أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عزيز الخزرجي - أسفار في أسرار الوجود ج4 - ح2















المزيد.....


أسفار في أسرار الوجود ج4 - ح2


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3435 - 2011 / 7 / 23 - 01:39
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


أسفارٌ في أسرار الوجود ج4 – ح2

حقيقةُ ألجّمال

ألجمال .. كآلفن .. كآلعشق .. كآلوجود نفسه .. ليس له تعريف علميّ ذاتي خاص, بل له تعريف عرفيّ لفظيّ عامّ, لعلّ فقدانه لتعريفٍ مُحدّد يعود لبداهته و إندماجه و صيرورته في ذات الأشياء و آلمخلوقات و الوجود ككل, بمعنى عدم وجود آلقبح في خلق آلله من حيث كونه تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً أو غير جميل, و لكثر وضوحه و بداهته في أعين و قلوب ألنّاس باتَ من آلصّعب .. بلْ ألمستحيل تحديد تعريف نظري جامع مُحدّد له!

إنّ آلذين سعوا حتّى آلآن لتحديد تعريفٍ مُعيّنٍ دقيقٍ و جامعٍ للجّمال لم يُفلحوا بنظري, لكون الجمال أمرٌ فطريّ ذاتيّ و يُتداخل في حيثيّات آلخلق و آلوجود, من آلذّرة إلى أكبر مجرّة, فآلجّميع حتىّ آلأطفال و فاقدي ألنّظر بإمكانهم مشاهدته و إحساسه كلٌّ حسب وسعه و طاقته!

لذلك فآلجمال أمرٌ حقيقيّ طبيعيّ و ليس صناعيّ(1) بل آلصّناعة و آلتكنولوجية على آلعكس قد أثّرتْ فيه سلبياً إلى أبعد ألحدود, خصوصاً عندما أستُخْدمَتْ في مجالات غير إنسانيّة كآلحروب و آلتّجسس و آلتسلط و آلقتل و صناعة الأسلحة ألذّرية(2) و تأثير مخلّفاتها على آلأنسان و آلحيوان و آلبيئة بسبب فضلات المفاعلات النووية(3) و آلشركات العملاقة و تقليص مساحة ألغابات و إستخدام ألأسمدة الكيمياوية بكثرة في آلأنتاج ألزراعي حتى فقدت ألفواكه و البقول نكهتها و آلورود عطرها, كل ذلك بسبب تسخير ألعلم من أجل منفعة طبقة ألرّأسمالية ألّتي تُحدّد نوع ألأنتاج و مجالاته و كيفيته و أسواقه(4).

إنّ آلجّمال له جذورٌ في أرواحنا ألّتي هي من أمر آلله تعالى, و من أجل تلطيفها للمحافظة على جمال طبعها و طهارتها علينا حفظها من كلّ ما هو قبيح و سيئ و سلبيّ(5), و يحتاج آلأنسان لأنْ يرتبط على الدوام بأصل ألجّمال و هو الله تعالى و يطلب منه العون و آلرحمة, و إنّ ما نَراهُ من مُحاولات حثيثة مستمرّة من كلّ آلبشر تقريباً – خصوصاً ألنساء – للمحافظة على إبراز ألجمال ألظاهري و عدم ألتوازن بين هذا البعد المادي و البعد المعنوي تُعتبر مُحاولات عبثيّة تؤثر سلباً على حقيقة ألجمال, من هنا فأنّ جميع آلبشر ألمُتمدّنين منهم و آلمُتوحشين يُحرصون على إظهار أنفسهم بأشكال مختلفة لكونهم بحاجة إلى إطراء ألجمال و لو ظاهرياً على أنفسهم لجذب إنتباه ألآخرين, و هذه مسألةٌ غريزية(6) يتلذذ من ورائها الأنسان حين ردود آلأفعال ألأيجابيّة من قبل ألآخرين, و هذا آلأحساس إنّما تولّد و إنتشر بين آلبشر لكونه فقد ألأهتمام و آلعناية من قبل ألأرحام و ألمُقرّبين و ألمُحيطين به كآلزوجة من قبل ألزوج أو العكس, أو آلأولاد من قبل الوالدين أو آلعكس, أو المعشوقة من قبل معشوقها(7) .. و آلسبب في كلّ هذا هو لضعف الأتصال أو إنقطاعه مع منبع ألفيض ألألهي ألذي يأمرنا و يحثنا كي نُقيّم و نُبجّل و نُبدى إعجابنا الأيجابي بكل عملٍ أو مظهر أو وجه جميل! حيث خاطبنا تعالى بآلقول: [أ فلا ينظرون إلى الأبل كيف خُلقت, و إلى السماء كيف رُفعتْ, و إلى الجبال كيف نُصبتْ, و إلى آلأرض كيف سُطحتْ](8), و قوله تعالى: [ و خلقنا آلأنسان في أحسن تقويم](9) و كثير من الآيات حول ذلك, حيث طلب منّا تعالى ألنّظر أبعد من آلصور ألمنظورة و عدم آلبقاء في حدود ألأشياء و ظواهرها .. بل و آلتّعمق عبر آلفكر و آلتعقل و التدبر في مضامينها و كيفيتها و حكمتها وعلاقتها بآلمكونات ألوجودية ألأخرى, و إلّا فأننا نفقد ألمعنى الحقيقي للجمال و آلجلال, و لعل في قصّة نبيّا يوسف عليه و على نبيّنا أفضل الصلاة و و آلسلام إشارةٍ قويّة لما قدّمنا(10)!

