أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (2)














المزيد.....

فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (2)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 12:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


القول بأن الرجوع إلى المصادر الأولى يؤدي إلى تعميق عناصر وعي الذات، وتقوية خصال اليقين، وتقويم معالم البصيرة، وإمكانية وتأسيس البدائل المتنوعة، لا يعني تطابق الإصلاح مع الرجوع إلى الماضي، بقدر ما يشير إلى تلازمهما الضروري. إذ ليس ارتباط الإصلاح بالرجوع للماضي سوى أسلوب التأسيس الواقعي المتين للاستمرار الثقافي، باعتباره أحد الشروط الجوهرية لترسيخ الوعي الإصلاحي. وذلك لاحتواء هذا الرجوع من الناحية التاريخية على عناصر ترسيخ وتعميق وعي الذات، ومن الناحية الروحية على خصال تقوية اليقين، ومن الناحية الفكرية على معالم تقويم البصيرة، ومن الناحية العملية على إمكانيات البدائل المتنوعة.
ولا يغير من هذه الحقيقة حتى واقع عدم إدراك الحركة الإصلاحية لهذه الإشكاليات. مع أنها من صلب الحركة الإصلاحية الفعلية نفسها. وذلك لأنها عادة ما تبدع نموذجها الجديد حتى في حال يقينها أنها لا تفعل إلا على إعادة بناء "القيم المثلى" للماضي. وهو الأمر الذي يفسر سر تعثرها في خطواتها المستقيمة. إلا أن هذا التعثر عادة ما يجبر الفكر على تأمل خطواته من اجل تجاوز "التناقضات البليدة" في العلم والعمل، ومن ثم يساهم في تعميق وترسيخ قيم وعي الذات. وبما أن التاريخ هو الروح في ميدان اليقين، لهذا عادة ما يصبح البحث عن "منهجية" المطلق أحد إشكالياته الكبرى. وبما أن المطلق هو الصيغة الأكثر تجردا للثقافة، من هنا تصبح صورته التاريخية المثلى وعاء الخصال الفاعلة على تقوية اليقين. وبما أن التجلي الواقعي لخصال اليقين لا يمكنه أن يتجاوز الصراع الفعلي في ميادين العلم والعمل، لهذا عادة ما يتحول الصراع إلى مصدر لا ينضب لإشكاليات الفكر وحلوله. وهو الأمر الذي يحدد بدوره ضرورة الرجوع إلى الماضي، باعتباره امتحانا للذاكرة واحتكاما لها أما البصيرة، أي تقويمها.
ومع ذلك لا ينبغي اعتبار الرجوع إلى الماضي قدرا لا بد منه أو حتما قاهرا يجرف بذراعيه الباردتين ضمائر المخلصين وسذاجة العوام وحماقات الأدعياء، بقدر ما أنه سنّة البحث الإصلاحي بحد ذاته. وبما أن الماضي هو التيار الجارف في الوعي العابر، لهذا ليس من الضروري أن نلبس هذه الفكرة لباس المطلق من اجل أن تظهر بزي الشمول التاريخي، كما انه ليس من الضروري انتزاع معناها التاريخي من اجل أن تكون مقبولة بالنسبة لعالم البدائل السياسية. لاسيما وأن البدائل السياسية نفسها ما هي إلا التاريخ المتحرك في تيار المصالح والمفاهيم والانتصار والهزيمة والإقدام والتراجع والاستعداد للتضحية وتأمل مآثرها ومدح النفس وانتقادها النسبي. من هنا استحالة تجاهل قيمة وأهمية الارتباط بالماضي بالنسبة لكل حركة اجتماعية سياسية ثقافية تسعى لاحتلال موقعها الكبير في التاريخ الفعلي للأمم.
وفي ذلك تكمن المقدمات الأساسية للحركة الإصلاحية. وبالتالي لا يفترض ظهورها وتشكلها وارتقاءها حتمية المواجهة، لكنه يفترض تقديمها للحلول المقنعة والهادئة حتى لأولئك الذين تعودا على صيغ العنف في القول والعبارة والعمل والإشارة. ذلك يعني أن المحتوم في الحركة الإصلاحية هو إمكانية مواجهتها المتنوعة لمختلف مظاهر ردود الفعل العاتية منها واللاهية، المرنة والقاسية.
