رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 08:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الفيدرالية ( بتصرّف من ويكيبيديا ) هي شكلٌ من أشكالِ الحكم , السلطاتُ فيه موزّعة دستورياً بين حكومة مركزية , ووحدات حكومية أصغر (أقاليم أو ولايات ) يعتمد أحدهما على الآخر ويتقاسمان السيادة في الدولة !
وللأقاليم نظامها الأساسي الذي يُحدّد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية .
النظام الفيدرالي هو في المقام الأوّل , تقسيم إداري يهدف لتطبيق نوع من اللامركزية في الحكم !
الحُكم الفيدرالي واسع الإنتشار عالميا اليوم ,ثمانية من بين أكبر دول العالم مساحةً , تحكم بشكل فدرالي أشهرها عربياً , الإمارات العربية المتحدة .
أما على المستوى العالمي , فهي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلجيكا وسويسرا وألمانيا والهند , وغيرها كثير .
********
الكونفدرالية هي إتحاد أو رابطة , أعضاؤها دول مستقلة (( ذات سيادة ))
تفوّض بموجب إتفاق مسبّق بينهم , بعض الصلاحيّات , لهيئات مُشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات ( كالدفاعِ والعملةِ المشتركة )
دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا واحد , وإلاّ أصبح شكلا آخرا من الفيدرالية !
تأريخياً .. كانت هناك كونفيدراليات , لكنّها لم تستمر مثلاً في أميركا وسويسرا , وبين السنغال وغامبيا ( 1982 الى 1989 )
وكذلك الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا ) , بين عامي ( 1958 و1961 )
آخر الكونفيدراليات كانت بين صربيا والجبل الأسود بين( 2003 و 2006 )
حالياً فقط الإتحاد الأوربي يمثّل كونفيدراليّة حسب التعريف الأصلي .
من التعرفين ماذا نجد في شمال العراق ( كرد ستان ) ؟ أترك الجواب للقرّاء الكرام وحسب آرائهم الحُرّة !
وسأجيب بطريقتي الخاصة بذكر مثال إجتماعي من السويد .
السامبو (Sambo ) نظام إجتماعي يعيش فيه الشريكين كالأزواج تماماً ماعدا شيء واحد يختلف , هو عدم وجود ورقة زواج رسمي مدني .
حتى عند الإفتراق يتقاسمون الآثاث وحضانة الأولاد ... الخ
السيربو (Särbo ) هي علاقة حب وعِشرة بين إثنين لايجمعهم سكن مشترك , يعني زيارات متبادلة , إسبوعية مثلاً
كلا النظامين موجود ( لكن السامبو أكثرشيوعاً ) وكذلك الزواج العادي موجود , الذي يختلف تقريباً عن السامبو فقط بحفلة الزواج .
لذلك ترى السيّدة السويدية تعيش 30 سنة مع شريكها ولها منهُ أولاد وأحفاد , وتأتي يوماً فرحة لتخبرنا انّها ستتزوج منهُ وسيقيمون حفلة !
وهذه المفاجئة حصلت معي في اوّل تدريب على لقاء صحفي كان مع ( المعلمّة نفسها ) وكنتُ لا أجيد سوى الأسئلة العامة
فأتذكر سؤالي الاول لها من تشجعين ريال مدريد أم برشلونة ؟ فقالت ولا واحد منهم ههههههه
وسؤالي الثاني هل انتِ متزوجة ؟ ( وكنتُ أعرف إبنتها الشابة وإبنها الصغير ورجل يأتون عليها أحياناً ) يعني سؤال ( ما يخرش الميّه )
فأجابتني : كلا , ولو تشوفون وجهي صار طماطة هههههه وأضافت أنا أعيش مع السامبو خاصتي !
فقفزتُ الى سؤالي الثالث هل تجيدين التزلّج ؟ شنو الربط ؟ ما أدري ! المهم هي لاحظت إرتباكي فإحتضنتني وضحكت .
ما علينا هسّه شنو رأيكم بالحالة العراقية سامبو ..أم ساربو ؟ المهم لاتتحول الى رامبو !
***********
هل الأقاليم تعني بالنهاية .. التجزئة أو التقسيم ؟ وهل سيختفي إسم العراق كما يخشى الكثير من الأحبّة ؟
كما كتب المفكر العراقي المحترم د. رشيد الخيّون / العراق أقلمة أم قلزّمه ؟
http://www.almitro.com/11/5566.html
شخصياً لو طالب أحدهم بذلك , سأكتب عنه مقالاً بعنوان .. لا نجوتُ إن نجى !
