أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوازن خداج - الوطنية والتخوين















المزيد.....

الوطنية والتخوين


هوازن خداج
صحفية وباحثة

(Hawazen Khadaj)


الحوار المتمدن-العدد: 3422 - 2011 / 7 / 10 - 11:37
المحور: المجتمع المدني
    


أعلن زلزال الحراك الشعبي في الساحة السورية بداية مرحلة جديدة من عودة الحياة السياسية التي تم تجميدها وهدم أركانها نتيجة الانتصار الساحق للنظام على المجتمع، ما جعل البلاد تعيش مناخ المواجهة الصامتة، بين مجموعات الحكم الممسكة بالسلطة والمستأثرة بالثروة الوطنية، وبقية أفراد المجتمع الذي استكان بكافة أطيافه للسلطة وأجهزة الأمن بحثا عن السلامة وتجنب الدخول بأي حراك سياسي لضمان البقاء خارج السجن.
لقد برزت هذه المرحلة العديد من الكلمات فعادت كلمة الوطنية لتأخذ الحيز الأول في الحوارات والمجادلات والأفكار، وفي الفرز والتصنيف، وخرجت كلمة تحت سقف الوطن لتشكل مفصلا هاما في التعبير عن الرأي لدى المواطن السوري المحروم من أدنى حقوقه.
لكن ما نلاحظه هو ارتداء هاتين الكلمتين أكثر من جلباب نتيجة عدم تحديد ماهية سقف الوطن ومعطياته، واختلاف المفاهيم حول الوطنية التي لم تأخذا نفس المنحى والمسار لدى جميع الأطياف، ما أسقطهما ضمن تأويلات متنوعة ومتعددة، تشكلت كنتيجة طبيعية لغياب التربية المواطنية التي تنص أن أكون مع الوطن من أجل خير الوطن. فالوطنية ليست شيئا جامدا ومطلقا، أو حالة مؤقتة تمر فيها الشعوب إنما هي حالة ثقافية سياسية واجتماعية تاريخية، وهي مفهوم قابل للتطور والتفاعل المستمر بين جميع الثقافات القومية والدينية في أي مجتمع تم بناؤه بالشكل الصحيح للمواطنة ضمن قوانين واضحة للجميع وتربية قادرة على إبقاء الأفراد في حالة انتماء مستمر من خلال نشر الثقافة الوطنية الديمقراطية وإقامة مؤسسات المجتمع المدني، وإحياء جميع الثقافات الموجودة في المجتمع، التي تشكل جزءاً أساسياً من الثقافة الوطنية لسوريا، حتى يسمو الشعور الوطني على جميع الانتماءات الأخرى، وإن بناء الوطن لا يكتمل إلا في انتماء الخليط الثقافي الذي يعيش على أرضه ويحترم قوانينه التي تحترم وجودهم كمواطنين.
إن الاختلاف في هذه المفاهيم هو الدليل على أن حالة الاندماج الوطني هي مجرد حالة سطحية غير متجذرة في أعماق المجتمع وهي مجرد غطاء لحالة التفكك والانقسامات التي شقت لنفسها مجرى عميقا في نسيج المجتمع. ما أدى إلى اعتماد التخوين لدى البعض لكل من يحاول إبداء رأي معارض لكل ما جرى ويجري من ممارسات تعسفية بحق من يرفع صوته لرد اعتباره كمواطن يتمتع بأهلية الحصول على الحقوق المنشودة، ولم يكن المطالبين بحقوقهم وبعمليات الإصلاح مهما علا سقفها أخف حدة أو أكثر وعي فاعتمدوا التخوين لكل من يقف مع النظام ولمن لا يتبنى أفكارهم بحذافيرها لأسباب متنوعة قد يكون أهمها شعورهم أن الوضع لن يحتمل التعددية في وجهات النظر ولا يقبل الحلول الوسط، ضاربين عرض الحائط ما يسمى اختلاف وجهات النظر واحترام حق الآخر بالتعبير.
مما لا شك فيه أن المرحلة السابقة مثلت بالنسبة للكثيرين من أبناء الشعب السكينة والأمان فقبلوا الفتات متمسكين بمقولات وشعارات كبيرة تتمثل بالمواقف الخارجية لهذا النظام، والإبقاء على سوريا خارج إطار التسوية والاستسلام، ووقوفها في وجه أعداء الأمة ودعم المقاومة، يضاف إليه خشية الوقوع تحت رحمة الفوضى والإرهاب التي رآها في العراق بعد الاحتلال الأمريكي له، وخوف السقوط بحالة التوتر الطائفي والفئوي القائم في لبنان. ما جعل جزء كبير من الشعب السوري يعتمد كلمة الوطنية لكن بمعادلة خاصة تحتم عليه أن يكون مع النظام الحاكم دون أدنى استنكار لما فرض عليه مغلقا فمه عن مشكلاته اليومية العامة والخاصة، غاضا النظر عن رؤية الفساد المستشري دون رادع حتى صار يكم فمه عن المشكلات الاقتصادية والسياسية التي فرزتها الخطوات المديدة لحالة التجويع القائم والمستمر بشكل أو بآخر متحولا عن المشكلات التي لم تنحل عقدها نتيجة الخلل الهائل في ميزان القوة بين السلطة والمجتمع لتبني معادلة الوطنية المطروحة والمفروضة لاكتساب العيش بأمان.
