أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بهاءالدين نوري - ثورة 14 تموز 1958 كما يراها سياسي معاصر لها















المزيد.....

ثورة 14 تموز 1958 كما يراها سياسي معاصر لها


بهاءالدين نوري

الحوار المتمدن-العدد: 6955 - 2021 / 7 / 11 - 17:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



تطل علينا في 14 تموز الجاري الذكرى الثالثة والخمسون لثورة عراقية كانت من كبريات الأحداث في الشرق الأوسط، بل في العالم الثالث كله خلال سني القرن العشرين.
فما هي حقيقة تلك الثورة؟ هل كانت ثورة شعبية أم مجرد إنقلاب عسكري بين سلسلة الانقلابات التي شهدتها البلدان المتخلفة في تلك الحقبة؟
يجب ألا ننسى بأن تأريخ العراق كان على مر القرون حافلا بالعنف والأحداث الدامية، بدءا من الملك البابلي نبوخذنصر ومرورا بمقتل خليفة المسلمين علي ابن أبي طالب ونجله الحسين وبانقلاب العباسيين على الامويين ووصولا إلى نبوخذنصر العصر صدام التكريتي.
وعقب الاحتلال البريطاني للعراق في 1917 تواصل مسلسل الثورات والانتفاضات بدءا من ثورة العشرين ومرورا بالانتفاضات والتمردات في العشرينيات والثلاثينيات وبانقلاب بكر صدقي في 1937 وانقلاب العقداء الأربعة وحركة رشيد عالي في 1941 ووثبة كانون 1948 الشعبية الكبرى ضد معاهدة بورتسموث الاستعمارية وبانتفاضة تشرين 1952 الشعبية التي أوشكت على قلب النظام الملكي وانتفاضة 1956 التي جسدت تضامن العراق مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي . . . الخ. ولم تكن ثورة 14 تموز 1958 سوى حلقة من حلقات هذا المسلسل النضالي الطويل، سوى تتويج لهذه النضالات الجماهيرية، التي كلفت الشعب ثمنا باهضا من الدماء والتضحيات.
انها كانت انقلابا عسكريا وثورة شعبية في آن واحد. كانت انقلابا عسكريا لأنها نفذت في شكل انقلاب عسكري تقليدي، أي بهجوم عسكري مباغت نفذته وحدات عسكرية نظامية للاستيلاء على السلطة ولاسقاط وملاحقة الزمرة التي كانت تحكم العراق من قبل. وكانت ثورة شعبية لأنها كانت تعبر في الواقع عن تطلعات وطموحات الجماهير الشعبية كلها، المليئة بالحقد على الاستعمار وأعوانه من الحكام المحليين. وكانت أسباب الثورة الشعبية قد نضجت خلال عشرات السنين السابقة وعبر النضالات والانتفاضات التي شهدها العراق خصوصا في سني ما بعد الحرب العالمية الثانية.
انها كانت ثورة وطنية تحررية بالدرجة الأساسية، كانت استكمالا لثورة 1920 وما أعقبها من نضالات وطنية موجهة ضد الاستعمار وأعوانه. فحتى ساعة قيام الثورة كانت السفارة البريطانية في بغداد لاتزال الجهة الرئيسية في اتخاذ القرار بالنسبة لأهم الشؤون العراقية، وكان العراق لايزال مكبلا بما فرض عليه من عضوية حلف بغداد وطوق الاسترليني والاتحاد الهاشمي. كان النظام الملكي الرجعي حاميا للمصالح الاستعمارية ليس في العراق وحده، بل في جميع البلدان العربية والشرق الأوسط.
ان ثورة كهذه وفي بلد متخلف كالعراق لا يمكن أن تكون إلا ثورة وطنية تحررية منسجمة مع رغبات ومصالح جميع أعداء الاستعمار والرجعية المنحدرين من مختلف الطبقات والمراتب الاجتماعية، من عمال وفلاحين وكسبة ومثقفين وبورجوازيين وملاكين . . .الخ. قد تكون قيادة الثورة في أيدي الشيوعيين، كما حدث ذلك في الصين وفيتنام وغيرهما، وقد تكون في أيدي عسكريين وطنيين محسوبين على ملاك الحركة القومية البرجوازية، كما حدث في مصر 1952، وقد تكون في أيدي ثوار وطنيين متفقين على هدف التحرر الوطني دون أن يتفقوا على التوجهات اللاحقة، كما حدث في الثورة الجزائرية . . . الخ. لكن ذلك لا يغير الطابع الوطني التحرري للثورة المنبثق من الظروف الاجتماعية التي تسود البلد المعني ابان حدوث الثورة.