فالحركة الإصلاحية، بوصفها حركة عملية لا تظهر إلا عندما تبلغ مفارقات الواقع والتاريخ درجة تستحث الأفراد والجماعات على الفعل. أي حالما يصبح النظر إلى الواقع انحرافا عن "المسار الطبيعي" و"مثال الأسلاف" وغيرها من النماذج المعقولة. من هنا يصبح إعلان الرجوع للماضي فعلا ضروريا وقيمة عليا. وفي مجرى تعمق هذا "النظر" عادة ما تتبلور ملامح الرؤية الإصلاحية. وعلى كيفية تعمق هذه الرؤية يتوقف مسار الحركة الإصلاحية في العلم والعمل. بمعنى أما السير في اتجاه تحولها إلى حركة اجتماعية سياسية ثقافية لها ثقلها المباشر بالنسبة لتاريخ الأمم ومصائرها، أو تحولها إلى قيمة مجردة بوصفها نموذجا امثل للمحاكاة.
غير أن إشكالية التنوع والخلاف الواقعي والمحتمل بين الصيغة النظرية المجردة والصيغة العملية هي على الدوام إشكالية التاريخ الملموس. وهي إشكالية تتنوع في الصور والوعي على السواء. وسواء أطلق عليها اسم "تقدير الأزل" أو "ثقل الضرورة" أو "سنّة الوجود"، فإنها تعبر جميعا في تقاليد الرؤية الإسلامية عن إدراك خاص وحدس معقول لعلاقة المتناهي باللامتناهي، أو الخلق بالحق. وهي رؤية تستند إلى يقين الإيمان أكثر منها إلى عروة القناعة العملية.
وإذا كان ترابط الإيمان والعمل في الإسلام هو الصيغة التي تبلورت من خلالها معالم الإسلام الأول بوصفه فعلا توحيديا جديدا في أفق الثقافة الجاهلية، فانه يكون بذلك قد وحّد تاريخيا في ذاته معاقل اليقين ومعالم الفكر. إلا أن هذه الجوانب لم تظهر دفعة واحدة. إضافة لذلك أنها لم تكن قادرة آنذاك بعد على الظهور بهيئة تتجاوز ما تضمنته الوحدانية الإسلامية في بساطتها القائلة، بأنه لا اله إلا الله!
بهذا يكون الإسلام قد أدخل فكرة المطلق إلى عالم الثقافة العربية الجاهلية. وهو مطلق لم يتعد في ملامحه الظاهرية ومضمونه الواعي ما احتوت عليه معاقل الذهنية العربية. وهو حال ضروري بالنسبة للمسار الذي تقطعه الفكرة الإصلاحية في مجانستها لحوافز الفعل وغاية الأفكار.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (1)
- مذكرات الحصري والذاكرة التاريخية السياسية
- بلاغة طه حسين وبلاغة الثقافة العربية
- شخصية طه حسين وإشكالية الاستلاب الثقافي!
- الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!
- مصر والمنازلة التاريخية الكبرى
- الإرادة والإلهام في انتفاضة مصر
- حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!
- ياسمين الغضب التاريخي
- إسلام -فاشي- أم يسار فاشل؟
- الانقلاب التونسي ومشروع المستقبل
- الحوار المتمدن وقضية الاحتراف المعرفي
- تيار (دولة القانون) ومشروع مركزية الدولة والهوية الوطنية
- دولة القانون وقانون الدولة
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة(2-2)
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة (1-2)
- فكرة افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة (2-2)
- افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة - البحث عن اليقين العقائدي ...
- إشكاليات البديل العراقي ومشروع العيش المشترك
- اجترار الزمن وتبذير التاريخ – التجربة العراقية الحديثة


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - فلسفة الجهاد والاجتهاد الإسلامية (2)