أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائدة جرجيس - مهمة.. في ليلة مطر














المزيد.....

مهمة.. في ليلة مطر


رائدة جرجيس

الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 13:50
المحور: الادب والفن
    



و يسألونك عن الروح .. قل الروح من أمر ربي.. و ما أوتيتم من العلم إلا قليلًا " ! سورة الإسراء

بدا البرد يجرح وجه الأرض و السماء تبكي بحبات لؤلؤ على خد الزجاج ، قطعت سيارة الأجرة المسافة من جبل سيد صادق* إلى نقطة التفتيش التي تفصل مدينة الذهب الأسود كركوك عن السليمانية رغم طول المسافة إلا أنها لم تشعر بذلك لأنها كانت تتبادل أطراف الحديث مع سائق السيارة التي استأجرتها ذهابا وإيابا ، حيث دار الحديث عن ولدها الذي تعود الفرار من الجيش وتعودت إعادته خوفا من إعدامه حسب القوانين التي كانت تحكم تلك الفترة خلال الحرب العراقية الإيرانية
الغروب يصنع للشمس لثاما أسود ، وهي تحتجب خلف التلال والهضاب ، طلبت من السائق الإسراع ، لكنما دون فائدة ، إذ وصلت السيارة في الوقت الذي أغلق فيه الطريق حتى الصباح ، وعند نقطة التفتيش الفاصلة ، وقفت متحيرة ، إذ كيف تمضي الليلة دون ملاذ أو جوار ..
اقترح سائق السيارة أن تبيت الليلة بأحد فنادق مدينة السليمانية ، وهو سيوافيها صباحا .. وجدتها فكرة حسنة رغم توجسها وإحساسها بالوحدة . وبما إن الوقت كان متأخرا فهي لم تعثر إلا على غرفة بائسة في احد الفنادق الفقيرة ..ساد الفندق الإهمال والقذارة ، لاحظت هي بعض العيون المتربصة ، خفق فؤادها خوفا ، وبدأ الرعب يسري في أوردتها .
سالت مسؤول الفندق بلغته الكردية والتي كانت تجيدها بطلاقة عن المزيد من الأغطية وان يوقظها السابعة والنصف صباحا ..
دخلت الغرفة .. تفحصت زواياها .. أحكمت إغلاق النافذة، وأوصدت الباب، وسحبت السرير خلف الباب مباشرة ، ليزيد من إحكام إغلاقه .. ارتمت السرير النتن ، دثرت جسدها بالأغطية الإضافية التي حصلت عليها من إدارة الفندق ، ولم يستقر جسدها المرتعش .. وضعت معطفها الصوف تحتها ليمنحها بعض الدفء والحميمية ..
وفي لحظة الصمت الرهيبة .. كانت ترجو جلاء البرد والخوف ، غير ان طارقا أفزعها ، غارت في جوفها الكلمات تريد معرفة الطارق ، نادته بالكردية ( من هناك .. وماذا تريد ؟ ) أجابها صوت من خارج الغرفة ( لعلك تريدين خدمة ما ؟ ) علمت انه احد المتربصين.. رفضت خدمته، وحذرته من الاقتراب مرة أخرى من الباب .. لكن ذلك لا يعني إنها دخلت في مناخ الأمان ..
وبين الرغبة الشديدة للنوم .. والبحث عن الدفء .. وبين هاجس الخوف .. أحست إنها في لحظات الوسن ، وطارق آخر ، ولكن هذه المرة عند النافذة ..
ألقت نظرة إلى شرفة الغرفة فإذا به ( رشدي ) زوجها الذي فارق الحياة منذ ثلاث سنين يقف في المطر ويسألها بإشارة من يديه أن تفتح النافذة ..
وقفت بين الحقيقة والخيال ، تريد ممرا لتصديق المنظر ، ما أحوجها لرشدي الآن ، وسط هذا الكابوس المرعب ، وبين رغبتها بمحام امين ، وفرحتها بالنجاة .. فتحت له النافذة ليدخل الى الغرفة .. انه هو بلحمه ودمه ، كم كانت شغوفة لترتمي بأحضانه ، خلاصا من براثن البرد والخوف .. وكأنه علم بسرها وبرغبتها ، مد يده كانما يمنعها قائلا :
¬¬¬¬¬ ¬- أنا هنا في مهمة
وماهي مهمتك؟!
قال :
- حمايتك.. أرجوك انسي ألان اني حبيبك وزوجك تعالي واخلدي للنوم
- ولكن..
- كيف هو ولدنا وهل وعدك بان لايفر مجددا
- كما تعود وتعودنا ولكن كيف أتيت وبهذه السرعة
رد عليها باقتضاب
الطائرة المروحية، وأشار بيده نحو النافذة ، ثم أردف
جولي
أريد منك وعدا
اريد ان تضعي الوسادة بيني وبينك وإياك إياك ان تلمسيني ولا تتكلمي واخلدي للنوم