ألفلاسفة و آلحكماء و آلمفكرين منذ آلقديم و إلى يومنا هذا قالوا آلكثير عن آلجمال و تفكّروا في أمره ألّذي لا يمكن أن يكون شيئاً خارج الذهن ألأنساني و ضميره, لكن لا يُعرف بين آلناس إلّا حقيقته الظاهرية بعد ما وضعوا بعض المقايس ألعرفية, ليُحدد آلجمال في آلأشباه عبر آلأقتران دائماً بين آلألوان و ألأبعاد و تناسق ألمكونات ألتشكيلية للوجوه و ألأشياء و آلطبيعة و حتى الفضاء و آلأكوان هذا هو المستوى الشكليّ ألأوّل, أما آلمستوى ألباطنيّ آلآخر للتفاضل .. فأنّهُ يكتمل و يتمّ و يُعرف من خلال مجموع تلك آلألوان و الأبعاد ألشكلية و حقيقة و كيفيّة علاقتها مع خالق ألكون, من حيث إندماج كينونته تعالى فيها و إنضمامها في آلخلق و آلأشياء كشرط لوجودها و صعوبة تجليها للعيون عبر مشاهدتها أو إحساسها عن طريق الحواس لأنها لا يُمكن أنْ تُدرك بها و بآلعيون بل يُدرك بعين ألقلب, ذلك أنّ حقيقة ألجمال لا تنحصر فقط ضمن حدود و أبعاد و مدى قوّة آلحواس المعروفة لتشخيصه بل يتعدى ذلك إلى ملكوتها, و بتعبير ألفلاسفة؛ ألجمال بآلنسبة للأنسان ليس له حيزٌ معين في الفضاء ألخارجي بل له وصفٌ خارجي لا يتحقق أبعاده آلحقيقية و كماله إلّا من خلال ضمير الأنسان – أيّ قلبهُ - و يقع دائماً كصفة مجازيّة للأشياء و آلموجودات.

أما نسبة الجمال و درجته و نسبته و قيمته بين آلمخلوقات ألأخرى غير ألأنسان, و بغضّ ألنّظر عن فلسفة ألتّباين في آلجّمال و مراتبه ألتي رتّبها و أرادها الله تعالى لكونه آللطيف ألخبير ألحكيم .. فأنّه هو آلآخرعالمٌ آخر مليئ بآلأسرار و آلمعجزات .. لكوننا لا ندرك بسهولة فلسفتها و كيفيّة إرتباطها بمكونات الوجود ألأخرى و بآلخالق في النهاية, سوى ما وصلنا من آلوصف و آلبيانات ألعلمية و آلأدبيّة ألتي إشتقّها آلعرفاء و آلشعراء و آلفلاسفة من بعض ألنصوص المقدسة أو عن طريق آلأشراق أو آلبحوث ألعلمية و هي محدودة, و لولا آلكتب ألمقدسة و على رأسها آلقرآن ألكريم و ما بيّنهُ آلأنبياء و آلأئمة و آلفلاسفة و آلشعراء أمثال سعدي و حافظ ألشيرازي و آلمولوي و إيليا أبو ماضي (11) و غيرهم .. لكُنّا بقينا آلعيش في آلجّاهلية بكلّ أبعادها و إمتداداتها حتى يومنا هذا, و إنْ كنّا نرى أن جاهلية جديدة بدأت تنتشر وسط الأمم بمظاهر عصرية مقنونة, و هذا موضوع آخر سنبحثه لاحقاً!؟

