أيهما صح وليس أيهما حلال او حرام!

اسماعيل ميرشم

الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 20:10
المحور: المجتمع المدني
    

موقفان إنسانيان شاهدتهماخلال يومين من يومياتي في كوريا الجنوبية، المهم عندي أيهما صح؟ وأيهما أكثر إنسانية؟ أترك الجواب للقارئ الكريم!؟
المشاهدة الاولى: حي الإيتايوان وهي المنطقة التي توجد فيه جميع المتناقضات ولكن في النتيجة تبدوا المنطقة مرغوبة من قبل الأغلبية وخاصة الشباب والشابات من مختلف الأجناس والشعوب لتلتقي في هذه البقعة اللعينة اللذيذة في نفس الوقت.
حيث المسجد الوحيد في العاصمة موجودة هنا، معظم المطاعم الأجنبية، وفي نفس الوقت أغلب علب اليل وبارات الشرب وبنات الهوى، تستطيع أن تقول عالم مشكل من جميع المتناقضات، معاناة وملذات. هنا لجميع الملل ولجميع الأجناس، هذه مجرد مقدمة، لكن الصورتان القادمتان هما الأهم:
قرب المسجد الوحيد في المدينة، محل لبيع الحوم"الحلال" أحيانا أذهب الى تلك المحل لأشتري كمية من اللحم لانني منذ طفولتي قد ذقتها بل قد تعودت عليها خلال سنوات عمري وهي لحم الخروف، والتي إفضلها على غيرها رغم إرتفاع سعرها مقارنة مع غيرها. عندما كنت أشتري اللحم من المحل بجانب المسجد الإسلامي، وقعت عيني بالصدفة على الجانب الآخر من الشارع، فاذا أشاهد إمرأة متحجبة واقفة خارج المحل وبجانبها عربة حاملة عليها طفلة، تبدوا في سنواتها ألاولى، تنتظران في الشارع العام و"رجلها" داخل المحل يساوم ويعامل مع صاحب المحل(رجل مسلم) التي تعمل في بيع وشراء الموبايل . شدني المنظر وتركت محل اللحم"بعد التسوق" ودخلت محل الموبايل مارا قريبا من المرأة التي تنتظر في الشارع. فوجدت"الرجل" المسلم يتعامل على شراء موبايل ل"زوجته" التي تنتظر خارج المحل مع طفلتها(طبعا الرجل يختارلزوجته). أنا إنشغلت بتبادل الحديث مع شخص قد وجدته بالصدفة داخل المحل كنت قد تعرفت عليه منذ فتره وتحدثنا، وفي هذا الاثناء كان"الرجل" يتناقش على إمكانية عمل خصم في السعر رغم إمكانياته(التي أعرفه) التي لا تحتاج الدخول في كل هذه المجادلات والمفاوضات وترك "زوجته" و"طفلته" في الشارع العام تنتظرات وتتعرضان لمضايقت العربات والدراجات البخارية التي تزداد في هذه الساعات ، مرت حوالي نصف ساعة أو اكثر و"الرجل" يناقش ويحاول عمل خصم في السعر الموبايل. حينها أنا تخيلت زوجتمها "ليس إنسانة" بل كدراجة هوائية قد تركها الرجل أمام المحل ليركبها بعدما ينتهي من عمله ولوصلها الى منزله او كحصان او حتى كحمارة ربطها على باب المحل ليركبها بعدما ينتهي من عمله ليستخدمها كواسطة نقل الى بيتها لاغير. حاولت كثيرا ان أرى الوجه الانساني من الصورة واللوحة الكاملة "الرجل" الزوجة والطفلة" لاكنني لم أفلح في رؤيتها، بل رئيت صورة لا إنسانية وفيها الكثير من الإنتقاض لإنسانية المرأة والطفلة أثناء إجبارهم على المرابطة على باب المحل لحين إنتهاء"الرجل" من معاملته مع "الرجال" داخل المحل لانه يرى لو صحبته زوجته الى داخل المحل ستكوت حراما وستضع "الرجال" عيونهم على زوجته ووووووو. مليون حرام وحرام.
الصورة الثانية اليوم مساء في إحدى أحياء العاصمة وبينما كنت جالسا مع شخص تعرفت عليه للمرة الأولى جاءت وجلست بجانبنا على الكراسي والميز القريب عائلة كورية شابة متكونة من زوجتها الشابة وطفلتيهما ، أحدهما في السادسة من عمرها والثانية في الرابعة ، الرجل جلس الى منضدة قريبة منا كنا جالسين أمام سوبرماركيت" محل دكانة" المراة دخلت للمحل وتبعتها أطفالها، كانوا يتحركن بمنتهى الحرية والبهجة، الأطفال إخترن بأنفسهن ما كانت رغبتهن وأما الزوجة جلبت قارورتان من البيرة الباردة وقدمت إحداها لزوجها والآخر بدأت هي بشربها بعد ان جلسن جميعا "الاب والام والطفلتان"معا حول الميز، الأطفال كن يتحركن في جميع الإتجاهات وبحرية والأم كانت تتابع أطفالها باهتمام كبير، حيث الحب والحنان.
في هذا الأثناء قدم رجل الى المحل لشراء بعض الحاجيات، وتبين من طريق التحية وتبادل الحديث انه صديق أبو الجهال, فدعاه الرجل الى مشاركتهم وتبادل الحديث معهم، وفعلا جلس بينهم و"عزمزها" على قارورة بيرة لكنه إعتذر عن الشرب لذهابه فيما بعد الى عمل ما، جلس معهم وبينهم والجميع كانوا مسترخين، حقيقيين ويتبادلون الحديث وحتى دخلوا في مناقشات وحوارات إستمرت أقل من ساعة، إنني شاهدت الجوا، أكثر إنسانية للجميع ،للرجل أبو الأطفال، لزوجته ولاطفالهم وللرجل الذي كان يعرفهم وظهر في المكان بمحض صدفة، فالرجل"ابو الاطفال" كان مسترخيا جدا في محياه، كلماته، وفي إسلوبه وسعيدا وهكذا زوجته وأطفاله، وانني شاهدت الصورة صحيحا وسليما وسعيدا واكثر إنسانية. وعندما راجعت في ذاكرتي صورة الأمس بدت لي الاولى قاتمة، شكاكة، خائفة غير إنسانسة والثانية واضحة، موثوقة، طبيعية وإنسانية.
هكذا أنا شاهدتها وعانيت للاولى كما عانت الانسانة والطفلة وأدخلت الثانية الأمل في قلبي. فكيم ترونها أنتم؟ وما هو المهم الحلال والحرام؟ أم الصح والخطئ؟

#اسماعيل_ميرشم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات