أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمود حمدى ابوالقاسم - الثورة المصرية والاختبار الصعب















المزيد.....

الثورة المصرية والاختبار الصعب


محمود حمدى ابوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3418 - 2011 / 7 / 6 - 17:09
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


صحفى وباحث بمركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية
تبدو الثورة المصرية التى انطلقت شرارتها فى 25 يناير أمام مفترق طرق فإما أن تعود إلى المسار الصحيح والمنطقى، أو أن تنزلق إلى حالة من الارتباك والاضطراب الشديد الذى قد يعود بنا إلى ما قبل 25 يناير، بل وربما أسوأ خصوصا فى ظل اختلاط حالة السيولة والانفلات الأمنى الذى أعقب سقوط نظام الرئيس مبارك بحالة الميوعة التى تدار بها المرحلة الانتقالية، حيث يتربص عناصر هذا النظام وهم الذين يُعرفون بفلول النظام مستغلين حالة الانقسام بين القوى الوطنية فى إحداث بلبلة وفوضى تكاد تفرغ الثورة من مضمونها وتأخذ بزمامها إلى المجهول، حتى تعيد إنتاج هذه الفلول قدرتها وذاتها لتكون صاحبة دور ما قد يتطور فى المستقبل إلى إعادة إنتاج كامل لسياسات واليات النظام السابق.
خصوصا وأن كثير من هؤلاء ما زالوا يقبعون على بعض مفاصل الحكم ومراكز اتخاذ القرار فى مؤسسات الدولة المختلفة وقد فقدوا امتيازات مادية ومعنوية كبيرة بعد سقوط النظام السابق، ويمثل هؤلاء قادة أمنيين وضباط ورجال أعمال ومحافظين وأعضاء فى الحزب الوطنى السابق ورؤساء أندية ورؤساء مجالس إدارات ومنتفعين فى ميادين الإعلام والصحافة وأكاديميين فى الجامعات وموظفين فى المؤسسات المختلفة، وهؤلاء ليسوا بالقليلين بل مؤثرون بحكم انتشارهم فى كافة مؤسسات الدولة ودواوين الحكومة ومواقع اتخاذ القرار ووسائل الإعلام، ويعملون دائما على إفشال الثورة وتشويها وتشويه من قاموا بها على الدوام واقتناص أية فرصة لتفجير الوضع ونشر الفوضى والشائعات.
وبكل أسف فدور هؤلاء كان من المفترض أن يتقلص مع مرور الوقت، ومع الزحف الثورى بعد 25 يناير على هيئات ومؤسسات الدولة لتطهيرها واقتلاع جذور الفساد ومفاصله وأذناب النظام السابق ومطاردة فلوله المتورطين فى الفساد والمساهمين منهم فيما وصل إليه حال مصر، دون أدنى فرصة لتمكينهم من لعب أي دور فى المستقبل، إلا أن البطء وربما بعض التواطؤات والانقسامات أدت إلى عودة هؤلاء إلى لملمة أنفسهم والتكتل حول حلم العودة من جديد إلى الحياة العامة بعدما أقصت الثورة بعضهم وقلصت حدود فعل البعض الأخر، ومع مرور الوقت يتعاظم دور هؤلاء وهو دور مرشح للتزايد فى ظل استمرار فقدان الثورة لبوصلتها، بفعل عدم تفعيل عملية الإحلال الثورى للشخصيات وفى المؤسسات الفاشلة فى الدولة، إلى جانب تراجع عملية الضغط من جانب القوى الوطنية على المجلس العسكرى والحكومة الانتقالية بتفعيل مطالب الثورة بفعل حالة الانقسام الحاد بين القوى الوطنية.
