أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (5-5)














المزيد.....

فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (5-5)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 21:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليس المقصود بالمطلق الإلهي (الإسلامي) سوى الكلّ المتسامي في مجرى الإبداع الثقافي، والمرجعية الروحية التي يستمد الجميع منها شعاع الأمل وبريق الرؤية وقواعد المنطق وحجج الجدل ورموز التأمل وصور التفكر والرغبة في الامتثال له وتمثله. وقد تغلغلت هذه الحصيلة بصورة واعية وغير واعية في صرح البنية التاريخية للخلافة وكيانها الروحي. فقد تمثل الإسلام في فكرته الإصلاحية حصيلة التاريخ الجاهلي. ومن ثم استطاع أن يذلل في ذاته التطور "الطبيعي" للجاهلية، وبالتالي قطع احتمالاته المتنوعة، ناقلا إياها من تيار الزمن إلى تاريخ "الصراط المستقيم". وهو سبب تحول الإسلام إلى بداية التاريخ العربي ووعيه الذاتي.
إن القطع الحاد الذي مارسه الإسلام على مجرى التطور "الطبيعي" كان الصيغة المناسبة لتدخل الفكرة الروحية في جسد التاريخ الهامد. وفي هذه العملية جرى صنع الكيان العربي – الإسلامي، عبر نقل العرب من زمن ما قبل الدولة إلى تاريخ الدولة والمدنية. مما أدى إلى أن يكون التاريخ العربي الجديد حلقة في سلسلة "الصراط المستقيم". وقد حدد هذا بدوره صيرورة المرجعيات الجديدة لوحدة جديدة (الأمة). وبهذا يكون الإسلام قد تمّثل معالم الصراط المستقيم في مساعيه الإصلاحية حقيقة الوحدانية، باعتبارها مرجعيات متسامية دون أن يحددها بقواعد صارمة. مما بلور بدوره إمكانية نشوء مختلف البدائل ضمن ما يمكن دعوته ببدائل المطلق الإلهي.
ولعل مفارقة الظاهرة تقوم في أن هذا التنوع المحتمل هو النتيجة المنطقية لغياب المنطق، والنتيجة الملازمة لتلقائية الوحي، التي لم تكن بدورها فعلا سائبا بقدر ما كانت تعكس في ذاتها نظام الوحدانية. لقد تضمنت المنطق كنظام للإيمان والعمل، والغاية والوسيلة دون أن تحوله إلى نظام ثابت. واحتوت هذه التلقائية بذاتها على عناصر الرسالة الإصلاحية بوصفها نظاما روحيا موجها للمساعي العملية. مما ساهم بدوره في إبداع نظام الوجود الاجتماعي وعرضه الدائم على محك المثال المطلق. ولا تتعارض هذه الظاهرة مع دراما الاحتمال في التاريخ. إذ ليست دراما التاريخ واحتمالاته المتنوعة سوى التمظهر الدائم للروح الثقافي بوصفه عقلا عمليا وعقلا نظريا ووجدانا معرفيا للأمة، وللجسد الثقافي بوصفه سلطة حكومية وشريعة فقهية وحركات سياسية للجماعة. وقد وضع الإسلام هذه المكونات فيما يمكن دعوته بالروح الوحداني في العقيدة، والروح المتسامي في القيم، والروح الوحدوي في الأمة.
بهذا يكون الإسلام قد أعطى للماضي بعدا يتجاوز تجاربه العابرة عند الأفراد والجماعات، وللمستقبل بعدا يجذب نحو مرجعياته المتسامية حركات الإصلاح، بينما يبث في حركته المبدعة روح الإصلاح في جسد الأمة الناشئة معطيا لها هوية الجماعة. وبهذه الطريقة أعطى للقرآن والسنّة مرجعية الروح، وللأمة والجماعة مرجعية الجسد. وهي ثنائية لا تقلّ إشكالاتها التاريخية تعقيدا عن إشكالاتها المعرفية وذلك بسبب تمحور نشاط القوى الاجتماعية بين أصول الدين الثابتة ومبادئ السياسة المتغيرة. ذلك يعني أن ميدان هذه الثنائية هو نفس ميدان الوجود التاريخي للأمم والحضارات، أي ميدان صراع المصالح والسلطة والعقائد والأيديولوجية.
فأصول الدين الكبرى تتصف بالثبات من حيث رمزيتها بالنسبة للوعي التاريخي، ومصدريتها بالنسبة للتأويل. بمعنى جوهريتها في العلم (المعرفة). أما مبادئ السياسة المتغيرة، فإنها متغيرة من حيث أثرها المباشر في الوجود التاريخي للدولة. بمعنى جوهريتها بالنسبة لكينونة الجماعة والأمة. من هنا تجليات الثنائية الإسلامية للروح والجسد في مرجعيات الدين والدنيا، التي استندت، شأن غيرها من المرجعيات، إلى مصادر الإسلام الأولى أو مرجعياته الأولى مثل مرجعية الله في القرآن (الدين) ومرجعية النبي في الدنيا (السياسة) وتحورهما اللاحق في أولوية القرآن والسنّة بالنسبة للاجتهاد، وتمظهرهما الثقافي في الإجماع والاجتهاد، بحيث احتل الإجماع موقع القرآن في اليقين، والاجتهاد موقع السنّة في العمل. ومنهما نشأت مرجعية العلم والعمل.
كانت هذه المرجعيات الثقافية نتاجا للاجتهاد التاريخي للمسلمين. فقد احتوى الإسلام على روح الإصلاح كما احتوى روح الإصلاح على مرجعياته الأولى، التي شكلت مقدمة ما يمكن دعوته بفلسفة الحدود الوحدانية والاعتدال. وفي هذا كانت تكمن الاحتمالات المتنوعة في الواحدية الثقافية للخلافة.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (4)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية(3)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (2)
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (1)
- مذكرات الحصري والذاكرة التاريخية السياسية
- بلاغة طه حسين وبلاغة الثقافة العربية
- شخصية طه حسين وإشكالية الاستلاب الثقافي!
- الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!
- مصر والمنازلة التاريخية الكبرى
- الإرادة والإلهام في انتفاضة مصر
- حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!
- ياسمين الغضب التاريخي
- إسلام -فاشي- أم يسار فاشل؟
- الانقلاب التونسي ومشروع المستقبل
- الحوار المتمدن وقضية الاحتراف المعرفي
- تيار (دولة القانون) ومشروع مركزية الدولة والهوية الوطنية
- دولة القانون وقانون الدولة
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة(2-2)
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة (1-2)
- فكرة افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة (2-2)


المزيد.....




- الحرائق الكارثية أتلفت أكثر من 30 مليون هكتار من غابات البرا ...
- إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مع إيران.. هل تكون غزة الت ...
- سوريا.. انفجار دمشق يثير التساؤلات وسط فوضى أمنية وإعلامية م ...
- بزشكيان: إيران لا تسعى للسلاح النووي وسنحمي حقوقنا المشروعة ...
- قادمة من مخيم الهول.. الداخلية تكشف عن خلية -داعش- المتورطة ...
- سلطة في الظل.. هل حلّ -الشيخ- مكان الدولة في سوريا؟
- حدث أمني -حساس- في خان يونس.. مقتل وإصابة ما يزيد على 20 جند ...
- الحرب على إيران تعيد الليكود إلى الصدارة.. نتنياهو: العالم ش ...
- مساندة الجزائر لإيران: -مجازفة دبلوماسية- مع الولايات المتحد ...
- الخارجية الليبية تستدعي سفير اليونان للاحتجاج


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (5-5)