أقصد ذلك الكاتب طبعاً , وليس العراق الذي يقول عنهُ حازم التميمي / أنا عرقُ العراق ينّطُ من أحشائي !
تتراوح الدعوات في هذا الشأن ( الفيدراليّة ) على مدى واسع , كما كل شيء في العراق .
فمن إقليم فيدرالي تحوّل تقريباً الى ( كونفدرالي ) , مستقل وساستهِ ( وليس الشعب الكُردي ) , منشار أصلي , صاعد واكل نازل واكل !
الى دعاوى لأقاليم طائفيّة إثنيّة مقيتة بائسة .
الى دعوة ( أمثالي ) بنظام البلديات المستقلة التابعة لأقاليم تكوّن الدولة العراقية الواحدة الموّحدة .
وسأعيد ذكر مثال السويد لغرض توضيح فكرتي
السويد تتكون من 21 مقاطعة أو إقليم Län
للإقليم مجلس إداري يرأسهُ ( حاكم ) , وبرلمان محلي مُنتخب .
كل إقليم مقسّم الى بلديات Kommun حسب عدد السكان
كانت عدد البلديات في عموم السويد ( 290 ) بلدية عام 2004
أيّ تقريباً بلدية لكل 30 ألف مواطن { لكن ليس شرطاً تساوي العدد } .
البلدية هي أشبه بلجنة حكومية للمدينة ومجلس الوزراء على غرارالحكومة .
تضم الجمعية التشريعية البلدية ما بين 31 و 101 عضواً (دائما عدد فردي) , تُنتخب بقوائم التمثيل النسبي في الانتخابات البلدية التي تعقد كل أربع سنوات بالتزامن مع الانتخابات التشريعية الوطنية.
كيف يتّم العمل والتطوير والبناء في السويد ؟
الحكومة المركزية مسؤولة عن القضايا المُشتركة الكبرى كالدفاع والتعليم والصحة والطاقة والضرائب والمحاكم وما شابه !
كلّ بلدية مسؤولة عن مشاريعها الخاصة السكنية والصناعية والتجاريّة والخدميّة والطرق وما شابه ( يعني تفاصيل الحياة ) وحسب مواردها .
قد تستدين بلدية من أخرى أو تحصل على مساعدات مجانية من بلدية ثرية .
الثراء الحقيقي يأتي عملياً من قوّة الصناعة أو الزراعة أو باقي النشاطات في تلك البلدية .
بلديات الشمال عموماً قليلة السكان وغنيّة , بينما الجنوبية كثيفة السكان جداً .
لماذا الجنوبية أفقر ؟ لأنّ المهاجرين يتركزون في الجنوب وغالبيتهم لايعملون , يفضّلون المساعدات والذين يعملون لايدفعون الضرائب المستحقة غالباً
وكل فترة نسمع ( بيننا ) دخل 30 صاحب شركة من اصول مهاجرة .. أسود , يعني ( القائمة السوداء للفاسدين ) .
العمل يعني إكتفاء العامل ودفعه ضريبة جيدة للبلدية .
كلّما زاد الشباب والعمال زادت البلدية غنى , وكلّما زاد العاطلون والمسنون إنعكست الحالة طبعاً , حيث المساعدات الاجتماعية ستأكل من أموال البناء والتطوير !
**********
لماذا أحلم بهذا النظام في العراق ؟
أكرّر , أقصد النظام الفيدرالي الإداري وليس القائم على أساس إثني من أيّ نوع
للأسباب التالية :
ببساطة ووضوح , لو وزعّت موارد العراق ( نفترضها نفطيّة فقط ) لأنّ الاقتصاد العراقي كما نعلم حالياً هو إقتصاد اُحادي عقيم بائس .
لنفترض هناك 18 إقليم في العراق أو محافظة .. لاتهمني التسميّات !
كل إقليم يتقسم الى بلديات حسب النفوس , ونفترض عدد سكان كل بلدية 50 ألف مواطن .
يعني مدينة الثورة لوحدها ستشكل مليون بلدية ههههه هذهِ مبالغة لتلطيف الجو , أقصد 60 مثلاً لو كان عدد نفوسها 3 ملايين نسمة !
البلديات العراقية ستكون بالطبع غير منتجة ( مصفرّة ) وعلى الحديدة في البداية , ستصلها حصتها العادلة من الحكومة المركزية حسب الأصول
بعد إقتطاع أموال الإستثمارات الوطنيّة , حسب الخطة المركزية .