واستعادة زمام المبادرة يستلزم العمل على تحقيق التوافق الوطنى وعودة روح الثورة إلى كل القوى السياسية والأحزاب والائتلافات والقوى الدينية من اجل الالتفاف حول مطالب وطنية جامعة مانعة، لان الانقسامات الحادة التى أعقبت رحيل راس النظام مبارك حول بعض القضايا المطروحة على الساحة إلى مهددات حقيقية للثورة، لأن هذه الانقسامات تخلق مناخ وأجواء مناسبة ينفد من خلالها هؤلاء الذين لا يريدون لثورة المصريين أن تحقق أهدافها، وهنا يتحتم على القوى الوطنية الإسلامية والليبرالية ضرورة تجاوز خلافها الحالى، الذى أدى إلى حالة استقطاب واسعة النطاق على الساحة السياسية المصرية، وعدم إعطاء الفرصة بعد الانفتاح السياسى الذى أعقب الثورة للمغرضين فى الداخل والخارج لتصوير التنافس السياسى السلمى بطبعه بين القوى الوطنية على أنه صراع عنيف فى جوهره يهدد المجتمع والدولة فى مصر، وهو ما يفسح المجال أمام القوى التقليدية القديمة لتعزيز موقفها والدفاع عن أهمية وجودها والترويج لدورها القديم باعتباره كان صمام أمان يحافظ على الدولة والمجتمع.
وفى دعوة 8 يوليو أو ما يطلق عليه جمعة الإصرار يعود الميدان مرة أخرى لتتجلى أهمية دوره فى عودة التوافق والحفاظ على مسار الثورة باعتباره – الميدان- يُنشط الذاكرة، وينبهها إلى مفردات ثورية مهمة كتبت بدماء الشهداء فى كل ميادين مصر فى أيام خالدة من تاريخ هذه الأمة العريقة وهذا الشعب الأصيل، هذه المفردات تمثل معالم على طريق الثورة لن نهتدى دون تثبيتها وتحقيقها، وهى ديدن ولب انتفاضة المصريين الذين خرجوا فى 25 يناير، ومهما حققت الثورة من خطوات ملموسة فبدون هذه الإجراءات سنظل معرضين لانتكاسات فجائية أو مغامرات غير محسوبة أو مؤامرات تعكر علينا صفو مسيرنا نحو إنجاز استحقاقات 25 يناير وما نتمناه بعده.
فعلى جميع القوى الوطنية العودة إلى الميدان بعزم أكيد ورؤية موحدة وإدراك عميق لمعنى ما أنجزه المصريون فى 25 يناير، لأنه لا ثورة دون أن نحدث تغيير جذرى لكل الطبقة الحاكمة السابقة واستبدالها بطبقة حاكمة جديدة، وإلا فنحن ما زلنا أسرى حكم الفكر القديم الذى كان عنصرا أساسيا فيما وصلت إليه مصر من ديكتاتورية وفساد، والثورة تصبح بالتالى فى يد من يكرهونها ويحاولون إسقاطها وتفريغها من مضمونها، ولا ثورة دون محاكمة سياسية لتحديد المسئولين فى النظام السابق عن كل القرارات والسياسات الخاطئة التى أضرت بمصر أو أضرت بالمصريين، ولا ثورة دون محاكمة قانونية إلى جانب المحاكمة السياسية لتحديد الفساد والمفسدين الذين انتهكوا حقوق المصريين ونهبوا أموالهم، ولا ثورة دون إعادة هيكلة جهاز الشرطة والقيام بعملية إحلال ضخمة وإدخال عناصر جديدة وبعقيدة مختلفة عن العقيدة القديمة، ومحاكمة المتورطين من قياداته وعناصره فى قتل المصريين قبل وأثناء وبعد الثورة العظيمة، ولا ثورة دون أن تكون مطالب الثوار الوطنية هى المحرك الاساسى للسياسات والإجراءات التى يتخذها المجلس العسكرى والمسئولين، ولا ثورة دون عدالة اجتماعية حقيقية يكون فيها تحديد الحد الأقصى للأجور متزامنا ومصاحبا للحد الأدنى للأجور فما معنى تحديد الحد الأدنى والتغاضى عن وضع حد أقصى مع أن الأخير ابسط وأسهل وأمهم فى نجاح الأول، ولعل من عجائب الثورة المصرية أنها ألت بالسلطة إلى من حماها وتركت فى الشارع أبطالها الحقيقيين يناضلون من اجل تحقيق أهدافها وفى انتظار ما سيتمخض عنه كرم حماتها من آليات وإجراءات، والفجوة بين من حمى فقاد وبين من ثار وأُهمل هى نفسها الفجوة بين متطلبات نجاح الثورة وبين السياسات الحالية.