فقد فرضت معادلة العيش بأمان للبعض أن يكونوا مع السلطة وفرضت معادلة الوطنية أن يكونوا مع النظام أو ضد النظام، وأسقط الوطن جانبا ولم يأخذ دوره في تحديد وتعريف الوطنية ضمن معادلة تحكم جزء كبير من الشارع السوري يقوم بما نشهده الآن من حالات التخوين لكافة الأطياف المعارضة للنظام. وفرضت مرحلة التجويف وحالة الفراغ والتجمد التي عاشتها معارضات، لم تستطع تمثيل قاعدة شعبية واضحة المعالم، أن تتخذ التخوين وسيلة وسلاح تشهره بوجه من يقف موقفا مخالفا لما تراه في الواقع السوري المرتبك، متناسية أنها لم تمتلك حتى اللحظة برنامج سياسي يقنع القواعد الشعبية بجدوى هذا البرنامج في مواجهة برامج النظام كما هي اللعبة السياسية المتعارف عليها في كل دول العالم، وأنها غارقة بأزماتها ولا تستطيع الخروج والتوحد مع بعضها في وضع برنامج سياسي إنقاذي للوطن السوري.
إن هذا الشكل من التخوين ليس وليد اللحظة وليس نتيجة حالة الحراك التي نشهدها الآن، هو النتيجة الطبيعية لحالة الارتباك الذي وصل إليه المجتمع السوري بعد تدمير قواه الداخلية ومبادئه الوطنية من خلال كل حالات الحجب للديمقراطية وتحويل الوطن والوطنية لجهة واحدة هي المستفيدة من خيرات هذا الوطن. وكون تلك المعارضة أو المعارضين منقسمون أساسا بين تيارات إسلامية مغالية أو على حدود الطائفية لها انعكاسها الشديد على ساحة البلد المتعدد الطوائف، يمكن اعتبارها مساهم جيد في تدعيم الأفكار الطائفية وتعزيز الانقسامات في صفوف الشعب والذهاب بالخطاب السياسي إلى خطاب ديني وتحويل العقيدة السياسية إلى عقيدة دينية، وبين تيارات مدنية لم تأخذ فرصتها في شرح أهدافها وتحويل المعنى المدني إلى حالة متداولة بين صفوف الشعب، مما أبقاها فكرة غامضة ملتبسة بالنسبة للكثيرين فلم تستطع فرض وجودها في الشارع السياسي.
إن ما تعيشه سوريا الآن من حالات التخوين والتلاعب بمفاهيم الوطنية هو أشد إيلاما وتشويها لكافة حقائق الشعب الذي عاش وعايش كل أزماته بصمت ولا يمكننا اعتبارها ببساطة ردة فعل على انعدام الديمقراطية، ولا يمكن قبولها من الجميع أيا كانت ولاءاتهم، فبعد أن سقط المواطن السوري لسنين طويلة خلف لقمة العيش المغمسة بالذل اليومي دون أدنى تعبير عن الوجع لا يمكن القبول اليوم بأن يتم التلاعب فيه عبر مفاهيم خاصة بالمواطنة يسوقها كل على هواه، ولا يمكن القبول بالتهم التخوينية لإثبات وجهات النظر وتثبيت الأقدام في خندق واحد، فتعددية الآراء حول مصلحة الوطن تفرض على الجميع التعامل باحترام حق الآخر في التعبير عن رأيه .



#هوازن_خداج (هاشتاغ)       Hawazen_Khadaj#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنفسوا قبل أن يصبح الهواء مَكرُمة
- الأسرة والصراعات
- الضروري الممكن
- انتخبوا مرشحكم
- المعادلة الناقصة في حوار الحضارات
- المواطنة والتعابير التعددية
- الديمقراطية- أنظمة الحكم والدساتير
- الليبرالية والخلط بالمفاهيم


المزيد.....




- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هوازن خداج - الوطنية والتخوين