إذا أردنا على سبييل ألمثال أنْ نصفَ شيئاً أو نُعبّر عن ظاهرة .. فأنّنا نقول: ألشمس جميلةٌ؛ ألقمرُ مُنيرٌ؛ البحرُ جميلٌ؛ الغابةُ جميلةٌ؛ صوتُ آلبلبلِ جميلٌ أو هذا الوجهُ جميلٌ, أو ألألوان زاهيةٌ, أو تلك آلمرأة ملاكٌ, هذا كلّه قد يكون وصفاً صحيحاً, و آلكناية أبلغ من آلتصريح!؟

لكن مع كلّ ذلك .. ما معنى و تفسير حقيقة ألجّمال نفسهُ؟

هذا آلسؤآل أساسيّ بذاته .. و يجرّنا إلى آلقول:

هل إنّ آلجّمال أمرٌ عينيّ أم أمرٌ ذهني 100%؟

أم هو أمرٌ يشمل ألحالتين معاً؟

أم يشترك جميع ألحواس مع آلعقل لمعرفته؟

و هل ألعقل ألظاهر .. أم آلعقل ألباطن؟

أم ألأثنان معاً؟

أم هو موضوعٌ يمتدّ وجودهُ في جميع الأمور ألواردة أعلاه؟

أم بنظرة أوسع و بسؤآل جامع؛ هل آلجمال يشمل ألعلاقات ألخفيّة بين مكونات آلوجود أيضاً .. إبتداءاً بمكونات ألذرة و إنتهاءاً بمكونات ألوجود؟

و إذا كان ذلك .. فكيف آلسبيل إلى كشف تلك آلعلاقات ألخفيّة و نحن العاجزون حتّى على وضعِ تعريفٍ لفظيّ شامل للجمال!؟

و هل حقيقةً يستحيل ألوصول إلى المعرفة ألكاملة لحقيقة الجمال و آثاره .. ما لم نُحِط علماً بكل تلك آلمعادلات؟

و كيف يمكن ذلك و نحن لا زلنا لا نعرف حتى جمال أو قُبح أنفسنا آلّتي بين جنبينا معرفة كاملة؟

ما أتْفَهَ و أضْعَفَ هذا الأنسان ألذي أحياناً يتجرأ و يبطر و يزني و يقتل و يأكل حقوق الآخرين حين ينسى أنّه بعمله هذا يُخرّب كلّ منظومة الجمال ألذي رسمه خالقٌ عظيم مقتدر لا شريك له في هذا آلكون !؟

و آلحال .. أننا صرنا بجانب كلّ ذلك في وضعٍ قيّدتنا قوى آلظلام و آلقبح و هي تدفعنا نحو جاهلية جديدة إلى آلحدٍّ ألذي عُدنا مع تلك آلقيود لا نرى و لا نعرف حتّى ظواهر و مقايس آلجمال ألسّطحية ناهيك عن كنهه و أسراره و حكمته في كل شيئ!



فكيف آلسبيل في هذا الوسط لمعرفة أعماق و أسرار ألجّمال و علاقتهُ بين مُكوّنات مُمْكنِ ألوجود فيما بينها من جهة .. و بين مُكوّنات مُمْكن ألوجود و واجب ألوجود من آلجهة ألأخرى؟

بل أساساً هل بآلأمكان أن نصل إلى حقيقة كلّ آلجمال في آلكون؟

و هل تحقّقها يُفسر – أيّ في حال معرفة حقيقة ألجّمال – ألحديث ألشريف ألذي تكلّمنا عنه في آلحلقات السابقة في آلجزء الثاني و آلثالث و آلذي كان مفاده؛[عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشيئ كن فيكونٍ]!؟

أعتقد أنّه من آلمُمكن .. و لكن بشرط أنْ يتحقّق آلتناغم و آلأتصال ألأيجابي بيننا و بين حركة ألخلق و ألحان الطيور و أنغام الوجود و وموسيقى آلافلاك و تلك آلحالة تتطلّب ألمعرفة آلواعية قبل كلّ شيئ!!