لذا سيكون يوم 8 يوليو الذى أطلق عليه الثوار جمعة الإصرار يوما مهما فى تاريخ الثورة المصرية بعد الشطط والانقسام الحاد الذى تأثرت به القوى الوطنية على اختلاف مشاربها وتوجهاتها _ ولو كنت أتمنى أن تحمل هذه الجمعة اسما أكثر جذبا لتوحيد الصف وتوحيد المطالب-، وذلك لو نجح فى توحيد صف القوى الوطنية وتوحيد تلك المطالب، لأنه سيمثل ضربة قاسمة للعناصر المناوئة للثورة وسيعيد الثورة إلى مسارها الطبيعى، ولا شك أن التخلى عن المطالب الخلافية وعلى رأسها الدستور أولا يعتبر أمرا حتميا على كل القوى الليبرالية والقوى المؤيدة له من اجل الحفاظ على الوحدة، ومن أجل جذب كل القوى الوطنية إلى الميدان وتجاوز حالة الانقسام، خصوصا وان هناك قوى ستحاول إفساد الود الوطنى من خلال التركيز على نقاط الضعف فى التركيبة الوطنية لتحول دون عودة حالة الوحدة إلى الميدان مرة أخرى.
ويقع عبء كبير على جماعة الإخوان المسلمين فى لملمة القوى الوطنية باعتبارها الفصيل الأكبر والاهم والأكثر تنظيما وقدرة على الحشد، لذا فلا غنى عن مشاركتها خصوصا وأن غالبية القوى الوطنية والأحزاب ترفض رفع أية مطالب خلافية وعدم رفع شعار الدستور أولا الذى كان سببا فى حالة الانقسام الوطنى الذى اتخذ أبعادا متعددة بالإضافة إلى تأكُد إجراء الانتخابات فى موعدها فى سبتمبر وفقا لتأكيد أعضاء المجلس العسكرى الأعلى ورئيس الوزراء فى تصريحاتهم الأخيرة، وهو الأمر الذى يجعل من مشاركة الجماعة واجبا وطنيا يعيد الزخم إلى ميدان التحرير ويشكل بدوره ضغطا لإدارة مرحلة الانتقال بشفافية وتناسق مع ضرورات الثورة، وإلا فإن موقف الجماعة سيكون محل جدل كبير وسيثير كثير من علامات الاستفهام، وظنى أن إصرار الجماعة على عدم المشاركة فى جمعة الإصرار لن يمنع شباب الجماعة من المشاركة، هؤلاء الشباب الذين يملكون رؤية أكثر نضجا من قياداتهم وخوفا أكثر على مسار الثورة، التى صنعوها بأيديهم ورسموها بدمائهم جنبا إلى جنب مع شباب القوى الوطنية وجموع الشباب المصرى الذين خرجوا فى يوم 25 يناير العظيم، وقد مثلت مواقف هؤلاء الشباب فى مرحلة ما بعد الثورة إشارات تدعو إلى الانتباه والى أهمية تعدد الرؤى والأفكار داخل الجماعة.
وفى النهاية لا بد أن يدرك الجميع أننا أمام اختبار صعب، وأننا فى نفس الوقت أمام فرصة تاريخية لاستعادة عناصر قوتنا ونهضتنا، فإما أن نتجاوز الاختبار ونغتنم الفرصة أو أن ننزلق ونتخبط وتتسرب من بين انقساماتنا روح ثورتنا، لدي الثوار تحديا حقيقيا يتمثل فى كيفية الضغط من أجل تنفيذ مطالبهم وتحقيق رؤيتهم فى إدارة البلاد، لان ما يحدث من تجاهل للمطالب أو تجاوز للاستحقاقات لا يعنى سوى ضياع حلم الثورة وضياع مصر كلها، ليست هناك أية مكاسب أو غنائم قد يتصور البعض انه قريب من حصدها ما دامت ملامح إدارة مرحلة الانتقال بلا شفافية، وبلا موضوعية وبلا محاسبة وبلا تطهير، نحن أمام خيارين إما ثورة أو ثورة مضادة، فهل ستنجح القوى الوطنية يوم 8 يوليو يوم جمعة الإصرار فى تضميد جراحها واستعادة روح الثورة فى ميدان التحرير؟ وهل ستتمكن القوى الوطنية من الالتفاف حول مطالب أساسية توافقية؟، وهل ستتم الاستجابة لرؤية الثوار فيما يتعلق بمطالب الثورة التى انطلقت من حناجر شهدائها وأبنائها فى 25 يناير من تغيير وحرية وعدالة اجتماعية؟.





#محمود_حمدى_ابوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تحولوا آمال المصريين فى الثورة إلى سراب
- ثورة 25 يناير وأزمة القيادة فى مصر
- صخب ما بعد الثورة المصرية .. الانتخابات أولا أم الدستور؟
- الثورة المصرية وتفكيك منظومة الفساد
- الثوار والحكام .. مواجهة فى عالم متغير
- الإصلاح في البحرين بين المشروعية والطائفية
- سوريا .. انتفاضة الشعب وشرعية النظام


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمود حمدى ابوالقاسم - الثورة المصرية والاختبار الصعب