أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!















المزيد.....

الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 17:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للأحداث التاريخية الكبرى مذاق ومغزى عادة ما يرغمان الفكر والذاكرة على البحث احدهما في الآخر عن صورة مقبولة ومعقولة بمعايير الماضي والمستقبل. أما الحاضر فهو الصيرورة المتراكمة في فعل التحدي والبدائل.
وفيما لو طبقنا هذه الصيغة الفكرية العامة على ما جرى ويجري في مصر، فإننا نتوصل الى تذوق وإدراك الحقيقة القائلة، بان مصر تولد من جديد. وأنها تعود الى حقيقتها، أي الى ذاتها بوصفها كينونة اجتماعية وطنية قومية، بدون فراعنة ومماليك وصعاليك! وعندما تعود مصر لذاتها فأنها يمكن أن تصبح من جديد ارض الكنانة، أي ارض العرب الحقيقة وليست ارض السياحة للعابرين القدماء والجدد. كما أنها ستقضي على أوهام الخيال المريض الذي جعل منها ارض الخروج ومن سينائها ارض التيه فيما مضى، وظهير الدفاع عن العابرين الجدد للامس القريب. أنها سوف تقفل كل هذه الثغرات المؤلمة للعقل والضمير القومي برتاج الحقيقة القائلة، بان طريق العابرين لا تنفع فيه أوهام العصا السحرية المحركة لدكتاتورية أقزام. فقد رمى الشعب المصري هذه الأوهام، وبرهن على أن حقيقة الأمم الحية هي ولادة دائمة، شأن الحياة.
إن ما جرى ويجري في مصر (وقبلها تونس) يشير الى ظهور ملامح ما يمكن دعوته باللحظة التأسيسية في التاريخ العربي الحديث، أي ملامح إرساء أسس المستقبل من خلال إدراك جوهرية التكامل الضروري بين الدولة والنظام والسياسي والأمة. وهو إدراك تلقائي، أي متراكم في مجرى المعاناة الكبرى للتاريخ العربي الحديث ومحاولة الخروج من مأزق الأزمة البنيوية التي أدى إليها "تناغم" البنية التقليدية والراديكالية السياسية. مع ما ترتب عليه من تشويه لا مثيل له لفكرة الدولة والنظام السياسي والقومية. أما النتيجة فهي المراوحة في عالم ديناميكي، والتخلف المريع بمقاييس المعاصرة، والتفريط شبه التام بمعنى الوجود، والبقاء بمعايير الزمن الفارغ، والتطفل على الإنتاج الإنساني. مع ما ترتب عليه من سقوط في وحل الإهمال الفعلي للعالم العربي كما لوا انه دمية قابلة للحركة الآلية فقط. وليس مصادفة أن يتحول الى ساحة للتجريب والتخريب والمساومات التافهة. مع ما لازمها بالضرورة من إهدار للحقوق والكرامة القومية. وقد تكون قضية فلسطين ومأساتها المستمرة لعقود من الزمن من بين أكثرها جلاء ووضوح. بمعنى القبول والتعايش، بل والدعوة "للسلم" مع لصوص الغفلة التاريخية التي عانى وما يزال يعاني منها العالم العربي.
إن الأحداث الكبرى في تونس ومصر واستمرارها الحتمي في العالم العربي تكشف عن ملامح التطور النوعي والحراك التاريخي الكبير الذي نقل زمام المبادرة من قوى البنية التقليدية وركام الراديكاليات السياسية الخربة وأحزابها وأزلامها الى قوى المجتمع الحية. وبهذا يكون العالم العربي قد قطع الشوط الضروري الأولي للانتقال من أولوية السلطة الى الدولة، ومن أولوية البنية التقليدية (العائلة والقبيلة والجهوية) الى أولوية الفكرة الوطنية والقومية، ومن أولوية التبعية والخضوع الى أولوية الحرية والشرعية الذاتية. وهي المقدمة الضرورية التي تقلب بنية الدولة العربية الحالية ونظامها السياسي صوب تفعيل المكونات والمقومات الأساسية للدولة الحديثة والمجتمع الحديث والأمة الحديثة. ومن ثم وضع أسس التقدم الفعلي، مع ما يلازمه بالضرورة من تفعيل منظومة التكامل الضروري على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع والدولة والأمة.
فعندما ننظر الى أبعاد ومغزى الأحداث في تونس ومصر، فإننا نقف أمام تحول تاريخي هائل، يضع للمرة الأولى على امتداد قرون من الزمن فكرة الأنا باعتبارها تاريخا اجتماعيا ووطنيا وقوميا، أي فكرة بناء الدولة العربية. ومن ثم استعادة طاقتها الكامنة. وإذا كان الاهتمام بمصر اكبر، فلثقلها الكمي، ومن ثم النوعي بالنسبة لتداعيات الحدث على النطاق العربي. إلا أن المضمون واحد، والمأثرة الأولية لتونس. وهو التنافس الذي ينّشط مضمون الفكرة الاجتماعية والشرعية والوطنية والقومية، ويعطي له قيمة جمالية ومعنوية بقدر واحد. تماما كما نرفع بحسّ لا يخلو من الفخر والاعتزاز على أكتافنا من يفوز منا بسباق رياضي!
لقد بدأت تونس سباق الرجوع التاريخي للنفس، أو سباق المعاصرة الحقيقة من خلال إعلاء أولوية الدولة والمجتمع والحقوق على كل ما سواها. واستكملت مصر في ثورتها الكبرى هذا السباق. وبهذا تكون قد قطعت الشوط الضروري الذي ينتظر استكماله التام من اجل إتمام الإحساس الفعلي بالفوز بوصفه مهمة تاريخية كبرى. إنها مهمة استكمال ما جرى قطعه بطريقة لا تخلو من غرابة التاريخ واستهزاء الزمن!
فبعد ما يقارب القرنين من معاناة التجارب الفاشلة في بناء الدولة الحديثة، هب الشعب المصري أخيرا لاستكمال شروطها الضرورية. لكنه استكمال نوعي جديد، أو بصورة أدق استكمال طبيعي تلقائي. فقد كان الانتقال التاريخي للدولة الذي بدأه محمد علي باشا قد قوض تقاليد المماليك، لكنه جرى إعادة ترميمها بعد سقوط مصر في خديوية عاجزة عن مواكبة التطور الحقيقي. وانتزع جمال عبد الناصر مصر من براثن الاستبداد وتقاليد المماليك العتيقة لكنها سرعان ما سقطت في تبعية غريبة الأطوار والمعنى. بدأت بأنور السادات وانتهت بحسني مبارك. وكشفت بدورها عن أن التحول الذي جرى في مصر عام 1952 لم يكن تحولا منظوميا (رغم عظمته الفعلية)، كما انه استمر لحد ما بتقاليد المماليك! فهو لم يرس أسس الدولة الشرعية والنظام السياسي العقلاني. من هنا سقوطه فريسة سريعة الالتهام بلغت ذروتها في "منظومة" الفساد الشامل لسلطة حسني مبارك!
تكشف هذه الحصيلة العامة عن أن مصر لم تستطع على امتداد حوالي قرنين من الزمن وضع قدميها في الطريق الصحيح، وأن قطارها التاريخي يشبه قطاراتها الحالية. بمعنى أنها اقرب الى عربات متهرئة للناس والماعز والموت المجاني! كما تكشف هذه الحصيلة أيضا عن انه لا يمكن للمرء أن يكون فرعونا بدون مصر! أما فراعنة بدون مصر فأنهم في أفضل الأحوال أما بقايا مماليك وأما حفنة صعاليك!
إلا أن الشيء الأكثر جوهرية فيما جرى ويجري والذي لا يشبه الأشياء، شأن موسيقى الحياة هو فكرة المستقبل ونوعية البديل المرتبطة به. انه يكشف عن أن حقيقة مصر والعالم العربي هي أولا وقبل كل شيء مشاريع مستقبلية، أي ولادة حقيقة تنهي مرة واحدة والى الأبد زمن المماليك والصعاليك.