و لو سلمنا بأنّ آلجّمال مسألةٌ ترتبط بآلعين .. و أذهاننا لا دخلَ لها بآلأمر, و عيوننا هي بمثابة عدسة آلكاميرا تلتقط آلصور كيفما تظهر شكلها و ألوانها؟ فنقول: لماذا تتباين ألرّوح أمام منظرٍ واحدٍ؟ فعندما تكون حالتنا آلرّوحية جيّدة و إيجابيّة قد نرى منظراً مُعيّناً من آلطبيعة جميلاً جدّاً, و بالعكس لو كنا في وضع روحيّ سلبيّ و مثقل بآلهموم فأنّنا نرى ذلك آلمنظر قبيحاً أو بدرجة جمالية أقل بكثير من حقيقتها؟

أنا نفسي جرّبتُ كثيراً حين تكون آلروح منفتحة و إيجابيّة .. فإنّها ترى آلكثير من آلجمال و آلأنس حتى في وردة صغيرة, لكنها – أيّ آلرّوح - عندما تكون منقبضة لسبب دنيوي مُعيّن فأنّك ترى بستاناً من آلورد قبيحاً!

بل أحياناً قد يَمُرُّ أحدنا بجانب حدائقٍ من آلزهور و آلأوراد و كأنها لا تعنيه و لا يتأثر بها – بمعنى غياب آلأثر و آلمؤثر – و كأنّ الله تعالى خلقها عبثاً حاشاه!؟

لماذا يتفاوت نظرنا أمام منظر واحد؟

و ما هي طبيعة و حالات ألرّوح في وجود الأنسان و علاقتها مع آلجمال؟

من جانب آخر : لو قلنا بأنّ آلجّمال مسألةٌ ذهنية 100% , فلماذا لا تُسحرنا سوى بعض آلمناظر ألطبيعيّة .. أو آلأبيات الشعريّة أو الّلوحات الفنيّة, و حتى آلعبادات أليوميّة, بل أحياناً قد نصلي و ذهننا مشرّد خارج مدار الأرتباط مع المعبود؟ هل لأنّ للقلوب إدبارٌ و إقبال؟ كيف يحصل ذلك؟

و آلحقيقة مهما يكن من أمر ألجّمال و أسراره فأنّه يحتوى على خمسة أبعاد تُحدّدُ قوّة ألجّمال و فاعليته في آلوجود و هي:

ألتناسب و آلتنوع و آلكينونة و آلأهتزار و آلموقع.
ألتناسب؛ يجلب آلهدوء و آلأطمئنان و آلأستقرار, خصوصاً مع تناسق آلألوان ألغير صريحة .. كآللون ألسماوي و آلفستقي(12).
ألتنوع؛ يجلب ألنشاط و آلحركة و التجدد.
ألكينونة؛ تعطي مستوى الشفافية و قوّة ألجذب طابعاً و تُحدّد آللون, حيث إن لكل لون آثار و خصوصيات.
ألأهتزار؛ يُؤثر في آلضّمير عبر موجات ألأثير ألمتبادلة بين آلمُرسِل و آلمُستلِم, سواءاً كان إنساناً أو أيّ مخلوق آخر, و تُقاس بآلذبذبة(ألتردد).
ألموقع؛ تعطي آفاقاً و قوّة و كشفاً إضافياً لدرجة الجمال في آلفكر(ألذهن) من خلال آلمواقع ألأرتباطية و نوع و شدّة آلعلاقة بين مكوّنات مُمكن ألوجود على جهة و بين مُمكن ألوجود و واجب الوجود من جهة أخرى, بإتّجاه تحقيق مستوى و حالة آلجّمال و آلكمال في موجود مُعيّن أو في وجود الأنسان بآلذات!

لقد قسم البعض ألجّمال إلى إدراك حسيّ من خلال الحواس الخمسة ألتي ترتبط و تعمل آلياً عبر الارتباط بآلعقل.
و قسمٌ آخر إلى تصورات غير إدراكية تعتمد التجربة في المجال الأدراكي, بمعنى مزيج من الحالتين.
و تعاريف أخرى إمتدت لتشمل آلمدارات ألخمسة في معرفة ألجمال.

