أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمود حمدى ابوالقاسم - الثورة المصرية وتفكيك منظومة الفساد















المزيد.....

الثورة المصرية وتفكيك منظومة الفساد


محمود حمدى ابوالقاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3389 - 2011 / 6 / 7 - 15:29
المحور: اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
    


لقد انتفض المصريون فى 25 يناير ضد الظلم وبحثا عن الكرامة التى أُهدرت لأسباب عديدة ارتبطت بسياسات الاستبداد والتسلط، الذى وضع نظام الحكم فى يد عُصبة منظمة سرقت صناعة القرار واستحلت نهب أموال الشعب ووضعت أهل الثقة بصرف النظر عن الكفاءة فى مواقع القيادة فى مؤسسات الدولة وهياكلها الإدارية، وهو الأمر الذى أنتج بدوره بيروقراطية متحجرة تعكس الصورة الحقيقية لبطء سير جهاز الدولة فى مواجهة ضرورات سرعة الإنجاز وتحقيق السياسات العامة وتلبية مطالب المواطنين، فى صورة أشبه بمسرحية سياسية شهدت فصولها أسوأ فترات حكم مصر منذ أن عرفت سيرتنا الطريق إلى كتب التاريخ، مرورا بحالة من السخط العام الذى تولد لأسباب متعلقة بالفقر والقهر أنتجت جميعها ثقافة احتقار المواطنين فتم إهدار كرامتهم وضاعت حقوقهم فى مواجهة بطش أجهزة الدولة، ونفوذ أصحاب الأموال فى ظروف مُهينة من ظلم وحرمان جعلت من الذل وإهدار الكرامة عنوانا رئيسا لطرائق التعامل مع المواطنين للدرجة التى كره فيها المواطنون حظهم التعس الذى ربما يفرض عليهم يوما الاحتكاك بالموظفين فى مصالح الدولة المختلفة وأقسام الشرطة حين يضطرون إلى الذهاب إلى تلك المؤسسات لتسيير أعمالهم ومصالحهم.
فنحن لم يكن يحكمنا مستبد واحد بل ملايين المستبدين منتشرين فى كافة أجهزة الدولة وهياكلها الإدارية، يقبعون فى مكاتبهم يتعاملون مع المواطنين من منطلق استعلائى غير مبرر، ارتبطت سيرتهم ومؤسساتهم بتغذية ثقافة التعقيد والتعطيل وبدلا من كونها جهات خدمية فقد تحولت إلى جهات معطلة للخدمات سادتها الرشوات بكل أنواعها مادية ومعنوية هذا على جانب التعامل مع المواطنين البسطاء، أما على جانب آخر فقد كانت جزء من شبكة المصالح التى صنعها النظام الفاسد وللأسف لم تتصدى للاعتداء على مصالح الدولة فكانت عاملا مساعدا فى سياسة النهب العام وتمرير المصالح المشبوهة والصفقات الملعونة التى ضيعت ثروة البلد وبددت أرصدته المادية والمعنوية، بل وسمعته التى أخذت كثيرا من سمعة المصريين فى الخارج بوضعنا فى زمرة دول العالم المتخلف وهو الأمر الذى كان خصما من كرامة المصريين فى كل مكان.
فهل مجرد قيام الثورة والإطاحة براس عصابة الحكم يعنى أن الثورة قد نجحت فى تفكيك هذا التكلس والجمود فى مؤسسات الدولة وهيأتها؟ بالتأكيد لا لان النظام قد سقط لكن أطرافه وأجزائه لا زالت تنبض فى كافة أرجاء البلاد ولم تع درس الثورة بعد، نحن فى حاجة إلى ثورة فى كل مؤسسة وكل هيئة وكل تجمع. ثورة تصحيح تعيد قيم العدل والمساواة والحرية، لا بد أن نستثمر اللحظة التاريخية التى عادت فيها الروح المصرية وعاد فيها الإحساس بالانتماء إلى هذا الوطن لان بقاء الوضع طويلا سيسهم فى إيقاف قطار الثورة الذى نتمنى أن يطال كل ركن من أركان مصر.
إن النظام القديم لازال باقيا ممثلا فى تركيبة واسعة الانتشار لازالت تجلس على مقاعدها فى كل المؤسسات فى الدولة ولا زالت هذه المؤسسات تتبنى نفس القيم والأفكار وطرائق العمل القديمة، فالواقع أن التغيير المنشود لم يصل إلى قلب هذه التركيبة البيروقراطية المستبدة الفاشية التى تجلس على مكاتب الدولة ومؤسساتها كافة من موظفين وعمال والمخول إليهم إدارة شئون الدولة وخدمة المواطنين حتى الآن.
إن هذه المؤسسات قد ناهضت الثورة منذ اندلعت ووقفت جنبا إلى جنب مع النظام المستبد من اجل أن تحافظ على مكانتها ومراكزها بموظفيها وعمالها بل والادهى أنها كانت الكتلة الكبيرة فى الثورة المضادة منذ اللحظة الأولى فقد شاركوا فى موقعة الجمل الشهيرة بهدف فض اعتصام شباب التحرير والقضاء على مطالب الثورة بناءا على توجيهات من رؤسائهم ومديريهم خاصة فى كيانات الإدارة المحلية وحتى فى مؤسسات كبرى صحفية ساهمت فى نقل الحجارة إلى بلطجية النظام لضرب الثوار محل جدل كبير حيث لا يتمتع أبناء هذه الفئات بامتيازات ووضعية اجتماعية ذات أهمية تجعلهم فى موقف مناهض لثورة ترفع مطالب فى الحقيقة لن يفوتهم إذا نجحت نصيبا منها.
وبالتجربة الشخصية لن يسعك إلا أن ترى أن الثورة الحقيقية لن تتحقق إلا إذا دخلت إلى هذا الهيكل البيروقراطى العفن. فهذا الجهاز طالما عطل المصالح وركن مدرائه وموظفيه إلى الدعة ولم يكن لديه رغبة فى الإنجاز فهؤلاء أبناء ثقافة "فوت علينا بكرة يا سيد" ابناء ثقافة الاستبداد التى عمدت إلى تعطيل مصالح المواطنين والتعامل معهم بمعايير متفاوتة طبقا لمواقعهم فى سلم المال أو السلطة ، فليس هناك لوائح ضابطة للعمل توضح الحقوق والواجبات وليست هناك حدود للمسئولية تضع معايير للمحاسبة. فقد تبددت فى ظل شمولية النظام داخل هذا الهيكل احترام قيم العمل واحترام حقوق الناس وتقدير معاناتهم، مما ضيع الدولة برمتها فى النهاية.
لذا فلن نشعر بالتغيير إلا إذا قمنا بثورة مماثلة لثورة التحرير فى 25 يناير فى كل مؤسسات الدولة حتى نستطيع تحقيق اختراق فى منظومة العلاقات التى تحكم عمل وعلاقات المسئولين بالمواطنين، فتصبح مبنية على الاحترام وليست مبنية على الفساد والرشوة والإهمال والتمييز فى المعاملة. فيجب أن تخضع هذه المؤسسات لضوابط قانونية محددة تضع ضوابط غير تقليدية مبنية على الكفاءة لاختيار المدراء ورؤساء مجالس الإدارات، بالإضافة إلى لوائح مالية تحقق العدالة الاجتماعية وتفتح أفق للتنافس والإنجاز بما يخدم صالح المؤسسات ويحقق سرعة أداء الواجبات.
عندما جاءت رياح التغيير ارتدت تلك المؤسسات علم مصر فزينت به واجهاتها وأشجارها وأرصفتها وكأنها لم تكن تؤمن به من قبل أو أن ولاءها كان لغيره، وتحول خطاب مدرائها ورؤسائها، وقد تغير منهم من قد تغير وبقى منهم من بقى. فهل كان هذا التحول لخطاب من بقوا أو إحلال من استجدوا تعبيرا عن روح الثورة؟ هل يمكن أن يكون هذا التغيير نواة يمكن البناء عليها فى صناعة المستقبل؟ أم أن هذا التغيير هو من سلبيات مرحلة الانتقال التى اتسمت بارتعاش اليد وعدم التقدير الحقيقى لحجم التفويض الشعبى الذى أعطاه الشعب لممثلى السلطة فى تحقيق نقلة نوعية فى إدارة الدولة ووضع حد لكل السلبليات التى تضرب جوانب الحياة فى مصر؟ هل سننتظر إلى ما بعد مرحلة الانتقال لنعيد البناء من جديد؟