***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر والمنازلة التاريخية الكبرى
- الإرادة والإلهام في انتفاضة مصر
- حسني مبارك – شبح المقبرة المصرية!
- ياسمين الغضب التاريخي
- إسلام -فاشي- أم يسار فاشل؟
- الانقلاب التونسي ومشروع المستقبل
- الحوار المتمدن وقضية الاحتراف المعرفي
- تيار (دولة القانون) ومشروع مركزية الدولة والهوية الوطنية
- دولة القانون وقانون الدولة
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة(2-2)
- -افتراق الأمة- بين التاريخ والثقافة (1-2)
- فكرة افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة (2-2)
- افتراق الأمة بين التاريخ والسياسة - البحث عن اليقين العقائدي ...
- إشكاليات البديل العراقي ومشروع العيش المشترك
- اجترار الزمن وتبذير التاريخ – التجربة العراقية الحديثة
- الراديكالية والخروج على منطق التاريخ القومي (العربي)
- الزمن الراديكالي وتهشيم بنية الوعي التاريخي للدولة والأمة
- إشكالية الزمن والتاريخ في ثروة الأمم
- المثلث العربي الفارسي التركي وفلسفة الرجوع إلى النفس
- المثلث العربي الفارسي التركي ومشروع المستقبل


المزيد.....




- ضغوط من القادة الأوربيين لضمان مشاركة زيلينسكي بقمة ألاسكا ب ...
- بعدما حققت أرباحًا طائلة.. شاهد لحظة سطو لصوص ملثمين على دمى ...
- مقتل شخص وإصابة 29 في زلزال قوي ضرب محافظة باليكسير التركية ...
- الحكومة السورية تلغي مشاركتها في اجتماعات مع -قسد- في باريس ...
- بريطانيا تعتقل 365 شخصا في تظاهرة مؤيدة لـ-فلسطين أكشن-
- فرنسا تلاحق دبلوماسيا جزائريا تتهمه بخطف معارض
- الألم يتجدد: عائلات سودانية تعيد دفن أبنائها
- بريطانيا تعتقل 466 شخصا خلال تظاهرة مؤيدة لـ-فلسطين أكشن-
- كييف تعلن استعادة السيطرة على قرية بيزساليفكا الحدودية
- الأردن يستضيف اجتماعا لدعم إعمار سوريا بحضور أميركي


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الولادة الثالثة لمصر ونهاية عصر المماليك والصعاليك!