من خلال ألتّمهيدات أعلاه نتوصل إلى أنّ آلمباحث ألمعرفيّة ألجّماليّة ألنظريّة تشمل آفاقاً واسعة, و للوقوف ألكامل على حقيقة ألجمال لا بُد من معرفة آراء و نظريات ألعرفاء و آلشعراء و العلماء و الفلاسفة ألكبار, ليمكننا آلوصول إلى أفضل ألنتائج لتحديد ما أمكن من ماهيّة هذا الموضوع الحسّاس و العظيم لما له من تأثير إعجازي في حركة حياتنا و معارفنا لتحقيق كمالنا كهدف و غاية في الوجود بألوان زاهية, و سنعلن عن نظرية الجّمال و آلألوان و تأثيرها في سعادة آلأنسان في آلحلقة آلقادمة إنْ شاء الله., و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العلي ألعظيم.

عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعتبر ألفنّ ألتشكيلي ألذي لم يعد له مكانةً بين الأمم اليوم للأسف .. و آلعمران و آلأبداع ألعلمي بكلّ تشعباته و فروعه من صنع آلأنسان ألذي خلقه الله تعالى و أبْدَعَ في خلقه خصوصاً في عظمة عقله, و آلفضل في كلّ ذلك يعود لله ألمُبدع ألمُصوّر ألذي خلق كلّ شيئ بقدر وأعطى للأنسان إستثناءاً تلك آلقدرات و آلمواهب ألباطنية ألتي لا تُحقق ألكمال إلّا عبر آلعشق و آلأرتباط مع أصل الجمال و آلأبْداع و هو الله تعالى, كما بيّنا ذلك في مباحث سابقة, كما إنّ ألعمليات ألتّجميلية ألصناعية هي من أسوء و أخطر ألإجراآت حين خروجها عن ألمألوف - و قد خرجتْ - حيث تُؤثر بعمق في حياة و شكل و طبيعة ألأنسان, و قد إشتهر إجرائها بين آلناس مؤخراً بكثرة, و سببتْ ألكثير من آلحوادث و آلأمراض ألجانبيّة و آلعاهات ألمستديمة, أما بآلنسبة للمكياج فأنّها لا تضفي جمالاُ حقيقياً على آلوجه, خصوصاً إذا كان بألوانٍ صريحة و بكثافة غير مُتناسقة, فآلرّجل عندما ينجذب حقيقيةً نحو آلمرأة .. ليس للأصباغ ألتي تراكمتْ على صورتها أو شعرها, و إنّما لجمال نظرتها و تناسق هندامها و عذوبة منطقها و حيائها و نزاكتها و عفّتها, و هكذا آلمرأة لا تُحبذ هي آلأخرى ألرّجل ألّذي يتزيّن كآلمرأة و هو يُقلد حركاتها و سكناتها و لا تنجذب له, لأنّ المرأة لا ترى آلجّمال في كلّ ذلك, بل تراها في آلرّجل من خلال منطقه و أخلاقه و أدبه و تقواه و نظرته ألبريئة ألخجولة حين تُرسل من عينيّ ألرّجل كأمواجٍ متلاطمة رغم هدوئها الظاهر لتهزّ وجودها عبر آلأثير و آلنسيم بآلتناغم مع حركة ألطبيعة و آلوجود لتنساب كقطر ألنّدى على الورق إلى آلقلوب العاشقة ألمُحبة للأنسانية و آلخير و آلتآلف.
(2) أصبحتْ أليوم ألكثير من آلدّول تمتلك ألأسلحة ألذرية الفتاكة, حيث تصرف المليارات على صناعتها, و آلعجيب أن كلّ دولة تُراقب الأخرى و لا تستطيع إستخدامها, و آلحال لا أدري لماذا هذا التسابق الذري في هذا المجال عندما لا تستطيع أية دولة من إستخدامها!؟
(3) آلفضلات ألذّرية أخطر من الأسلحة ألذرية على آلبشرية, و آلدول المصنعة لها تعرف حقيقة هذا آلأمر, لهذا تسعى دائماً إلى نقل تلك آلفضلات إلى سواحل و صحارى بعض الدول ألفقيرة ألآسيوية و آلأفريقيّة للتخلص من آثارها الخطيرة على الأحياء ألمائية و البرية و النباتات و الطبيعة مقابل بعض الأموال ألتي يُعطوها لرؤساء و حكومات تلك الدّول, فآلحكومة آلفلبينية و آلباكستانيّة و غيرهما كانتا من الدول التي ساومت مع حكومات الغرب لنشر تلك الجرائم ضد آلأنسانية!