تكمن خطورة الأوضاع الراهنة المتمثلة فى جمود الهيكل البيروقراطى للدولة وعدم وصول التغيير إليه فى أنه سيؤدى إلى الإبطاء فى عمليات التحول الملحة التى تحتاجها الثورة المصرية من اجل أن تحقق أهدافها، لان الثورة رغم أنها رفعت شعارات إسقاط النظام وطالبت بالحرية والعدالة الاجتماعية والتغيير إلا أن هذه الأهداف فى حاجة إلى ثقافة جامعة يتم تأطيرها قانونيا ونشرها بين الأفراد والمؤسسات اجتماعيا لتكون هى الحاكمة لمجمل العلاقات فى المجتمع سواء علاقات الأفراد فينا بينهم أم علاقات الأفراد بمؤسسات الدولة.
إن الثورة لا بد أن تحدث تغييرا جذريا فى هيكل البناء الاجتماعى والثقافى فى الدولة حتى يمكن أن نطلق عليها ثورة، أما أن نعيد إنتاج نفس الطريقة القديمة فى إدارة العلاقة بين الدولة ممثلة فى هيأتها ومؤسساتها وبين المواطنين، وان نعيد إنتاج نفس الوجوه القديمة فهذا سيجعل من الجمود بديلا عن التغيير ومن الفشل بديلا عن النجاح، لان الثورة ما قامت إلا لان الواقع القديم كان عاجزا عن السير قدما بالبلاد أية خطوة نحو المستقبل لذا وجب تغييره واستبداله وليس إعادة إنتاجه، نحن فى حاجة إلى الخروج من مرحلة تاريخية إلى مرحلة جديدة ولن يمكننا الولوج إلى هذه المرحلة الجديدة إلا بالتحرر من كل الضغوط داخلية كانت أو خارجية، وبناء دولة القانون، وتدعيم سيادته فى مواجهة الدولة والأفراد، وبناء نظام ديمقراطى من خلال الممارسة العملية وغرسه عبر نشر الثقافة الشعبية، وإعادة الاعتبار للمواطن أيا كان موقعه واحترام حقوقه وإلزامه باحترام حقوق الآخرين.
مع كل أسف افتقدت الثورة الشعبية المصرية لقيادات ملهمة يمكنها أن ترسم خطى الإصلاح وتضع معالم الطريق نحو مستقبل أفضل لذا تأخذ عملية الإصلاح والبناء جدلا واسعا بين التيارات المختلفة التى شاركت فى الثورة، وتبدو عملية تحديد الاولويات غائبة لذا تثور الأزمات والمراجعات للمواقف أكثر من مرة فى ظل سيطرة خوف شديد على أهم إنجاز حققته الثورة وهو الانفراج والانعتاق من هيمنة حكم الفرد، لكن فى الحقيقة يعوزنا الإبداع فى رسم خريطة المستقبل وفى تهيئة كل المصريين لان يعتنقوا مسارا واضحا ومحددا للتغيير ينشروه فيما بينهم ويدافعون عنه يدركون أن نجاحهم فى الحفاظ عليه مرتبط بفرصهم فى مستقبل أفضل.
يعوزنا أن نحدد من نحن وماذا نريد وكيف نحقق ما نريد، تبدو المرحلة الانتقالية بقيادييها غير قادرة على حسم الكثير من المسائل، فالاتجاه العام لهم ينحو نحوا إصلاحيا وليس ثوريا لذا فإن الإسراع بإنهاء مرحلة الانتقال هو أمر جد ضرورى، لأنه سوف يأتى بحكومة منتخبة تتحمل مسئوليتها أمام الشعب فى تحقيق أهدافه التى رفعها منذ اليوم الاول للثورة وهى "تغيير، حرية، عدالة اجتماعية".





#محمود_حمدى_ابوالقاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوار والحكام .. مواجهة فى عالم متغير
- الإصلاح في البحرين بين المشروعية والطائفية
- سوريا .. انتفاضة الشعب وشرعية النظام


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة / سالم سليمان
- تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني / عصام البغدادي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن - محمود حمدى ابوالقاسم - الثورة المصرية وتفكيك منظومة الفساد