في الرفاهية والتبذير أحياناً .
والمثل السويدي يقول Den som spar han har الذي يدخر فهو يملك , وعندهم مثل آخر يقول الغنى ليس بما يأتيكَ فقط بل أيضاً كم تنفق منهُ
أمّا عن قضية رفع الضرائب , فهذه فيها تفاصيل تصل عندي الى المبالغة في مصادرة مليارات المتهربيين من دفعها مهما كانت عاليّة
فمن اين لهؤلاء الأموال أصلاً لولا أمريكا هذا البلد العظيم الرائع ؟ فالتضحيّة ببعض مليارات الأغنياء ضرورة كي لا يغرق المركب .
وفي كلّ الأحوال فالغرب لن ينهار على حين غفلة , بل هي مشاكل ومقدمّات طويلة تستغرق سنوات كما نعيشها الآن
خلالها تظهر الحلول المناسبة حسب نظامهم الديمقراطي الذي يسمع لكل الآراء .
*********
جدول مهم عن الدَين الأمريكي وحدّهِ الأعلى
لعدم إمكانية نسخ الكيرفات أو المنحنيات سألخص المعلومات قدر الإمكان لتتضح الصورة عن أسباب الأزمة وأين وصلت ؟
السنة ... إسم الرئيس الأمريكي..... الدَينْ ( تريليون دولار )
1980 جيمي كارتر أقلّ من 1
1981 رونالد ريغان 1
1990 جورج بوش 4
2000 كلينتون 6 تقريباً
2008 بوش الإبن 10 تقريباً
2011 أوباما 15.5 تقريباً
*************
الخلاصة / ماذا تلاحظون ؟
جورج دبليو بوش ( الأبن ) رغم انّهٌ حكم 8 سنوات , ورغم أحداث 11 سبتمبر 2001 في بداية حكمهِ و الحروب التي خاضها ضدّ الإرهاب
فالدّين العام قفز خلال سني حكمه ( الثمان ) , 4 تريليون إضافية .
بينما فترة اوباما ( سنتين ونصف ) رغم قصرها ورغم ميله للسلام وإنهاء الحروب لكن الديون قفزت أكثر من 5 تريليون إضافية .
لكن هل هذا مؤشر أو دليل ضدّ أوباما ومع بوش ؟ ج: أبداً , فالأزمة الكبيرة كانت قد بدأت عام 2008 قبل رحيل بوش .
وعملياً كانت تتصاعد حتى قبل مجيىء والدهِ الى الرئاسة , تذكروا فترة ريغان وبرنامج حرب النجوم وإسقاطه الإتحاد السوفيتي وقد نجحَ فعلاً
ما علينا بالتفاصيل , لكن هل أصل المشكلة بدأ من قلعة رامبويه عام 1975 عندما رفعوا غطاء الذهب عن العملة ؟
أم هي مشاكل وأزمات حياة مستمرة لايمكن أن يخلو بلد أو نظام منها ؟
وهنا سأوضح ايضاً أنّي لن أدافع عن سلبيات النظام الراسمالي فهي حتماً موجودة ,
لكنّي أشير الى محاسن الديمقراطية والليبرالية والإنفتاح في الاسواق وحرية الإبداع , وكلّها موجودة هناك في الغرب .
أردتُ القول أيضاً , أنّ الأرقام والديون والعجز ليست نهاية المطاف
فالإقتصاد الأمريكي عملاق صعب السقوط , ولو سقط سيقتل الجميع تحت جسدهِ الثقيل !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
26 يوليو 2011
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