(4) سنتحدث عن سوء إستخدام ألعلم و آلتكنولوجيا من ناحية تأثيراتها على جمال ألطبيعة و روح ألأنسان و آلأبتعاد التدريجي عن ألمعاني و آلقيم و آلعرفان و آلغيب في مسير ألأنسان.
(5) وجود آلقبح و آلشرّ ليس أصلاً في آلوجود, بل هو شيئ عارض نشأ بسبب آلأنا, و تجسد في حياة آلبشرية يوم إتخذ الشيطان موقفه في الوجود بسبب خلق الله تعالى لآدم(ع) حين أخذته آلعزّة بآلأثم, و ركن إلى ذاته و أنّيتهِ ليخرجه من رحمة الله أخيراً, تلك آلأنّية ألتي علينا تحطيمها لكونها مخبأ الشر و القبح! و آلتي إنْ لم نحطمها في نفوسنا فأنها ستحطم كلّ أبعاد الجمال في حياتنا و وجودنا, ألمهم إنّ آلشّر لم يسبق الخير و آلجمال في الوجود, و إنما كان عارضاً, و لم يخلقه الله إلّا ليكون دليلاً و مؤشراً للخير, من حيث أن الأشياء لا تعرف إلا بآلأضداد, و لهذا قال أحد الفلاسفة:[ تعلمتُ آلأدب من غير المؤدبين].
(6) سُئل حكيم من آلحكماء: "ماذا تتوقّع أنْ تفعل ألمرأة ألّتي أعْلموها بأنّها ستموت بعد ساعة؟"
أجاب: "ستهتم بمكياجها لإظهار جمالها", و لعلّ أكثر ألرّجال كذلك! فتلك غريزة متأصّلة لا تنفك عن آلأرواح ألخفيفة أللطيفة خصوصاً عند النساء!
(7) في سورة يوسف(ع) و آلتي لم يعتبرها الله تعالى أحسن آلقصص إلّا لكونها – أيّ السورة – تحتوى على علاقة حبّ مقدّسة بين آلنبي يوسف(ع) و بين زليخا, حيث يقول الباري بتقريره لتلك العلاقة بآلقول:[و لقد همّت به و همّ بها لولا أن رأى بُرهان ربه ...] سورة يوسف / 24, بآلطبع هناك أسرار كثيرة في معنى هذه الآية خصوصاً و السورة عموماً ليس محل إيرادها هنا.
(8) سورة ألغاشية / 17 و 18 و 19 و 20.
(9) سورة ألتين / 4.
(10) في قصّة يوسف(ع) مباحث عرفانية و دروس و عبر عديدة كتبتُ عنها في وقت سابق, مُشيراً إلى أكثر من عشرين مبحثاً, و آلظريف ألذي علينا إستذكاره و آلوقوف عنده في هذه ألقصة بآلمُناسبة هي أنّ "زليخا" ألّتي عَشَقَتْ نبيّنا يوسف(ع) قد تغيّر مسرى حُبّها حين عَبَرَتْ ألحُبّ آلمجازي إلى الحبّ آلحقيقيّ .. فقد ذكرتْ آلروايات أنّ يوسف(ع) عندما أصبح إمبراطوراً بعد وفاة فرعون "عزيز مصر" و زوج زليخا؛ تذكّر يوسف يوماً زليخا حين كان يخطب من شرفة أحد قصور الأمبراطورية لجموع آلناس و هو يحثهم على آلتعاون و آلأخلاص و آلمحبة و آلصدق و تلك هي في الحقيقة رسالة آلتوحيد لكلّ الأنبياء على الأطلاق إلى آلبشرية .. حيث لَمَحَ و هو على منصّة آلخطابة من بُعد إمرأةً تتوكأ على عكّازها و تشقّ طريقها بصعوبة نحوه وكأنها تبحث عن حبيبٍ عزيز غاب عنها طويلاً, فعرفها يوسف(ع), و حاول اللحاق بها بعد إنتهاء خطبته حتّى رآها و قد أسكنتها آلأقدار في زاوية من زوايا قصرٍ قديم كانت في يوم من الأيام تحكم منها كل مصر! و عندما حاول آلأستئذان من آخر خادمة لها كانت لا تزال تخدمها من على باب غرفتها؛ لكنها لم تسمح له بآلدخول إلى حجرتها, و عندما تفحّص يوسف(ع) أمرها من فتحة الباب رأتها ساجدة لله في معبدها, و إنتظر يوسف(ع) حتى إنتهتْ من عبادتها ليستئذنها بآلدخول .. حتى دخل عليها و هي مستقرّةً في محرابها, فقال لها يوسف(ع)؛ أيّتها آلأميرة لِــمَ فعلت بنفسك هكذا؟ أتمنى أن تتركي هذا المكان و تسكني معنا فقصور مصر كلّها قصوركِ و إنْ شئت الزواج فأنا على إستعداد من ذلك!؟