قام بثورة 14 تموز ضباط وطنيون. فكان من الطبيعي أن يصبحوا على رأس السلطة الجديدة. غير أن التحضير للثورة لم يجر فقط على أيدي هؤلاء الضباط، بل جرى بمشاركة كافة الأحزاب والقوى الوطنية العراقية – بضمنها حتى حزب البعث القومي، الذي كان وطنيا ثم تحول إلى حزب فاشستي دموي موغل في الاجرام. وقد كانت (جبهة الاتحاد الوطني)، التي شكلت في شباط 1957 وضمت الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الاستقلال والمنظمات الجماهيرية، العمالية والطلابية والشبابية والمهنية التابعة للحزب الشيوعي العراقي، كانت هذه الجبهة هي القاعدة السياسية العريضة للثورة.
وإذا قيمنا بانصاف مساهمة الأحزاب العراقية كل على حدة فان حصة الحزب الشيوعي العراقي في التحضير لتلك الثورة كانت هي الأوسع والأقوى. وللاستدلال على ذلك يكفي ان أشير إلى النقاط التالية:
- كان عدد الشيوعيين في سجون العهد الملكي خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، المعتقلين بسبب مشاركتهم في النضالات ضد الاستعمار وأعوانه، أضعاف، بل عشرات أضعاف السجناء المنتسبين إلى الأحزاب الأخرى مجتمعة. ولم يأت ذلك إلا كنتيجة واقعية لحجم المشاركين في الاضرابات والمظاهرات ومختلف الفعاليات السياسية.
ولم يكن سرا ان كبريات الانتقاضات والمظاهرات كانت تقام بمبادرة الشيوعيين وقيادتهم ولم يقتصر الأمر فقط على سجن وابعاد وملاحقة ألوف الشيوعيين، بل أعدم النظام الملكي كثيرين من المناضلين الشيوعيين، وفي مقدمتهم سكرتير الحزب العام ومؤسسه يوسف سلمان – فهد – مع عضوي مكتبه السياسي زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي، الذين نفذ فيهم حكم الأعدام في شباط 1949 ببغداد انتقاما من دور الشيوعيين في وثبة كانون 1948، التي وجهت ضربة كبرى إلى التسلط البريطاني في العراق.
- في ربيع 1952 عدل الحزب الشيوعي العراقي برنامجه فأدخل فيه لأول مرة الأهداف التالية:
1. إسقاط النظام الملكي العميل وإقامة حكم جمهوري شعبي.
2. توزيع أراضي الأقطاعيين وكبار الملاكين – إلى جانب الأراضي الأميرية – مجانا على الفلاحين.
3. الأعتراف بحق تقرير المصير للشعب الكردي.
- في انتفاضة تشرين 1952، التي قادها الحزب الشيوعي دون أي منافس، كانت حناجر أكثر من مئتي ألف متظاهر تهتف في شوارع بغداد بسقوط العائلة المالكة وإقامة الجمهورية الشعبية. وكادت الانتفاضة تنجح في تحقيق تغييرات سياسية جذرية في البلاد.
- وقد أحيطت قيادة الحزب الشيوعي بموعد الثورة قبيل إندلاعها، فعمم الحزب في 13 تموز نشرة داخلية على لجانه الحزبية طالبا منهم التهيؤ لاستقبال حدث هام والانطلاق إلى الشوارع فور وقوعه. وعند إذاعة البيان الأول للثورة انطلقت المظاهرات الجماهيرية الكبرى في بغداد وسائر المدن، بقيادة الشيوعيين، الأمر الذي قدم ترجمة عملية لفكرة (وحدة الجيش والشعب) وحطم معنوية بعض الضباط من قادة الوحدات، الذين لم ترق لهم الثورة ولكنهم لم يتجرأوا على التحرك في أي مكان من العراق.