ضحكت بل قهقت وقالت لك هذا
وضعت الوسادة بينهما كحاجز بينما وضع وردة الفل على تلك الوسادة
نظرت نحو وردة الفل ، وخطر ببالها ان الفل لا يحيا الا في الربيع والصيف ، فمن أين جاء بهذه الفلة في هذا البرد القارس ؟، مرة أخرى أدرك ان في بطنها سؤالا تريد البوح به ، وضع اصبعه على شفتيها آمرا أياها بالصمت
نامت هي نوما عميقا كانها لم تنم منذ ايام منحها وجوده طمانينة وحبا وهدوء
في الصباح ، احست بأن شفاها تدغدغ خديها ، كان في نفسها أن تصحو لتحيا طقس تلامس الشفاه ، ولكنها مازالت تحس بالاعياء والتعب ،
صافحتها نسمة هواء قارسة ، تململت على السرير ، مدت يدها نحو الوسادة ، عيناها مغمضتين ، وقلبها يقض ، تجاوزت يدها الوسادة بحثا عن الجسد الآخر الذي شاركها نوم السرير . لا شيء سوى القماش البارد .
فتحت عينيها لترى الوسادة ووردة فل تنام بفخر بحثت عنه في أرجاء الغرفة ولم تجده انتبهت لطرقات عامل الفندق على باب الغرفة
ليخبرها إنها الساعة السابعة والنصف صباحا وان السائق في انتظارها
رجعت بجسدها الى النافذة فرات طيارة مروحية تحلق وفيها رشدي يلوح لها وداعا بالقبل
نظرت بيديها تتأمل شذاه ، رفعتهما نحو وجهها غطته بهما ، ثم شمتهما شما عميقا ..
قبلت مكانه في الفراش وتنفست عميقا لتستنشق عطره الذي فاح في الغرفة امانا وحنانا واخذت وردة الفل معها
وردة الفل بقيت معها ثلاثة وعشرين عاما في علبة كرستال فاخرة صنعت خصيصا لها
وفي يوم وافتها المنية أخذت الوردة بين يديها وماتت
.............................
• سيد صادق مصيف تابع لمحافظة السليمانية شمال العراق



#رائدة_جرجيس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزالة ..بنية
- سؤدد الحب
- رائديات
- رااا..ئديات
- حب في الاكوادور
- جروح الغواية
- ذاكرة الجلد
- كرسي المسؤول وبسمة رقية
- سؤال نازف
- fبيان تاسيس منظمة ثقافة ضد الهيمنة
- قبل ادم بتفاحة
- حين يرقص القصب
- بريييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ...
- لاتكن نرجسي الهوى
- كيس الفضيحة
- صوت الوطن المسافر
- نص لنشر
- نوايا لكن حسنة
- نذور الملائكة
- سرٌ .. للبوح


المزيد.....




- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائدة جرجيس - مهمة.. في ليلة مطر