ستقوم كل بلدية وحسب ساستها وإدارتها المنتخبة ببناء ما تشاء وتطوير البلدية حسبما يرتأي أهلها .
طبعاً في الحالة العراقيّة نتوقع تقاسم المجلس البلدي بالدفعة الاولى وطيرانهم الى الخارج ههههههه
لذا يجب وضع ضوابط كي لايحدث ذلك , فالدفع من وزارة المالية يكون للمشروع مباشرة من حصة البلدية .
هناك تفاصيل كثيرة , لكن عندما تستقر الأمور سيكون التركيز والتسابق على البناء والإعمار لانها الطريقة التي تجلب مزيد من الأموال والإستثمارات لتلك البلدية فتصبح غنيّة بعملها وإنتاجها وسياسة أبنائها !
وهذا جوهر الموضوع عندي , التنافس في الخير والبناء بدل الوضع الحالي , حيثُ التنافس بالسرقة والفساد وتقسيم الكعكة !
هل تسموّن ذلك تقسيم للعراق ؟
أنا أسميهِ تمتين وحدة العراق وتقوية أجزائهِ وبنائها جميعاً ( البلديات ) لتكون أسس متينة للبلد الواحد الموّحد المفتوح لجميع ابناءهِ !
عار على العراقي أن يحتاج ( فيزة ) ليزور أحد المصائف في شمال العراق , بينما يجول الأوربي 26 دولة بلا جواز أصلاً , ويسافر الى أغلب دول العالم بلا فيزة نهائياً .
البلدية التي تعمل بإخلاص أكثر ستبدو بعد أقل من عقد من الزمان كالكوب الدُرّي في الاُتتِ , على رأي عادل إمام .
والبلدية التي يتلهى أبنائها بالسرقات والفساد ستكون عار عليهم وسوف يشحذون المساعدة من البلديات الناجحة وسوف يلعنهم أبناؤهم مباشرةً بدل لعن سنسفيل الحكومة المركزية , وستبدأ المشاكل من جديد .
يعني مثلاً بلدية يرأسها ( مقتده ) , تشحذ من بلدية يرأسها موسى فرج أو د.عمر علي أو مارا الصفار أو د. صادق الكحلاوي
وبلدية يرأسها شامل أو الزيرجاوي تشوف بيها انواع المستكي والإنفتاح والسياحة والتستسه !
وطبعاً هناك بلديات ستبقى على( اللطم ) .. على أبو سياحة دينية شعلينا ؟
وبلدية لكاتب هذه السطور رأيٌ فيها , ستركز على الصناعة والزراعة والرياضة عموماً , وكرة القدم خصوصاً .
الخلاصة إذن / الحل بأيدينا لو شئنا النهوض
لامؤامرات أمريكيّة وصهيونية تعيقنا , ولا حاجة للعمالة لملالي إيران وبراقش الكويت ولا الجنّ الأزرق
الحل بأيدي العراقيين , أو كل شعب في بلدهِ لو طبقنا الفكرة على الجميع .
لاحظوا أنّ العراقيين وعموم الشعوب التعبانة , تجيد الشكوى والتذمّر لكثرة الإحباطات السابقة بسبب الطغاة .
في حالة تطبيق فكرتي لا نتوقع أن يطلع علينا رجل أربعيني فيقول إش سوولنا الأمريكان وحكومات الإحتلال , شوفوا جبال الأزبال والقمامة ؟
ساعتها نجيبه بالتالي / روح ناقش حكومتك المحلية التي إنتخبتها فلان وفلان معروفين , حيّ على الصلاة , ماكو تهّرب ووزارة تذبّها على أخرى .
الخلاصة
الفيدرالية التي أحلم بها تحتاج أولا تحقيق ديمقراطية مستقرة وراسخة حتى لا تتحول الى تقسيم كريه للبلد يخلق ألف مشكلة .
أيضا تحتاج ( لنظافة يد ) المجالس البلديّة أو المحلية أو الأقاليم , كي لا تقع ثروة الاقليم في يد الحاكم وزمرتهِ !
المجلس البلدي النزيه , سيمارس دوره كرقيب ومُحاسب للحاكم , وإلاّ يتحول المشهد الى سباق مع الفساد .
النزاهة والشفافية والعمل الجاد , تبقى هي مفاتيح المغاليق العراقيّة !
محبتي لكم
رعد الحافظ
24 يوليو 2011
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