أفلم يكن ما أوردته إسهاما فعالا من الحزب الشيوعي في التحضير لتلك الثورة عام 1958؟ وهل تستطيع الأحزاب الأخرى عرض أدلة ملموسة ومشابهة لتأكيد مشاركتها المماثلة في التحضير للثورة؟
ان ثورة تموز حققت أهدافها كثورة وطنية تحررية. وكان في مقدمة تلك الأهداف:
1) إسقاط النظام الرجعي الموالي للأستعمار وإقامة نظام حكم جديد، وطني معاد للأستعمار، وإستبدال الملكية منذ الساعة الأولى بنظام جمهوري متجاوب مع ما هتف به المتظاهرون في تشرين 1952. ويتراءى لي أن الأنجليز كانوا منذ البداية مخطئين عندما استوردوا من الحجاز فيصل الأول لينصبوه ملكا على العراق على أثر ثورة العشرين، ولا أدري ما إذا كانت العائلة الهاشمية المالكة – وهي الأخرى مستوردة من الحجاز – ستنتهي إلى نفس المصير في الأردن أم لا؟
2) فك ارتباط العراق مع التحالف الامبريالي الرجعي الذي سمي حلف بغداد والذي أعتبر بمثابة الجناح الشرق أوسطي لحلف الأطلسي، الموجه ضد (الخطر الشيوعي) وضد الحركات التحررية والديمقراطية في هذه البلدان.
وكذلك فك الارتباط مع طوق الاسترليني الذي كان يمثل لونا من التسلط الامبريالي البريطاني على العراق، وإلغاء الاتحاد العراقي – الأردني الموجه ضد حركة التحرر الوطني العربية وضد نظام عبدالناصر بوجه خاص.
3) إطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة – وكنت واحدا منهم.
4) تشريع قانون لتوزيع الأراضي على الفلاحين – وهو المطلب الذي حلمت به الأجيال الريفية المتعاقبة طوال القرون.
5) إدخال فكرة (الشراكة العربية – الكردية) في الوطن – العراق، رغم أن هذه فكرة الصحيحة لم تترجم إلى واقع عملي في عهد عبدالكريم قاسم.
6) شق عصا الطاعة في حصر علاقات العراق بالدول الغربية وإعادة صياغة السياسة الخارجية وإقامة علاقة متوازنة مع المعسكر الشرقي – الأشتراكي أيضا والاقتداء بعبدالناصر في شراء السلاح السوفيتي.
ومن الانصاف ان نضيف إلى ما سبق أن قاسم قدم للفئات الفقيرة خدمات هامة من بينها توزيع الأراضي السكنية. فهو أنهى حياة الريفيين المهاجرين إلى بغداد والمدن الأخرى، القاطنين في الصرائف، بتوزيع الأراضي لإنشاء ما سمى مدينة الثورة (ويحاول الصدريون تسميتها بمدينة الصدر) التي تشكل أكبر حي في بغداد وأوسع تجمع للكادحين.
وألف قاسم، اثر انتصار الثورة، مجلسا رئاسيا مكونا من ثلاثة أشخاص، وكان مجلسا صوريا أو تشريفاتيا، فيما اختار لنفسه منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة. وقد شكل وزارة ائتلافية ضم اليها ممثلي كافة الأحزاب المشاركة في جبهة الاتحاد الوطني، اضافة إلى ممثلي الحزب الديمقراطي الكردستاني، واستثنى من المشاركة الحزب الشيوعي العراقي الذي كان الحزب السياسي الأقوى المسيطر على الشارع العراقي قبل ثورة تموز وبعدها. وكان ذلك واحدا من التصرفات الحمقاء لقاسم. صحيح ان الشيوعية في العراق كانت محرمة قانونا قبل الثورة. ولكن النظام الذي حرمه قد أسقط فلماذا التخوف من ضم الشيوعيين إلى الوزارة؟ وقد حرص قاسم على التحالف الثنائي مع الشيوعيين، لكونهم القوة الرئيسية في الشارع، ولكن دون إشراكهم في السلطة ودون السماح لهم بتشكيل تنظيمات حزبية في الجيش.