نظرتْ و تأمّلت زليخا في عينيّ يوسف(ع) ثمّ قالتْ بعد ما تنهّدت بحسرةٍ .. أحَسَّ معها يوسف بأنّ روحه قد صعدت معها وهو يتأمل منها ردّاً إيجابيّاً - قالت له: [لقد كان حبّك يا يوسف سبباً لوصولي إلى حبّي ألحقيقي!؟ و لا حاجة لي إليك بعد آليوم], فتعجّب يوسف من أمرها, و رجع خائباً من وصالها! هكذا يفعل العشق ألواعي عندما يجعل العاشق جميع ألأهداف و آلعلاقات ألماديّة و آلدنيوية - بما فيها الأنسانية – مجازاً للوصول إلى آلحقيقة آلكبرى و هو حبّ ألمعشوق (الله تعالى) و آلفناء فيه, هكذا يفعل العشق و آلمحبة آلحقيقية بأهلها!
(11) أشارَ آلشعراء و آلفلاسفة في بياناتهم لتلك العلاقات و آلأسرار ألتي تكتنف طبيعة هذا الوجود أو ما هو موجود في المخلوقات الأخرى؛ كعلاقة الزهرة مع آلفراشة أو آلعكس, وعلاقة النهر مع الجرف و البحر مع الساحل أو آلعكس, و آلأشجار مع الأرض و آلنباتات مع آلأشجار, و صوت البلبل مع أنغام الوجود و نسيم الصباح, أو حركة القمر و علاقته بتوازن مجرة درب التبانة, و كذا علاقته بدوران الأرض, و سبب كون المجرات دائرية بينما لا تظهر للعين كذلك لمحدودية الأفق الذي تراه, أو علاقة البذرة بآلتراب, أو علاقة النملة مع غيرها أو مع بعضها البعض, و كيفية تفكيرها و فهمها لأصول الجمال و كنهها, و كيفية تطبعها على النظام في مملكتها و مع ملكتها, و سنشير تفصيلاً ما أمكننا لذلك في الحلقات القادمة إن شاء الله.
(12) لعدم وجود أسماء صريحة لهذين أللونيين(ألسماوي و آلفستقي) فقد إختار أهل الفن تلك آلصفتين لأحلى لونين في نظري في الوجود .. لكونهما تتلائمان أكثر مع الجمال بآلقياس النسبي مع بقيّة ألألوان, و لهذا قال الشاعر في وصفه للون السماء:
لو لم يكن أزرق اللون أحسنهم .. لما فضّله الله في السمواتِ.
علماً أنّ آلسماء ليست زرقاء صريحة, لأنّ آلأزرق لون أساسي مع آلأحمر و آلأصفر, و آللون ألأزرق يطلق على ما هو أغمق بكثير من آلللون ألسماوي, و آلألوان غير مُحَدّدة بعددٍ مُعيّن كما تصوّرها آلفنان دافنشي حين تصوّر أن عدد الالوان في الوجود أربعة آلاف لون, و سنتحدث عن هذا الموضوع لاحقاً إن شاء الله.



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسفار في أسرار الوجود ج4 - ح1
- أسفار في أسرار الوجود ج3 - ح12 (ألأخيرة)
- أسفار في أسرار الوجود ج3 - ح11
- أسفار في أسرار الوجود ج3 - ح10
- أسفار في أسرار الوجود ج3 - ح9
- إغتيال ألفكر تعميمٌ للأرهاب
- ألحضارة الأسلامية أكبر حضارة عرفتها البشرية
- اسفار في اسرار الوجود ج3 - ح5
- مستقبلنا بين الدين و الديمقراطية(7)


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عزيز الخزرجي - أسفار في أسرار الوجود ج4 - ح2