وعندما نظم الحزب الشيوعي بمناسبة الأول من أيار 1959 المظاهرة المليونية في بغداد انطلق في الشارع، دون توجيه من قيادة الحزب، شعار المطالبة بمشاركة الشيوعيين في الحكم. رأت الجماهير أن ليس من المنطقي استبعاد هذا الحزب عن المشاركة في الحكم في حين يحظى بتأييد غالبية العراقيين. وفي اليوم التالي وفي اجتماع طارئ قرر المكتب السياسي للحزب الاستجابة لطلب الجماهير بالعمل على المشاركة في الحكم ووضع خطة لهذا الغرض وبدأ بحملة اعلامية في جريدته. لكنه تراجع عن هذا الطلب بعد بضعة أيام رضوخا لطلب قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي بالكف عن أي مسعى للمشاركة في الحكم والاقتصار على تأييد حكم قاسم لكي لا يتخوف من الشيوعيين ولا يتنازل للقوى الامبريالية. وكان رد فعل قاسم على مظاهرة أيار أن ضم نزيهة الدليمي – وكانت عضوا في القيادة – إلى الوزارة كامرأة وليس كممثل للحزب الشيوعي. كان قاسم يعرف بأن أية انتخابات نيابية حرة ونزيهة في ذلك الوقت تؤدي إلى فوز كاسح للشيوعيين. فحسم موقفه منهم منذ قيام تلك المظاهرة، وقرر العمل على اضعافهم ومحاربتهم، ولو تطلب ذلك التساهل والتعاون مع خصومه. ومنذ ذلك اليوم منح الرعاية والتشجيع للبعثيين لكي يقوموا بأعمال الإرهاب والاغتيالات ضد الشيوعيين. وكان ذلك بداية النهاية لنظام قاسم. ودفع الحزب الشيوعي بدوره ثمنا غاليا جدا عن رضوخه لطلب القيادة السوفيتية، التي كانت تنظر إلى المسألة من زاوية مصالحها الخاصة وليس مصالح الحركة السياسية في العراق. وكان ذلك بداية سلسلة طويلة من الأخطاء والانتكاسات المتلاحقة للحزب الشيوعي، الذي لم يحظ بالتحالف مع قاسم – في 1959 – ولم يحاول الوصول إلى السلطة. لقد كان مصير العراق وثورته في ذلك الحين بين أيدي عبدالكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي. ولم يتصرف أي منهما على الوجه الصحيح فخسرا وخسر الشعب العراقي بالدرجة الأولى.
لماذا سقط نظام قاسم؟ ماذا كانت عوامل سقوطه؟
سقط نظام قاسم في شباط 1963 عن طريق انقلاب عسكري فاشستي قاده حزب البعث العربي ودعم من واشنطن ودول غربية أخرى. وكان لعبدالناصر وبعض الأنظمة العربية الأخرى دورها في الإيصال إلى هذه النتيجة المأسوية. على أن السبب الرئيسي والأهم انما كان في سلوك وأخطاء الزعيم عبدالكريم قاسم نفسه إذ جنح إلى اليمين وأدار ظهره لحلفائه اليساريين منذ 1959 وشجع الزمر البعثية – القومية المتطرفة المتعطشة إلى السلطة – على التمادي في الإرهاب، وتغاضي عن النشاط التآمري لبعض كبار الضباط والمشبوهين، ورفض، حتى في يوم التمرد العسكري ودك مقره بوزارة الدفاع بقنابل الطائرات، توزيع ما توفر لديه من الأسلحة على الشيوعيين وسائر المواطنين الذين كانوا مستعدين للدفاع عن حكمه، فسقط قبل ان يكمل السنة الخامسة من عهده وقتله البعثيون الذين رعاهم وشجعهم على العمل الإرهابي منذ 1959. وقتل معه عدد كبير من أعوانه العسكريين والمدنيين، اضافة إلى خمسة آلاف من قادة وكوادر وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي.
هناك عامل آخر بالغ الـاثير في اضعافه واسقاطه، وهو الخطأ الذي ارتكبه تجاه قضية الشعب الكردي في العراق، خطأ التنكر لحقوق القومية الكردية، التي أقر في دستوره المؤقت بشراكتها في الوطن ورفض في التطبيق العملي أي لون من الشراكة واشتبك في قتال ضار ضد القوميين الأكراد منذ أيلول 1961 وحتى يوم سقوطه في 8 شباط 1963. ولم يؤد هذا الاقتتال فقط إلى اضعافه سياسيا وماليا، بل كذلك إلى انشغال وحدات عسكرية مخلصة له ومستعدة للدفاع عن نظامه في ذلك الوقت بعيدا عن العاصمة. يضاف إلى ذلك أن موقف قاسم من القضية الكردية دفع الحزب الديمقراطي الكردي بزعامة مصطفى البارزاني وإبراهيم أحمد إلى إبرام اتفاق مع حزب البعث الذي كان منهمكا في التحضير للانقلاب. ويجدر بالذكر هنا أن عرس التحالف بين الحزبين البعثي والكردي لم يدم طويلا إذ لم يقدم انقلابيو 8 شباط أي شيء للشعب الكردي، بل استأنف القتال بعد أشهر قليلة بشكل أعنف وأوسع.
ان نقطة الضعف الأكبر لدى قاسم، التي أدت به إلى الهاوية، كانت في عقليته العسكرية الاستبدادية وتشبثه بالفردية في إتخاذ القرارات والبت في الأمور. صحيح ان هذا الأسلوب كان طاغيا لدى جميع أو أغلب المسؤوليين السياسيين والحزبيين في البلدان المتخلفة آنئذ، بل لا يزال طاغيا للآن . . . غير أن الظروف قد تغيرت في العراق في سني ما بعد الحرب العالمية الثانية فتنامى الوعي السياسي لدى الشعب وظهر في الصحافة وفي المنتديات وفي المظاهرات والاجتماعات نوع من الاندماج أو الارتباط بين قضيتي التحرر الوطني وإشاعة الديمقراطية. وبعد ثورة تموز لم يحقق النظام الجديد الديمقراطية في العراق ولم تكن الجماهير نفسها تعرف المعاني الحقيقية للديمقراطية . . . لكن قدرا من حرية النشر والتعبير والتنظيم السياسي والنقابي منح للقوى والجماعات التي كانت معارضة سابقا للنظام الملكي، شرط ان يكون الفريق الممنوحة له هذه الحرية مؤيدا للنظام الجديد. وقد استمتع الشيوعيون بهذه الحرية لفترة، فأصدروا صحفا وأسسوا نقابات ونظموا اجتماعات وتظاهرات . . . الخ. ثم سلبت منهم هذه الحرية واستعيض عنها بالاعتقالات والملاحقات بمجرد أن غضب عليهم قاسم. وهكذا بالنسبة للآخرين.
وهنا تجب الاشارة إلى ان زعيم الحزب الوطني الديمقراطي كامل الجادرجي كان أول سياسي انتبه إلى هذه الحقيقة المرة واحتج عليها وأكد أن ليس هناك ما يجمع بين النظام العسكري وبين الديمقراطية، وكان يملك تجربة سابقة مع انقلاب بكر صدقي.
لقد كان قاسم ضابطا وطنيا قاد ثورة وغير وجه العراق السياسي. وكان حاكما نزيها لم يجد أعداءه ما يشير إلى عدم نزاهته . . . لكنه كان دكتاتورا عسكريا فرديا مستبدا برأيه. وآخر ما كان يفكر فيه هو أن يبني نظاما برلمانيا ديمقراطيا في العراق. وفي نهاية المطاف ذهب نفسه ضحية أخطائه تلك ولحق بالعراق الخراب.
العراق – سليمانية

2011



#بهاءالدين_نوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السبيل إلى إنجاح العملية السياسية لنقل العراق إلى وضع ديمقرا ...
- سيناريوهات مختلفة لحل النزاع العربي – الإسرائيلي (عرض وتحليل ...
- سيناريوهات مختلفة لحل النزاع العربي – الإسرائيلي (عرض وتحليل ...
- سيناريوهات مختلفة لحل النزاع العربي – الإسرائيلي (عرض وتحليل ...
- هل يؤدي سقوط الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط إلى تقوية ا ...
- التوءم الثاني في طريقه ‬للحاق بأخيه صدام حسين
- تقييم حيادي للوضع في اقليم كردستان -3
- تقييم حيادي للوضع في اقليم كردستان -2
- تقييم حيادي للوضع في اقليم كردستان -1
- ماذا رأيت في سوريا؟ -2
- ماذا رأيت في سوريا؟ -1
- عاصفة الثورة تجتاح العالم العربي
- مقابلة مع الأستاذ بهاءالدين نوري
- دعوة لمناصرة المناضل (بهاءالدين نوري)
- هل اصبح العراق ساحة حرب اهلية
- تزايد العمل الارهابي في العراق ومسؤولية الحكومة العراقية
- العراق بعد الانتخابات النيابية الاخيرة
- العراق بين مطرقة التخبط الأمريكي و سندانة القوى الظلامية
- ملاحظات ومقترحات حول التصدي للارهاب


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بهاءالدين نوري - ثورة 14 تموز 1958 كما يراها سياسي معاصر لها